11 |مدينة مصاصي الدماء|

1.1K 155 26
                                    

لاحظ آرمور أنه أنهى أكثر من ربع فنجانه، لذلك وضعه على الطاولة، بينما تابع كريستوفر الشرب باستمتاع، بقي ينظر له بانتظاره ليتحدث، فهو من دعاه للكلام الآن أو في الصباح.

الغرفة مظلمة، أعين كريستوفر تحدق بالنار بدون أن يرمش، ولم يكن هناك أي ضوء سوى ذلك القادم من الرواق في الخارج واللهيب المتصاعد من المدفئة بلا توقف، ربما أضاف لها كريستوفر بعض الحطب حين صعد ليضع سيما في غرفتها.

كان القصر غارقاً في الصمت والظلام، ولو أنه لم يكن منزله ولم يعرف عدد الاشخاص الذين يسكونون به، والذي لم يقابل معظمهم حتى الآن لظن أنه فارغٌ من سواهما.

"هل أنتَ سعيدٌ بالحياة التي تعيشها يا آرمور؟" سأله كريس بشكلٍ اعتباطي، لم ينظر ناحيته، وإنما كان يبحث عن إجابته في النيران.

لم يجبه آرمور، ورجع كريس للوراء، يسند ظهره على الأريكة، وأصابعه تعبث على مقبض الفنجان يقربه لفمه يرتشف منه، بنفس الشغف كما لو كان نبيذاً معتقاً، كما لو كانت دماءً أثيرية.

"أنا لستُ سعيداً." قال بهدوء، وعند هذه النقطة قرر آرمور التزام الصمت بالفعل.

"لا أريد شيئاً في الحياة، ليس لدي أي أهداف، لقد كنتُ أنفذ نفس الأوامر وأعيش نفس الروتين لأكثر من مئة سنة، حتى وإن غسلتُ يداي آلاف المرات، حتى وإن استحممتُ ونظفتُ جسدي ملايين المرات، ولكن رائحة الدماء تبقى ملتصقةٍ بي، ولأنني مصاص دماء، فقد كنتُ أشتمها جيداً، دماء كل مصاصي الدماء الأقل مني مرتبةً والذين قتلتهم بدون أن أرمش لأنهم فقدوا السيطرة على أنفسهم أو آذوا البشر."

"هذا هو عملنا يا كريستوفر، لا تقل أنكَ تشفق على قتلهم حين يتحولون لوحوش."

قالها بلا تعابير بينما يحدق بشقيقه بدون أن يرف له جفن، لم تكن هذه المحادثة الدرامية هي ما توقعه، وفي الحقيقة لم يكن يكترث كثيراً لكل أولئك الذين قتلهم، كانوا يستحقون الموت بنظره.

"حسناً.. هذا هو عملنا، وهذه هي حياتنا، ولكنني لستُ سعيداً..

على الأقل أنا لستُ سعيداً بتغيير منزلي كل عشرين أو ثلاثين عاماً، ولستُ سعيداً بالكذب على من حولي بكل شيء، ولستُ سعيداً ببقائنا منعزلين عن عالم مصاصي الدماء، مندمجين بعالم البشر، وكل الهراء الذي نعيش به."

كان كلامه مقنعاً، لقد كره آرمور كل جزءٍ من تلك الحياة، ولكنه ربما لم يكن بجرأة كريستوفر ليجلس مثله ويقول "أنا لستُ سعيداً." بهذه الصراحة.

"إذاً؟ هل لديكَ أي حل؟"

"لم لا يكون لدينا مكاننا الخاص؟ مدينتنا نحن وحسب.. كل من فيها من مصاصي الدماء، حينها لن يضطر أصحاب المراتب الدنيا من حبس نفسهم حتى لا يفقدوا السيطرة عليها أمام البشر ودمائهم، ولن نضطر لنهاجم البشر دون وعيٍ منا لو أن أحداً سالت دماؤه أمامنا، لن نضطر لنختفي ونغير مكاننا لأننا نعيش أكثر منهم بمئة أو مئتي عام، ولن نضطر لنقتل بني جنسنا لنحمي جنساً أضعف منا لم يقدم لنا أي شيء سوى المقت والخراب.

 Nuckles land | أرض نوكلس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن