الفصل الرابع والخمسون (الطريق الى النهاية)

6 1 0
                                    

طريق العودة كان صعبا وطويلا، بقيت مادي في الخلف تحتمي بظل جسد إكليو الفتى الذي عليها قتله، أخاها الصغير، أبنها المدلل، ورفيق دربها، والشخص الوحيد الذي تشعر بالأمان في حظرته…

متى بدأ هذا الشعور يغزوا قلبها تتساءل، أم ربما كان موجداً من البداية وهي فقط من تجاهلته، لطالما رأته طفلا وهي الأن تراه كرجل، رجل يمكنها الاتكاء عليه، تنظر له من الخلف ولا تعرف كيف تفسر شعورها، تختلس النظر بين الحين والأخر، لتهدأ قلبها المضطرب وتخبره بينما تطبطب عليه "عزيزنا ما زال هنا بجانبنا"…

كان عليهم الخروج بسرعة قبل أن تكتشف فتنتهم، وقبل أن يصل الخبر للكاهنة شظية فهي لن تقبل أن يتنكر أحد على هيئتها.

ولكنهم لم يكونوا محظوظين لتلك الدرجة، بينما كانوا يسيرون في الصحراء الخالية إلا من الرمال الكثيفة، هاجمتهم عاصفة خرجت من العدم أغلقوا عيونهم وتمسكوا ببعض حتى لا يطير أحد، أستخدم ليڤ سحره ليثبتهم، ضمهم الى صدره وحماهم بجسده الضخم، لم تكن فترة حتى توقف الهواء وعادت لهم الرؤية، فتحوا عيونهم فإذا بهم بحضرة الكاهنة شظية ومساعدها الذي يشابه بنية ليڤ مغطيا وجهه كاشفا عن جزئه العلوي من جسده، وامامه كائن قصير القامة ترتدي السواد ولا يدبوا منها شيء، تتكأ على عصا من خشب، قال إكليو عندما راءها 'ما بالهم والسواد' خاطبهم ليڤ هامساً 'دعوا الكلام لي، واستعدوا لخوض معركة' تجهم وجه الاثنان من كلامه ففي هذه المعركة على مادي الاختباء كالعادة، تقدم ليڤ وأخفاهما خلف جسده وقال 'ما حاجتك؟' ضحكت بصوت مكتوم فلم يبان إلا اهتزاز جسدها الهزيل، كشفت عن وجهها فإذا بها فتاة شابة حسناء، ذو شعر أحمر كالنار منسدل يصل لقدمها ويكاد أن يلمس الأرض، كثيف لدرجة أنه غطا جسدها الهزيل بالكامل، طولها كان مشابه لطول مادي فلم تكن طويلة القامة ولا قصيرة ولكن بالسبة لحارسها الضخم باتت وكأنها طفلة، ملامح وجهها حادة، امتلكت عينا قط عسلية ولو أنهم كانوا في الليل لشعروا بلمعان عينيها في ظلامه، لها نظرة ثاقبة تشعرك وكأنها تعرفك وتعرف أفكارك ومشاعرك، مخيفة هذا أقل وصف بحقها. قالت وهي تنظر الى ليڤ بصوتها الواثق الناعم 'كحاجة القتيل لدم قاتله' قال ليڤ بنوع من العداوة 'وما حاجة الميت بدم الحي؟' أجابته بهدوء 'لا شيء، فقط ليشفي غليله' أنهت جملتها بهجوم حارسها على ليڤ، هم أن يخرج ليڤ سلاحه ولكنه أدرك أن خصمه أعزل فأعاده مكانه وقاتله بالأيدي، كان حارس شظية مقاتلا محترفا ولكن ليڤ كان له بالمرصاد، شعرت شظية بتعادلهم فقررت الهجوم هي ايضا ولكن ليس على ليڤ بل على مادي، فهي من تنكرت على شكلها، اختفت لحظة وظهرت أمام مادي وقالت بينما كانت مادي مركزة على قتال ليڤ 'لقد كنتِ مذهلة' صرخت مادي مرتعبة فهي لم تشعر بها، وسرعان ما وقف إكليو في وجه الكاهنة حاميا بجسده مادي وهو يشعر بالارتباك فهو لم يشعر بقدومها، تابعت كلامها قائلة 'ولكن أنا لست عجوز، ليس كل الكهنة عجائز!!' شعرت مادي أنها أهانتها فقالت معتذرة 'أنا أسفة، لم أقصد ذلك' شعرت أن الكاهنة تستمع لها فأكملت كلامها 'أنتِ تعرفين بخصوص الأسطورة والبحر السابع' فقالت متفهمة 'أجل' تابعت مادي كلامها محاولة إخفاء خوفها 'أردنا فقط العثور على البحر' أصدرت الكاهنة صوتا وهي تفكر 'همممممممممممم' ثم رفعت يدها مشيرة لحارسها فتوقف عن القتال مع ليڤ الذي أنهك وكان بالكاد يستطيع الوقوف، ثم قالت 'قد تستطيعون تجاوز غضبي، لكنكم لن تستطيعوا تجاوز غضب الشيوخ، فهم -قد يبدون أشخاص هادئين- لا يغفرون من يتنكر على هيئتهم ويقيم الفتنة بشكلهم' شعروا بالخطر فقال إكليو 'لا يهم من يكونوا أنا لن أسمح لأحد أن يؤذي رفاقي' لم يبدوا على الكاهنة أي تأثر بكلامه فقط أستمرت بالنظر له بدون أي مشاعر ثم أزاحت وجهها الى مادي قائلة 'هل ستستطيعين حقا قتله؟' شعرت مادي بصدمة هي تعرف الجواب في أعماقها، كل جزء من جسدها يصرخ بلا، ولكنها قالت 'لا بأس فأنا سأعيده للحياة مجددا' ابتسمت الكاهنة للمرة الأولى ورفعت يدها لترفع شعرها المنسدل على وجهها ثم قالت 'إذا كان هذا الأمر فدعوني أخذكم الى النهاية' تعجب الثلاثة من كلامها فهمست ببعض الكلمات عصفت بهم موجة هواء أغمضوا عيونهم بسببها أمسك إكليو مادي وحاول الوصول الى ليڤ ولكن الهواء كان اقوى منه، وعندما توقف العصف القوي وفتحوا عينوهم كانوا الثلاثة يقفون في مكان مختلف عن الصحراء القاحلة شعروا لوهلة أنهم يقفون على السماء، تعجبوا وبدأوا النظر حولهم، سمعوا صوت ضحكة رقيق ثم سمعوا صوت الكاهنة شظية تقول 'أنتم على أعتاب مملكة بحر السماء'…    

البحر السابع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن