•(حلقة خاصة 1).
•(حـارة القناص).
•(ذُريـة صالحـة).باتَ الفؤاد بين أضلُعي مُتيمٌ،
فقد وقع بالعشقِ بعد أن هام.جلس "قاسـم" أمام أبنائه الستة وكُل واحدٍ منهم يحمل بين يديه مُصحفًا ومُرتصين حوله على شكل دائرة هو مركزها، وإن تسائلتم عن السببِ، فسأخبركم بأن أبنائه الستة أقدموا على حفظ الجزء الأول من القرآن الكريم، وهو الآن مُنشغل في الاستماع إلى حفظهم وتأكده بنفسه!
كانت فرحته عارمة وفؤاده يتضخم ويطرق من السعادة، لقد حاول بقدر الإمكان أن يزرع بداخلهم حب الدين والقرآن الكريم، أخبرهم بأن المهرب والملاذ الوحيد من العالم هو خالقهم، زرعته الصالحة قد نمت وحصدت بعد جهدٍ وعناءٍ كبير، وها قد نال مطلبه.
حاول السيطرة على الغصة التي تشكلت داخل حلقه عندما أتم مهمته، لقد حفظوه بالفعل كما توقع! كانت طفلته "حوراء" هي آخر مَن قامت بالتسميع، وبسعادة بالغة سألته بحماس:
_سمَّعت حلـو يا بابا؟!!ابتلع ريقه بصعوبة ثم ابتسم لها بحبٍ قبل أن يجذبها لأحضانه ويُقبِّل جانب وجهها بقوة، وبتأثر شديد أجابها:
_فخور بيكِ أوي يا روح بابا.اتسعت ابتسامة "حوراء" بقوة، فرفعت ذراعيها وأحاطت بعنقه ثم ضمته هي الأخرى قائلة:
_بحبك أوي يا "قاسومتي".ضحك "قاسم" بخفة وهو يُبعدها، ثم تحدث بنبرة مُشاكسة:
_أمك لو سمعتك هتبيتنا برا أنا وأنتِ.ردت عليه بعنادٍ مُشابه لعناد والدتها:
_ومالو ميضرش، وبعدين أنت أبويا أنا وهي مراتك بس.قهقه "قاسم" بصخبٍ أثناء إبعاده لها عن أحضانه، ثم اعتدل في جلسته ومد يده للإمساك بمحفظته الجلدية السوداء، وبعدها أخرج ورقة بفئة المئتي جُنيهًا وأعطاها لصغيرته بعد أن قبَّل جبينها مرة أخرى بحب وتشدق:
_وعدتكم إن لو كل واحد فيكم حفظ جزء كامل من القرآن هكافئه بـ 200 جنيه، وأنا بوفي بوعدي.اتسعت ابتسامة "حوراء" بسعادة ثم انتشلت من النقود صارخة بحماس:
_اللـه كدا هغيظ "آلاء" بنت عمو "يحيى".صعدت ضحكة خافتة من فاهِ "قاسم" الذي هز رأسه بيأسٍ، وبعدها استدار لـ"معاذ" وأعطاه النقود هو الآخر، انتشل "معاذ" المال من بين يديه بسعادة، فجذبه "قاسم" لأحضانه هو الآخر وأردف بفخر أبوي حنون:
_ألف مبروك يا بطل، عقبال ما تختم القرآن كله، وقتها هديتك مش هتكون فلوس بس.كان "معاذ" يُبادله العناق بتأثر، لكن ما إن استمع لحديثه، حتى خرج من أحضانه مُتسائلًا بحنان:
_هتجيبلي إيه يا عمو؟!ورغم ضيق "قاسم" من مُناداته له بـ«عمـي"، إلا أنه لم يُريد إظهار ذلك للصغير حتى لا يحزن، وبمشاكسة رد عليه بشغب:
_حاجة أنت نفسك فيها أوي وبتحبها أوي أوي.
أنت تقرأ
حـارة الـقـنـاص
Akcjaكان عالقًا في مستنقع سحبه للأعماق، حتى باتت يداهُ مُلطخة بالدماء، يقتل ضحيته بلا رحمة؛ للثأر مِمن كانوا السبب في قتل شقيقه ومرض والدته، حتى لُقِب بـ«القناص»، هوى من مُرتفع عالٍ حطم جميع أمانيه بلا شفقة، حتى جائت هي لتُعيده كما كان، جعلته كإنسانٍ كما...