1 |خطوات في الجحيم|

3.8K 261 119
                                    

الأنظار بأكملها موجهةٌ إليه بينما يسير عبر بوابة القصر الكبير، العيون تلاحقه، الهمسات تنتشر حوله، وكل الأشخاص يتجمعون وراءه مثل أسراب الحمام التي تتفرق حينما يمر، ثم تتجمع من جديد حينما يفسح مروره المجال.

كان تحت أنظار الجميع هنا، لطالما كان كذلك، ولكنها المرة الأولى التي ينظرون بها نحوه بهذه الطريقة، شعر برغبةٍ بالانفجار غضباً، يستدير نحوهم، يلعنهم جميعاً، يشتم الساعة التي جاء بها إلى هذا المكان، ويعود أدراجه، لأنه بطريقة ما كان يكره كل شيء، استمرت عائلته بصنع ضجيجٍ وفوضى حول لا شيء، تم توبيخه على كل تفصيلٍ صغير قام به منذ أن كان صغيراً، تربى ليكون أفضل وريثٍ على الإطلاق، ولكنه خالف كل ذلك.

في النهاية قرر التمرد، حاولت عائلته تجاهل ذلك -مذ أنهم لم يوفروا على أنفسهم عناء توبيخه سابقاً- ولكنهم لم يستطيعوا ذلك في مرةٍ سابقة، وهذه المرة أيضاً..

استمرت عائلته بالتدخل في حياته، كانوا يضعون تلك القيود التي تجعله يرغب بالتمرد أكثر، بفعل أمورٍ جنونيةٍ أكثر، ولذلك السبب ربما.. كان يسمع كل هذه الهمسات حوله في كل مرةٍ تخطو بها قدميه أرض هذا القصر حين يستدعيه والده بعد أن غادر.

من الخارج.. ربما يبدو منزل آل بليند مجرد صورةٍ نمطيةٍ لعائلة أرستقراطية غنية، لديها ذلك المنزل الضخم الذي يرتفع لخمس أو ست طوابق، ولديهم الكثير من الخدم، وينظر لهم الناس من الخارج بتطلع يطمعون للعمل في إحدى شركاتهم الضخمة لإنتاج المواد الغذائية، الشركات التي كانت تكبر وتتضاخم مع مرور السنوات، رغم أن منتجاتهم لم تتصدر يوماً قائمة أعلى المنتجات مبيعاً.

من الداخل.. لم يكن مجرد منزل، الأثاث والتقسيم الداخلي كان يشبه قصور العصور الوسطى، ولكن أحداً لم ينتبه لذلك، لأن العائلة كانت معروفة بانعزالها وعدم استقبالها الكثير من الضيوف، لم يرحبوا حتى بجيرانهم حين أرادوا المجيء للقيام بحفلة ترحيب، بل طردوهم على الفور.

على أي حال.. لم يكن الأمر متعلقاً بالأثاث، والديكور، وهذه التفاصيل السخيفة التي لم يكترث لها أحد، كانت الحقيقة أنه لم يكن مجرد منزلٍ غريب في وسط المدينة لعائلة بليند الغنية، بل كان قصر عائلة بلود الملكية، أحد أكبر حاكمي مصاصي الدماء الباقين في العالم، ولم يقدر أحدٌ من البشر على استيعاب ذلك، لذلك بقي الأمر سراً متناقلاً سنةً تلو الأخرى.

بعض الكلمات كانت تصل لأذنه مثل "هل من المعقول أن الوريث فعل ذلك؟" وتساءل إلى متى ستبقى الكلمة تقيد كل تصرفاته، هذا الوريث قد بلغ من العمر ما يكفي ليقدر على أخذ قراراته بنفسه.

وصل إلى الباب في نهاية الممر، كان بوسعه أن يشعر بوجود والديه وشقيقه في الداخل، بالتأكيد كان هناك أشخاصٌ آخرون، ولكنه لم يستطع التمييز.

 Nuckles land | أرض نوكلس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن