49 |ذكريات مصاصي الدماء|

852 118 15
                                    

على حصانٍ واحد، كانا يمران بجانب الممر الأخضر الطويل الموصل للقصر، كان الليل صامتاً وهادئاً، لا يسمع سوى وقع حوافر الحصان على الأرضية الحجرية، القمر مكتملٌ في السماء، كبيرٌ بما يكفي ليضيء الطريق بالكامل، والهواء البارد جعلها ترتجف رغم أن فستانها بأكمامٍ طويلة..

كان الشتاء يذهب بعيداً.. ويترك وراءه تلك النسمات الباردة والهواء النقي وما تبقى من ندى الأمطار القديمة على الأشجار، ويترك معه في قلبها الكثير من الذكريات، كان شتاء هذا العام هو الأطول على الإطلاق، شتاءٌ بدون كريستوفر، بدون جلوسهما معاً بجانب المدفئة بينما يريها المزيد من ألعاب الخفة التي لا تعلم لم كان مهتماً كثيراً بها، الشتاء الأول في أرض نوكلس، الذي أهداها الحب..

"هل يمكنني أن أسألكَ حول أمرٍ ما؟"

قالت فجأة، تقاطع الصمت المهيب في الطريق لينظر نحوها، لم يكن بوسعه أن يتبين تعابير وجهها لأنها كانت تجلس على الحصان أمامه، تحدثت بهدوء، تسأله ما كانت تفكر به من الصباح..

"ما الأمر؟"

"أنتم.. أعني.. مصاصي الدماء، لا يملكون ندوباً على أجسادهم، صحيح؟"

"ليس بشكلٍ تام، الجروح البسيطة تتعالج بسرعة، ولكن لو كان جرحاً من سيفٍ في معركة، فربما يترك أثراً طويلاً، يحدث ذلك بشكلٍ خاص لو كان سيفاً من فضة."

"إذاً.. فكرة أن مصاصي الدماء يتأثرون بالفضة ليست صنيعة الأفلام وحسب؟"

"عزيزتي.. لا يوجد شيءٌ في العالم صنيعة الأفلام.." قال ساخراً، وشعرت بالإحراج بسبب اللقب المفاجئ، هو يتصرف الآن كحبيبها حقاً..

"الأفلام فقط تضخم كل شيء، وهذا التضخم يصنع المزيد من القصص الجديدة، مما يجعل الأمور العادية مثيرةً للاهتمام، نحن لا نحب الفضة، ولا نرتديها، كما أنها تسبب لنا جراحاً دائمة مثلما يسبب حمض الكبريت حروقاً على أجساد البشر لا يسببه الماء رغم أن كلاهما سائل، الأمر هكذا تقريباً، ولكن الأمر لا يعني أنكِ لو شككتِ أن شخصاً ما مصاص دماء فضعي قطعة فضةٍ في غرفتك، وسيتلاشى بمجرد دخولكِ إليها.. ولكن البشر يحبون هذا الهراء، بعضهم يؤمنون به.."

"أجل.. يمكنني أن أشهد.." قالت ضاحكة، كانت تعرف بعض صديقات المدرسة اللواتي يتحدثن عن هذه الأمور بجدية، وكأنها حقيقةٌ وواقع..

"لم تسألين على أي حال؟" تساءل باستغراب لتهمهم لثوانٍ تفكر كيف تصيغ الأمر، حتى قررت أن تتحدث بشكلٍ مباشر.

"اليوم صباحاً، كنتَ ترتدي قميصاً مكشوف الذراعين، وقد رأيتُها.." صمتت للحظات، شعرت وكأنها طويلةٌ جداً لأنه لم يبدِ أي رد فعل، تمنت أن تستدير لترى ملامحه، ولكنها ستجعل الأمر يبدو غريباً، لذلك استمرت وحسب "ذراعيكَ مليئةٌ بالندوب.."

 Nuckles land | أرض نوكلس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن