أستمرت الرحلة قرابة الاسبوعان وكان ليڤ يشرح لهم نظام القبائل الخاص بهذه المملكة، وكان إكليو يصغي بحرص وكأنه يكتب التاريخ الذي سيدفنه بيديه.
اعتادوا على دروس ليڤ في كل مرة يجلسون فيها ليرتاحوا، او قبل النوم بساعات. قال ليڤ شارحا 'تمتلك هذه المملكة الى عشرين قبيلة، او يزدادون عددا، تتكون كل قبيلة من عائلة كما أخبرتكم سلفا، وكل كبير يحكم القبيلة ونظام الحكم وراثي' سأل إكليو 'وكيف يمكنني أنشاء قبيلة؟' أجاب ليڤ 'الأمر صعب قليلا عليك أن تأخذ موافقة كبار العوائل كلهم، أو أن تنشأ عائلة كبيرة لدرجة أن قبيلتك لا تكفيك' قالت مادي 'كأن يتزوج أكثر من امرأة وينجب مائة طفل' أشار ليڤ لها بيده ليشير الى جوابها فهو أدرك سؤال إكليو، تعجب إكليو قائلا 'كيف يمكنه أنجاب هذا العدد' ضحك دان وقال 'هذا العدد مبالغ به، ولكن إن أنجب عشرين طفل وزوج أطفاله مبكرا وكل طفل انجب عشرة، أليس هذا كافي؟' ما زال إكليو في صدمة فهو لم يفهم لما قد يرغب المرء بهذا العدد من الاطفال.
تابع ليڤ شرح القوانين بينما كانوا على وشك النوم لأن إكليو سأل عن الحروب فقال 'لا تُشن الحروب إلا بموافقة الملك أو الزعيم كما يلقب' فسأل إكليو 'أليس كلهم زعماء، كيف يفرقون بين بعض؟' فأجاب 'إذا أردت أن تشير الى زعيم أحد القبائل يجب عليك ذكر أسم قبيلته معه أما الزعيم فينطق بدون أسم قبيلة خلفه' أراد أن يسأل أكثر لكن ليڤ أصدر صوت شخير رغم أنه لا يشخر فقرر النوم هو ايضا.
في طريقهم مروا بالعديد من القرى او القبائل وعند كل قبيلة تم ضيافتهم برحابة، وتزويدهم بالماء والطعام دون مقابل، ولم يقبلوا زعماء القرى إلا أن يناموا في ضيافتهم ليلة واحدة على أقل تقدير.
في أحد مضارب القبائل وبينما كان إكليو ومادي ودان يراقبون الخيالة يتباهون قال أحد الرجال محادثا صديقه 'هل سمعت بما جرى في قبيلة عذار؟' أجاب الثاني 'كلا، لتو عدت من رحلة صيد أخبرني' فقال الاول 'مات زعيمهم راضيان مسموما، قيل أنه امر بتسميم أخاه وعائلته، وانتهى به الأكل من الطعام والموت' فقال الثاني 'يا إلهي أرحمنا، كيف لرجل ان يقتل أخاه' فرد الاول 'الطمع أعماه يا أخي' فسأل الثاني 'وماذا حدث بعدها' قال الأول وهو ينظر بالأفق 'لا شيء حكم عيد القبيلة كما أوصى والده' فقال الثاني وهو ينظر للخيالة 'كان عليهم أن يستمعوا لوصية المرحوم من البداية' صمت الاثنان وابقيا المجموعة في سعادة لسماع الاخبار الجيدة عن عائلة لامار.
وبينما كانوا يتابعون طريقهم حكا إكليو لليڤ عما سمعوه فقال 'آه، سمعت الأمر سابقا' غضب إكليو لكونه لم يخبره، فهو يخبره بكل شيء.
وأخيرا أنهم على أعتاب قبيلة الزعيم وهذا هو أسمها، مباني القبيلة كانت أكبر وأجمل، زينت بالأحجار الملونة والشجار النظرة التي سماها ليڤ بالنخيل، وعكس كل القبائل لم يكن منزل الزعيم في المنتصف بل كان على مرتفع من القرية وكأنه وجد هناك ليراقب قريته، أنتشر الحراس حول القبيلة حتى أنهم اوقفوا المجموعة قبل ان تصبح القرية في مرأة بصرهم، حين أوقفهم صاح بهم 'ما هو هدفكم؟' اعتادوا على هذا السؤال وكان جوابهم واحد وهو الترحال لكن هذه المرة سبق إكليو ليڤ قائلا 'البحر' لم يفهم الحارس وقال 'لا يوجد بحر هنا فانت في الصحراء' أبتسم إكليو وقال 'كلا، لم تفهم مقصدي، عنيت بحر مملكتكم' تغيرت نظرات إكليو البريئة الى عيون ثعلب ماكر، متى أصبح هكذا فكرت مادي وهي تراقبه يتحول الى شيطان ماكر. بادل الحارس النظرات مع إكليو قبل أن يقول 'أتبعوني' كان الحارس على خيله كبقية الحراس، ولكن عندما طلب منهم أن يتبعوه ترجل من حصانه وسار معهم على أقدامه، لا لطفا منه بل ليسمع همهماتهم بشكل أفضل هذا ما قاله ليڤ لمادي لاحقا عندما سألته. وصلوا الى داخل القبيلة وكما توقعوا فهذه القبيلة مختلفة فكل سُبل الراحة والترف متواجدة فيها، ويمكنك الشعور فيها من مدخل القرية حينما تشم رائحة البخور العطرة، والنساء مرتديات أفضل الأقمشة، وتلاعب الاطفال في كل مكان والسوق الذي لم يروه منذ دخولهم الى هذه المملكة، وكونهم يعيشون في بيوت من طوب كبيرة وملونة، عرفوا أن هذا المكان مختلف لأنه يملك قوة البحر.
