١٣٣ | المختصرات - كتاب الصيام (٢)

6 1 0
                                    

فَصْلٌ [الْمُفَطِّرَاتُ]
الجزء الأول

أولا : حكم صيام المريض

قوله : (وَسُنَّ الْفِطْرُ لِمَرِيضِ يَشْقُ عَلَيْهِ، وَمُسَافِرٍ يَقْصُرُ).

يسُن الفطر للصائم إذا كان مريضًا مرضًا يشق عليه معه الصيام لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} - [البقرة: ٤]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته"

فإن كان الصيام يضره، وجب عليه الفطر، كمن يخشى على نفسه الهلاك إن صام. أما إن كان المرض خفيفًا لا يشق عليه معه الصيام كوجع السن والزكام الخفيف، لم يرخص له في الفطر.

ثانياً : حكم صيام المسافر
سسن الفطر كذلك للمسافر سفرًا تقصر فيه الصلاة للأدلة السابقة، ويجب عليه الفطر إن لحقت به مشقة يخشى على نفسه الهلاك معها إن لم يفطر لقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} - [النساء: ٢٩]

ثالثاً : حكم صيام الحامل والمرضع

قوله : (وَإِنْ أَفَطَرَتْ حَامِلٌ، أَوْ مُرْضِعٌ : خَوْفًا عَلَى أَنفُسِهِمَا: قَضَتَا فقط، أَوْ عَلَى وَلَدَيْهِمَا مَعَ الْإِطْعَامِ مِمَّنْ يَمُونُ الْوَلَدَ) يشرع للحامل والمرضع أن تفطرا إذا خافتا الضرر على أنفسهما، أو على ولديهما، ويقضيان مكان ما أفطراه من الأيام؛ لأنهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه

وسبق دليل مشروعية الفطر للمريض وبيان مراتبه. فإن كان الفطر بسبب الخوف على ولديهما وجب على من تلزمه نفقة الولد أن يطعم عن كل يوم مسكينا، وذلك لحديث ابن عباس موقوفا عليه والحبلى والمرضع إذا خافتا - قال أبو داود يعنى على أولادهما - أفطرتا وأطعمتا.

رابعاً : احكام زوال العقل في الصيام
قوله : (وَمَنْ أُعْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ جُنَّ جَمِيعَ النَّهَارِ: لَمْ يَصِحَ صَوْمُهُ. وَيَقْضِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ)

بين المؤلف بعض أحكام زوال العقل في الصيام، وهي أربعة حالات :

١-من زال إدراكه بنوم جميع النهار وكان قد نوى الصوم قبل الفجر صح صيامه؛ لأن النوم لا يزيل الإحساس بالكلية فإن النائم إذا نبه انتبه، وقد نوى الصوم ولم يزل تكليفه، ولا موجب لإبطال صومه.

٢- من فقد عقله بإغماء أو جنون بعض النهار وقد نوى الصيام قبل الفجر، صح صومه؛ لأنه أدرك جزءا من النهار صائما بنية.

٣- من فقد عقله بإغماء جميع النهار لم يصح صومه، ووجب عليه القضاء؛ لأن الإغماء غالبا عارض ولا يطول، ولا تثبت الولاية على صاحبه، ولا يزول تكليفه.

٤- من فقد عقله بجنون، لم يصح صومه ولم يجب عليه القضاء؛ لأنه ليس أهلا للتكليف

خامساً : حكم النية في الصيام

قوله : (وَلَا يَصِحُ صَوْمُ فَرْضِ إِلَّا بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِجُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَيَصحُ نَفْلٌ مِمَّنْ لَمْ يَفْعَلُ مُفْسِدًا، بِنِيَّةٍ، نَهَارًا مُطلَقًا).

النية ركن في الصيام، فمن لم ينو، لم يصح صومه فرضا كان او نفلا، لقول النبي : "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوی"

ويجب على المسلم أن يعقد نية صوم الفريضة قبل الفجر؛ لقول النبي : من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له ، وفي رواية: (لا صيام لمن لم يفرضه من الليل). وأما النافلة فيجزئ فيها أن ينوي من النهار إذا لم يفطر بأكل أو شرب أو نحوه من المفطرات.

مثاله: رجل أصبح فوجد في نفسه قوة على الصيام، ولم يكن ارتكب شيئًا من مفسدات الصيام، فنوى الصوم سائر اليوم، فالحكم صحة صوم هذا الرجل، ويؤجر على صيامه من حين نيته؛ لقول النبي : "وإنما لكل امرئ ما نوى "

والدليل على عدم وجوب نية النافلة من الليل حديث عائشة الله قالت: " دخل علي النبي الذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ قلنا: لا، قال: فإني إذا صائم"، ووجه الدلالة من الحديث: أن النبي سأل عن الطعام وذلك يشير إلى عدم نيته الصوم، فلما لم يجد ما يأكله نوى الصوم بقوله: «فإني إذا صائم»

أبيض و أسود - [ معلومات مهمة ] حيث تعيش القصص. اكتشف الآن