28.نقاط على الحروف

123 12 4
                                    

انسحبت نحو الخلف بخطوات متعثرة، كانت دموعها تأبى عن التساقط، فخبأت عيناها المحمرين في اكمامها لتشعر به امسك بها من الخلف، سحبها بقوة وجعلها تستدير ناحيته قائلا (لدي الكثير والكثير من الاسئلة، ولن تخطي خطوة اخرى بعيدا قبل ان تفسري كل شيء)
طوى حاجبيه عندما ردت بارتجاف(لماذا؟؟)
-(الرد على السؤال بسؤال يعقد الامور، سأسألك اكثر واكثر، لماذا تبكين؟)
شهقت بطفولية وامسكت بكفه الذي يستقر على كتفها (لماذا تهتم؛ هل ابدو مثيرة للشفقه؟)

ضيق عيناه بأستنكار ثم ضغط على كتفها، ودفعها بهدوء ليلصقها بالحائط (كرري ما قلته!)
ارتعبت عندما رأته ينحني حتى قيدها بيديه التي تضغطان على كتفيها، قالت ببكاء (لماذا تهتم؟ هل تشفق علي؟ كل ذلك الكلام الذي قلته لي، كل تلك المحاولات في ابهاجي، كانت في الواقع مجرد شفقة، لأنك تعتقد بأنني متضررة، وانفجر شعورك بالعطف بعد ان رأيت الندبة، كل شيء كان شفقه، لأنني قبيحه ومزر..)
توقفت عن الكلام عندما ارخى يده على كتفها، وطأطأ رأسه ليلمس جبهته بجبهتها، حتى بدأ يشعر بأنفاسها المرتجفه، ثم ابتسم قائلا (اكنتي تفكرين بهذه الطريقه طوال الوقت؟)

- (ك..كلا، كنت احاول ان اتجاهل افكاري، حتى انني استطعت ان اتصرف بطبيعيه وعفوية، ولكن لا اعلم، انا مشوشه.. اصبحت تتدفق الافكار السلبية الى رأسي فجأه)

قالتها فنظر الى عينيها المحمرين عن قرب، وشعرها الذي التصق بعضا منه على خديها الرطبتين المحمرتين، ان مشاعره بدأت تنمو لدرجة تدفعه للتمادي، فهمس بينما يتبادلان الانفاس (اهدأي وتحدثي شيئا فشيئا، سأستمع بروية)
خفضت نظرها وردت برجفه (مالذي سأتحدث عنه، لماذا تود الاستماع؟)
-(تحدثي عما تفكرين به الان، اعدك بأنني سأفهمه)
- (لا يمكنني فهم شيء، افكر بشكل مستمر بأن شيئا سيئا سيحدث ان اصبحت سعيده، اشعر بعدم الامان طوال الوقت..
اشعر برغبه في الاختفاء والتلاشي، منذ ان ولدت كنت اشعر بأنني ثقيلة على كاهل هذه الارض، وكأنني كنت خطيئة..)

اخذت تشهق باختناق، فازدرد ريقه بعينان فارغان، خطيئة! تلك الكلمه ليست غريبة على مسامعه، لربما قام بترديدها مرارا وتكرارا في طفولته (خطيئة؟)
-(ل.. لا اعلم مالذي اهذي به، ارجوك دعني اعود)
طأطأ رأسه بذبول وقال مخفيا تعابيره بابتسامه (وماذا ان كنا اخطاء؟، ان ولدنا عن طريق الخطأ، فسنرغم الارض ان تتسع لنا
على من يقع عاتق الخطيئة؟ اهو ذنبك؟)
تلكأت شفتيها ومررت عيناها على الارض غير قادرة على الاجابه فقال ساخرا (انه العالم، ولكنك تجبرين نفسك على تحمل مسؤولية خطأ ليس لك
العالم ملوث وبائس، تخيليه ككوب من الزيت ونحن قطرات من الماء قد تسربت اليه، سيرفضها كل شيء، كل ما كان الماء اكثر نقاوة كلما رفضه الزيت، سيصل الماء الى المرحلة التي يعتقد فيها بأنه خطيئة، لأن كل ما يحيطه مختلف عنه)
ابتسم جانبيا وهمس بضحكه (انني احاول جهدي ان لا احول حديثنا الى محاضرة فيزياء)

كابيلّا | Capellaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن