عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك" - رواه مسلم
--
المفردات:
قوله: (من زوال نعمتك): النعمة: كل ملائم تحمد عاقبته، أي النعم الظاهرة والباطنة؛ لأنه مفرد مضاف يفيد العموم.
قوله: (تحوّل عافيتك): أي تبدل العافية بضدها من عافية إلى مرض وبلاء, والفرق بين الزوال والتحوّل, أن الزوال: ذهاب الشيء من غير بدل.
والتحوّل: إبدال الشيء بالشيء كإبدال الصحة بالمرض، والغنى بالفقر.
قوله: (فجاءة نقمتك): الفجأة: البغتة، والنقمة: العقوبة([2]).
(وجميع سخطك): السخط: الكراهية للشيء، وعدم الرضا به([3])، وهي صفة من صفات اللَّه الفعلية العظيمة التي تليق به جلّ وعلا، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾([4]).
--
الشرح :
((ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﻋﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺯﻭﺍﻝ ﻧﻌﻤﺘﻚ، ﻭﺗﺤﻮﻝ ﻋﺎﻓﻴﺘﻚ، ﻭﻓﺠﺎﺀﺓ ﻧﻘﻤﺘﻚ، ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺳﺨﻄﻚ))، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﻧﻌﻤﺔ الإﺳﻼﻡ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺸﻤﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﺍﻟﺘﻲ يُنعِم ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ، ﻓﻴﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺃﻥ ﻳﺰﻳﺪﻩ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺃﻥ ﻳﻤﺪﻩ ﻣﻨﻬﺎ؛ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﻋﺰ ﻭﺟﻞ -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]، وﺍﻟﺸﻜﺮ ﻟﻠﻨﻌﻢ ﻳﺰﻳﺪﻫﺎ، ﻭﺃﻋﻈﻢ النعم نعمة الإسلام؛ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﺸﺮﻉ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﺃﻥ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺃﻥ ﻳﺜﺒﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺃﻥ ﻳﺰﻳﺪﻩ ﻣﻨﻪ، ﺑﺄﻥ ﻳﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﻥ ﻳﺸﻜﺮﻩ، ﻭﺃﻥ يثني ﻋﻠﻴﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ.
قوله: (وتحول عافيتك): ﺃﻥ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﺣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻝ، اي أعوذ بك يا اللَّه من تبدّل العافية التي أعطيتني إياها، وهي السلامة من الأسقام والبلاء والمصائب، إلى الأمراض والبلاء، فتضمّنت أيضاً هذه الاستعاذة سؤال اللَّه دوام العافية وثباتها، والاستعاذة به عز وجل من تحوّل العافية؛ لأن بزوالها تسوء عيشة العبد، فلا يستطيع القيام بأمور دنياه ودينه، وما قد يصاحبه من التسخط وعدم الرضا وغير ذلك
((وفُجاءة ﻧﻘﻤﺘﻚ)): أي أعوذ بك من العقوبة دون توقع وتحسب، ﻓﺠﺄﺓ ﺍﻟﻨﻘﻤﺔ ﺃﻭ ﻓﺠﺎﺀﺓ ﺍﻟﻨﻘﻤﺔ ﻣﻦ ﺑﻼﺀ ﺃﻭ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﺠﺄﺓ ﺑﺨﻼﻑ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺳﺒﻘﻪ ﺷﻲﺀ ﺑﺄﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﺠﺄﺓ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺧﻒ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ سببًا ﻓﻲ ﺗﻮﺑﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﺭﺟﻮﻋﻪ، ﻭﺍﻟﻔﺠﺄﺓ ﺃﻭ ﻓﺠﺎﺀﺓ ﺍﻟﻨﻘﻤﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻘﻤﺔ، ﻭﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ (ﻣﻮﺕ ﺍﻟﻔﺠﺄﺓ)؛ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﺇﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻜﺮﻩ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﻔﺠﺄﺓ ﻓﻴﻪ، ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﺮﻫﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻧﻘﻤﺔ.
((وﺟﻤﻴﻊ ﺳﺨﻄﻚ)) ﻭﻫﺬﺍ أيضًا ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﺪﻋﻮﺍﺕ، ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻌﻴﺬ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺳﺨﻄﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺳﺨﻄﻪ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﺎ ﺣﺮﻡ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ الأﻟﻔﺎﻅ ﻭالأﺧﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺭﺿﺎﻩ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ الأﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ.
ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺃﻥ ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺇﺭﺿﺎﺋﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻭﻟﻮ ﺃﺳﺨﻂ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ: ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺨﻂ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ.
ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﻃﺮﻕ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺃﻧﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻗﺎﻝ: ((ﻣﻦ ﺃﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺴﺨﻂ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺃﺭﺿﻰ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻣﻦ ﺃﺭﺿﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺴﺨﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺨﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺃﺳﺨﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ))، والله أعلم.
___
[ﻣﻦ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﺤﺴﻦ ﺍﻟﺰﺍﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻠﻮﻍ ﺍﻟﻤﺮﺍﻡ]
رابط الموضوعات : https://www.alukah.net/library/0/50713/%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D9%85-%D8%A5%D9%86%D9%8A-%D8%A3%D8%B9%D9%88%D8%B0-%D8%A8%D9%83-%D9%85%D9%86-%D8%B2%D9%88%D8%A7%D9%84-%D9%86%D8%B9%D9%85%D8%AA%D9%83-.../#ixzz7uvAy3zaN
https://kalemtayeb.com/safahat/item/3100

أنت تقرأ
أبيض و أسود - [ معلومات مهمة ]
Non-Fiction# هذا الكتاب غير روائي [ أبيض وأسود ] كلنا عندنا مجموعة من المعلومات الغلط و الصح في حياتنا ويمكن بيختلطوا مع بعض أحياناً، و غالباً بنشبه الصح «بالأبيض» و الغلط «بالأسود» و قد تكون كمان معلومات مجهوله في ديننا فـ انا في المجلد ده هحاول إني احط الم...