الفصل الواحد والثلاثون (الظلام)

7 3 0
                                    

كان المنزل عبارة عن تجويف داخل الجبل، عُلقت الزينة في كل أطراف الكهف لتخفيف من وحشته، إضافة الى السجادات المزخرفة بالأحمر والأبيض، بدأ الكهف بممر قصير ليتسع عند حُجرة واسعة، وضعت طاولة خشبية وأربعة كراسي أقصى اليسار أسفلها سجادة مستطيلة كبيرة، وفي اليمين سرير خشبي وطاولة صغيرة بجانب السرير، ومكتبة مليئة بالكتب مقابل السرير، وقف أمام المكتبة رجل ضئيل الجسد نحيف البنية وكأنه مخلوق من عظام وجلد، لا يبدوا عليه صفات القيادة او الجدية بملابس غير متناسقة و وقفة غير مستقيمة، نظر لهم بطرف عينه قبل أن يغلق الكتاب ويعيده الى مكانه ويتوجه الى الطاولة أقصى يسار الكهف وهو يقول بصوت خافت يدل على ضعف شخصيته 'مرحبا بكما، لقد أخبرني دان أن الجيش قد قبض عليكما' سألته مادي بتردد 'هل تعرف لماذا هاجمنا جيش المملكة' فقال بعد أن جلس على الكرسي وأشار بيده ليجلسا مقابله 'أخبراني أنتما' لم تفهم مادي مقصده ونظرت له بتعجب، اتجه إكليو  بهدوء الى الكرسي وجلس وقال برزينة 'لأنه سألنا عن بحر عشير' قال الرجل وهو ينظر الى يده الموضوعة فوق الطاولة 'فهمت'، عم الصمت للحظة بينما كانت مادي تتجه لتجلس بجانب إكليو وبعد أن استقرت قالت 'هل من المحرم السؤال عن البحر؟' أبتسم الرجل بنصف فمه ثم قال 'بكل تأكيد، فالبحار مهمة لكل مملكة وهي سر بقائها' قالت مادي بحماس 'هل يمكنك أن تشرح أكثر؟' رفع عينه للحظة ثم أنزلها مجددا وقال 'أنتما تبحثان عن البحر ولا تعرفان سره' فقال إكليو بنفاذ صبر 'أنرنا بعلمك' فقال الرجل وهو يعبث بأصابعه 'امم حسنا'، نهض من كرسيه متوجها الى مكتبته رفع يده وأستخرج منها كتابا بغلاف جلدي أسود ثم عاد ليجلس مكانه، فتح أحد الصفحات ثم قال 'هذا الكتاب مذكرات أحد جنود المؤسس عشير، قال فيها أنه سمع الملك عشير يخاطب ذراعه اليمنى ساران قائلا خذ هذا الحجر وأخفيه بعيدا ولا تخبر أحدا بشأنه، فسأله ساران وما قصة هذا الحجر فقال الملك هذا هو بحرنا وعلينا الحفاظ عليه، فقال له مساعده مما نحافظ عليه؟ فقال الملك وهو مرتبك البحر نعمة ونقمة فهو أساس وجودنا وبدونه سنختفي' صمت قليلا ثم أغلق الكتاب وقال بعدها 'قتل الملك صديقه المقرب بعد أن اخفى الحجر، ومنذ ذلك الوقت من المحرم التكلم بشأنه' انهى كلامه. صُدمت مادي من كلامه ونظرت الى إكليو الذي كان هادئا وينظر بصرامة تجاه الرجل، تكلم إكليو قائلا 'هل يمكنني ان أقرأ هذه المذكرات' قال الرجل وهو يمدها على إكليو 'لن تجد شيئا مهما فيها' قال إكليو وهو يأخذها 'بلى لقد وجدت أن عشير ليس البحر بل شخص أخر'.

غادر الأثنان منزل الزعيم وبينما هم ينزلون من الدرج قالت مادي 'ماذا الأن؟' قال إكليو 'سنعرف لاحقا' ثقته جعلت من مادي تشعر بالريب وكأنه يعرف ماذا سيحدث تاليا. وصلا أسفل الدرج واستقبلتهما امرأة في منتصف العمر ترتدي فستانا يستر جسدها من رقبتها الى أسفل قدمها بلون البيج قائلة لهما 'مرحبا أنا سيلي، تم تعيني لأشرف عليكما وقت إقامتكما هنا أتبعاني' سارت الفتاة بشكل ألي الى أحد السلالم الموجودة في الطرف الأيمن من الجبل، صعدت بعض العتبات التي قادتهم الى طريق مستقيم بمحاذاة الجبل، ثم صعدوا درجات أخرى الى أن وصلوا الى باب منزل رُسم عليه دبان صغيران وقالت 'هذا أحد المنازل التي نتركها للمارة أمثالكم وهو بيت لشخصان، سأترككما لترتاحا إذا احتجتم شيء فقط قوموا برن الجرس الموضوع على الباب، ستجدون الحبل في الطرف الأخر داخل المنزل، والان استأذنكما' انحنت بلطف ثم غادرت من الطريق الذي أتت منه، دخل إكليو المنزل وتبعته مادي قائلة 'يا له من مكان' لقد كان يشبه منزل ذلك الرجل الى حد ما لكن يختلف ببعض الاشياء، فهذا المنزل لديه حجرات أكثر من ذاك، الحجرة الرئيسية تتكون من مائدة طعام و بعض الزينة المعلقة بالداخل، ثم حجرة للنوم مكونة من سريرين يفصلهما طاولة صغيرة، وحجرة لقضاء الحاجة واخر واحدة مطبخ مليء بالطعام وأدواته، قال إكليو ساخرا 'يوجد مكان خاص لكِ' فقالت رادة على سخريته مشيرة لحجرة الخلاء 'وهذه لك' ضحك الاثنان قليلا ثم صمتا وأعتلى وجهيهما الجدية ثم قالت مادي 'هل تظن أن الناس اختفوا لأني أخذت البحر معي' قال إكليو 'لا أظن فانتي الوريثة الشرعية لها' صمتا قليلا ثم قالت مادي 'إذا...' قاطعها إكليو قائلا 'سنعرف كل شيء إذا قابلنا بحر هذه المملكة' قالت مادي 'وهل تظن أنك ستعرف مكانه إذا قرأت هذا الكتاب' لم يجب عليها وتوجه الى غرفة المعيشة وجلس على الطاولة، فتح الكتاب ثم قال 'أحب معرفة التاريخ فقط' بدأ إكليو بقراءة المذكرات بينما كانت مادي ترتب أغراضهم وتجهز وجبة العشاء.

البحر السابع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن