الفصل التاسع والثلاثون (وتستمر الحياة)

4 2 0
                                    

بعد أن أنتهوا من دفن الملك وحجره أتضح للجميع الحقيقة المغيبة عنهم فقد قام الملك بتزييف الماضي، وها هم الأن يعرفون ما جرى لهم، مع ذلك قرروا البقاء في أرضهم إلى أن تتوفاهم المنية.

قرر الثلاثة المغادرة الى مملكة رياح البحر فهي الاقرب لهم، وتقع المملكة على قمة جبال شاهقة، بارتفاع عشرة ألاف متر فوق البحر، الوصول لها شبه مستحيل ولكن ليڤ قال لهم 'أعرف طريقة للصعود بشكل سريع ومريح' فقال دان بتوجس 'كيف تعرف ذلك، وأنت لم تغادر موطنك قط' فقال ليڤ بنفس الهدوء 'لم أقل قط أني من مملكة بحر النار' فقالت مادي 'إذا من أين أنت؟' قاطعهم دان قائلا 'وكيف عشت معهم' فأجاب وهو ينظر بعيدا 'اسأل صاحبك' نظر الاثنان الى إكليو بحثا عن تفسير لكلامه، فقال إكليو 'إنه ساحر' تابع ليڤ كلامه قائلا 'أنا من قوم السحرة، هل سمعتم بهم؟' بدا من وجوههم الخرقاء أنهم لا يفقهون ما يقول، فتابع كلامه بعد أن تنهد 'قوم السحرة هم مجموعة من الاشخاص لعنوا من قبل الإله، قبل وقت طويل، ولعنتهم أن لا وطن لهم، إضافة للعمر الطويل، نجوب البلدان ولا قرار لنا، لأنه إن علم أحد بشأننا قد نقتل وربما يحدث الاسوأ، شهدت على الكثير من الجرائم التي حدثت لبني قومي' سألت مادي 'وماذا فعل قومك حتى يلعنهم الإله' فأجاب ليڤ 'تلك ليست إلا كذبة فلم يلعنا أحد، فنحن من عقدنا العهد مع الشيطان، فأعطانا قوة لا يمكن لأنسان عادي الحصول عليها' ما زال دان مرتاب منه فقال 'ولماذا تخبرنا بذلك بكل هدوء، ألا تخشا من نفسك؟' فقال بعد أحد رمقهم بنظرة حادة 'لا تتصرفوا بالبراءة فكلنا في قارب واحد' عم الصمت المكان، لم يستطع أحد أن ينكر كلامه، وحتى لو حاول سيبدو وكأنه يثبت كلامه لا أكثر، قاطع الصمت صوت إكليو قائلا 'إذا كيف سنصعد الجبل بسرعة وراحة؟' أبتسم ليڤ ابتسامة جانبية وقال 'تشتهر تلك المملكة بالسفن التي تصعد الرياح، سنركب أحد هذه السفن' تحمست مادي وقالت 'تصعد الرياح!!! كيف هذا أن يكون ممكنا' فقال 'لا علم لي لكل مملكة أسرارها' غضب دان وقال منزعجا 'هل ستثقون به؟ ماذا لو سلمنا لشيطانه، من الاساس ماذا ستستفيد من مساعدتنا؟' أجاب ليڤ 'هدفنا واحد البحار' قال دان 'لسنا جميعا سواء، كل ما يهمني سلامة رفيقي ولهذا أنا معهم' نظر له وابتسم تعجبا وقال 'حقا؟' لم يتحمل دان نظرات ليڤ فنهض لمهاجمته، لكن ليڤ لم يتحرك من مكانه وكأنه يتحداه، وما إن هم لمهاجمته أوقفته مادي قائلة 'توقف دان لا نريد افتعال المشاكل' فقال إكليو مركزا نظره على ليڤ 'نحن لن نثق به، ولكنه محق مصلحتنا واحدة، لذلك لا بأس، نأخذ منك حاجتنا ونفترق' فقال ليڤ وهو يمد يده الى إكليو 'أتفقنا' صافحه إكليو وهذا أعلن استمرار الرحلة.

التزود من مملكة بحر النار كان شبه مستحيل، ولكنهم حصلوا على ما يكفيهم من مؤنة تكفيهم لأن يصلوا الى الجبال، تقع المملكة فوق قمم سلسلة من الجبال، ويتنقل سكانها بين المدن عن طريق السفن صاعدة الرياح.

انطلقوا في رحلتهم…

طوال الطريق كان ليڤ يتفحص الثلاثة، تصرفاتهم و ردت فعلهم، كان يتصنع الحوادث حتى يرى عملهم الجماعي، واستنتج من كل هذا قرب إكليو من مادي، وكيف أنهم يتصرفون دون أن ينطقوا بكلمة واحدة، كان الاسرع بديهة بينهم دان، فهو من كان يحذرهم بشأن المخاطر، وعمل مادي وضع الخطة لتجنب الوضع، والتنفيذ على إكليو، لم يتعبها إكليو في سرد الخطة كل ما عليها قول افعل كذا وكان يفعل كما المطلوب، أما دان فكان يحتاج الى سرد مفصل للخطة، ولاحظ أيضا علاقة مادي بدان، فكان يتودد لها بينما كانت حذرة في علاقتها معه، واصبحت تتجنبه مؤخرا وتلتزق بإكليو أكثر، ولكن ذلك لم يزعج دان ولم يغضبه، أنتظر ليڤ طويلا شجار الأحبة ولكنه لم يحدث…

وصلوا الى قاع سلسلة الجبال الشاهقة، رفعوا رؤوسهم عاليا، ولكنهم لم يلمحوا القمة، فقال لهم ليڤ 'لا تتعبوا رقابكم' تابع سيره بمحاذاة الجبال ولحقوا به فقال دان 'وأين وجهتنا الان' فقال ليڤ 'الى الميناء' قالت مادي بتعجب 'ميناء! إنها سفن في النهاية'.

وصل الثلاثة الى طريق ضيق بين جبلين، فقال ليڤ 'من هنا' ثم دخل اولا لقد كان ضيقا لدرجة أنك لن تستطيع المشي به بشكل عرضي، فقال دان المرتاب من مرشدهم 'هل أنتما واثقان من الحاق به؟' فقال إكليو 'وهل لدينا خيار أخر' قال دان بإصرار 'ماذا لو كان فخا؟' فقالت مادي 'سنكون بخير لا تقلق' تقدمت مادي لتعبر الممر اولا، ثم لحقها إكليو فتبعهم دان مغمغما 'مجانين'، كان الطريق شبه مظلم ويزداد ضيقا تارة ويتوسع تارة أخرى، وصلوا الى ساحة متوسطة الحجم، انقسمت الى ثلاث اجزاء، يفصلهم نهر من ريح، كانت الرياح تمر في الارض وكأنها نهر جاري، مصدرها فتح في الارض من مقدمة الغرفة، وتمتد حتى أخرها وترتفع للسماء، وكانت السفن مستقرة على الارض بجانب أعمدة الريح، تشبه سفن الريح الى حد ما سفن البحر ولكنها أصغر حجما، وأكثر تقوسا، فتبدوا وكأنها نصف دائرة، لم يكن فيها اشرعة او سطح للسفينة فكانت مغلقة من الاعلى.

أشار دان الى إحدى السفن وقال للجميع 'أنظروا' كانت السفينة على وشك دخول نهر الرياح، فتحركت بنفسها الى ان وصلت الى النهر، وما أن حطت عليه حتى طارت بسرعة فائقة، واختفت عن الانظار، دُهش الثلاثة من المنظر، تقدم ليڤ حتى وصل الى أحد السفن، لحقه الثلاثة بعجل حتى يسمعوا ما سيقول، لكونهم لا يثقون به، سأل أحد القباطِنة إن كان هناك مجال لصعودهم، فطلب منهم المال نظر لإكليو معلنا أنه سيد الرحلة، فأخرج قطعة فضية فقال القبطان 'قطعة لكل نفر' همست مادي بغضب 'لص' وقبل أن يخرج إكليو باقي المال قال مركزا عينيه على القبطان 'هذه رحلة شرعية؟' فقال القبطان على عجل 'بكل تأكيد، يتم باقي الامور في الاعلى' أعطاه المال في يده الممدودة ثم قال القبطان صارخا 'أفتح الابواب' فُتح باب خفي أسفل السفينة، متوسط نصف الدائرة السفلية، أشار لهم بالصعود، وقف رجل بجنب الباب ليساعدهم على الصعود فيمد يده لكل راكب، صعد الاربعة فأغلق الباب خلفهم.

تكونت السفينة من عدة طوابق يفصلها درج خشبي من جانبها، قال البحار لهم 'تنقل السفن كل شيء، بضائع أو بشر، لذلك علينا تنظيمها لتكفي أكبر قدر ممكن' سألته مادي 'هل هذه السفن الوحيدة؟' فقال البحار 'أجل ثلاث سفن تنقلك من الاسفل للأعلى، وثلاث أخرى تنقلك بين القمم' فقالت 'ألا يمكنكم بناء المزيد منهم؟' قال البحار بعد أن وجد مكان لهم ليجلسوا 'يمكننا ولكن هذه أوامر الملك' بعد أن غادر البحار وتركهم لوحدهم قالت مادي 'لا بد أنها أوامر البحر' لم يجب أحد وعم الصمت المكان…

البحر السابع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن