كابيلّا | Capella

29.مراحل الحب الاربعة

على صوت زقزقة العصافير في الحديقه الخلفيه حيث تتسلل اصواتها المبهجة من بين ستائر نافذة المطبخ، برفقة ضوء الشمس الذي ينعكس على كفه وهو يخلط حبيبات القهوة في الكوب، ويمسك بكفه الاخر كتابا وابتسامه خفيفة على شفتيه، يتمعن بالسطور بهدوء..
ويسكب الماء الساخن في كوبي القهوة، جاء من خلف المطبخ صوت هولمز حيث كان جالسا على الاريكه ويقرأ هو الاخر كتابا (هل انتهيت يا ايان؟ مالذي تفعله هناك اتحاول فهم نظرية الكم)

ضحك بخفوت وحمل الصحن الذي يحتوي الكوبين وقال (اصبر قليلا ايها العجوز، انني احاول ان احفظ هذه الاسماء)
تقدم نحوه ووجه له كوب القهوة، فارتخت ملامحه البشوشه وقال (لا اصدقك، الان اعتقد بأنني لم يكن علي القدوم، انت بخير بدوني مع الكتب)
وضع ايان كوبه على الطاولة وجلس على الاريكه واضعا قدما فوق الاخرى، ثم قال ساخرا (لم اتوقع ان تأتي على اية حال، كنت مستعدا ان اقضي ليلتي لوحدي في المنزل)
احتسى هولمز رشفة من القهوة (الا تخاف؟)
-(مالذي سأخافه؟)
ضحك هولمز بسخرية (ههه من ما لا تؤمن به، من انك لست وحدك اساسا هنا)
-(انا بخير، انت تبالغ في القلق علي ايها العجوز الخرف)
-(لا زلت تتحدث معي بوقاحه، كنت احتملك دوما لانني اعتقدت بأنك ستغير طريقتك في الحوار عندما تنضج)

ابتسم ايان جانبيا وحمل كوب القهوة ليرتشف قليلا منه، ثم قال ساخرا (انها طريقتي في التعبير عن الحب)

ابعد هولمز نظره عنه بانزعاج وقال محاولا ان يتلقى اهتمامه (هيه، لا زلت متعجرفا كما عهدتك، اتسائل من سيحتملك بعدما اموت انا، ستبقى وحيدا هنا بين الكتب)
لم ينتبه له ايان فعقد حاحبيه بانزعاج، كان منغمسا بقراءة الكتاب، ثم ظهرت ابتسامه خفيفة على شفتيه فضيق هولمز عينيه بشك وقال مستدركا (اوه؟؟ لم ارك تبتسم منذ عهد، مالذي اثار اهتمامك فجأه؟)

اجابه بضحكه ساخرة (لا اعلم، انني احاول فهم ميكانيكية عمل المشاعر، لكنها معقده)

رفع احدى حاجبيه (مشاعر؟ هل اصابك العشق اخيرا)
رفع كتفيه بابتسامه ساخره (العشق تعبيرا مغلوطا ايضا، ماهو العشق اساسا؟ ايعني انني سأتشبث بشخص واجعل منه محورا لسعادتي؟ لا اظن انني شخص يصلح لشعور كهذا، انني انظر اليك دوما، واجد نفسي عاجزا عن فهمك)

ضيق هولمز عيناه، وضع كوب القهوة على الطاولة، كان يود ولو يشرح له الاسباب التي القت به في هاوية من التفكير المنطقي، في حفرة باردة لا تتسلل اليها نسمات الحب الدافئة، لقد اعتاد ان يتلقى الرفض من الاشخاص الذين من المفترض ان يزرعون في داخله الحب، لذلك اصبح مفهوما غامضا له، اعتاد ان يرمي بنفسه جانبا في غضون الاحاديث الدافئة، ويرفض ان يتلقى الحنان من الاخرين.. خُلِق الحب ليكون الشي الاكثر سهولة في منحه وتلقيه، ولكن يبدو اننا كبرنا لنعتقد بأنه الاكثر صعوبه

ازدرد هولمز ريقه وقال (انني لا اوافق..)
نظر اليه ايان بتساؤل فقال هولمز بابتسامه دافئة (ظننت دوما بأنك من بين اكثر الاشخاص المناسبين للحب، لانك ستجعل منه متزنا جدا، هناك من يسقط في العشق ويتحول الى مهووس، وهناك من يفسده بوسائل اخرى، ولكنك مميز حقا يا بني، انت تجعل من مشاعرك تسير على ايقاعات متزنه وهادئة)