كانت تضم قبضتها بتصلب وهي تريح ذقنها المشدودة فوقها بدون اي تعبير منحوت بملامحها الحجرية...وعينيها فقط تلوج بكل انواع المشاعر المتداخلة ببقعة بحار هائجة بدون ان تحدد مسار مركبها وهي تتقلب فقط بين نقاط عدة من خوف ورهبة من الماضي المكلل من حولها وانشداه وترقب شديد من القادم امامها....بينما عقلها يرتب افكاره بتسلسل منطقي وكأنه يدرس كل الكائنات والوجوه المحيطة به بدون توقف وكل جزء بها متأهب بانتفاض غريزي اكثر من اي مرة وكأنها على وشك الانقضاض على احدهم...ومن يلومها وهي التي عاشت بمجتمع ذكوري مريض هي فريسته تستعد فقط للانقضاض على كل من يتجرأ بنهش لحمها بمسابقة بينهما حتى اعتادت على الأمر وتأقلمت بوضع وصم بجسدها بردة فعل محددة يصدرها عقلها لباقي جسدها مثل تحذير بوشك اقتراب الخطر !
تنهدت بنفس اطول وهي تشعر باقتراب نفاذ صبرها على وشك الانهيار امام كل هذا الكم الهائل من الفوضى والضوضاء من حولها والتي لم تعد تحتمل بالنسبة لها ، ولولا وقوف (روميساء) بجانبها على المنصة تستقبل كل الضيوف الراغبين بالتعرف على العروس والمباركة لها بدون ان تتعرف على اي احد منهم لما استطاعت التصرف معهم كما تفعل شقيقتها وهي تأخذ مكانها باستلام المباركات والتهليلات بأدب ولباقة لطالما اتصفت بهما بحياتها مهما كانت حالة الظروف المحيطة بها...
رفعت وجهها بعيدا كما جسدها المتصلب بتأهب وهي تمسد على ذراعها بشعور منتفض ما ان لمحت كالعادة مجموعة من الرجال يملكون نفس صفات (مازن) والذي لا تعلم ما حاله الآن ؟ وهل سيستمر بغيبوبته حتى تنتهي الحفلة بدون اي مشاكل ؟
عضت على طرف شفتيها بارتعاش ما ان شعرت بيد وهي تربت على كتفها بحنان هامسة بهدوء
"هل انتِ بخير يا ماسة ؟ تبدين متعبة !"زفرت انفاسها من بين شفتيها المتصلبتين لوهلة وهي تخفف من ارتعاشها هامسة بوجوم باهت
"متى سينتهي كل هذا ؟ لقد تعبت حقا"مسدت على كتفها بهدوء بدون ان تفقد ابتسامتها الجميلة امام الناس وهي تهمس برفق
"لا تقلقي سينتهي عندما تتوقفين عن الشعور به ، فهذه حفلتك بالنهاية وعليكِ اظهار ولو بعض السعادة والتفاؤل بها ! ربما عندها تنسين التعب والوقت الطويل والذي سيمضي سريعا عندما لا تعطينه اهتماما"ارتفع حاجبيها بجمود مع ابتسامتها الساخرة وهي تكتف ذراعيها بلحظة هامسة بخفوت بارد
"شكرا على النصيحة القيمة ، لو كنتِ تهتمين لأمري ولو قليلا لما دفعتني للوصول إلى هنا وحضور هذه الحفلة التافهة بصفة عروس !"تنهدت بيأس وهي تبعد يدها بسكون وعينيها الخضراوين تتابع الضيوف الجدد المقتربين نحوهما وهي تهمس لها بصرامتها الهادئة مغلفة بالرقة
"هذه اسخف كذبة اسمعها بحياتي ! وانتِ تكررينها دائما بالرغم من انكِ انتِ التي اوصلتِ نفسكِ لكل هذا بدون ان يجبرك احد او يدفعك على شيء ؟ لذا ابحثي عن كذبة اخرى تقنعيني بها ويصدقها عقل !"
![](https://img.wattpad.com/cover/325623326-288-k203063.jpg)
أنت تقرأ
بحر من دموع
General Fiction"كل من ينظر إلى عينيها يلمح الجمود والقوة بهما لتضلله بنظراتها الثابتة وهي تنظر لكل من حولها بعدم مبالاة متعمدة لتدوس على كل ما يطأ قدميها بعنف قاسي مبالغ به ليتحول لرماد من تحت ضغط قدميها ، بينما هو من بين الجميع استطاع ان يلمح دموع متدفقة بعينيها...