كان الوقت ليلا والقمر بدرا والسماء صافية اضاءت اليرقات طريقهم ومن المجهول سُمع صوت ضحكات مستبشرة…
طوال الطريق كان مادي متمسك بساعد إكليو يتلفت في كل الاتجاهات باحثا عن مصدر الضحكات فقال له إكليو 'لا تبحث بعينيك لأنه أعمى هو من يعتمد على عينيه' ولأنه كان خائفا لم يفهم مقصده فقال 'إن لم أستخدم عيني لن أستطيع رؤية طريقي' فقال له إكليو 'كلا، نحن البشر نملك أكثر من عينين، اثنتان وضعت في مقدمة رأسنا لتضلنا واثنتان وضعت داخل قلوبنا لتهدينا، أختر بعناية أي عينين تريد أن تستخدم' قال مادي بعد ان هدء روعه 'أتعلمت هذا من معلمك؟' قال إكليو 'كلا تعلمته من عند قزم الانفاق عندما كنت أحاول عبور الانفاق المظلمة ظننت حينها ان الظلام سيمنعني من معرفة طريقي لأني كنت أستخدم عيون رأسي وكانت بطريقتها تظلني وانا كنت أتبعها الى أن اهتديت الى عيون قلبي فأرشدتني الى النور' بقي مادي صامتا متعجبا فهذا الطفل أصغر منه لكنه يقول كلام الكبار متى نضج هكذا؟ هل بسبب ما مر به أو لأن الحياة أجبرت هذا الطفل أن يصبح رجلا قبل أوانه؟
وصل الاثنان الى نهاية الطريق كانت ارضا عشبية واسعة وتوسطها شجرة ضخمة حينها تمتم إكليو 'الشجرة' توجه مسرعا نحوها وهو يخاطب مادي قائلا 'هذه الشجرة من الاسطورة يمكنني معرفة ذلك' قال مادي وهو يتبعه مسرعا 'أي شجرة؟' توقف إكليو متعجبا وقال 'هل أنت جاهل الى هذه الدرجة؟' غضب مادي وقال 'لست مهوسا بالأساطير مثلك' تجاهله إكليو ثم قال بعد أن وجه نظره الى الشجرة 'تقول الاسطورة أن من يأكل ثمر هذه الشجرة سيحصل على قوة وعلم كبيرة وأن البشر والجان تحارب عليها' قاطع إكليو صوتا رقيقا قائلا 'هذه كذبة أطلقها ذلك الرجل ليشعل الفتنة بين البشر والجان' تعجب مادي وقال صارخا 'من هناك أخرج نفسك' فقال إكليو 'إنه هناك' مشيرا الى الشجرة لكن مادي وجد صعوبة في رؤية صاحب الصوت بالنسبة له لقد كان كائنا مضيئا باللون الازرق لكن بالسبة الى إكليو لقد كان مخلوقا من الجان ذكر ضعيف البنية طويل القامة يرتدي حلية من الحرير باللون الابيض بدا عليه سيمات الملوك والحكمة تابع كلامه قائلا 'هذه الشجرة هي رمز بالنسبة الى الجان لكن بالسبة للبشر هي مجرد شجرة' قال إكليو 'الى ماذا ترمز هذه الشجرة؟' قال الجان 'ترمز الى أن هذه الارض ملكا لنا' قال مادي بعد أن اختبأ خلف إكليو 'من أنت ولماذا القلادة أرشدتني الى هنا؟' قال الجان 'دعوني أعرفكم بنفسي أدعى مختار وهو مجرد لقب لأنه نحن الجان لا نعطي أسمنا الحقيقي إلا لمن نكن الولاء له' قال إكليو 'وانا إكليو وهذا مادي لديه قلادة أرشدتنا الى هنا هل تعرف السبب يا سيد مختار'
قال مختار بعد أن بسط يده 'فلتسمح لي برؤيتها' أشار إكليو الى مادي لكي يذهب ويعطيه القلادة لكن مادي كان خائفا وطلب منه أن يذهب معه ففعل إكليو وتقدم الاثنان معا وكلما تقدما أكثر وضحت ملامح مختار الى مادي بوجهه السمح وابتسامته اللطيف التي طمأنت قلب مادي القلق. أعطاه القلادة وما أن رأى الشعار حتى تغير وجهه الى الجاد فقال 'لهذه القلادة قصة طويلة ونهاية محزنة، هل ترغبان بسماعها' قال مادي 'أجل، هذه القلادة مرتبطة بي وأنا أريد أن أعرف أصلها إذا كنت لا تمانع' أبتسم مختار مجددا وقال 'بكل تأكيد يا عزيزتي سأخبركم بقصتها' أحمر وجه مادي ونظر بتجاه إكليو الذي لم يهتم لكلام مختار وبقي منتظرا سماع قصة القلادة. تربع الثلاثة أسفل الشجرة وترنم صوت مختار في الأفق يحكي قصة من غابر الزمان
‘يحكى في قديم الزمان وقبل قيام الحرب بين البشر والجان كان هناك رجل من البشر يدعى إغريق كان شغوفا ومحبا للحياة قوي البنية شجاع الاوصاف لم يعرف له مسكن او مقام كان يتنقل بين الارضين والوديان، وفي يوم من الأيام قابل ذلك الشاب الشجاع أميرة الجان عجزت كل الأوصاف عند حسن جمالها الأخاذ يقال أن كل من راها أُسر بها وعجز عن الحياة بدونها فكل نهاية قصص عشاقها الموت، لكن كان هناك شخص واحد فقط من لم يسقط في شراك جمالها ذاك البشري المتعجرف بنفسه قال لها عند أول لقاء "أيتها الجنية هل تعرفين الطريق الى أرض الجان فلي شأن من الملك" تعجبت الاميرة من مقدرة الشاب من الكلام فكل من وضع عينه بعينها عجز عن التنفس فما بالك بالكلام ابتسمت الاميرة المغرورة بجمالها منتظرة سقوط الشاب لكنه لم يكترث لأمرها فعاد السؤال غضبت الاميرة وزاد انزعاجها كيف لبشري مثله أن لا يسقط في شباك جمالها. تركت الاميرة الشاب حائرا من تصرفها لكن لم يدم فراقهم طويلا حتى ألتقوا مجددا في قصر الحاكم لكنه لم يعرها أي اهتمام لقد كان يسير خلف حارس متجها الى الحاكم ومع ان اعينهم للمرة الثانية التقت وبكل فخر تابع سيره خلف الحارس. اقام الحاكم في تلك الليلة مأدبة تكريما لذاك الشاب فهو قد أقام حلف مع الحاكم لإنشاء مملكة مشتركة بين الإنس والجان ونص ذلك الاتفاق على انه كل ذكر من العائلة الحاكمة يتزوج أنثى من الجان والعكس صحيح وفي ذلك الاحتفال أعلن الملك أن إغريق ملك البشر والاميرة ملكة الجان سيتزوجان ويحكمان معا غضبت الاميرة لأنها ظنت نفسها مدللة الملك وانه لن يفعل كما فعل بأخوتها ويستخدمها كأداة لكنه فعل، ومن ستتزوج؟ أنسي متعجرف لم يقع في شباك جمالها لم تستطع النوم في تلك الليلة لذلك قررت السير في حديقة القصر روى بعض الخدم انهم لمحوا الاميرة تتحدث من إغريق لم يستطع أحد سماع كلامهم لكن الاميرة عادت الى غرفتها راكضة خجلة وبقي إغريق يراقبها مبتسما محمر جبينه وبدأ الجميع يعد العدة لحفل الزفاف كان الجميع سعيد لأن الاميرة كانت سعيدة بهذه الزيجة بعكس ما توقعوا كان الزفاف هائلا وسعيدا وقدم الملك القلادة هدية الى أبنته ودليل على أنها الملكة وهذه القلادة تتوارثها ملكات مملكة إغريق او كما سماها الملك إغريق مملكة الإنسجان كان أسما صعبا ولم يحبه أحد لذلك تغير الاسم بعد موته. حياة الملك والملكة كانت مليئة بالصعاب بسبب الحروب مع ذلك حبهم القوي لبعضهم أسند المملكة وأعطاها القوة لتنهض وتصبح بهذه العظمة كلا لقد كانت أعظم من ذلك ظن الجميع وقتها أن هذه المملكة ستغدو العالم كله وبسبب هذا لم يعرفوا السلام أبدا كل الممالك المجاورة شعرت بالتهديد وحاولت بكل قوتها أسقاط هذه المملكة وبعد عشرات السنين أستطاع الملك أن يهتدي الى السلام وعاشت المملكة قرنا يعمه الهدوء والسكينة لكن لم يعرف أحدا ثمن هذه السكينة'…
أنت تقرأ
البحر السابع
Приключенияعندما تكون العظمة هدفك، والشجاعة سلاحك، والفضول دافعك، فأنك ستنطلق الى اعمق البحار للبحث عن الكنز المفقود.... "المكان مظلم وجاف ويشعرك بالاختناق انه اعمق مكان قد تصل إليه داخلك، انه المكان حيث تفقد فيه روحك، واملك، وقوتك، لذا قاتل حتى لا تصل الى هذا...