21

775 23 6
                                    

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بمناسبة العيد قررت أنزل لكم جزئين طوال اتمنى لكم قراءة ممتعة
الثاني بينزل ليلًا بتوقيت الامارات

الجزء الواحد والعشرون
الجزء الأول


رآها تسحبها رغمًا عنها.. ولم يعقّب
الافضل لها أن تبتعد.. فهو أبعد ما يكون مسيطرًا على نفسه خصوصًا بعد الحلم

وآخر شيء يرغب به حاليًا.. هو إغضابها

حرب بنبرة نارية: سأحرقهم

عفريس: كما تشاء.. ولكن تعافى أولًا

حرب: وعدتها.. بأن أحرقهم قبل أن ترحل

عفريس: لقد قالت بأن إصابتك شديدة وتحتاج إلى أسابيع لتشفى تمامًا

حرب: هذا لا يهمني.. سأقتلهم جميعًا وأحرقهم.. وإن كان آخر فعلٍ لي

عفريس يحاول يقنعه: ألم تقل بأن ثوبان لا ند له؟ ولا شيء يمكن أن يوقع به

حرب: صحيح.. ولكنه من أضرم ناره بيده.. عندما بنى صيتًا ونفوذًا لبني المذنّب.. اعتراف أبيض المذنب ووقوفه ضده بعد أن كان من المقرّبين.. تعتبر أقوى شهادة

عفريس: لم يبدو لي كمن سيعادي ثوبان

حرب: لن يفعل.. ولكنني سأجبره

عفريس: دناءة أن تجبر أحدًا على الشهادة

حرب بعدم اهتمام: لا يهمني أي شيء.. سوى إرضاؤها

عفريس بيأس: ولكنها أبعد من نجوم الليل

حرب: لا يهمني شيء.. أريد ارضاءها وحسب

عفريس بواقعية: كل الدنيا تحول ما بينكما.. دينكما.. عاداتكما.. كل شيء ضدكما

حرب بجنون: إذًا سأسلم

***

على الرغم من كل الفوضى التي حدثت، هي لم ترغب بالانفصال عنه بشكل فعلي

ف محمد.. يعتبر أول رجلٍ يغدقها بالحب والاهتمام.. ويشعرها بأنوثتها.. وجمال تفاصيلها.. لا تستطيع إنكار كونه يمتلك حيّزًا كبيرًا في قلبها

فهي، كانت كفتاةٍ مراهقة، تملؤ عاطفتها بشخصيات المسلسلات.. وتطلق بصرها لتختار الأشد وسامةً
إلى أن خطبها محمد.. رجل بملامح عاديّة.. لا تشبه أي صفة قد اختارتها في فارس أحلامها
وعلى الرغم من ذلك.. فقد كان التلصص من نافذة غرفتها يوم الخطوبة، أول خطوات الغرام نحوه
وغزله اللذيذ على الهاتف، واهتمامه بها.. وهداياه المميزة.. كل شيء كان يجبرها على حبه

كانت تصارع نفسها، المعدومة من الهوايات والأشغال.. طيلة اليوم، لئلّا تحادثه.. ولكن هدوء الليل غلبها.. وأضعفها.. فأرسلت "واعي؟"

رد عليها خلال ثواني: وافكر فيج

فكانت الكلمة التي قصمت ظهر العتب في قلبها.. كل الغضب بداخلها تبدد

قالت فخاطرها "محمد واعي مع ان عنده دوام لانه يفكر فيني!!!! "ابتسمت" ياحظظظي والله ياحظي!!!!

كتبت له: بشو تفكر؟

محمد: افكر كيف أراضي العروس الزعلانة

فطامي: يعني تعرف انك مزعلنها

محمد: كلنا غلطنا على بعض

فطامي: صح.. بس غلط عن غلط يفرق

محمد: صح.. ولو إن ودي اتصل وأقولها.. بس أعرف إن اختج راقدة
فطامي أنا آسف يالغالية.. سامحيني.. الطلاق مب لعبة عشان اعقه عليج بلحظة غضب

فطامي: وانا بعد آسفة.. ماكان المفروض اقولك طلقني

محمد: أحبج.. ايامي بدونج مالها طعم

فطامي: انا اخس عنك

محمد: كيف دنياج بدوني؟

فطامي: مب حلوة.. كل يوم انش الصبح ابا اصبح عليك.. بس ماقدر

محمد بمشاكسة: قصدج تصبحين واذا مارديت عقب خمس دقايق تزعلين

فطامي: بدينا

محمد: ههههههههههه هذا الصدق

فطامي: من غلاك ازعل عليك

محمد: ما قلت شي.. احب كل شي فيج.. حتى زعلج ورضاج

فطامي: وأنا أموت فيك

محمد: خلاص طاح الحطب

فطامي: طايح من زمان!

***

كانت آخرَ أيّام المهمة هي الأصعب، والأشد ضغطًا عليه.. فمسؤوليات المديرمرهقة
لديه عمل معلّق.. وأوراق تدقيق.. وتواقيع لا نهاية لها
ولكنه اشتاق إليها.. فلقد اعتاد على الحديث معها بشكل يومي.. على عكس عادته في المنزل بحكم ارتباطه بالعمل

رفع عينه فرأى زوج عيون ينظر إليه، كشّر بوجهه واقترب منه

شعر برغبة بالضحك عندما رأى الطرف الآخر يستعد للهرب

خالد: وين أختي؟

عليا بتوتر: في الحجرة

خالد: ليش ماطلعت؟ فيها شي؟

عليا: مادري.. تعبانة يمكن

خالد: ماتدرين وأنتي وياها؟ شو فايدتج

عليا: مادري اذا تبا سير شوفها

خالد: بنسير الحين.. وانتي بتدخلين تزقرينها عشان تطلع لي

عليا بانصياع لحقته.. وهي تجلد ذاتها.. "ليش ما تردين عليه؟ ادبيه.. أو ردي مكانج.. منو هو عشان يتحكم فيه؟ مديرج في الشغل بس مب في حياتج كلها.. مب وظيفتج تسيرين تزقريله اخته وامه"

تأففت بصوت منخفض

خالد: اعصابج ما نبا منج شي بس ازقريها.. ماقدر ادخل كرفانتنكم

عليا ماردت.. وبالفعل دخلت الكرفانة وشافت شما على حالها من أمس
كانت غرقانة بالتفكير.. تصيح.. تصلي.. تتكلم كلمات معدودة أغلبها عن استحالة نسيانه والعيش بدونه.. وبس

اقتربت منها بشفقة على حالها: شما حياتي.. قومي.. خالد اخوج برع يبا يشوفج.. لا تخلينه يشوفج جي ترا مابيهدج بيتم يسألج لين تتوهقين

شما بضعف: ما فيني حيل اكلم حد دخيلج

عليا: شو تبيني أسوي؟ أنا وين اروم عليه

شما بحزن: لازم ايلس امثل واضحك ولا جنه فيني شي صح؟

عليا هزت راسها بصمت

شما قامت.. غسلت ويهها.. ابتسمت جدام المنظرة أكثر عن مرة عشان تتحرك عضلات ويهها.. صدت على عليا وقالت بمرح مصطنع: عليااا الوووو الووو.. تحسين صوتي زين؟

عليا بصوت مخنوق: هي زين.. خلاص اطلعي كلميه

مع أول خطوة لشما خارج المقطورة، انفجرت علياء بالبكاء
تبكي على حالها وحال شما.. شما.. الوردة الندية.. الشعلة التي لا تنطفئ.. والتي تغمر الجميع بنورها.. ولا تدخل مكانًا.. الا ويبتسم كل من فيه
كيف تحولت إلى شجرة يابسة لا تظل ولا تثمر؟
لم تعلم كم استمرت بالبكاء.. إلى أن سمعت ضحكة شما العائدة إلى المقطورة

شما بضحكة: مديرج يقول تراه مب وقت بريكج.. ردي الدوام

رفعت رأسها بوجنتين كأنهن كرات دم وعيون متورّمة بفعل البكاء

شما بخوف: شو فيج؟

عليا حضنتها: خلصت التمثيلية.. مب لازم تتصنعين الحين عبري عن اللي فيج

شما تنهدت ورفعت عيونها لفوق تحبس دمعتها: انتي ليش تصيحين؟

عليا: واللي اشوفه جدامي ما يصيح؟

شما بدموع تتخللها قهقهات خفيفة: وأنتي شو يخصج تصيحين علي؟

عليا تمسح دموعها: الله يجبر قلبج يارب

شما: الله يجبر كل مكسور

***

سارت الصالة عشان تيلس ويا أخوها الصغير، وهي تمشي فتحت تلفونها، للمحادثة التي تأبى إلا وأن تتصدر قائمة المحادثات

كتبت: لا تتصل

رد عليها: خيبة

ابتسمت وحطت له فيسات تضحك: بسير بيلس ويا عبدالله من زمان عنه

كتب: خذي راحتج

سكرت التلفون، ودقت عليه الباب: واعي؟

ما رد عليها، فزادت الدق على الباب

فتح لها بويه كسلان: خير

خولة تمط خدوده: مشتاقة لك، تعال ايلس وياي

شافها بعصبية مراهق: انتي تستهبلين؟؟؟ البنات ليش جي غبيات؟ مقومتني من الرقاد تقوليلي اشتقت لك

خولة دزت راسه: اييييه تراني اختك العودة شكلك نسيت

عبدالله: مشكلتج خليني ارقد.. يوم واعي تتخششين فالحجرة والحين اونج حبيتيني "سكر الباب في ويهها وكمل رقاد"

عقدت حواجبها بضيق من تصرفه، ومن رده عليها

ردت الحجرة وكتبت له: طردني!

اتصل على طول، وأول شي وصلها ضحكته: ويييييييووو

خولة بضيج: اسكت عني والله متضايجة

حميد: فديت المتضايجة.. شو اللي زعلج؟ لأنه طردج يعني؟
خقاق هذا اخوج.. نحن نتمنى نشوف ولو الزول.. وهو عنده كل شي ويرفضه

خولة ابتسمت: فديتك.. زعل لأني واعيته لأني مشتاقة له.. اونه يبا يرقد

حميد: احلفي مقومتنه من الرقاد عشان تسولفين!!!
صدقه الريال.. لو أنا بداله جان كفختج بعد

خولة: لا والله؟؟؟

حميد: والله صدق.. مقومتنه عشان تستهبلين

خولة: شو عرفك انته بالرومانسية

حميد: ماعندي مشكلة رومانسية طول اليوم، بس وقت الرقاد تحملي تقوميني بدون سبب مهم ترا بتوحش عليج

خولة: مالت.. بس تبا الصدق مب هاللي زعلني

حميد: عيل شو اللي زعلج؟

خولة: قاللي شي ماتوقع افتكر به بس وايد حز بخاطري.. قال طول الوقت منخشة في الحجرة وجنه يقول توج تذكرتيني
ما كنت اتمنى إن علاقتي فيك تأثر بعلاقتي به

حميد: بس على كلامج إنه أساسًا ما يقر في البيت

خولة بتأثر واضح: هيه.. بس يوم كان يرد العصر والعشا يحصلني اترياه ونيلس نسولف.. الحين يوم يرد مايحصل حد

حميد: انزين ماعليه.. زين انه خبرج عشان تقدرين ترتبين وياي وتسويله وقت صح؟

خولة بألم: حميد عبدالله ماعنده غيري

حميد: ولا أنا عندي غيرج.. عاد لا تسيريله وتهديني

خولة ضحكت: بس هذا اللي خايف منه

حميد: أكيد.. اذا خليتيني منو بيونسني ويسمع سوالفي؟

خولة: محد غيري طبعًا.. بس خلاص شوف أنا بقولك شو بنسوي
العصر يوم برد من الكلية بيلس في الصالة وهو بيكون بعده راد.. بترياه لين يسير يرقد وعقب بكلمك لين تسير النادي وعقب برد له لين نتعشى وعقب بفضالك مرة ثانية.. شو رايك؟؟

حميد: اللي يريحج أقول له تم

خولة: ربي لا يحرمني من حبك

حميد: ولا منج يالغالية

***

نصب لهما خيمة في أرضٍ خالية.. أقرب للمخيم من القرية
كان بو عبيد يتردد عليهم بين الفينة والأخرى.. ليزودهم بما يحتاجونه من دواء وماء وطعام

حرب: سنذهب اليوم إلى أبي

عفريس: مستحيل.. لم يقوى بدنك بعد!

حرب: لم يتبقى سوى يوم واحد.. علي أن أنهي الموضوع حالًا

عفريس: ولكن جروحك لا زالت طرية

حرب: لا يهمني ذلك.. أنا مشيت إلى النار برجلي.. ولو لا إغمائي لبقيت حتى تأكل آخر ذرةٍ مني.. هل تظن أن بضعة حروق ستوقفني؟

عفريس يحاول يقنعه: هي لا يهمها كل هذا.. لقد أكدت هذا عدة مرات
ما مضى قد مضى.. انتقم منهم ولكن تريّث.. ليس عليها رؤية ذلك

حرب: أعلم بأنها لا تكترث.. ورغم ذلك سأفعله أمامها.. هذا اقل شيء استطيع فعله لها قبل أن ترحل

عفريس هز رأسه بيأس منه

حاول النهوض.. ففزَّ إليه عفريس

عفريس: سنرحل الآن؟

حرب: ليس عليك القدوم

نظر إليه عفريس نظرة غضب

حرب قهقه: إذًا عليكَ إسنادي إلى أن نصل.. سأوفر طاقتي لهم

وبالفعل بدؤوا بحزم أغراض عفريس المتناثرة في كل مكان.. ودخلوا القرية خلسة، وعلى أقدامهم.. تفاديًا لأي صدام.. وكان الوضع غريبًا.. اشتموا رائحة الخوف في المكان منذ خطوا أول خطوة داخله

وبذهن يحفظ كل شبرٍ في القرية وصلوا إلى بيته
كان هادئًا كالعادة.. كان الشيخ مستلقيًا في فناء المنزل كأنه نائم

حرب: سفكتم الدماء

نهض كمن سكب عليه دلو من الماء: حرب!!!!

حرب: بشحمه ولحمه

الشيخ كليب بعينين تلمعان: كنت كالميّت.. فكيف حييت؟

حرب: لم أمت يا أبتاه.. جئت أنصف نفسي.. ولم أجد أعدل منك

الشيخ كليب بعبرة تخنقه: لقد أنهكت روحي وأنا ارتجي منك الكلمة

حرب نزل على ركبته بصعوبة: سامحني.. كل ماحدث كان من تخطيط العم ثوبان

الشيخ كليب يتنهد: لقد عثى في القرية فسادًا منذ رحيلك.. وأشحن الجميع علي.. كان يخشاك لم يخشَني قط!

حرب: إذًا لنطلب الكبار، ونحضر أبيض المذنب.. ونبقي الأمر سريًّا

الشيخ كليب: وما حاجتك بابن المذنب

حرب: لديه السر كله

الشيخ كليب نادى خادمه، وبالفعل بدأ الخادم بإبلاغ الرجال بالأمر.. لم تمر سوى دقائق كانت طويلة بعض الشيء.. حتى حضر الجميع

جلس كبار القبيلة في المجلس، وبدأ الخدم بضيافتهم، من الدوم والشراب

أحد الرجال: لم احضرتنا بهذه الطريقة المشينة يا شيخ؟ لسنا صبيةً تأخذنا على حين غرة من بيوتنا

رجل آخر: أمرك قد خرج من يدنا.. والجميع بات غاضبًا لسكوتك عن حرب وعفريس.. وعدم إحضارهم لتنفيذ الحكم

دخل حرب المجلس، بقوة قد احتفظ بها لأجلهم

حرب: لقد تمرّدت على الحكم أمام الجميع.. كبيركم وصغيركم.. وعجزتم عن الإمساك بي، فلم تلومون أبي بما عجزتم عن فعله؟

تعالت الأصوات بوجوده، وجرأته، واتهام الصريح
أما أبيض.. فكان كمن وقعت على رأسه مصيبة.. جحظت عيناه وطأطأ رأسه.. لم يفعل فعلته الا ابتغاءً للخير.. ولا يعلم كيف سينتهي به أمر نيته الطيبة!

حرب: كل ما حدث لي كان مكيدةً "بعين جامدة" خطط لها عمي الشيخ ثوبان بن جمر

العم ثوبان برجفة واضحة على صوته: ما هذا الهراء يا كليب؟ يكفيك أنهم هربوا أمامك وأنت مكتوف اليد.. والآن تستضيفهم في منزلك.. إن أمرك والله لمريب

حرب اشر بعينه على أبيض: سيحكي لكم كل شيء

نظر العم ثوبان إلى أبيض الجالس في زاوية غير واضحة للعيان وشعر ببرودة في أطرافه: ما حاجتنا بخادم ابن خادم

حرب: ألست من ولّاه أمانة مخزن الزاد؟ أولم تشهد له بالأمانة ورجاحة العقل؟

وجه كلامه لأبيض: أبلغهم بما حدث منذ البداية.. وعليك الأمان مني.. وما يمسّك يمسّني.. وأعدك.. أمام الجميع بأن لا تحاكم مع الخونة معدومي الشرف

ثوبان بغضب جامح: تبًا لك.. خائن ابن خائن

حرب شعر بحرارة في دمه: تشتم أبي؟

ثوبان: وأشتم كبرائه

حرب سحبه من لباسه ورفعه بغضب متجاهلًا كل درسٍ تعلّمه في الصغرعن الاحترام

الشيخ كليب بصوت عالٍ: حرب.. اتركه

حرب: لقد تمادى كثيرًا.. لقد تجبر وطغى وليس له سوى الدّنيا

الشيخ كليب: الحكم لي وليس لك "التفت على أبيض" وأنت.. حدثنا بما تعلم

أبيض: أتعدني بالأمان يا شيخ

حرب بعد أن أنزل ثوبان: لك الأمان مني

أحد الرجال بسخرية: كيف يأتمن نفسه عليك وأنت بنفسك تحتاج من يؤمنك؟

حرب: لو لم أكن آمنًا لما استطعت قيادة الحديث بينما تجلس أنت ومن معك

سكت الجميع.. هو محق.. هل هناك من يستطيع تحديه؟ أو كسر هالة الجبروت التي تحيط به؟

أبيض سلط عينه على الأرض.. كلّهم أكبر منه.. الأمر برمته يفوق قدرته.. ويفوق مستواه
وإن أُعطي المال والجاه.. فهو يعلم بأنه صاغر أمام الشيوخ والنبلاء

أبيض: لقد بدأ الأمر عندما رأينا الغريبة وصديقتها برفقة حرب وعفريس.. أنا وابن عمي غمد.. وظننا بأن الشيخ حرب يخطط لشيء كائد.. وأبلغنا الشيخ ثوبان بذلك، لأننا نعلم بتوتر العلاقة ما بينهما، وكنا نخطط لكشفهما في البداية
ولكن الأمر بدأ يأخذ منحنى آخر.. عندما بدؤوا بالتخطيط للكيد له.. وأنا لم ابدأ في الأمر لأكيد لأحد
ولا أبرؤ نفسي فقد مشيت بالطريق، حتى وإن كان ضد مبادئي ولكنني كنت خائفًا وأبديت اعتراضي أكثر من مرة.. ولكن كما قال الشيخ.. لست سوى ابن خادم

استعنّا بالخادمات لكي يجلبن لنا الأخبار ووجدنا بأن الحبل الذي سيوقع به هو الغريبة نفسها، لأنه يكن لها مشاعر.. وبالفعل نصبن لها فخًا.. واستدرجنها إلى القرية.. وخطفناها لابتزاز الشيخ حرب.. وقد وافق على تبني كل التهم مقابل الإفراج عنهن

الشيخ ثوبان بغضب وإحراج: منذ متى يستعين بنو المجهجه بالخادمات لقضاء حوائجنا؟؟؟

أبيض يكمل بلا توقف: درية وسودة.. ولا أعلم إن أشركن المزيد.. ولكن كنَّ هنّ الأساس.. ولقد أخذن الذهب.. يمكنكم البحث عنه في بيوتهن.. وأما مكان الحبس فاستطيع دلكم عليه.. لم ينظفه أحد.. وستستطيعون إيجاد أثر الشيخ حرب.. والغريبتين فيه

الشيخ ثوبان اخرج خنجره بغضب: اخرج والا قطعت حلقك.. لا يليق بالخدم الجلوس وسطنا.. اخرررج

أمسك بيده حرب ولواها إلى أن ارتخت وسقط منها الخنجر: وفر طاقتك للصراخ عندما تأكلك النيران

الشيخ كليب: سنحاكمه محاكمة الشرفاء

حرب: لنفعلها الآن.. الجميع هنا "صرخ" عوون

أحد الشيوخ: ولم العجلة؟ ثوبان من كبار القبيلة لنعطه حقه من الاحترام يا شيخ كليب

حرب: إن التقط نفسًا واحدًا خارج هذا المجلس سيبدأ بالرشاوي والفساد.. ليس بيننا أحد يجهله يا شيخنا

الشيخ كليب: فلندع الحكم لهم يا حرب.. بالتصويت

حرب حس بالقهر.. مايبغي يفلته من ايده بعد كل هالعناء.. وما يفكر الا بشما.. ووعده لها

بدأ الشيوخ بالتناقش وثوبان يحاول استعطافهم وتذكيرهم بحرمة دمه على دمهم.. والقرابة والمصالح ما بينهم

الشيخ كليب: ألم تتخذوا قرارًا بعد؟

أحد الشيوخ: فلنحاكمه حالًا

زفر حرب براحة وعلا صوته: يا عون.. احضر أحنف بن آهار

لم يكن هناك داعٍ للحديث أكثر.. الجميع صمت.. صدمة.. ورهبة.. ورضًا عمّا فعله حرب

حضر أحنف.. وافتتح المحاكمة.. وانتهت بسرعة لأن الادلة كلها موجودة وقاطعة.. والجميع أدان الشيخ ثوبان
لم يكن لديه الوقت ليستخدم نفوذه، ليبتز أحدًا أو ليرشي أحدًا مقابل الدفاع عنه
فهو، بلا نفوذ أو مال.. منبوذ

ونطق بالحكم الذي انتظره حرب منذ أيام: الحرق حتى الموت

انتهت المحكمة، وعاد حرب إلى منزله، ومعه عفريس

عفريس: من يراك يظنك ساعيًا للعدل، وغاضبًا مما حلَّ بك.. لا يعلم أحد بأنها طريقتك بالتعبير عن الحب

قهقه حرب: ولا يجب أن يعلم أحد بذلك

عفريس: لم اعتقد بأنني سأراك عاشقًا في يوم

حرب: ولم اظن ذلك أنا أيضًا

عفريس: افكر بتغيير اسمي

حرب باستغراب: لماذا؟ وبماذا تريد أن تتسمى؟

عفريس: أحمد.. على اسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

حرب: أنت جاد بإسلامك إذًا

عفريس: أما زلت تشكك بي

حرب: وأهلك؟

عفريس: لكم دينكم ولي دين.. سأمارس ديني بيني وبين نفسي

حرب: وستبقى على لباسك

عفريس: بالطبع.. وقد بدأ بتقليدي بعض الرجال والصغار

حرب ابتسم: استمر بما يرضيك ويريحك يا أخي.. لقد نلنا مايكفي من الشقاء في هذه الحياة.. أما أنا فسأذهب إلى كل الحياة.. لأجعلها تذوق لذة الانتقام

عفريس: لا اظن بأنها ستتلذذ به

حرب بثقة: لا عليك

عفريس: سترحل في النهار؟

حرب: أجيد التخفي

عفريس: سآتي معك

ورحلوا متجهين إليها.. بأسلوبهم المعتاد لمناداتها.. وبعد رفض وأحاديث طويلة لإقناعها، وافقت على مضض.. وأتت بالطبع مع علياء التي يحال أن تفارقها منذ تلك الحادثة

كان يمشي برفقة عفريس أمامهن.. ويسرق نظراتًا متفرقةً عليها
كان وجهها شاحبًا.. على غير المعتاد.. يبدو كمن فقد بريقه الذي يحب

كان يريد الانفراد بها.. وسؤالها عن حالها.. لكن علياء لا تفارقها أبدًا

قال بجرأة غير مستغربة: شما تعالي لنتحدث

علياء التفتت على شما بتعجب: لا والله شو هالثقة

شما ابتسمت وهي ساكتة

خفف سرعته واقترب منها، بينما أكمل عفريس طريقه وكأنه لم يسمع شيئًا

حرب وجه نظره إلى علياء: ابتعدي

عليا: لن ابتعد.. لن ادعكما وحدكما

حرب: ما شأنك

عليا: لا يجوز

حرب: وهل يجوز كشف الشعر

عليا انصدمت من رده الوقح: لا شأن لك.. دعها

حرب تجاهلها واقترب من شما: هل أنتِ بخير؟

شما هزت رأسها بإيجاب

حرب: إن لم تريدي أن ألمسك عليك أن تتحدثي معي.. مالذي يحصل معك؟ مال وجهك متغيِّرا عما كان عليه سابقًا؟

شما: تعبانة شوي

حرب: مالذي أتعبك؟ هل اذاك ثوبان؟

شما: لا.. تعب بسيط وإرهاق

حرب: حمى؟

شما: لا بس تعب عادي

حرب: هوّني عليك.. إن كان المشي مرهقًا عليك أبلغيني سأحملك على يدي

شما اخفت ابتسامتها

حرب ابتسم لابتسامتها وعاد لصديقه.. شعر بعدم رغبتها بالحديث.. ولم يرغب بأن يصر عليها

لو حدث هذا الموقف منذ أشهر ماضية، لكان أصر عليها.. وقبض على فكّيها لتتحدث عنوةً.. ولكنه تعلّم كيف يتعامل مع الرقيقات أمثالها

***

كانت تشعر بوهن شديد.. لا تريد شيئًا سوى الراحة.. الراحة النفسية
وجودها بقربه مرهق.. والابتعاد عنه أشد إرهاقًا
تريد الهرب.. ولكن أين المفر؟ كيف لها أن تهرب من نفسها وقلبها.. فهل هذا ممكن؟


نهاية الجزء الأول من الواحد والعشرون

سلالة من لهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن