الفصل العاشر (قزم الانفاق)

14 3 0
                                    

قزم الانفاق الاسطورة الثانية الخاصة بجنوب مملكة بحر اغريق يقال انه كائن قصير القامة يعيش اسفل الانفاق رغم ان مدخل نفقه معروف للجميع إلا انه لا احد يدخله خشيةً على حياته فالأسطورة تقول انه كل من دخل نفق القزم بدون دعوة او أذن لم يخرج منه ابدا واكد المغامرون هذه الاسطورة فكل من دخل لم يخرج منه. تتابع الاسطورة وصف القزم انه كائن خالد لم يمت منذ خُلِق وانه عاش لألاف السنين وله علم لم يدركه أحد كثير من السحرة والعلماء حاول البعض اخذ  العلم منه لكنه لم يستطع وهناك حكمة تقال للأشخاص الاذكياء وهي "هل زارك قزم الانفاق واعطاك من علمه"

رغم خوف الكثير منه ومن قوته إلا ان الناس الذين يعيشون حول الجبل يقدسون كيانه ويضعون الطعام والشراب على باب نفقه بين الحين والاخر وهذه كلها عادات قديمة دفنت منذ زمن طويل ولم يعد احد يقترب من النفق.

استغرقت الرحلة عدة ايام وفي الطريق مرّ على بعض القرى ليتزود منها تعجب من كون القرى مماثلة لبعض في البنيان ووجود معبد يسكنه كاهن فكر في نفسه انها مملكة غريبة وزاد إيمانه بغرابة هذه المملكة عندما اقترب من الجبل.

اسفل الجبل استقرت قرية مهجورة وكان سكانها يعانون من الجوع والعطش رجال مستلقية على الارض في العراء ونساء واطفال داخل منازل محطمة يبكون من الجوع والعطش عندما كان إكليو يتفقد حالهم امسكه طفل صغير من ملابسه وقال 'هل أجد عندك طعام؟ انا جائع' علم إكليو انه إذا اعطى هذا الفتى شيء سيهجم عليه الجميع وهو لا يملك الكثير لذلك قال 'كلا، انا متوجه للجبل للبحث عن طعام' قال له الفتى 'هل تسمح لي بمرافقتك؟' شعر إكليو بالقلق لكنه لم يستطع الرفض وتمنى حقا ان يكون هناك طعام في الجبل. توجه الفتى و إكليو بصمت نحو الجبل قطع الصمت إكليو سائلا الفتى 'ما هو أسمك؟' الفتى 'لا اسم لي' شعر بالشفقة على الفتى ثم قال له 'ألم يسمياك والديك ام انهم' قال الفتى 'تتصرف وكأنك لا تعرف القانون' إكليو 'قانون عن أي قانون تتكلم؟' الفتى 'من أين انت ايها الغريب' إكليو 'من ارض بعيدة عشت في قريتي منعزلا لمدة طويلة لهذا انا لا اعرف شيء' الفتى 'عشت بسلام إذا عدم المعرفة افضل بكثير' إكليو 'ألن تخبرني عن القانون؟' الفتى 'لأننا من قرية مهجورة من الاساس يمنع التكاثر وإذا انجب طفلا منعوا اهله من حق تربيته يأخذون الاطفال الى قرية اخرى ويتربى مع عائلة لا يعرفها ويمنع تسمية الطفل' إكليو 'ما هذا القانون الظالم' الفتى 'حسنا نحن لا نتبع إلاهٌهم لذلك علينا ان نعاني' إكليو 'ولماذا لا تتبعوه؟' الفتى 'ليس وكأن الامر بيدي منذ ان والداي كافران فأنا سأضل كافر مهما فعلت حتى لو صليت طوال عمري' صمت إكليو ولم يعرف ماذا يقول لكنه تذكر حال القرية التي كان يطعمها مع الكاهن وهذه القرية أيضا وتساءل حينها لماذا قريته كانت مختلفة عن كل القرى فهي قرية مهجورة ايضا.

بعد مضي وقت يسير وصل الاثنان الى غابة مليئة بالأشجار المثمرة فقال إكليو ببهجة 'رائع... الطعام كثير سيكفي كل اهل القرية' قال الفتى 'لا تتعب نفسك خذ ما يكفيك وغادر' إكليو بتعجب 'لماذا؟' الفتى 'إذا اتى احد الفرسان و رأى حال الناس في تحسن وعرف السبب سيقوم بحرق الغابة كلها انهم مجانين' صمت إكليو مفكراً للحظة ثم قال 'ماذا عنك اذا عدت الى القرية وانت ممتلئ سيلاحظ الجميع ذلك' قال الفتى 'ومن قال لك اني سأعود سأختبأ هنا ولن يعثر علي احد أُلائك الاموات لن يبيحوا بشيء للفرسان وهكذا سأعيش بسلام حتى...' صمت الفتى بحزن عندما ادرك نهايته فمهما اختبأ حياته ستبقى بائسة لم يستطع إكليو قول شيء او مساعدة الفتى هو فقط فكر لو انه لم يقابل الكاهن لكانت نهايته عسيرة. تقدم إكليو ناحية الغابة وقطف بعض الفواكه ووضعها في حقيبته استمر بالقطف والفتى يراقبه بتعجب ثم قال 'لقد قطفت الكثير ستذبل مع الوقت' إكليو 'هذه ليست لي' الفتى 'إذا لمن؟' إكليو 'لأهل القرية' الفتى 'ألم تسمعني سيحرقون كل شيء' إكليو 'لا أهتم' الفتى 'انت تزرع دمارا لا امل' إكليو 'هل تعلم لماذا لا يقتل الفرسان امثالكم' الفتى 'كلا لا اعلم' إكليو 'لإخافت اعدائهم انتم مجرد عِضا وعبرة ولا يهتمون لما يحدث معكم لكنهم وبكل تأكيد يردوكم احياء لا اموات لذا قليل من الطعام لن يضر وهم لن يحرقوا هذه الغابة فهي اهم منكم بالنسبة لهم فقط لا تخبر اهل القرية من أين حصلت على هذا الطعام' الفتى 'هم سيعرفون اجلا ام عاجلا وحينها ستكون نهايتنا' إكليو 'لكنها ليست الان ما دمت حياً هذا اليوم قاتل لأجل الغد ولا تفكر بما يلي قبل ان تصل إليه' لم يفهم الفتى كلام إكليو واستمر بمراقبته بتعجب. انتهى إكليو من قطف كمية كبيرة من الثمار ثم هم عائدا الى القرية والفتى خلفه ما ان وصل بحقيبته المليئة ازاح الجميع انظارهم اليه توسط إكليو القرية وقال بصوت عالي 'يا اهل هذه الدار جلبت لكم طعام فقوموا صفاً حتى يحصل الجميع على نصيبه ولا تقلقوا جلبت ما يكفي للجميع' اول من صف في الطابور كان الفتى الذي ذهب مع إكليو رغم انه لم يؤمن بأن الناس ستتبع طريقته بل سيهجمون عليه لكن عندما اخرج إكليو فاكهة كبيرة وقدمها للفتى حتى وقف شخص اخر خلف الفتى وتلاه اخر حتى وقف الجميع في صف واحد وهم ينتظرون دورهم بأعين تملئها الامل بعد ان انتهى إكليو من توزيع الطعام جلس متعبا عند احد الابنية وهو يتأمل الجميع وهم يأكلون الطعام بشراهة جلس الفتى بجانبه ثم قال إكليو بابتسامه راضية 'شهيتهم جيدة' قال الفتى 'لا استطيع التصديق انهم وقفوا صفاً للحصول على الطعام كيف فعلت هذا تحكمت بعقولهم؟' ضحك إكليو من كلامه ثم قال 'تقريبا، علمني معلمي ان البشر سهل التحكم بهم فورما اريتهم عن طريقك انه اذا وقفت بصف ستحصل على طعام قرر الجميع فعل المثل' الفتى 'معلمك حكيم حقا من يكون' قال إكليو بوجه حائر وكأنه قد نسي شيء ما 'معلمي هو معلمي لكن من يكون؟' قال وهو يخاطب نفسه قال الفتى بوجه قلق 'هل انت بخير' ابتسم إكليو بوجه الفتى وقال 'اجل لكن علي ان اكمل رحلتي كان من اللطيف مقابلتك ايها الفتى' ثم تابع كلامه وهو يهم ناهضا 'تذكر دائما انه لا يهم ما كنت بل المهم ما تكون' ثم لوح له مودعاً وقال الفتى 'ما قصة الغاز هذا الفتى'.

عاد إكليو الى الجبل وبدأ يبحث عن طريق الكهف اسفل الجبل استغرق البحث وقتاً حتى غربت الشمس وكان عليه التخييم اسفل الجبل اشعل إكليو النار وبدأ يراقب تراقصها كما كان جوان يفعل. في منتصف هدوء ذلك الليل سمع إكليو صوتاً قادماً من بين اشجار كانت عن يمينه وضع يده على سلاحه وهيئة نفسه للهجوم على أياً يكن ما سيخرج صوت تصادم الاوراق ببعضها اصبح اعلى وهذا يدل على اقتراب الكائن وما أن بان ظله حتى سمع إكليو صوته قائلا 'اخخخ من هذه الاوراق الحادة' ارخى إكليو دفاعه ثم قال 'من هناك؟' ظهر رجل عجوز قصير القامة وقال 'هل تنوي الهجوم على رجل عجوز ايها الفتى' إكليو 'كلا ولكن هذا يعتمد عليك هل انت عدو ام صديق' الرجل 'وهل سيفرق اذا اخبرتك قد اكون كاذب' إكليو 'حينها سأعرف' الرجل 'وكيف لا تخبرني انك تعرف الفرق بين الكذب والحقيقة' إكليو 'وماذا ستفعل اذا اخبرتك اني اعرف' الرجل 'هذا يعني انك عرفت بالفعل من انا' إكليو 'قزم الانفاق اليس كذلك؟' الرجل 'وماذا إن كنت كذلك' إكليو 'اريد ان اعرف كل ما تعرفه عن البحر السابع' الرجل بتعجب 'تريد ان تعرف عن البحر السابع ومن انت لأخبرك' إكليو 'انا إكليو اتيت من احد القرى المهجورة في اقصى الجنوب واريد ان اعثر عن البحر السابع واكشف سره' الرجل 'ولماذا' إكليو 'لماذا هل احتاج لأجيب عن هذا السؤال' الرجل 'أجل احتاج للإجابة' إكليو 'اثبت اولا انك قزم الانفاق ولست شخصاً يتسلى بي' الرجل 'ذكي، تعال واتبعني سآخذك الى عمق انفاقي' تبع إكليو الرجل العجوز قصير القامة الى حفرة في بقعة صخرية في الجبل وقال له 'سننزلق الى الاسفل عن طريق هذا المدخل لا تخف' اومأ إكليو رأسه بالموافقة تقدم العجوز وتبعه إكليو الى اسفل النفق.

البحر السابع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن