5

919 26 7
                                    

الجزء الخامس


شافها تمشي بصينيتها متجهة لطاولة خالية وأشر لها بايده
ابتسمت وغيرت اتجاهها له

عليا: أهلًا أيها المقاتل

جاك ضحك: مرحبًا بك.. كيف الحال؟

عليا: على ما يرام.. ماذا عنك؟ "بمزح" بشرني هل ستُطرد وآخذ منصبك قريبًا؟

جاك بغياظ: تتمنين ذلك.. ولكنه في أبعد أحلامك.. فقد ظهر الفارس المغوار وأنقذني من الشرور كعادته

عليا بابتسامة: ماذا فعل هذه المرة!

جاك: لا أعرف مالذي حصل بعد.. ولكنه وعدني بأنه سيتدبر الأمر

عليا بجدية: مالذي اوصلكم إلى هذا الحد؟

جاك: أنا وسونيل؟ أم أنا وايفا

عليا باستغراب: ايفا؟ هل هنالك شيء بينكما انت وايفا؟

جاك: اووه غريبٌ أنكِ لا تعرفين شيئًا.. لقد كنا على علاقة

عليا فتحت عيونها بصدمة: ماذااا!!!! وهي امرأة متزوجة؟؟؟

جاك: متزوجة قانونيًا فقط.. لكنها منفصلة عنه منذ سنوات.. ألم تستغربي لكونها تقطن في مقطورة منفصلة عنه

عليا هزت كتفها بعدم اهتمام: نعم ظننتها رغبة شخصية.. لم ادقق بالأمر

جاك: يبدو بأن عقلك وقلبك ممتلآن لدرجة أنكِ لا ترين الأمور حولك

عليا بابتسامة: يبدو كذلك!

جاك: لقد كنا على علاقة لمدة سنتين.. منذ كنا نعمل على مشروع افريقيا الجنوبية.. لقد كانت الأمور تجري على ما يرام بيننا.. وكانت توشك على رفع دعوى الطلاق.. ولكن كل شيء قد انتهى.. لم تعد إليه بالطبع.. ولكنها لم تكمل اجراءات الطلاق

عليا: قد تكون غيرت رأيها وتريده!

جاك بحدة: لا بالطبع.. زواجهما كان زواجًا مدبرًا.. زواج عوائل كما قالت لي!

عليا بسخرية: غريب! كنت اظن بأن هذا النوع من الزيجات مقتصر على العرب

جاك بمزحة: اظن بأن الهنود يشاركونكم بعض الطباع

عليا: ومالذي جعلكما تتشاجران مجددًا

جاك: لاشيء مهم.. ولكن سونيل رجل خبيث.. وحقير دنيء.. لا يحب سوى نفسه.. ولديه من الغرور ما ليس لأحد غيره.. لقد لقنته درسًا يستحقه

عليا: ههههههه لم اعتقد بأنك قد تخبىء كل هذا الحقد خلف هذا الوجه البريء!

جاك يقهقه: أنا لا أحقد على أحد! "بصراحة" تعلمين يا علياء.. لو لم تكن الأمور كما هي الآن.. اعتقد بأننا كنا سنشكل ثنائيًا رائعًا

عليا: أنت وايفا؟

جاك: بل أنا وأنت

عليا توترت

جاك يبتسم: ولكن الاقدار تجري على غير هوانا

عليا: لا بأس.. سيأتي يومكَ السعيد يومًا

***

في دار الخزيم

وقف أمامها رجل عجوز، بطول فارع، وحواجب بيضاء، وشعر أبيض طويل مثل باقي رجال القرية، ولكنه مربوط بحبل خلف رأسه

كان يحمل في يديه قطعتين من سعف النخيل حجمهما ضخم

كان مغمضًا عينيه، ويردد كلمات بصوت خافت وكأنه يهمس لنفسه

خافت عندما علا صوته فجأة.. وهو يردد كلمات بلحن ويمد في نطقه وكأنه يغني الاوبرا

كان يبدأ بجملة تتلوها الجملة، بدون أي توقف وكأنه لا يلتقط نفسًا أو اكسجين!

اقترب منها فجأة وبدأ يحمل بعضًا من الرماد تحت النخلة ويرميه على وجهها وجسمها، وهو مغمضٌ عينيه ويستمر بترديد الكلمات

كان جسمها يرتجف بأكمله، تشعر بقلبها وكأنه قطعة من الجلي.. هل سيحرقونها؟ هل هو يتلو تعويذته ليهيئها للحرق؟ هل هذا مصيرها؟

رفعت عينيها فرأته يدخل بجمود وخطوات ثابتة.. ذلك الرجل الذي استهزأ بكلامها.. تكتّف أمامها هي والكاهن، وأطلق بصره

ابتسمت بقهر.. الخسيس ياي يبا يشارك في عملية الحرق؟ والا يتطمش يتحرا عمره داخل سينما؟

***

من ناحيته

كان يشاهد طقوس الاضحية بجمود تام.. يعلم ماهية التهييئات، ويعلم ما ستحول إليه الأمور

شاهد هذا المنظر مرات عديدة سابقًا.. وبالرغم من رفضه لهذه الطقوس، إلا أنها تقليد من تقاليد قبيلته ولا يستطيع إيقافها أحد

تذكر أول مرة شاهد بها المحرقة.. كان في بداية شبابه.. عندما أنجبت زوجة نوفل طفلًا بملامح غريبة.. كانت بشرته فاتحة، وعيونه ضيقة ورأسه ضخم نسبيًا

الجميع خافَ منه منذ أول نظرة، ونفروا منه.. إلى أن ألقى عليهم الكاهن حكمه
"الطفل ملعون"
وبذلك كتب عليه الحرق، لئلا تعم اللعنة جميع العائلة!
نعم هذه قبيلته وهذه عاداتهم

كان يشعر بقلبه ينفطر على منظر الطفل، ووجهه المزرق من البكاء، وأمه التي تنوح بمرارة شديدة

الجميع شاهد المنظر المحزن.. ولم يتحرك أو يعترض أحد

ثاني مرةٍ.. كانت عندما توفيَ زوج أحد نساء القبيلة.. كان اسمها "غفيرة"، كانت معروفة بحبها الشديد له.. وفاته كانت صدمةً لها.. انتهت بالحكم عليها بالجنون، ووجوب الحرق، رحمةً بها وبأهل القرية

ومرات عديدة، حُرّق فيها ابرياء بسبب حكم ظالم وجائر.. ولكن ليس لديهم الحق بالتدخل

أما هذه الغريبة فكانت تسحب أمامه باستسلام.. وُضعت أمام النار والنخلة

كانت هادئة تمامًا وهم ينثرون عليها الرماد الساخن.. لم تصرخ أبدًا.. لم تبدي أي ردة فعل.. الا عندما حاولوا نزع ملابسها.. صرخت فجأة وشدت بقبضتها تحاول منعهم.. في البداية ظنها خائفة من النار.. ولكن صراخها الهستيري بيّن له الحقيقة..

كانت تصرخ بصوت متحشرج "احرقوني بملابسي.. ارجوكم.. لا تكشفوا ستري.. يارب سترتني طول عمري لا تخليهم يفضحوني"

كان يحاول منع نفسه من التدخل لكنه لم يستطع.. لم يستطع تجاهل استنجاد امرأة به، شعر بحميّته تشتعل.. فسيّرته رجليه إليها

أحد الرجال بخبث: لقد جاء الشيخ.. سيعريك بنفسه ويسلمك للنار لتلتهمك

رمى عليه نظرة نارية ألجمته.. وبصمت سحبها من أيديهم وهو يعدل ثيابها

أغلب الرجال ثاروا وبدؤوا بإثارة الضجيج لفعلته.. ولكنه تجاهلهم تجاهلًا تام

هجم عليه أحد شباب القبيلة المتهورين على غفلة وهو مشغول بها.. ما أن صد عليه حتى رأى تجمهر الكثير حوله.. أزواج عيونٍ كثيرة.. تهم بضربه

وكعادة خليله الذي يهوى المشاكل.. لم يستطع الوقوف متكتّفًا بينما يرى الهجوم عليه

دخل عفريس في الشجار وهو يلوّح بالسوط الذي لا يفارق يده.. كان يجلد أغلبهم بخفة ومهارة.. وتحولت الدار بدخوله إلى ساحة حرب

تعالت أصوات الشتائم، وأكثر الكلمات وضوحًا كانت عن الغدر والخيانة


تقدم الشيخ بخطوات هادئة متكئًا على خادمه الذي لا يفارقه.. رفع يده إشارة إلى "التوقف" وتوقف الشجار بحركته

يعلم بأن الشيخ يشعر بالعار من فعلته.. ولكنه لم يستطع إيقاف نفسه

الشيخ كليب: يا رجال

ما أن أنهى كلمته حتى تجمع الرجال على شكل دائرة حول الشيخ.. كبارهم في الأمام والصغار بالخلف.. وأما النساء فبقينَ بعيدًا

الشيخ كليب: حرب هو شيخ ابن شيخ.. وعلى الجميع احترام أي فعل يبدر منه.. والظن به ظن الخير.. ومن يتجرأ على رفع يد على ابن أي أحد من ابناء الشيوخ وبالذات ابني انا.. سيلقى ما لا يسره لا هو ولا عائلته.. وسيرجم حتى الموت

خاف الشباب بعد هذه الكلمة

الشيخ كليب يكمل: أما فعل حرب.. فسيتم رفعه الى محاكمة الشرفاء ويتم محاكمته بالطريقة التقليدية وإصدار الحكم حينها

حرب: أمرك حكم علي يا أبتي.. ويشرفني أن تحاكمني محاكمة الشرفاء.. ولكن اسمح لي أن أبرر فعلي أمام الرجال الآن.. فهم أخوتي وإن بدؤوا بالخطأ علي.. فنحن أبناء جلمود.. دماؤنا من نار.. وأيدينا تسبق عقولنا

الشيخ كليب يشير بيده ليمنحه الأذن

حرب تكلم بثقة جلمودية: أنا حرب ابن الشيخ كليب المجهجه الجلمودي بالتبني "بنظرة جامدة سلطها على الشباب" وأنا حَرب ابن ضرغام ابن ثوبان الأب المُجَهْجَه الجلمودي بالدم

ولمن لا يعرف الشيخ ضرغام بن ثوبان أبي بالدم.. فهو ابن عم الشيخ كليب.. وهو من كان يتولى مشيخة القبيلة قبله.. ولقد توفّي اثناء الحرب الشهيرة ضد الغزاة البيض

فإن المشيخة تجري في جسمي مجرى الدم.. والأرض هذه قد ارتوت بدماء أجدادي.. ولا أقول هذا استعلاءً على أحدٍ منكم

ولكن تبيانًا وتحذيرًا لكلّ من تسوّل نفسه تخويني

وتصرّفي هذا.. وإيقاف طقوس الاضحية لم يبدر إلا لحرصي على القبيلة.. وتقديمها على مصالحي الشخصية

لطالما كان تقديم القرابين للتقرب وزيادة الثروات على القبيلة... ولكن "وجه نظره للجميع" ألا تظنون بأن تقديم العدو كقربان يعد إهانة؟ قد تسبب لنا بلعنة أبدية بدل أن تباركنا؟

الكاهن شيحان يشهق شهقة قوية وبدأ يقلب عيونه: نعم معه حق.. إنها ترفض هذه الاضحية وتعدها إهانة لها.. ابعدوها عنا هيا لئلا تفسد دار عبادتنا

بعد أن زاد اللغط

قال الشيخ كليب: لا كلام بعد كلام الكاهن شيحان.. ابعدوا الجاسوسة "وجه نظره لحرب" أنت من ستتولى مسؤوليتها إلى أن نقرر ما سنفعله بها

***

في مكتبة الجامعة

فتحت الموقع الخاص بالكلاسات.. دخلت قائمة اسماء الطلاب وكانت تقرأ بتركيز لين حصلت ضالتها.. كتبت ايميلاتهم الجامعية وطرشت ايميل رسمي باللغة العربية:

الأخ حميد ال.......
الأخ سهيل ال.........

تحية طيبة وبعد،

يشرفني أن أكون في فريق العمل على مشروع الفصل في مادة .........
ولذلك أود التقدم بطلب عمل مجموعة على برنامج الواتس آب.. تضم الاعضاء

الهدف من إقامة المجموعة هو التحاور على أساسيات المشروع وتحديد المهام، وتقييم الإنجاز في فترات زمنية مختلفة

يمكنكم الانضمام للمجموعة عن طريق الضغط على الرابط أدناه.. يفضل الدخول بأرقامكم الرسمية

أتمنى لكم دوام الصحة والعافية
زميلتكم/ خولة ال.....

كانت ترتجف وهي تكتب الايميل.. هي حرفيًا تطلب من شباب غرب عنها يدخلون وياها قروب واتساب مافيه غيرهم

لو حد قاللها إنها بتتجرأ تسوي هالشي من فترة مستحيل تصدق.. لكنها اتخذت قرار الدراسة في هذا التخصص الغير متوفر الا في هذا المكان لسبب رئيسي تخفيه عن الناس

التخصص نادر والدولة توفر منح تقدر تاخذها بسهولة عكس باقي التخصصات اللي عليها تنافسية عالية.. يعني مابتضطر تتنازل عن الشهادة عشان حالتهم المادية، وفي نفس الوقت بتكون عندها وظيفة جاهزة تترياها أول ما تخلص دراسة

رفعت نظرها للمكتبة.. حلوة.. ألوانها مبهجة وحيوية.. الكراسي بالأصفر والأخضر والأحمر.. نادرًا يدخلونها الطلاب.. واللي يدخلونها كم طالب بس تعودت تشوفهم وأغلبهم منعزلين يدرسون أو يخلصون أشغالهم

أما هي تشوف المكتبة هي أعظم نعمة في هالكلية.. المكان الوحيد اللي تقدر تاخذ راحتها فيه بدون لا تحصل نظرات مضايقة.. وتقضي فيه كل وقتها باستثناء وقت الكلاسات

الشي الوحيد اللي تتمناه يكون فيها مكان مخصص للأكل عشان ماتضطر تخالط عالم "كلية الشباب" نهائيًا بغير وقت الدراسة

حسّت بقرصات جوع.. سكرت الايميل وطلعت.. يلست في مكان خالي من أي مخلوق على الرصيف ورا المكتبة.. طلعت سندويشتها اللي تحضرها كل يوم في البيت وبدت تاكل وهي تستمتع بالمناظر البسيطة.. اللي تشوفها خلّابة.. مقارنة بعالمها البسيط!

***

كانوا يتغدون في الكفتيريا الخاصة بالجامعة يوم وصلهم تنبيه الايميل

سهيل: اوووف خولوه مطرشة ايميل.. شو تبا هذي؟

حميد يشوف تلفونه: صدق؟ "قرا الايميل بتكشيرة واضحة" حشى حسيت مطرشيلي رسالة من الديوان الملكي.. كاتبة بالفصحى بعد

سهيل يضحك: ههههههههههه والله صدقك أحسها فلسفجية وترمس ف إيدها عصا.. الله يعين أهلها عليها والله.. شكلنا ابتلينا ياخوي

حميد يرفسه من تحت: بركات اقتراحاتك.. لو مخلنا ندفع بيزات ويسوولنا المشروع كامل مب أحسن؟؟؟

سهيل: شدراني قلت أكيد بتخلص كل شي بروحها وبنوفر خردتنا.. حشى مقواها تبانا ندخل وياها قروب خاص "يمثل الرجفة" البنات قاموا يغازلونا ياخووي!!

حميد بغضب: انطب.. وطبها عنك لا تطرش شي.. بنسير نودي المشروع عند راعي المكتبة وهو بيرتبلنا الموضوع

سهيل: على أمرك

***

رآه مستندًا على النخلة، وبصره موجه للبركة.. شعر برغمة عارمة بإزعاجه.. فأخرج خنجره الصغير المربوط على خصره، وبكل خفة وضعه على رقبة حرب وضغط لدرجة أن قطرات الدم بدت تنساب ببساطة من وراء الخنجر

حرب ببرود: تعتقد أن العدو سيحصل على فرصة للاقتراب كل هذه المسافة؟ لقد شعرت بك مذ تعدّيت الدومة المعتلّة "شجرة دوم كبرت بشكل غريب لدرجة ان اهل القرية قاموا يستدلون بها للاتجاه ناحية البريكة (البركة البيضاوية)"

عفريس يسحب الخنجر ويقهقه: الصلّ (الصل من أخطر أنواع الأفاعي تطلع في المناطق الصحراوية وتقدر تحس بالعدو من بعيد)

بعد مدة صمت

عفريس يلس عداله: اصدقك قولًا.. لم اصدق كلمةً واحدة مما قلت

حرب رفع نظره استنكار

عفريس بعدم اهتمام: أعلم يقينًا بأنك ترفض طقوس الاضحية منذ زمن.. ولكنني اشتم رائحة شيء غريب

حرب بجدية: قد تكون هذه أول مرةٍ لي بالحيلولة ما بين النار والاضحية.. ولكنها لن تكون الأخيرة.. لقد بلغ السيل الزبى

عفريس يشوف شما الشبه مستلقية على النخلة اللي رابطينها عليها من اكتافها ووسطها وريولها: أو قد تكونُ قد سرِقت من نظرةٍ اجنبية!

حرب: هراء

عفريس: يا رجل.. تلذذ بالحياة ستقتلك الجدية

حرب بغضب: ويحك "ضرب صدره" نحن بني المجهجه الجلمودي خلقنا للقتال لا لبيع الكلام!

عفريس بسخرية: يبدو بأنك قد نسيت قصة ابناء عمنا الشهيرة اللذين تقاتلوا على ابنة المستعصم التي رفضتهم وتزوجت بابن الخادم

حرب بابتسامة قهر: وكيف سأنسى من جعلوا منّا أضحوكة أمام بقية العشائر.. يا ليتهم ولّوني أمرهم.. اقسم لكنت جعلت منهما عبرةً لمن لا يعتبر

عفريس: ولعك بالقيادة يخيفني يابن عم "ابن عمي كلمة تقال لابناء العشيرة الواحدة"

حرب: لا اهوى الحكم بقدر رغبتي بأن تكون الأمور على نصابها

عفريس ينظر إلى شما: لمَ لم تقيدها

حرب قال بغرور: لا داعي لذلك.. بالاضافة إلى أنها لن تستطيع الهرب من أسرع اثنين من بني جلمود

قاطعهم عون خادم الشيخ يبكي ويصرخ كالنساء: واااا حربااااااه يا ابن ضرغام ساعدنا

فزّ حرب إليه: ماذا هناك

الخادم عون: مصيبة.. وقد هلت علينا.. مصييييبة

***

خافت يوم حسّت إن الدنيا بدت تظلّم وشما للحين ما ردت.. شافت الساعة استوت 7.. بدت تخاف عليها.. وقررت إنها تطلع تاخذ لفة تدورها رغم إنها بروحها تخاف تطلع هالوقت.. خذت وياها بجلي "اضاءة يدوية" وسمت بالله وطلعت

وصلت نفس المكان اللي كانوا فيه وما حصلت لها أي أثر.. الخوف في قلبها زاد

يلست ترمس عمرها بقهر: قلتلها.. كم مرة نبهتها من هالينون اللي تسويه بس ماسمعتني
يارب مايكون استوابها شي يااارب دخيلك ساعدها.. هالبنت مينونة بس صغيرة وبعدها ماشافت شي من الدنيا

يلست تلف على شكل حلقات مليون مرة.. ولا حصلت شي
ردت المخيم ودورتها في قسم قسم ولا حصلت شي.. مرت على كرفانات البنات.. فكرت يمكن شما قررت تتعرف على وحدة منهم.. ولكنها للأسف ما حصلتها

كانت على وشك إنها تصيح يوم شافها خالد.. ومشى صوبها بسرعة

خالد: عليا

عليا صدت عليه بتوتر: نعم

خالد اللي كان مبين عليه الارهاق: شما وين؟

عليا حاولت ما تبدي أي ردة فعل: راقدة

خالد بشك: راقدة؟

عليا بجذب: هي قالتلي انها تعبانة شوي وبترقد من وقت

خالد: تعبانة شو فيها

عليا تحاول تكون صبورة على اسئلته اللي ماتخلص: ماشي.. بس مارقدت عدل البارحة كانت سهرانة على لوحاتها

خالد لف ببساطة: زين

وروّح عنها ما اتريا ردها

وهي ردت الكرفانة تلف وتدور ماتعرف شو تسوي.. ساعات تلوم نفسها لأنها خلتها على راحتها ولا خبرت عليها.. وساعات تبري نفسها وتقول مشكلتها انا ليش اعور راسي وياها؟؟؟ ومر الوقت ولا حست

***

كانت تسمع أصوات قريبة وبعيدة لحيوانات مختلفة.. كانت عايشة برعب فضيع.. وتخيلات افضع.. كل شوي تفز تحس إن في شي يمشي على جسمها

لفّت فجأة يوم سمعت ضحكة.. كان يالس في نفس مكانه وواحد وراه يسحب خنيَره من رقبته اللي تصب دم وهو يضحك!!!

منظر مستحيل يستوعبه عاقل! كيف كان بيذبحه وسفك دمه بكل برود والحين يضحك ويلس عداله! معقولة هذي مصخرتهم "مزحهم" ويا بعض؟

كان صوت حارسها وحاميها اللي دافع عنها ووقف عملية الحرق هادي.. عكس اللي وياه صوته خشن وعالي بطريقة مزعجة

فجأة رفعت نظرها للي ياهم وهو يصارخ ويصيح.. استغربت يوم شافته هو نفسه اللي كان ويا الشيبة اللي يزقرونه الشيخ.. يا يستنجد بهم وعقب ركضوا فجأة وماحست الا بغبرة الرمل وراهم

كانت تحس بأمان نسبي بوجوده.. على الاقل هو عطاها سبب واحد ولو كان ضعيف إنها تحس بهالأمان.. لأنه وقف عملية التعذيب الوحشية اللي كانوا بيسوونها فيها

كانت فرصتها إنها تشرد.. شافت حولها.. الدنيا بدت تظلم وماتعرف هي وين أصلًا.. وأصوات الحيوانات لا تعليق.. ماتبغي تكون نهايتها ذيب يتعشى عليها.. يمكن هذي فرصة نجاتها

قبل لا تكمل تفكيرها لقت ريولها لا ارادي تسحبها سحب صوب خطوات الرياييل اللي قبلها.. وهي تمشي شافت عدد لا يستهان به من أهل القرية متجهين لمكان معين ولحقتهم بس حاولت إنها تكون متخفية عن يشوفونها ويذبحونها

كانت تمشي وياهم وهي تسمع صياح مبالغ فيه.. الرياييل شالين عصي عليها نار ويمشون.. وفي عدد منهم يضربون على الطبول.. ووراهم النساء يلطمون ويضربون صدورهم والصغارية "الأطفال" يصارخون

كانت تحس برهبة وخوف وهي تشوف المنظر.. جنها في فلم طرزان

تحس إن الكل فاهم الأحداث وكأن في شي خطير استوا.. أو بيستوي.. باستثنائها هي

وصلوا بيت كبير كان عليه ازدحام.. ولصغر جسمها مقارنة بهم قدرت تدخل داخل أساور البيت وشافت الكل متيمع.. قدرت تتقرب لين وصلت بؤرة التجمع واللي مبين إنها غرفة الشيخ

كانت تشوف الكاهن الشيبة مغمض عيونه ورافع ايده ويحركها بطريقة غريبة جنه رئيس اوركسترا.. قشعر جسمها يوم تذكرت إنه كان بيحرقها بنفس الطريقة

وسط الفوضى شافت منظر ما توقعت تشوفه أبدًا.. الشخص اللي كان وياها من أول ما انخطفت في الصحراء.. واللي كانت تتحراه معدوم المشاعر والتعابير

كان يصيح.. لا ماكان يصيح بس كانت دموعه متجمعة في عينه وهو ماسك ايد أبوه ويكلمه بصوت هادي محد يسمعه غيره.. بس تتوقع إنه كان يودعه أو يطلب منه يكون أقوى أو شيء من هذا القبيل

شافت الشيخ الأب يرتجف ويقول إنه بردان رغم اعتدال الجو.. شافت ويهه الذابل.. والتعرق الشديد.. كانت تقيّم الوضع وتحس إن الريال فيه حمى.. بس كانت خايفة وضايعة.. تحس إنها لو قدرت تساعده بيسامحونها ويخلونها تسير عند أهلها.. بيصدقون إنها مب جاسوسة.. وفي نفس الوقت مب عارفة كيف تفاتحهم بالموضوع

نزلت راسها وسحبت نفسها لين وصلت صوب حرب اللي رفع عيونه المحمرة مثل لون الدم

كانت تبغي ترمس بس حست إن صوتها خلص.. غصبت عمرها بصوت شبه متقطع: استطيع المساعدة

حرب اللي تبدلت ملامح ويهه: كيف؟؟؟؟

سلالة من لهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن