44.جنون مؤلم

130 11 6
                                    

رمت ماري نفسها على الاريكه بأنزعاج ثم اخذت تدلك جبهتها كي تخفف من شدة الصداع، وارثر دخل خلفها واضعا كلتا يديه في جيبه يحدق في المنزل والى شدة نظافته، فقال بسخرية (تبدين من النوع الذي له استعدادا ان يقتل احدى اولاده ان قام بالعبث بأحدى هذه الاثاث)
ردت بتنهيدة (اخرس)
دخل مارتن ايضا خلفه وخلع حذائه وهو يهسهس في نفسه (لا يبدو ان ابي متواجد، هل اخبرك بأنه ذاهب الى مكان ما؟)
وصل ارثر الى جانب الاريكه وابتسامه جانبية على شفته عندما ردت (كلا، من يدري لربما حصل شيئا طارئا، لم اعد اهتم، انه لا يخبرني بشيء، المهم انني سأجلس هنا ولن يغفو لي جفنا قبل ان يصل ذلك الاحمق الكبير الى المنزل، اقسم انني سأجعل منه يبكي)

ضحك ارثر بخفوت واسند نفسه على مسند الاريكه قائلا (هييه!! لدي الفرصه في الاستحواذ على منزل البرت، انه رجل يعشق المال وستكون ضربة كبرى على رأسه ان..)
القى نظرة بطرف عينيه الى ماري التي طوت حاجبيهه وحدقت به باستغراب (ان اخبرت زوجته ببعض افعاله السافله التي شهدتها في مقر عمله مثلا)
-(وكيف وصلت الى هناك؟)
رفع كتفيه بلا مبالاة وقال باستهزاء (قادتني قدماي الى هناك باحثا عن رأس مال بشكل مؤقت كي اسكن هنا، ولكنني صادفت وجها اعرفه الا وهو وجهه، استطعت بمهارتي ان اخدعه خدعه حمقاء لن يكتشفها؛ باستثناء ان اخبرتيه الان بأنني اخدعه)

قالها وضحك بخفوت فأستطاع ان يجذب تركيز ماري، ومارتن دخل الى غرفته محاولا اخفاء انزعاجه من جوش، فردت رافعه حاجبيها (ولماذا تود السكون هنا؟ انني اتسائل عن هدفك الاساسي منذ البداية، اليس لديك اولاد؟؟ وكيف استطعت خداع زوجي، انا لست قلقه لأنني اعلم بأن لا احد يستطيع خداعه)
قال ساخرا (صحيح صحيح، انه الادهى في العالم يا سيدة ماري، انا لا اطلب منك ان تغيري نظرتك وتنكري مثاليته، انه رجل فاضل كورقة بيضاء)

امسكته الضحكه قليلا فأخفاها بالجلوس على الاريكه بجانب ماري التي بدأ القلق يتسلل الى ملامحها، فبادلها ذلك بنظرات تحمل في داخلها شرا كامنا، ثم القى بظهره على مسند الاريكه وقال وهو يحدق في وسط عينيها (لا بد انك على علم تام بما يحدث خلف ظهرك، ولكنك ترفضينه لأنك امرأة جبانه، كمن يقف خلف باب لغرفة يعلم بأنه سيرى في داخلها جثثا مقطعه، فيكتفي بالوقوف امامها من دون ان يتحرك ساكنا)
ضيقت عينيها (م..مالذي تقصده؟)

-(لا شيء لا شيء، ههه لا تسيئي ظني، انني اتجنب الحديث في هذه الامور ولكن نظراتك المليئة بالثقه تدفعني لذلك، انها تمنحني شعورا بأنني ارغب في تحطيمها بلكمة من الواقع المر الذي سيجعلها تفيض باكية)

اخذت تشابك اصابعها بقلق ثم ردت برجفه (يالك من شخص سيء، توقف عن ذلك، تواجدك هنا فقط كي تبقى صامتا ولا تفتعل المشاكل؛ انني لا اقوى على رؤية ايان مهزوزا مرة اخرى بسببك)

اخذت ابتسامته الساخرة تتلاشى ولكنه قاوم شعوره المضطرب، فأصر على اظهار تعابيره المعتادة التي تبعث الغضب في قلب من ينظر اليه، امال رأسه نحوها وهمس (ومالذي ستفعلينه ان لم اجلس صامتا؟؟ انا في منزلك لوحدي، انتي كغزال ضعيف يحاول احتجاز اسدا كاسر في غرفة مفتوحه، ولكن الا تدركين بأنك الضحية هنا؟)
تقلصت عضلاتها فتراجع جسدها قليلا نحو الخلف (م...م..مالذي تقصده)
اتسعت ابتسامته الشريرة فمرر كفه واسنده على جانبها كي يحتجزها ويبث الرعب فيها بنظرته، جعلها تتشنج في مكانها بوجه شاحب شاعره به يقترب اكثر، حتى دفنا فخذيها تحته، فغطت وجهها بكفيها وهمست برجفه (م.م..ممالذي تفعله بحق السماء يا ارثر، هل انت بكامل رشدك)
حدق بها ترتجف بأنفعال فكاد ان ينفجر ضاحكا لولا ان رغبة عارمه سرت في جسده كي يكمل سخريته منها، فأخفى ضحكته وقال متظاهرا بانه يهمس (امم، انني اخبرك يا سيدة ماري بأنني صاحب الافضلية هنا، وأن تظاهرك بالقوة لا معنى له في وضع كهذا، اعني خذيها بالعقل يا امرأة، زوجك غير متواجد في المنزل، والرجل الوحيد المتواجد بأمكاني ان اقطع انفاسه بأصبعين احيطهما بعنقه، كان يجب ان تفكري ما ان كان من الحكمه اصطحاب مجرما معك الى منزلك في وقت متأخر من الليل)
-(لم..لم افهم حتى الان ماتنوي فعله، مالذي تريده؟)
-(دعيني القي نظرة لرغباتي الداخلية)
همس بذلك بضحكه مكبوته، فاتسعت عينيها والقت نظرة اليه من بين اصابعها، فأنفجر ضاحكا وانتفض نحو الخلف وهو يقهقه (هههه.. لا اصدقك، انتي خائفه كأنك في اختبار رياضيات لم تحضري له، انظري الى جسدك يرتجف، قال امرأة قوية قال، اتضح ان بأمكاني هزيمتك ببعض الهمسات الشريره فقط)
لوت شفتيها بانزعاج ثم تنهدت عندما شعرت بنفسها تتحرر من تلك الوضعيه المحرجه، ياله من رجل مجنون لا يمتلك حدودا
فأدمعت عينيهت من شدة شعورها بالاحراج وانتشلت احدى وسادات الاريكه ورمتها عليه، فألتقطها بسرعه وهو يقهقه قهقهات خفيفه (اذهب الى الجحيم، انت مجنون كاللعنه)
وضع الوسادة بجانبه وقال بنفس النبرة الساخرة (اجل اعلم، وياويلك من مجنون لا يمتلك سيجارة يلهي بها نفسه، انها تلهيني عن نفسي وكلامي الداخلي ورغباتي، حتى تلهي معدتي عن الطعام، ولكن لقد نفذت مني العلبة الاخيرة لسوء الحظ، فكي الهي فمي هناك ثلاثة اشياء تملأني بالسعادة كبديل عنها، الثرثرة وازعاج الاخرين، ان اتناول كميات لا نهائية من الطعام وهذا غير متوفر لأن حضرتك لا تمنحينني حتى حبة ارز واحده، والخيار الاخير هو التقبيل)
قالها ونظر نحوها ببرودة وهو يرمي بنفسه على الوسادة الجانبية، فبادلته النظر بصدمه، ليبتسم ابتسامه جانبية ويهمس وهو يزيح رباط قميصه عن ياقته (لم احصل على قبلة من زوجتي منذ ان انجبت ابنتي)
استرسل وهو يضحك (انا رجل لم يحصل على الحب من زوجته منذ عشرون سنه)

كابيلّا | Capellaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن