كان الطريق مليء بالجنود عند الحدود كتيبة ربما أكثر، رغم أنهم في عصر السلام، أنها المرة الاولى لهم خارج الحدود لذلك هم لا يعرفون أن كل مملكة عليها حماية حدودها من الكثير من المخاطر، مثل المهاجرين الغير قانونين من مملكة بحر إغريق هربا من الموت المحتوم.
لم يخلى الطريق من المباني طوال سفرهم، والطريق كان معبداً في كل مكان بعكس مملكة بحر إغريق الطبيعية، فلم يكن في مملكة بحر عشير الكثير من مناظر الطبيعة. وجدوا حدائق تم تنسيقها بشريا بين الحين والأخر وسط الطريق او بجانب المباني، وروداً من كل الالوان وبعض الأشجار الصغيرة، الهدوء القاتل عم المكان وكأن المدينة خالية من البشر، هذا كان انطباعهم بالقرب من الحدود، ولكن المنظر تغير بعد مغادرتهم الحدود بمسيرة ثلاث أيام، حينما وصلوا الى مدينة أسمها مدينة الاشبال، وكانت مشابهة للمنظر العام للمملكة مباني طويلة مرصوصة بجانب بعض وبعض الحدائق هنا وهناك، حتى المتاجر والمطاعم كانت داخل تلك البنايات الضخمة.
دخل مادي و إكليو الى مبنى كُتب على واجهته سوق، وما أن اصبحوا في الداخل حتى تفاجأوا من المنظر، لقد كان مكتظا ومضيء بشكل جميل، وغير أن الجو في الداخل لطيف وبارد بعكس ما توقع الاثنان، انتشرت المحلات على طول المبنى بكل الانواع، محلات ملابس واللعاب ومحلات غذائية وأسلحة وكل ما تريد ستجده هناك، على يمين الباب وضعت خريطة للسوق باسماء المحلات وفي أي طابق تقع، لكن الأثنان لم يأتيا للتسوق فهما فقط دخلا بدافع الفضول وربما يجدون شخصا ليساعدهم، أثناء تفقد الأثنان للخريطة قالت مادي مشيرة الى أحد المحلات 'أنظر إكليو الى هذا المتجر' نظر إكليو الى المتجر وكان أسمه تاجر المعلومات قال إكليو 'لا يوجد شيء بالمجان ولا أظن أن الطعام سيكفينا لرحلتنا علينا توفير المال' قالت مادي هامسة 'أعلم ذلك ولكن من أين سنجلب المعلومات من كاهن؟' انزل إكليو رأسه وبدأ يفكر بعمق مادي محقة لا يوجد كاهن هنا وهم لا يعرفون شيء او أحد وعليهم أن يعثروا على روح البحر، قال بعد أن حلل الأمر 'حسنا نذهب ونرى إذا كان غالياً سنغادر' قالت مادي 'أتفقنا، أنه في الطابق الثالث دعنا نجد الدرج' كان الدرج ينتصف السوق وكأنه شلال ساقط من أعلى الجبل الى أسفله، ربط هذا الدرج جميع الطوابق وهو المدخل والمخرج الوحيد لكل الطوابق، صعد الاثنان الدرج الطويل قالت مادي وهي تصارع 'كيف يستطيعون الصعود للطابق الأخير' قال إكليو 'لماذا كم طابق هو' قالت مادي وهي تأشر بيدها للعدد 'عشرة' تعجب إكليو من قوة جسد البشر هنا أن يصعدوا للطابق العاشر هذا عجيب، وبينما هم يصعدون حتى انتبه إكليو الى عمود من الزجاج الشفاف بجانب الدرج يصعد من خلاله اشخاص للأعلى بسرعة قال وهو مدهوش 'مادي انظري الناس تستطيع الطيران هنا' تعجبت مادي وقالت وهي تقترب من درابزين الدرج 'كيف يستطيعون فعل هذا' سمع الاثنان صوت ضحك كان لفتى قد سمع حوارهم، قال بعد أن نظر الاثنان له بغضب 'أنا أسف أنتم مسافرون وهذا يحدث كثيرا' قالت مادي 'هل ستشرح لنا ام أنك ستسخر منا فقط' قال الفتى 'أعذروني مجددا أنا دان وذاك الشيء أسمه مصعد' قال إكليو بحماس طفل 'مصعد؟' قال دان 'أجل فلا أحد يستطيع صعود هذا الكم الهائل من الدرج وذاك الشيء يساعدنا على الصعود' قال إكليو 'وكيف يعمل؟' قال دان ما رأيك أن نجربه حينها ستعرف كيف يعمل' وافق الاثنان على ذلك ونزلا الدرج بحماس ورافقهم دان. تكون المصعد من انبوب زجاجي وبوابة معدنية، بجانب الباب كان هناك بعض الازرار بدأ دان الشرح لهم قائلا 'هذا الزر نضغطه إذا أردنا الصعود للأعلى وهذا الزر للنزول للأسفل وبما أننا في الأسفل سنضغط هذا الزر' ثم قال موجها كلامه لإكليو 'هل تريد أن تضغط الزر؟' قال بحماس 'أجل' ضغط إكليو الزر ثم سمعا صوت غريب وكأن شيء واقع من الأعلى ويهبط للأسفل ولكن ببطء وعندما وصل المصعد للأسفل فُتح باب المصعد، دخل دان اولا ثم تبعه إكليو شعرت مادي بالخوف في البداية لكنها دخلت بقفزة جعلت كلا من دان و إكليو يضحكان، غضبت مادي وقالت لتغير الموضوع 'ثم ماذا نفعل؟' قال دان 'نضغط على هذا الزر لإغلاق الباب' ضغطت مادي على الزر فنغلق الباب لوحده دون تدخل أحد مما أبهرهما قاطع دان تجمدهما قائلا 'الأن اضغط على الرقم ثلاثة' ضغطت مادي على الرقم ثلاثة ثم سمعا صوتٌ قادم من الأسفل وكانه ضغط هواء اندفع للأعلى وحرك المصعد معه أبتسم دان عندما علم أنهما أدركا كيفية عمل المصعد ثم قال 'هذا المصعد يعمل بالهواء يتحرك عندما نضغط على الازرار يضخ الهواء بكمية كافية لتحريك الباب والمصعد' قالت مادي متعجبة 'كيف تمكنوا من التحكم بضغط الهواء؟ هذا الممر الزجاجي قد ينكسر بسهولة' قال دان 'هذا الممر الزجاجي ليس مصنوع من زجاج فقط ليس لدي معلومات كافية ولكن كل ما أعرفه أنه تم مزجه مع بعض المعادن فأصبح ما عليه الان' قال إكليو بتعجب 'يمكن مزج المعادن مع الزجاج؟' قال دان مبتسما 'العلم هنا متطور لذا ستجد الكثير من الأشياء المبهرة' وصل المصعد الى الطابق الثالث ونزل الأثنان ودعهم دان من داخل المصعد قائلا 'لقد كان من اللطيف مقابلتكم وأتمنى لكم إقامة رائعة' لوح إكليو بيده الى دان كما فعلت مادي، أغلق دان المصعد وتوجه للأعلى قالت مادي وهي تراقب صعود المصعد 'لم نخبره بأسمائنا' أدرك إكليو ذلك وقال 'أجل لم نفعل' توجه الاثنان الى محل المعلومات، كان مدخله مشابه لكل المحلات باب زجاجي ولوحة باسم المحل بالأعلى دخل إكليو وتبعه مادي للداخل كان المحل مظلم قليلا ولم يكن يحتوي سوى على منضدة واحدة يقف خلفها رجل بوجه متجهم ومتعب، نظر للاثنان بطرف عينه وسرعان ما عاد ينظر للأمام تعجب الاثنان من تصرفه رغم ذلك تقدم إكليو بكل ثقة للرجل وقال له 'بكم المعلومة؟' فرد الرجل بشكل آلي دون النظر الى إكليو 'يعتمد على المعلومة نفسها' فقال إكليو 'لا أملك الكثير وأريد بعض المعلومات عن بحر عشير' فقال الرجل بعد أن أنزل نظره تجاه إكليو 'ماذا تريد أن تعرف عنه' قال إكليو 'أين يمكن أن أجده' ابتسم الرجل ثم قال 'لو كنت أعلم أين أجده هل تظن أني سأعمل هنا؟' شعر إكليو بالحرج فتابع مادي قائلا 'نريد كل شيء تعرفه عن البحر وكم سيكلفنا ذلك' وجه نظره الى مادي دون تحريك جزء من جسده فقال 'المعرفة لها تكلفة وتكلفتها ليس المال' قال إكليو بريب 'وما هي هذه التكلفة؟' صمت الرجل وبدأ يقلب نظره بين مادي و إكليو ثم قال 'أتبعاني' توجه الى باب في خلف المحل فتحه ودخل بدون أن يكترث لهما، تبعاه مادي و إكليو بحذر، الغرفة كانت عبارة عن ارشيف يحتوي على الكثير من الرفوف المليئة بالصناديق الخشبية المغلقة، سمعا صوتا قادما من مكان في الغرفة قائلا 'هنا' توجه الأثنان الى مركز الصوت وكان الرجل واقفا عند أحد الرفوف ثم قال مشيرا لصندوق بجانبه 'هذا' كُتب على الصندوق الخشبي بحر عشير، قالت مادي بحذر 'ألا بأس بفتحه؟' لم يجب الرجل وأستمر بالنظر الى مادي و إكليو لبعض الوقت ثم توجه الى خارج الغرفة بدون أن يقول شيء…
أنت تقرأ
البحر السابع
مغامرةعندما تكون العظمة هدفك، والشجاعة سلاحك، والفضول دافعك، فأنك ستنطلق الى اعمق البحار للبحث عن الكنز المفقود.... "المكان مظلم وجاف ويشعرك بالاختناق انه اعمق مكان قد تصل إليه داخلك، انه المكان حيث تفقد فيه روحك، واملك، وقوتك، لذا قاتل حتى لا تصل الى هذا...