أصعدهم الحارس الى منزل الزعيم طرق الباب وفتح له رجل كبير في الحجم لا العمر فقد بدا أنه شاب صغير قائلا الحارس له 'وجدت هؤلاء القوم وهم يرغبون ببحر مملكتنا، لم أفهم ما يقصدون لذا أحضرتهم الى هنا' قال الفتى الذي فتح الباب لهم 'لا بأس أحسنت عملا سأتكفل أنا بالباقي' ودعه الحارس بكلمات لم يفهموها ورد عليه الفتى ثم ألتفت لهم وقال وهو يزيح جسده الضخم من على الباب قائلا 'تفضلوا، الزعيم لم يعد بعد ولكن يمكنكم انتظاره في مجلس الضيوف' المجلس هي غرفة مهيأة للضيوف فقط، وكانت متواجدة في منزل زعيم القبيلة فقط. أجلسهم الفتى وقدم لهم الطعام والشراب فقالت له مادي 'ما هو أسمك؟ وهل أنت أبن الزعيم' ضحك الفتى ثم قال 'كلا، أنا خادمه وأدعى جابر' قالت مادي 'سررت بلقائك أنا أدعى مادي وهؤلاء' قاطعها جابر قائلا 'مع كامل احترامي، لا يحق لي معرفة أسماء الضيوف لذا' اعتذرت مادي على سوء تصرفها وبادلها جابر الاعتذار ثم قال قبل أن يتركهم لوحدهم مخاطبا مادي 'أنتِ فتاة أليس كذلك' تعجبت مادي من توتره كونها تشعر أن جنسها واضح فقالت 'أجل' فقال جابر بخجل 'لا تخبري أحدا بذلك لأنهم إن عرفوا أنكِ فتاة سيفصلونكِ عن رفاقك' فقالت بتوتر 'لكن الامر واضح أليس كذلك' أبتسم لها وقال وهو يستدير مغادرا 'فقط لا تتحدثي' غادر جابر كاسرا قلب مادي بكلامه فقال دان وهو يكتم ضحكته 'أسم على غير مسمى' حاول الثلاثة مواساة مادي ولكن كل كلمة يقولونها يزيدون الأمر سوء.
بعد مدة من الوقت عاد الزعيم وأخبره جابر عن ضيوفه، فدخل عليهم وخلفه جابر يبدوا طفلا أمام الزعيم، فقد كان ذو بنية ضخمة وصل رأسه لسقف المجلس، وكان عريض المنكبين فلم يستطع العبور من الباب بالعرض، فقد أدخل نصف جسده محنيا رأسه ثم تابع بالثاني قبل أن يرفع رأسه وينظر لهم بطرف عينيه، أرتدى الجلد وقماش الصوف رغم حر الصحراء ولكنهم لم يروا قطرة عرق على وجهه دميم الخلق، جلس الزعيم قبالتهم ثم قدم له جابر الشراب شربه الزعيم جرعة واحدة، ثم طالب بالمزيد وهو يراقب المجموعة بصمت، أشار لهم جابر بعينيه حتى يتكلموا فقال ليڤ 'أنا أدعى ليڤ وهذا إكليو ومادي ودان، نحن في رحلة لجمع البحار الستة' فقال الزعيم بصوت غليظ يطن الاذان لسماعه 'وما هذا البحر' قال إكليو مبتسما بود 'لا داعي لهذا أيها الزعيم فجميعنا نعرف أنك تستخدم قوته' شد قبضته على كأسه النحاسي حتى كون منه كرة وبدأ اللعب فيه، عرفوا من وجه جابر أن الزعيم غاضب ولكنه لم يقل شيء فتابع ليڤ قائلا 'كما تعلم هناك حرب قادمة وعلينا' قاطعه الزعيم قائلا 'حربكم لا تهمني' ثم نهض من مجلسه وقال وهو يرمقهم بنظرات الحقد والبغض 'غادروا أو تقتلون' غادر بعد أن دفع الباب بقوة معلنا عن غضبه فنظر لهم جابر بخوف وتوتر شعرت مادي بنظرات الحيرة منه عندما راءهم غير مبالين بغضب الزعيم، قالت مادي وهم يغادرون المجلس 'وما هي الخطة إذا' أجابها ليڤ 'لنغادر أولا' خرجت المجموعة خارج القبيلة مبتعدة في الأفق بهدوء أفعى تراقب عش طير تنتظر البيوض لتفقس حتى تأكل الفراخ…
أنت تقرأ
البحر السابع
Adventureعندما تكون العظمة هدفك، والشجاعة سلاحك، والفضول دافعك، فأنك ستنطلق الى اعمق البحار للبحث عن الكنز المفقود.... "المكان مظلم وجاف ويشعرك بالاختناق انه اعمق مكان قد تصل إليه داخلك، انه المكان حيث تفقد فيه روحك، واملك، وقوتك، لذا قاتل حتى لا تصل الى هذا...