كانت الضجة تحيط في احدى منازل الحي، حشد من السيارات والبشر يسيرون في خط مستقيم قاصدين سيارة كبيرة في منتصف الطريق تحمل نعش سيدة المنزل مارثا، يقال انها كانت امرأة طيبة ذاع صيتها وذكرها بين سكان القرية فجاء كل من كان يحترمها معزيا لعائلتها، حاملين في ايديهم باقات من ورود الجوري وتعتلي ملامحهم صفات حزن مُفتعل، احدهم استأجر فرقة موسيقية لتعزف الحان حزينة ولكن تلك الفكرة لم تتلقى اعجاب زوج المتوفيه والذي كان اسمه روك، لذلك قام بطردهم..
كانوا يدخلون واحدا تل والاخر من بوابة المنزل ليصافحوا بناتها الاربعه ويقبلون رؤسهن ثم يرددون الصلاة بالقرب من صورتها ويغادرون المنزل، حتى دخلت امرأه عجوز كانت مدامعها تسيل على خديها بحرقه وتسير عرجه مستنده على عصاها، بلباسها الاسود الداكن الذي كان عبارة عن وشاح يغطي رأسها وجلبابها، سارت حتى وجدت بنات المتوفيه الاربعه واقفات امام الباب بأوجه شاحبه..
اصغرهن بريتني كانت تبكي وليسا الكبرى تربت على كتفها بحنان امومي بعد ان اصبحت تشعر انها البديل الوحيد الذي سيملأ الفرغ الذي خلفته والدتها في النزل، اما الاخرى فكانت طفله صغيرة بالكاد تحملها قدميها، تجهش بالبكاء كل دقيقة ثم تعود لتنسى امر والدتها، اما الوسطى، كانت هي الملفته للنظر من بينهن ، كانت ذات شعر قصير اسود تنسدل بعض خصلاته على عينيها الحاده، عيناها كفضاء واسع من النجوم والكواكب التي تطوف في بحر اسود، يتوسطه ثقب فراغي لا يفصح عن شعور، فراغ لا نهاية له قد ضاعت بين ثناياه روحها، والهالات السوداء زينت جفنيها الناعسين، ترتدي هي الاخرى الاسود ولكنها لم تكن تظهر اي عواطفا في وجهها، دخلت تلك الامرأة فارتمت بريتني الصغرى في حظنها باكية
(يا جده سوزن، لقد غادرت امي)طبطبت سوزن على ظهرها وعينيها لم تنفك عن التحديق في تلك الفتاة ذو التعابير الجامده والتي كانت تعرف ان اسمها جودي، ثم قالت بنبره مواسية
(اه ياصغيرتي، لم استوعب الامر حتى انا يا عزيزتي بريتني، ارجو من الله ان يكافئها في نعيم وهناء في الحياة الاخرة، لقد كانت امرأة عظيمه )شهقت ليسا بحزن وعبرة وعانقت الجده سوزن برفقة بريتني بينما تحدق بهم جودي بجمود، بكوا لثواني حتى استأذنتهم سوزن بأنها تود الصلاة بجانب نعش السيدة مارثا فتنحين عن طريقها، توقفت سوزن عن خطو خطواتها العرجاء عند جودي وحدقت بها بعدم رضا، وكأنها تستذكر كل المواقف التي رأتها فيها قبل وفاة السيدة مارثا، كيف لفتاة ان تقف بهذا التعبير المستفز في عزاء والدتها التي حزنت كل القرية على موتها، قالت لها بصوتها الصدأ من كبر العمر
(جودي، تمتلكين التعبير ذاته، وتزداد نظراتك لنا ازدراءا يوما بعد يوم، يالوقاحتك ايتها الطفله، اتمتلكين قلبا؟ لو رأتك امك لندمت على كل الحب والمال الذي صرفته على رأسك كي تكبري وتمتلكي هذا الوجه الوقح، كيف لك ان تظهري تعبيرا كهذا في جنازة والدتك؟)
أنت تقرأ
كابيلّا | Capella
Romanceولكنني كنت افكر في الاسباب التي جعلتك هكذا، في العواصف التي حدثت حول قلبك قبل ان تهب العاصفة الثلجية الاخيرة وتجمد كل شيء، كديسمبر، ينهي كل الفصول التي تسبقه في السنه بكتل من الثلوج .. (كابيلا هو نجم شتائي يبرق من الشرق في اوائل اكتوبر، كنت اشعر ان...