وضعت ماري صينية الطعام على كومة الكتب فانتفض الغبار من بينها، سعلت جودي باختناق فحدق بها ايان بقلق، اخبرته مسبقا بأنها تعاني من الربو، الا بأس حقا لو تنفست هذا الغبار؟
تنهد وراح يفتح النافذه الجانبية للعلية، فتسلل ضوء الصباح على الكتب، ثم اشار لها بعينيه ان تقترب،فوضعت كلتا يديها خلف ظهرها واقتربت، القت نظرة الى المنظر من النافذه بينما تسمعه يقول بصوت خافت (تنفسي بجانب النافذه)
اومأت برأسها ونظرت نحو السيدة ماري تنفض الكتب عن بعضها فقامت بتقليدها وانفضت الغبار عن كومة الكتاب التي بجانبها، مستمعه لهسهسة السيدة ماري وتذمرها من قذارة المكان (مقرف مقرف، كيف تقرأ الكتب هنا)
اجابها بتنهيده (تعلمين انني اقرأ فوق السقف)
-(اجل، ثم ترمي نفاياتك هنا)
اتسعت عينا جودي وخبئت وجهها خلف الكتاب (م..ماذا ان هاجمتنا الحشرات)ابتسم ساخرا وقال (حتى الحشرات تكره الاستيطان هنا، بالاضافه ان جميع المخلوقات في سبات شتوي، انه نوفمبر)
تنهدت براحه ثم عادت تقلد السيدة ماري في ترتيب الكتب، والتي قالت لايان باستدراك (ومالذي سنفعله بها؟ )
عبث بشعره وقال بتكاسل (سأعيدها الى ذلك العجوز، انها كتبه بعد كل شيء، لم يبيعها لي لقد اعارني اياها فقط)
اتسعت عيناها (الى هناك مباشرة؟ الى منزلك؟)
ازدرد ريقه واومأ بكسل فانتبهت جودي وقالت بعفوية (اتمتلك منزلا؟)طوى حاجبيه بشكل خفيف متأهبا لاجابتها فسمعا صوت ارتطام من جانب السيدة ماري لينتفضا نحوها بقلق، كان شيئا زجاجيا قد سقط من بين كومه الكتب لتتهشم اشلائه على الارض، وضعت السيدة ماري كفها المرتجف على فمها وايان استقرت عيناه على ذلك الشيء المتهشم بعينان فارغان، تسارعت انفاسها بهلع وتصبب العرق من جبينها لتقول بارتجاف (ا..اا اايان، انها..انها هذه الصورة، ل...لقد ..لقد تكسرت، مالذي افعله)
نظرت جودي الى كليهما بعدم فهم، كان قد اظهر تلك النظرة الفارغه واختفت تعابيره يحدق بأشلاء الزجاج وكأنه يعيد في ذاكرته كل شيء يتعلق بتلك الصورة، يعيد سرد الاحداث التي دفنت تحت الغبار وخبئها بين الكتب كي يتناسى امرها، وها هي امامه متناثرة الى اشلاء، لقد تناسى امرها حقا واصبح قادرا على الابتسامه شيئا فشيئا، ثم عود نفسه على السخرية من ندوبه كي لا يشعر بجديتها، ولكن دفنها لا يعني انها اختفت، انها متواجده كشوكه قد نبتت في صدره، اخراجها او دفنها اعمق لن يخفف ذلك الالم ابدا، تساقطت الدموع فجأه من عينا السيدة الماري وطأطأت رأسها نحو الصورة المتهشمه، ثم لمست بأصابعها واحده من اوصال الزجاج يبدو فيها محتوى تلك الصورة ملطخا بالغبار، لوجه امرأة تبدو بمنتصف العشرين، تبتسم ابتسامه مشرقه بعينان لامعان، تمتلك شعرا مجعدا ذو لون بني، وعينان مائلة للون الاصفر، اخفتها السيدة ماري في قبضتها بارتجاف
فاردفت جودي بصدمه (هل انتي بخير خالتي؟)
لم تجبها اخذت تشهق بطفولية فتقدم ايان بخطوات بطيئة ناظرا بلا تعابير نحو الصورة، فرفعت عيناها الدامعين نحوه بضعف وقالت باختناق (لم..لم اكن اعلم انها هنا، لماذا لم تخبرني)
لم يجبها جلس جلسة القرصاء بجانبها فاخذت تشعر بعضلاتها ترتخي من شدة الهلع، وجدته يبحث بعينيه عن القطعه التي تحتوي على ملامحها، ازدرد ريقه وقال بصوت مرتجف (لقد.. تكسرت حقا)
ارتجفت بانفعال وقالت وسط دموعها (انا اسفه، اسفه حقا، لم اكن اعلم)
قالتها فطوى حاجبيه باستنكار واغمض عينيه بقوة ثم وضع يديه على رأسه وكأنه يشعر بالصداع، اصبحت الارض تدور بصورة عكسية، انتبهت جودي لذلك فنهضت بعينان متسعان لا تعلم مالذي ستفعله في وضع متوتر كهذا، خصوصا وانها لا تعلم حقا ما يدور بينهما، ابتلع ريقه ونهض شاعرا بجسده يصبح اثقل، فقال لها مسكتا لتلك الشهقات المتكرره (توقفي عن البكاء؛ وقومي بتنظيف الفوضى)
أنت تقرأ
كابيلّا | Capella
Romanceولكنني كنت افكر في الاسباب التي جعلتك هكذا، في العواصف التي حدثت حول قلبك قبل ان تهب العاصفة الثلجية الاخيرة وتجمد كل شيء، كديسمبر، ينهي كل الفصول التي تسبقه في السنه بكتل من الثلوج .. (كابيلا هو نجم شتائي يبرق من الشرق في اوائل اكتوبر، كنت اشعر ان...