كابيلّا | Capella

35.ديسمبر

في صباح اليوم الاخير من نوفمبر حيث بدأت الاضواء تزين القرية استعدادا لأستقبال الشهر الاخير من السنه، حيث اعتادوا على اقامة المهرجان في اليوم الاول، و في وسط الشهر، ثم يختتمون ذلك بمشاهد مبهجه للألعاب النارية في يوم الميلاد.. اليوم الاخير من ديسمبر الذي تنتهي فيه هذه البهجه وتأخذ موقعها في طابور الانتظار مرة اخرى حتى تنتهي السنة الجديدة، انها ليست كأي يوم يقام فيه الأفراح بشكل عابر، بل هو اليوم الذي لن يشعر فيه احد بالملل، والذي يعود لينتظرو مجيئه مرة اخرى، هناك مشاعر خاصه ودافئة تلطف ايامه، هذا ما كان الجميع يقوله، لذلك وبشكل مفاجئ اطلقو على ديسمبر لقب الشهر الاكثر دفئا في السنه..
ولكن هناك من لم يصلهم ذلك الدفء بعد

فتح ايان النافذه فتساقطت اكوام من الثلوج كانت قد تكتلت على حافاتها، فضيق عيناه والقى نظرة منزعجه الى الشارع المليء بالصخب واصوات الاطفال وهم يتراكضون هنا وهناك كي يتسابقو على طابور بيع الحلوى، وشراء الالعاب الجديدة، حيث قد افتتح البعض محلاتهم على طول الطريق..
الشيء الوحيد الذي يمقته ايان في هذه القرية هو ان منزله يقع هنا، المكان الاكثر صخبا في ديسمبر، حيث يقيمون كل سنه ذلك المهرجان الخاص بالمصابيح عندما تحط الساعه على الثانية صباحا..
تنهد وراح يصب القهوة مستمعا لضحكة السيد هولمز من خلف الهاتف، فقال بتنهيدة (الا يمكنك ان تقضي يومك بدوني ايها العجوز؟ لقد سئمت من اتصالك لي كل صباح وكأنني زوجتك)
قهقه هولمز بسخرية (هيا ايها الفض، تعلم انني اعاملك كحفيدي)
-(ايتوجب على الجد ان يتصل على حفيده كل صباح؟)
سعل هولمز بأحراج (احعهم.. كلا، ولكنني اشعر بالملل ولا احد يتحدث معي هنا، اجلس وحيدا امام عربة الكتب اتصرف وكأنني مشغولا بالقراءة، ولكنني مصاب بالملل حتى من القراءة)
ابتسم ايان بدفء وقام بخلط القهوة (اترغب في ان أزورك الليلة في المهرجان؟)
نظر هولمز بحزن الى الارض وبدأ يعبث بأوراق الكتاب الذي يقرأه (ومالذي ستفعله عدا ذلك، الديك خطط اخرى؟ اعتدنا ان نقضي هذا المهرجان البائس لوحدنا منذ ان قابلتك)
القى ايان نظرة الى الخارج يتأمل المحلات (اجل، ولكنني كنت اشعر بأن شيئا مختلفا سيحدث الليلة، كنت افكر في البقاء بمنزلي واحضى بنومة هنيئة حتى تنتهي هذه الفوضى)
-(لا زلت تكره ديسمبر الى هذه الدرجه، اكنت دوما انا السبب الذي يجعلك تخرج في المهرجان؟)
-(ربما هناك اسباب اخرى، ولكنني اوافق على شيئا واحدا، وهو انني انتظر هذا الشهر ان ينتهي على احر من الجمر)
لم يصله ردا من هولمز كان يتأمل حبيبات الثلج تتلاشى تحت قدمه، فأكمل ايان بعد ان احتسى رشفه من القهوة (هناك شخصا ارغب في مقابلته هناك، ان استطعت ذلك فسيغير ذلك نظرتي عن ديسمبر، هناك نسبة متساويه لكوني سأحب هذا الشهر، او سأكرهه بشكل اكبر، سأزورك بعد ذلك لأخبرك بما اكتشفته)
ابتسم هولمز بدفء (سأنتظر ذلك)
اغلق الهاتف بضحكه بعدما قال (اراك عند المساء اذن يا حفيدي الفظ)
بادله ايان ذلك واخذ ينظر بسرحان الى سماعة الهاتف، فتعالت اصوات الغناء من جانب النافذه لبعض الاطفال يؤدون تهويدة يوم الميلاد، فأغمض عينيه بأنزعاح واغلق النافذه، لتنخفض تلك الاصوات حتى كادت تتلاشى، ذبلت عيناه شاعرا بالاختناق يعتلي صدره