26.في طفولتي

117 12 16
                                    

في اليوم ذاته كانت مارثا تتمشى ذهابا وايابا في غرفتها، تفرك جانبي جبهتها باصبعيها كي تخفف الصداع، فسمعت صوت السيد روك قد عاد اخيرا من العمل فركضت بانتفاضه وفتحت باب غرفتها، وجدت جودي في مكانها ذاته تجلس بوجه شاحب وتحاول ان تتهجى الكلمات بعينان ذابلان، فقلبت عيناها بانزعاج..
انتبه اليها السيد روك فابتسم لها ملاطفا، لتشير له باصابعها ان يتقدم..
دخل الى غرفتهم وخلع معطفه ثم علقه بجانب الباب قائلا (مساء الخير، لقد عدت عزيزتي)
كتفت يديها بانزعاج (مساء الخير، اعلم بأنك عدت فها انت تقف امامي)
رفع حاجبيه ثم القى نظره مبتهجه نحوها، في تلك الايام كان السيد روك وسيما جدا؛ فلم يترك الشيب اثره على شعره ولحيته، بل كان يعتني بملابسه وشكله، من اجل حب حياته مارثا..
تقدم نحوها بابتسامه يتأمل انزعاجها ونظراتها الحاده، فطوق خصرها بذراعيه وقال ملاطفها (لماذا اجد مزاج زوجتي حادا اليوم؟ هل جرى لك شيئا سيئا؟)
لوت شفتيها بانزعاج وقالت بعد ان ضربت صدره بكفها بخفه (منذ متى كان مزاجي جيدا، منذ ان جئنا الى هذه القرية واعصابي تصبح اسوء شيئا فشيئا)
ابتسم وخفض رأسه نحوه ثم قال بنبره مهدئة (مالذي حدث لك، حدثيني)
ابتسمت بشكل خفيف واخذت تعبث بزر قميصه (انها جودي مرة اخرى، انها تتعبني يا روك، تتعبني كثيرا، لم اعد احتمل)
اجاب بتنهيده (الوسطى مرة اخرى! مالذي فعلته)
-(انني اتلقى الاهانات والكلام الجارح من نساء القرية بسببها، انها تحرجني وتتصرف بوقاحه مع الكبار، اوتعلم مالذي رأيته اليوم في المدرسة)
امال رأسه ناحيتها (ماذا؟)
-(لقد رأيت بعض الصغار يسخرون منها، كانو يلقون عليها القمامه وينادونها بالبدينه، لا يمكنك تخيل شعوري في ذلك الوقت، شعرت بالاحراج الشديد منها، تمنيت لو انني اتخلص منها، لو انني لم اولدها اصلا لكان كل شيء بخير، لقد امسكتني احدى النساء هناك وقامت بالسخرية مني، قالت لي "هيه مارثا، لم اتوقع بأنك ستنزلين الى هذه المستوى وتربي طفلا بهذه القباحه والوقاحه؟ بالله عليك اتطعمينها خمسة وجبات في اليوم؟ الا تعلمينها الادب ولو قليلا؟ عندما رأتني اخبرتني بأن تسريحة شعري مضحكه واخذت تضحك ببلاهه وغباء، كدت ان اصفعها لولا انني تذكرت بأنك ستفقدين صوابك بعدها" قالت ذلك لي بقرف وراحت تجر ابنتها معها الى المنزل، لم يكن بامكاني الرد عليها لأنها لا تمتلك اية ثغرات، اعني بحق السماء يا روك، ابنتها من افضل الطلاب في المدرسة، وهي مرتبه حتى عندما تعود الى المنزل، اما انا؟؟ لقد عادت لي جودي ذات مرة بفم ملطخ بحلوى الايس كريم، وشعرها كان مبعثرا وفوضويا رغم انني رتبته لها في الصباح، انها فوضوية ومقرفه، لا يمكنني تحمل ذلك يا روك..)
امسك كفها الذي تعبث به بزر قميصه بحنان وقال (لماذا تلقين بالا لنساء القرية يا مارثا؟ انا ارى محاولاتك الجاده في تربيتها، الا يكفيك هذا؟)
طأطأت رأسها بحزن (لم اقصد بأنك لست كافيا، ولكنني احتاج لان اكون فخورة اثناء حديثي معهن، تخيل ان ينادونني بأم الفتاة المخبولة، سأسير في القرية مطأطأة رأسي طوال الوقت، انا لا اقوى على تلقي هذه الاهانات، هذا مثير للشفقه حقا)
ابتسم ملاطفا (لا تقلقي لن ادع احد يناديك بشيء لا يعجبك، سأقتله ليكون عبرة لمن اعتبر، حتى جودي، سأبذل جهدي معك في تلقينها درسا)
قالها ثم قبل جبينها بابتسامه فارتخت ملامحها (شكرا لك عزيزي)..

كابيلّا | Capellaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن