الفصل السابع والاربعون (رجاء)

4 1 0
                                    

عندما نخاف من شيء، نركض الى مصد أمانِنا، ولكن الى أين يذهب من لا مصدر أمان له؟

فقدوا الثقة بذكرياتهم، والثقة في أنفسهم، لم تعد الحقيقة كما يعرفونها، ولا الماضي كما عهدوه، فهم باتوا أشخاص أخرين…

ركز إكليو نظره تجاه البحر وقال 'والدي الشيطان مات وترك أمي مع أحد أعوانه، والدي، الرجل الذي أخذني من مصيري، ولكنه وثق بالشخص الخطأ، أو ربما عرف أن لا مهرب لي من مصيري' كان مصدوماً من معرفة الحقيقة، ومعرفة أصلِه، والسر خلف قوته، وكانت مادي خائفة من ضعفه و انكساره، وقلق الحاكم من ان تؤثر عليه الحقائق بشكل سلبي، وأما ليڤ فلم يكن مهتم.

تابعت الجنية قائلة كاسرة الصمت الذي عم المكان 'أجل، ذلك الرجل لم يكن والدك، فأنت أبن الشيطان، بعد أن ولدتك أمك أعتنى بها الرجل الذي أحبها ورغب بالزواج منها، وقد فعل بعد اختفاء الشيطان، عرف مصيرك من عرافة اشتهرت في أرضهم، نفسها تلك العجوز التي تعرفها، هرب زوج أمك بك ليحميك من جوان وسايلين فهم قد قرروا أن يختموك حتى الوقت المناسب، وقد قام بختمك بعد أن قتل زوج أمك، أرادك أن تفيق في هذا الوقت، عندما يصبح كل شيء جاهز، ربما لم يخبرك أحد بهذا. لم تدخل الجنيات الى بحارها في نفس الوقت، وكنت أنا أول من دخل البحر وكانت سايلين أخر من دخل، بعد أن أطمأنت أن كل شيء يسير مثلما تريد'. ربما لهذا السبب هي تعرف الكثير، وربما لهذا السبب هذه الارض مزدهرة أكثر من أي ارض عبروها، كانت مادي تفكر بهذا الامر، ثم تابعت البحر كلامها قائلة 'آه إجابة على سؤال مادي كم عمر إكليو' ازداد سرعة نبض قلب مادي، وبدأ العرق يسيل من جميع أنحاء جسدها الهزيل، ارتجفت يداها، وكانت على وشك البكاء أمسك إكليو يدها المهتزة وقال 'مهما كان عمري، فأنا هو أنا، ولن يتغير شيء أعدك بذلك' نظرت له مادي بعيونها الحزينة قائلة 'لا تعدني بشيء ليس بيدك فأنا عشت عمري بين الرجال، ورأيتهم كيف يتغيرون من مرحلة الصبا للكبر' قال إكليو منزعج من كلامها 'لا تضعيني مع تلك الوحوش التي عشتي معها' ابتسمت مادي رغما عنها عندما تذكرت أشكال من سكن قرية ارجان، ثم تابع قائلا بعد أن غمز بعينه 'أنا لست دان يا مادي' أنزعج دان من كلامه ثم قال صارخا 'ماذا تقصد أيها الطفل الباكي' ضحكت مادي وهي تمسح دموعها، بينما كانا يتضاربان كالأطفال، قاطعتهم البحر قائلة 'أعذروا وقاحتي، هل ترغبون في معرفة الجواب أم لا' قالت مادي بعد أن هدأت من الضحك 'كلا، أنا بخير فهو سيبقى أخي الأصغر مهما كبر عمره' أبتسم إكليو بسعادة وبادله دان الضحك، وفي الجانب الاخر بقي الحاكم وليڤ متجهمين الوجه.

قال الحاكم بعد أن هدأ الثلاثة 'إذا البحر أمامكم يمكنكم أخذه' نظر له إكليو بتعجب ثم قال 'نحن لا نحتاج أن نأخذه' تعجب الحاكم ثم قال 'وكيف ذلك' فقال له إكليو 'كل ما نحتاجه هو موافقة البحر بدخول مادي له' ثم تابع كلامه 'فأنا قد دمرت بحر مملكة ليڤ ولم يحدث أي شيء' نظر الملك الى ليڤ فأشار له أن كلامه صحيح، تعجب الملك من ذلك ثم قال 'يال قوة قلبك يا فتى' ضحك إكليو بخجل رغم أنها لم تكن بمدحه.

أمسكت مادي بالحجر ثم أغمضت عينيها سطع نور منه أنار الغرفة كاملة حتى أصبحت الشجرة مشعة من الخارج، بعدها خفض السطوع بالتدرج الى أن أختفى وعاد نور الأعمدة المصدر الوحيد للضوء، قالت البحر 'لا أشعر بأي اختلاف' فقالت مادي مبتسمة بحزن 'ستشعرين في وقت لاحق' شكر الجميع البحر على وقتها والمعلومات التي قدمتها لهم، خرجوا من الشجرة فكان هناك زوجين ينتظران خروجهم، انحنوا للملك تحية له فرد عليهم التحية بابتسامة لطيفة، بدا مختلفا عن عديم المشاعر الذي كان برفقتهم داخل الشجرة.

عادوا الى القصر، والى غرفة الاجتماع، بدا أنهم متعبين مما جرى فقال الملك 'أين وجهتكم التالية؟' فقال إكليو 'إلى أقرب مملكة من هنا' فقال الحاكم 'أقرب مملكة هي تنين البحار' سأل دان 'وما هذه المملكة؟' قال الحاكم 'معلوماتنا قليلة عنها، فهي مملكة أغلقت على نفسها، يعيش سكانها الصحراء، فهم من البادية، رغم ذلك لن تجد نزاع في أرضهم، يقال أن شعبها قوي البنية ولم يهزم جيشها قط، من يعيش تلك الصحراء القاحلة ولم تهزمه لن يهزمه شيء' شعروا بالتعب من كلام الحاكم، صحراء قاحلة تعني شمس ساطعة، وزيادة في التعب، قالت مادي متذمرة ' إكليو هل لديك سحر يخفف عنا حر الجو' أبتسم لها بغضب وقال 'إن كنت ترغبين المساعدة من ساحر يمكنك طلبها من ليڤ' تذمرت مادي ثم قالت 'غضبك هذا يهين ليڤ فما المشكلة أن تكون ساحر لا تكن عنصري هكذا' فرد عليها بنفس أسلوب تذمرها قائلا 'أخبرتك أكثر من مرة أنا أطلب المساعدة من الجن ولا أطلق التعاويذ وهذا هو الاختلاف' ضحك دان من سخرية إكليو وغضبت مادي ولكن الملك قاطعهم 'أعتذر لكم ولكني لست معتاد على هذا الكم من المشاعر اللطيفة حولي، لذلك لو سمحتم أذهبوا للخارج وتابعوا مشاحنة الأحبة هذه' لأول مرة رأوا ليڤ يبتسم، ولكنه أبتسم سخرية عليهم فلم يعرفوا كيف يشعرون.

ذهبوا الى غرفهم، أستلقى كل واحد فيهم في مكان، تأمل إكليو سقف غرفته المكون من لحاء الشجرة، قال وهو سارح 'ما هي مشاعرك تجاه مادي' لم يتوقع دان هذا السؤال خاصة من إكليو، لقد كان جالسا على كرسي ينظر الى النافذة وهو يفكر معلق ساقيه فوق الطاولة، انزل قدميه وثبتهم بقوة على الارض بعد أن سمع سؤال إكليو، شعر أنه يهاجمه نوعا ما، فقال بجدية 'أنا أكن لها مشاعرا خاصة' فقال له إكليو بنبرة غير مبالية 'ما نوع تلك المشاعر' فقال دان بانزعاج 'لا تتغابى إكليو' فقال له بجدية 'اريد أن أسمعها منك، مشاعرك الخاصة هذه' شعر دان بالتوتر ثم قال له 'ولماذا تريد سماعها؟' جلس على السرير وأصبح ينظر تجاه الباب المواجه للسريرين ثم قال 'لكي أعرف بوجودها، إن لم تستطع نطقها بفمك فلا معنا لوجودها في قلبك' صمت قليلا وبقي يراقبه بعينيه بهدوء ثم قال دان بجدية 'أنا أحبها، وأريد أن أبقى معها باقي عمري' أبتسم إكليو ثم قال بصوت مبحوح 'هكذا إذا' لم يفهم دان نظرات إكليو الغريبة، لطالما شعر دان بغرابة إكليو، ربما لأنه نصف شيطان، ولكن الحقيقة أن أذناه اعتادت على الكذب حتى أصبح يميزها عن الحقيقة…

البحر السابع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن