الفصل العاشر

347 5 2
                                    

كانت تضع كتبها امامها والتي عليها مذاكرتها فقد اقترب موعد الاختبارات جدا وعليها ان تكون على اتم الاستعداد لها ، وبما ان الوقت الآن استراحة من المحاضرات وجميع الطلاب قد خرجوا من بناء الكلية ليتجهوا للأماكن والتي يتوفر بها الطعام الدسم والاطلالة الجميلة بهذا الجو المشمس جزئياً مع رياح خريفية لطيفة ، بينما هي ستستغل هذا الوقت لصالحها لتذاكر به دروسها الفائتة بقاعة المحاضرات الفارغة وبهدوء تام بدون اي إزعاج .

عقدت حاجبيها بريبة وهي ترفع نظراتها لمصدر الصوت بحيرة وهي تنظر لورقة مجعدة ملقاة فوق سطح المكتب الخاص بالأستاذ بعد ان ألقى بها صاحبها عند باب القاعة وهرب ، وهي ما تزال تستمع لأصوات خطواته المبتعدة بقرب القاعة المتواجدة بها .

تأففت (غزل) بنفاذ صبر وهي تتحامل على نفسها لتنهض عن مقعدها وتتجه لطاولة المكتب والتي تحتل رأس القاعة ، وما ان وقفت امامها حتى تلفتت من حولها بريبة وهي تشك بزملائها السمجين بهذه الفعلة فهذا ليس بعيدا عنهم ، لتمسك بعدها بالورقة المجعدة وهي تفكر بألقائها بعيدا لتتوقف بآخر لحظة وهي تشعر بالفضول والذي يدفعها لمعرفة مضمون الورقة مجهولة الهوية .

اتسعت عينيها العسليتين باخضرار بوجل ما ان فتحت الورقة وهي تنظر لمضمون الرسالة والذي بعث رعشة طفيفة محببة بأنحاء جسدها بانتفاض
(اريد رؤيتكِ الآن وبهذه اللحظة بالذات لأتكلم معكِ ، لقائنا سيكون بمختبر العلوم بنهاية الرواق ، لا تتأخري عليّ ، المرسل عصام شرفات)
قبضت على الرسالة بقوة بين يديها وهي تخفضها للأسفل بوجوم شاردة بالبعيد وكأنها قد انتقلت لعالم آخر للتو ، لتبتلع بعدها ريقها بارتباك متشنج وقلبها يضرب بصدرها بقوة طلبا للرحمة ما ان اجتاحت رأسها تلك الذكريات المؤلمة والتي لم تبارح ذهنها يوما ، وكأنها تصر على اعادتها لتلك النقطة المشرقة بحياتها قبل ان تختفي وتداس عليها بالأقدام بقسوة بالغة بدون التفكير بصاحبتها والتي فقدت كل الأمل بالسعادة بحياتها والذي كان يكمل نقصها يوما .
زمت شفتيها وهي تشدد من القبض على الورقة فقد تكون هذه الرسالة مجرد خدعة دنيئة من احدهم ليتسلى بها لا اكثر وليست منه شخصياً ، وكيف ستكون منه وهو الآن مخطوب من تلك الفتاة المناسبة لفصيلته وطبقته كما كانوا يقول الجميع ؟ ولكن ماذا إذا كانت حقا منه شخصياً ويريد التكلم معها بجدية على انفراد بعيدا عن خطيبته ؟ هكذا ستكون قد اضاعت منها فرصة ذهبية من بين يديها لتعيد ذلك الأمل الميت للحياة مجددا والذي كان يملئه بعالمها ، فهل ستتجرأ على تجاهل مثل هذه الفرصة والتي اتت عندها على قدميها ولو كانت متأخرة ؟

تنفست بهدوء وهي تحاول ضبط اعصابها ومشاعرها المتخبطة برأسها بتشوش ، لتدس بعدها الورقة بجيب بنطالها وهي تقرر بأنها ستذهب للقائه وتستمع لما يريده منها فقط وبعدها تعود لمذاكرتها .

خرجت (غزل) بسرعة من قاعة المحاضرات وهي تسير بتمايل مرتجف باتجاه مكان المختبر ومكان لقائهما ، ولم تنتبه للخطوات الملاحقة لها بترقب خبيث خطوة بخطوة متضامنا مع خطواتها بدون ان ترهف السمع لأصوات اقدامهما بسبب شرودها بعيدا عن كل من حولها .

بحر من دموع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن