34.هدنة..

116 10 10
                                    

خرج واضعا كفيه في اعماق جيوبه باحثا عن الدفء في داخلهما، فقد اعتاد ان تكون اطرافه باردة في الشتاء، لطالما كانت سبب كرهه للشتاء، القى زفيرا مرتجفا فتصاعد البخار امام انفه المحمر، وضيق عينيه الخضراوين يتأمل المنازل البعيده ويحاول اني يحرر رأسه من افكاره
كانت السماء تفصح عن حلول الليل ودخولها في حقبتها المظلمه، فتمشى قليلا نحو الفناء الخلفي للمنزل كي يتأمل وردية الغروب، فتوهجت اشعتها من خلف السقف المتجمد وحبيبات الثلج ولمعت على عينيه، فابتسم بحسرة (ليتني ولدت في جانب اخر من هذا العالم، اسأتمكن من تأمل الشمس وانا مبتهج بصدق!)

ذبلت عيناه واكمل مسيره ببطء مستمعا لصوت خطواته الناعمه على الثلج، من الصعب ان يعتاد الاخرون على بهجتك وجنونك، من الصعب ان تستمر بأظهار الابتسامه البلهاء.. ان تتظاهر بالغباء وانت على علم تام بالأزمات التي تحيط بك.. الروح تستغيث من اجل هدنه اسقط فيها باكيا ومكتئبا، وشفتاي متكاسلتان من الابتسام..
عيناي تود ان تصالح قلبي اخيرا وتواسيه.. تعبر عن هويته وتسقي جفافه ببعض الدموع المتألمه.. ولكنها لا تمتلك الشجاعه لذلك
فقد تجرحه بذلك اكثر، قد تخدش ندباته بقطراتها المالحه..
لقد اعتاد البشر ان يروك سخيفا، فمن سيصدق بأنك تمتلك عالما من الحنين والمشاعر يخبو فيك؟
توقف عندما لمح ظلا على الجانب، فحدق بعينان ضيقان ليلاحظ شعرها المجعد الاسود ينسدل على خصرها، وترتدي عصبة لرفع الشعر عن عينيها و ثوبا عاديا خاصا بالمنزل، طاوية كلا ركبتيها وتنظر نحو سماء الغروب، فاتسعت عيناه باستغراب، تسارعت نبضاته بشكل خفيف ولكنه تجاهل ذلك
"اللعنه انه ليس الوقت المناسب للجدال مع هذه الطفله، لا اشعر برغبة في النطق بأي حرف"
تنهد وتقدم قاصدا احدى الصخور خلف منزلهم التي تواجه منظر الغروب بزاوية رائعه، فانتبهت لصوت خطواته والتفتت اليه
التقت عيناهما فلاحظ احمرار عيناها، رطوبة خديها وتورد وجنتيها وانفها، ارتجفت شفتها ثم مسحت انفها باستغراب متسائلة عما يفعله هنا، فتجاهلها عندما استنتج بأنها تذرف دموعها لوحدها هنا، عقد حاجبيه ولوى شفتيه مستفزا لها فبادلته ذلك بطفولية وسط دموعها، ابتسم ابتسامه ساخرة وجلس على الصخرة فشهقت شهقة خفيفه وقامت بمسح دموعها، ثم قالت بنبرة مرتجفه (م..مالذي تفعله هنا؟؟ الا تراني احظى بوقتا حزينا لوحدي؟ كان يجب ان تعود ادراجك)

تنهد بانزعاج وقال مكتفا يديه (انها ليست مشكلتي، لا ارغب في العوده، يمكنك اكمال بكائك لن انظر اليك)

قالت بانزعاج (وجودك هنا لوحده يعكر الاجواء، انت تجعل من الهواء خانق)
ابتسم هازئا وتجاهلها ناظرا نحو الغروب فأكملت شهقاتها بصمت، ثم اخرجت منديلا ومسحت انفها فأخرجت صوتا مضحكا، جعله ينظر اليها بضحكه خافته، فهمست بعيناها المتورمتان (اضحك على نفسك، اذهب الى الجحيم يا قطعة الطحالب)
امال رأسه بنفس التعبير واسنده على الحائط خلفه، يتأمل تورد ملامحها بسبب البكاء.. اهي بتلك الحساسية المفرطه..
قال بسخرية (من جعلك تبكين هذه المرة نودلز؟؟ انتي تسرفين الكثير من الدموع.. ايعقل بأن هناك شيئا اسوأ مني في حياتك؟)

كابيلّا | Capellaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن