3

1K 28 3
                                    

الجزء الثالث


في صحراء الربع الخالي

دخلت الكرفانة وحصلت علياء منسدحة في الغرفة بكل برود.. شكلها ما تعشت ماشافتها في القاعة

بصمت تام طلعت شنطها الكبار وبدت تلم أغراضها

علياء بنبرة هادية: تقدرين تتمين في الغرفة معاي (ويوم ماحصلت رد غطت ويهها باللحاف متظاهرة النوم)

كانت بتفر كل شي فإيدها وتشكر علياء على هذا الاقتراح المريح.. لكن الشيطان وسوس لها.. دام إنها طردتج مرة، بتطردج ألف مرة.. وأنتي تربيتي عزيزة نفس وراسج مرفوع دوم.. وتذكرت كلام أبوها.. لا تهينين نفسج لأي حد ولا تسومين ويهج حتى لو كان هالشي عشان خاطر راحتج ومصلحتج

لملمت أغراضها بفوضوية وطلعت

***

حاسة بتأنيب ضمير كبير.. وايد حبت شما ورفقتها في المخيم خففت عليها الوحشة اللي تحس بها في كل مشروع.. ومب بس جي "هكذا" إلا خففت عليها الوحشة اللي تحس بها طول عمرها.. باستثناء فترة معينة من حياتها كانت أجمل من الخيال.. وخربتها هي بنفسها.. مثل ما تسوي كل مرة
حتى علاقتها بشما اختربت بسبة أسلوبها الوقح

بررت لنفسها: بس أنا كان هدفي إنها تسمع كلامي وتخلي عنها موضوع الجن والعفاريت اللي متعرفة عليهم.. خايفة عليها.. وهذي صغيرة ما تفهم

آلمها صوت تحركات شما الواضح إنها معصبة.. كانت تبغي تكلمها.. بس فضلت الصمت.. كالعادة تكره المواجهة.. وتتوقع إنها معصبة فأجلت الموضوع لين تهدى

***

شما تمشي بتعثر وهي تسحب شنطها الكبار وتشكر اللي فكر يفرش أرضية المخيم الرملية.. لو لا الفرش مستحيل بتقدر تسحب شنطها.. كانت تفكر بالعذر اللي بتقوله لخالد يوم بيشوفها بهالمنظر.. من البداية لاحظت توتر العلاقة مابينه وبين علياء وأكيد إن سيرتها له في هالوقت بيزيدها ويمكن تسبب مشكلة

هي إنسانة رغم حيويتها ونشاطها الزايد إلا إنها مسالمة وما تقرّب من المشاكل أبدًا

فكرت تتراجع في نص الدرب بس صوتها الداخلي مصر يذكرها بعزة النفس والأنفة اللي تربّت عليها

***

تعوّد يختم يومه بالجري حول المخيّم كان راد الغرفة وشاف طيف متجه لكرفانته المميزة بشكلها وحجمها لكونه رئيس الفريق.. عقد حواجبه باستغراب.. تقرّب منها أكثر وبدت تتضح له الهيئة

خالد باستغراب: شما؟

شما بتوتر: ههه هيه شما

خالد يوزع نظره على أغراضها (بغضب): شو سوتلج هالساحرة؟؟؟؟

شما تحاول تمتص غضبه: أي ساحرة؟؟؟ "تمثل التعب" أنا مب قادرة أرقد اتخيل يتراوالي الجني اللي شفناه

خالد يتفحص ملامحها: لا والله؟

شما بجذب (بكذب): هيه!! أمس يالله رقدت ورقادي كان متقطع.. وتعرفني أنا اقدس الرقاد

خالد: هممم مب مشكلة.. تعالي "بمكر" بس أحيدج تستحين مني وعطيتيني محاضرة انج كبرتي وتحتاجين خصوصية وماتقدرين تشاركين اخوج الحجرة

شما ضحكت باحراج: بعدني على كلامي بس شو أسوي الضرورات تبيح المحظورات

خالد بابتسامة صادقة: بتتبارك الغرفة يوم بتدخلينها

شما طرشتله بوسة طايرة

***

من أول الصبح وهي تحسه يقتنص أدنى فرصة عشان يحرقها بلهيب نظراته
كان تعامله معاها عادي وجامد، وقلييييل جدًا.. مثل كل يوم بس الفرق هالنظرات.. أعوذ بالله منها لو إنها تذبح!

ريتا تقترب منها (بالانجليزية): مالذي يحدث هنا؟ ما به الBoss (القائد) يرميك بأشعته الليزرية

علياء: لا أعلم.. قد يكون رآني في حلمه وقرر أن يفجر غيظه علي في الواقع!

ريتا بقهقهة: آآآه لا استبعد ذلك.. فإن العداوة ما بينكما قصة أسطورية لم يفهمها أحد

خالد: ريتا لقد أرسلتك لمراجعة التقرير وليس للضحك.. لدينا استراحة مدتها عدة 3 ساعات.. يمكنكِ الضحك حينها

ريتا اختبصت: اعتذر

***

أول ما أعلنوا وقت البريك، أغلب الفريق تفرق بسرعة هائلة.. اللي توجه صوب الكرفانات عشان يسد يوعه واللي فضل الرقاد على الأكل واللي بيسير يرتاح وغيره

إلا هو.. كان يالس على الكرسي وكأنه أسد بينقض على فريسته

فز وتقرّب منها أول ماشافها طالعة من غرفة الاجتماعات.. بصيغة أمر متعجرفة قال: تعالي

عليا خافت: بسم الله الرحمن الرحيم

خالد باستهزاء: ليش شايفة جني؟ "ومشى" تعالي قلنا

علياء لحقته وهي في خاطرها تسبه لكن فضلت تكون رسمية: تفضل دكتور بغيت مني شي ضروري؟ لأنه وقت استراحتي

خالد يتكتف: شو مسوية بأختي؟ ليش طاردتنها آخر الليل؟

علياء بتوتر: ما طردتها.. اممم.. لا.. قلتلها ردي بس هي ما طاعت

خالد: يعني طردتيها وعقب هونتي "ابتسم بسخرية" وزعلانة لانها ما طاعت

علياء برعب من اكتشافه للحقيقة في جزء من الثانية: ما طردتها.. طلبت منها شي وقلتلها اذا ماسويتيه لاتين الغرفة

خالد: لا والله؟؟ تذلين أختي على غرفتج.. ليش منو قالج ان اخت خالد ال..... شغالة عندج تخلص اشغالج

علياء مقهورة من غبائها اللي خلاه يعصب: لاااا ماقصد جي

خالد باستهزاء تكتف: يلا اشرحيلي انزين شو تقصدين

علياء: أنت لو تهدى شوي بقدر اتكلم وياك

خالد: ما يخصج اهدى والا لا.. قولي اللي عندج.. والا اقولج شي.. لا تقولين "قرب ويهه وبنبرة مهددة رفع سبابته" أختي تحطينها على راسج يا عليا.. سمعتي؟؟ على راسج.. سكتت لج وايد.. وطوفت كل مصايبج بس أختي ما يخصج فيها

علياء بدت عيونها تدمع: دكتور والله انك فاهم غلط.. شما هي الغلطانة.. انا حاولت انصحها

خالد بضحكة قاطعها: هههههههههههه الله الله من متى انتي تنصحين؟ "وبنبرة استنقاص" اللي مثلج ما ينصح يا عليا.. اللي مثلج يالله يستر عمره

***

بالعادة هو اللي ينهي النقاش.. هو اللي يعق آخر كلمة ويعطيها ظهره أو يغير الموضوع

بس هالمرة ما قدرت.. من زمان ما تناقشوا في موضوع خارج العمل، ويوم تناقشوا وصل الحوار طريج مسدود.. رجعت كم خطوة على ورا ولفت عنه

وقف شعر ينبها "جنبها" يوم حست بأصابعه تنغرس في زندها

علياء تيبست.. قالت وهي تشوف ايده: هدني لو سمحت

خالد رفع حاجبه

علياء بتوتر تكمل يوم شافته ساكت: ما يحق لك تمسكني

خالد بدون أي كلمة انطلق يضحك: هههههههههههههههه من زمان ماضحكت جي تصدقين؟؟؟

علياء انحرجت لأنها فهمت قصده من الضحكة

خالد هدها وضرب كفوفه ببعض كأنه ينفض غبار أو وصخ.. وكمل بكل جمود: كلامي ما بعيده.. أختي تحترمينها وتحطينها على راسج.. مب اونج شفتيها صغيرة قلتي بلعب بها.. وتراها مستغنية عنج وعن مكانج النيس "النجس".. بس إن تقربتي منها وضريتيها والله يا ويلج يا عليا والله.. والله لا اندمج ندم ما ذقتيه في حياتج

***

كانت تمشي ودموعها تسبقها ولا إرادي قامت تركض وهي تشاهق من الصياح
تحس قلبها يتقطع من الألم.. ألم فضيع ماتقدر تتحمله.. ماقدرت تكمل لقسم الكرفانات اللي فيه غرفتها.. عزلت نفسها في زاوية ونزلت على ركبها تصيح بهستيرية
يمكن كلامه ما كان يجرح لهالدرجة.. هذا مب أقسى شي يقوله.. سمعت كلام أسوأ وكانت ردات فعلها أبسط.. معانيه المبطنة هي اللي ذبحتها
الراحة المؤقتة اللي حست بها ويا شما وانحرمت منها فجأة هي اللي كسرتها
كانت تصيح من قلبها على كل شي مر بحياتها

ماذاقت الراحة من يوم كانت صغيرة
كانت وحيدة وحزينة.. مجتمعها كان مجتمع مهرجين.. ما يهتمون بشي غير المظاهر.. خمس آلاف حفلة في السنة.. يتسابقون على اغلى هدية وافخم ترتيب
طموحاتهم ما تتعدى خشومهم
مجتمع تافه مزيف وحياة سخيفة

صرخت بقهر وسط دموعها: ياربي ليش ما أموت؟ ياربي ابا أموت والله ارحمني يارب.. ارحمني يارب بتوب لك وبموت.. بتوب بس لا تخليني اعيش.. ماقدر اتحمل هالحياة
والله صعبة علي والله
المرات اللي حسيت عمري محبوبة فيها معدودة.. طول عمري محد يحبني يارب مححد

يارب والله تعبت.. تعقدت.. استويت مريضة نفسيا.. قمت اخرب حياتي بنفسي.. قمت بروحي ادمرها.. حتى شما المسكينة الياهل جرحتها بوقاحتي وقلة ادبي
ااااه ياربي اااااه

***

في نفس الوقت خارج المخيم

هالمرة عطته ورقة من كرّاسة الرسم الكبيرة نسبيًّا وسطح خشبي عشان يرسم عليه.. وكم لون من الألوان الخشبية تحديدًا لانها ما تنعصر ولا تجف.. وبكل صراحة خافت على أغراضها منه.. لأن مجموعتها غالية جدًا عليها.. وطريقة تعامله معاهم جدا دفشة "فوضوية/ مهملة"

شافت شيَرتين متشابكات بطريقة غريبة وراهم عراقيب لمّاعة.. وكأن الشير مسوين قوس أو إطار للعراقيب.. سبحت الله على المنظر الجميل وقررت إنها تكون أول لوحة لها

كانت تحاول إنها ما تطول التفكير بالوضع اللي هي فيه.. وحقيقة إنها تقضي نهارها في عرض صحراء الربع الخالي.. مع جني!

تتذكر قصة بنت ربيعة أمها اللي يقولون إنها كانت تلعب مع بنت عمها كل يوم وعقب اكتشفوا إن البنت متوفية من سنين وانها كانت تلعب مع جنية.. ماتدري القصة صدق والا جذب "كذب" بس تحاول تصدقها عشان تهوّن على نفسها اللي تعيشه

كانت تحدث نفسها: الجن مثل الأنس.. شو فيها لو رابعت لي جني؟ تراهم مثلنا وهالكلام دوم تسمعه من الحريم.. انهم ياكلون ويشربون ويتزوجون.. ومنهم المسلم والكافر والمؤمن والعاصي

أحاديثها مع الطفل الجني كانت محدودة.. لأن ردوده كانت دوم مغلقة ومافيها مجال انها تفتح سالفة يديدة.. وغير انه يتكلم بالفصحى وهي تواجه صعوبة عشان تتنقى المفردة المناسبة!

***

في البلاد

فطامي "بدلع": حبيبي شسوي كنت حاطة ميزانية حق المجوهرات بس الحساب طلع وايد.. اضطريت إني ادفع من بيزات الفستان والحين توهقت.. المشكلة إني دافعة العربون وتعرف سوالف هالتاجرات.. العربون غير مسترجع.. يعني ماقدر اهون عنه وآخذ فستان ارخص!

محمد: الله يهديج أنتي يوم تشترين ما تشوفين الأسعار؟ كيف اشتريتي وخلصتي وعقب استوعبتي إن المبلغ وايد

فطامي: فضيحة كيف تباني اسأل الريال عن كل قطعة تطيح عيني عليها.. بيقول بلاها بنت فقر ومتزططة

محمد: شو يخص متزططة!!!! ترا أغنى التجار ما يشتري شي بدون لا يسأل عن جيمته "قيمته".. عمرج شفتي تاجر اشترى بناية بدون لا يتفق على السعر؟

فطامي: حمودي شو فيك؟ الحين تقارن خاتم وعقد ببناية؟؟ "وقالت بتغلّي" والله ما كنت أدري إنك هالكثر بتحاسبني على الدرهم والا جان خذتلي اكسسوار ولا هالمذلة

محمد يحاول يتمالك أعصابه: فطامي فديتج انا مب متزطط والله إن ما في شي يغلى عليج.. بس طريقة صرفج بدون حساب وايد غلط! لازم تحسابين شوي.. يعني خلصتي بيزاتج والحين تبين 10 آلاف زيادة! من وين اييب انا؟؟ ولا تنسين إن ورانا عرس وسفر وشهر عسل.. من وين اييب حق كل هذا؟؟ تبيني آخذ سلفية ثانية باخذ بس والله بتتعبين أنتي من عيشة الديون

فطامي بنرفزة: محمد ممكن ماتخبرني كل هالتفاصيل؟؟؟ أنا مب فاهمة ليش تخبرني انته تباني أحس بالذنب والا شو؟؟ صراحة وايد سايرتك ووايد راعيت لأني أحبك بس خلاص عاد.. أنا مب اقل عن غيري عشان أيلس أحاسب على الدرهم.. أنا عروووس ولازم اتدلع

محمد يمسح على ويهه: استغفر الله العظيم.. فطامي.. شو رايج نرمس عقب؟ أحس إني معصب ومابغي أغلط عليج وازعلج.. خليني أراجع نفسي وارد ارمسج اوكي؟

فطامي: برايك

محمد: لا تزعلين مني.. احبج

فطامي بدون نفس: وانا بعد

***

مقطورة خالد

كل يوم بعد الجري والسبوح "الاستحمام" يكون جسمه مرهق وهالشي يخليه يرقد بسرعة.. ساعات ما يلحق يكمل أذكار النوم الا وهو راقد
اليوم ماقدر.. ما هناله الرقاد
كل ما غير مسار أفكاره لا إرادي يلقى نفسه يفكر بنفس الموضوع
شهقاتها وهي تمشي.. انعزالها وانهيارها على ركبها.. كلامها اللي يقطع القلب
كل هالأمور مب قادر يتجاوزها ويقضي ليلته بشكل طبيعي
يحس بتأنيب ضمير.. مع إنه ما يشوف نفسه غلط.. وهي فعلًا تستاهل.. اللي يضيع دينه ويخون نفسه وأهله يستاهل أكثر عن جي
ولو إن في جزء منه يقول إن هذي خدعة من خدعها.. وأكيد إنها حست به وراها ومثلت هالتمثيلية عشان يشفق عليها
وكل مرة يوصل نفس النقطة وينفض هالأفكار.. وترجع له مرة ثالثة ورابعة وعاشرة.. لين حس إن الفجر قرّب

نش وشاف باب الحمام مقفول.. استغرب متى نشت؟ وكيف ما حس بها مع إنه واعي؟ معقولة صوت أفكاره كان عالي لهادرجة؟
في خاطره قال: الله ياخذج يا عليا

رد مكانه يتأمل الفراغ.. والضجة اللي في عقله مب طايعة تهدى

لف على صوت فتح الباب.. طلعت وقطرات الماي تنساب من ويهها... منظر طفولي جميل جدًا

خالد: قمر تبارك الله

شما ابتسمت.. تحب عفويته وكرمه في مدحها.. عكس اخوان أغلب البنات.. وحتى اخوانها هي الباقين.. مستحيل يمدحونها حتى بأجمل حالاتها يطلعون فيها العيب.. تعرف إنه مزح وسوالف.. بس خالد وايد غير عنهم

خالد يقطع أفكارها: بتصلين القيام؟

شما: هي

خالد: بارك الله فيج

***

شافت الساعة.. بفضل شما استوت تعرف أوقات الصلوات
قررت إنها تقوم تغتسل وتصلي.. يمكن تهدى شوي
طول الليل كل ما حست عمرها هدت.. ترجع تنهار فجأة.. وكل مرة تكون أخس عن اللي قلبها
تحس بثجل مب طبيعي داخلها.. تبغي تفرغ اللي بداخلها مب عارفة كيف
صاحت صياح تحس إنها ما صاحت مثله من سنين.. لكن الصياح ما هداها.. مجرد إنه راسها عورها وخشمها بدى يسيل

بسرعة دخلت الحمام تغتسل وتتوضى

المشكلة الثانية يوم طلعت.. ما عندها سيادة!
دورت أي بديل مناسب وما لقت الا فوطة نظيفة

المشكلة الثالثة.. ما عندها لبس صلاة.. ولا عباة وشيلة! يلست تدور أي شي ممكن يكون مناسب.. اممم روب النوم وتحته فستان طويل يابتها للمناسبات.. شال لفته على راسها وحاولت تغطي كل خصلات شعرها لأنه رفيع ومايغطي راسها كامل

وقفت على طرف السيادة وكبرت.. مع أول تكبيرة بدت دموعها تنزل
قرت الفاتحة ومن وصلت "إيّاك نعْبُدُ وإيَّاكَ نسْتَعين" انهارت من الصياح.. منو يعيننا غيرك يارب؟ منو؟ والله محد غيرك ياربي

ومرة ثانية حاولت تتمالك نفسها عشان تقدر تكمل صلاة.. خذت نفس طويل وبدت تقرا سورة الإخلاص وحمدت ربها إن الآيات طلعت منها بكل سلاسة.. مع إنها ما قرتها من زمان وتوقعت إنها نستها

وعند أول سجدة رجعت حالة الانهيار.. كانت تصيح وتتكلم بصوت عالي: يارب ساعدني.. يارب احتاجك.. مالي حد غيرك يارب.. دقيت كل البيبان محد فتح لي.. ياربي والله إن كلهم يردوني.. مادري اذا تحبني يارب بس دخيلك حبني.. محد يستقبلني غيرك.. رغم كل شي سويته في حياتي.. كل المعاصي اللي سويتها وأنت أعلم بها الا إنك فاتح بابك لي.. تسمعني وتشوف كلامي.. يارب دخيلك ساعدني.. لا تخليني.. ما عندي حد غيرك يارب.. لا تخليني ارجوك

تكلمت بدون توقف.. تكلمت مع الله جنها "كأنها" تشوفه.. ماحست بعمرها الا يوم سمعت الأذان بصوت خالد

رغم إن المسلمين في المخيم معدودين.. ما يتجاوزون الخمسة أشخاص.. إلا إنه يصر على رفع الأذان مع كل صلاة

استغفرت يوم تذكرت إنها ما صلت الا ركعة وحدة.. وقالت بهمس: يارب أنته أعلم بنيتي.. بس مر الوقت ولا حسيت

ختمت عبادتها بركعتين الفجر.. وأخيرًا قدرت ترقد بسلام

***

ثالث يوم من خصام شما وعلياء

كالعادة تدخل قاعة الأكل تبحث عنها بعيونها.. وكأنها الطريقة الوحيدة عشان تتطمن عليها.. سمعت "طراطيش حكي" مثل ما يقولون الشوام.. إنها كانت تصيح ومنهارة

ما تعرف السبب.. بس تعرف إن عليا دلوعة وصياحة.. يمكن يكون شي سخيف بعد ظفرها انكسر والا كريمها خلص! ويمكن يكون خالد أخوها.. ما تستبعد

على غير العادة ما شافتها اليوم.. ولقلة عدد الفريق "مايتجاوزون ال15" تقدر تكتشف الغائب بسرعة

كانت تاكل وترفع نظرها كل شوي

خالد: شو تدورين؟

شما: ماشي

خالد: عيل كلي مثل الناس

شما بوزت: ان شاءالله

خالد: دلوووووعة

شما: ههههههههه

بعد صمت دقايق.. قالت بتردد: اممم خالد اليوم ماشفتها

خالد: منو هي؟

شما: عليا

خالد بعدم اهتمام: يمكن ماتبا ريوق

شما: ماتوقع.. من يوم يينا ماطوفت ولا يوم

خالد: مادري.. ومب من اهتماماتي اعرف

شما: اخاف تكون تعبانة

خالد بنظرة حادة: بالطقاق اللي يطقها شو تبين فيها انتي؟ تعبانة، مريضة، بتموت، بالطقاق.. مب مسؤوليتج هي كفاية اللي سوته

شما انصدمت من هجومه: ما قلت شي بس اسأل

خالد: لا تسألين عن اشياء مالج خص بها

***

عادته أن يفطر مبكّرًا مع صديقه ويعود إلى سكنه للاستعداد للعمل
أرتدى ملابسًا مريحه وخرج.. استوقفه صوت يعشقه.. كان الصوت وصاحبه يبكي بألم.. يعرف هذا الصوت جيدًا.. يميزه من أعمق نقطة في قلبه
نعم.. هو يعلم بأن تصرفه خاطئ.. وقد يجلب الكثير من المتاعب.. حاول التجاهل والمضي في طريقه ولكنه لم يستطع.. فقد سيّره قلبه إليها

ملكة تستحل قلبه من سنين.. بالرغم من رفضها المستمر له.. والطريق المعقد إليها.. ولكنه يحبه ويريده مهما كان شاقًّا

رآها بمنظر يفجع القلب.. متكورة علي السرير.. وترص على الوسادة بكل قوتها.. إلى أن احمرت أناملها

يلس عدالها وقال بكلنته الأمريكية المميزة: ما بك يا عزيزتي؟ لمَ تبكين؟ "رفع ويهها" بكاؤك يفطر قلبي أرجوكِ لا تبكي

هي، ببكاء لم يتوقف أبدًا، كانت تهذي بكلمات لم يفهمها جاك.. ولم يكن أمامه شيء سوى أن يحتضنها بقلبه قبل جسده، وأن يشد حضنه عليها

جاك: أنا هنا.. معكِ كما كنت دائمًا.. وإن لم ترغبي بي سأكون بجانبك.. وإن خذلوك سأحتضنك.. وأبكي معكِ على عذاب غيري لك.. أرجوكِ أعطني فرصة وأقسم لك سأكون لك كل شيء.. سأغنيكِ عن كل شيء.. لا اكترث لأن تحبيني فالحب سيأتي مع الوقت.. ولكن اعطني واعطي نفسك فرصة ولن تندمي أبدًا

وهو يتكلم انتبه على الكدمات اللي على جسمها وسكت فجأة!

***

هجوم خالد الحاد خلاها تتأكد إنه السبب بانتكاسة عليا.. ويمكن تكون تعبانة.. ماتدري... بس ضميرها والأيام الحلوة اللي قضتها وياها يجبرونها تسير تتطمن عليها

هي مطيعة غالبًا.. لكنها معروفة بشطحاتها.. وأكيد خالد بيسامحها إذا عرف إنها سارت عند عليا.. بتعتذر منه وبتراضيه

مشت قرب الكرفانات وسمعت صوت صراخ وصياح.. انفجعت وركضت باتجاه المكان.. كان الباب مفتوح.. شافت جاك يتلقّى بكس "لكمة" على ظهره خلاه يتصلّب

جاك لف للخلف وشافت عيونه شوي وبتطلع من مكانها "صرخ": هل جننت؟

كان الشخص الثاني يتكلم وهو يضرب جاك ضربة ثانية

هي من بعيد تشوفهم داخل الكرفانة من خلال فتحة الباب.. ومب فاهمة شو السالفة ولا تقدر تسمع اللي ينقال.. كان الشخص الثاني عاطنها ظهره ولابس فست الدوام الفسفوري.. كان مبين إنه معصب ويحاول يضرب جاك اللي يتفادى الضربات ويحاول يتفاهم وياه
لين بدا يرد عليه الضربات وانجلبت "انقلبت" الكرفانة إلى ساحة حرب جدام عيونها

شما من برع مب قادرة تتحرك.. تحس ريولها تجمدت في مكانها.. على كثر ما شافت أفلام أكشن الا أنها في حياتها ماشافت ضرابة حقيقية بين رياييل! "رجال"

فجأة حست على عمرها وقامت تصرخ: ساعدووونا ساعدونااااااا بيتذابحوووون

بدت تركض مثل الخبلة برع قسم الكرفانات الخالي تقريبًا من الكل

شما في نص المخيم وبانجليزية ركيكة صرخت: ساعدونااااااا

..

كان يسويله شاي أحمر بصمت وعقله مشغول لين سمع صوتها تصرخ.. ما ركز على اللي قالته لكن مجرد استنجادها بهالطريقة خلى كل خلاياه تستنفر
طلع يركض ومعاه عدد من الرياييل اللي سمعوها

خالد توجه لها بقلق: شما شو فيج بسم الله؟؟؟؟ "كان يمسك راسها وايدينها يتأكد إنها بخير"

شما بصوت باكي: خالد جاك وريال ثاني يتضاربون في السكن بيتذابحوون

خالد هدها وركض متوجه للسكن وانفجع من المنظر

جاك يضرب سونيل بجنون.. والثاني كأنه بلا روح مستسلم للضرب بلا مقاومة
كل الرياييل حاولوا يفرقون بينهم وما قدروا إلا بصعوبة

خالد يسحب جاك بغضب.. وباقي الفريق استلموا سونيل اللي واضح إنه يحتاج إسعاف عاجل وخذوه للعيادة الميدانية

خالد أول ماشاف أطراف القتال عرف سبب المشكلة وقال فخاطره: محد غيرهن سبب مشاكل الكرة الأرضية كلها!

كان بيدخله غرفته بس تذكر وجود أغراض أخته وما بغى ينحرج.. فدخل وياه كرفانة جاك الخاصة

خالد يعاين ويهه: هل أنتَ راضٍ الآن عن الفضيحة التي تسببت بها؟

جاك استرخى على الكرسي وحط ايدينه ورا راسه بابتسامة متجاهلًا انسكاب الدم من طرف شفايفه: تمام الرضى.. أشعر بأنني قد أفرغت غضب السنيين المكبوت

خالد يهز رأسه وبالعامية: مامنك طب!

جاك رااايق: هل تشتمني بلغتك يا حضرة الدكتور

خالد بقهر: بالعامية نقول "ما منك طب" أي عجز عنك الاطباء وليس هنالك حل لمرضك

جاك: اووووه اعجبني المثل.. إنني اعشق لغتكم.. كان علي أن أعشق عربية

خالد: جديًا.. مالذي حصل هناك؟ كيف تجرؤون على القتال هكذا بالعلن!! هل تظن بأن الأمر سيمر مرور الكرام؟؟ قد يشكيك إلى الإدارة العليا.. كيف سأرد على هذه الفوضى؟ تعلم كيف يتم التشديد مرارًا وتكرارًا على موضوع العنف.. حقًا لا أعلم كيف تصرفت بهذا التهور

جاك بغضب: يشكوني؟؟؟ هل يريد الموت حقا؟؟؟ ليجرب وأقسم لك بأنني لن ادع به ضلعًا الا وأكسره

خالد: حتى وإن لم يشتكي إلى أحد.. لا اضمن بأن لا تكون قد قتلته أو تسبب له بعاهة مستديمة

جاك يهز كتفه بملل: يستحق ذلك

خالد: لقد جننت رسميًا.. إن حدث ذلك هنا فلن ترحمك الإدارة ولا الشرطة.. ستقضي على مستقبلك، ولأجل من؟؟؟؟

جاك بضيق: خالد هذا يكفي.. لقد حدث ما حدث.. مالذي تريد مني فعله؟؟؟ هل أعيد الزمن إلى الوراء؟؟؟ هو من تسبب بكل هذا لنفسه.. وأنا قد مللت ادعاء دور الرجل المثالي والعاقل

خالد: لا حول ولا قوة الا بالله "بالانجليزية" جاك.. اهدئ واخبرني.. مالذي حصل بينكما بالضبط.. واياك ان تكذب بكلمة

جاك يرفع رأسه للأعلى: لقد اعتدى عليها

خالد بصدمة: ماذا!!!

جاك بألم: كانت تبكي.. وعندما أردت تهدئتها وجدت كدماتٍ متفرقة على جسدها.. "وابتسم بسخرية" المضحك بالموضوع أنه من بدأ الشجار وحاولت مرارًا أن اوقفه لنتحدث.. ولكنه أصر على إثارة غضبي.. وكما ترى حدث ما حدث بعدها.. هل تصدق روايتي؟

خالد: أنا أكثر الناس معرفةً بك يا جاك.. وأعلم بأنك الأكثر صلابةً وصبرًا.. ولكن البداية لا تعفيك من النهاية.. الجميع قد رآك وأنت توشك على إزهاق روحه

جاك: هي رأت كل شيء

خالد: وهل تظنها ستشهد ضد زوجها؟

***

كانت متعمقة برقادها ومتلذذة بنوم هانئ ما جربته من مدة طويلة

قامت على صوت صراخ وأجساد ترتطم بالكرفانات المعدنية

فزت من مكانها برعب وكانت بتطلع بس تذكرت مظهرها.. لبست روب النوم اللي صلت به وطلعت بسرعة

شهقت من الصدمة.. جاك وسونيل يتضاربون ضرابة مب طبيعية.. حرفيًا ضرابة افلام

هذا يضرب الثاني بكس والثاني يدزه على الكرفانة.. حست بشلل في ريولها

طول عمره جاك الهادي الحنون والمسالم.. أول مرة تشوف هالنظرة على ويهه
خافت خوف مب طبيعي عقب ما طاح سونيل على الأرض وجاك مصر يرفعه ويكفخه

كانت ترمس بصوت مرتجف اقرب للهمس: جاك.. جااك خلاص هده بيموت

لين شافته يركض ويدخل بينهم بدخلة بطولية.. ورغم إنه تلقى كم ضربة عشوائية من جاك.. كان صامد ويدزه بعنف على الكرفانة يبعده عن سونيل

خالد يصرخ: جاااك هذا يكفي توقف "التفت على الرياييل" خذووه الى العيادة

وشافت الرياييل يرفعونه بعد ما يلس على الارض مستند على الكرفانة

وخالد يشتم بالعربية وهو يسحب جاك لمكان وجنه غير رايه وسار مكان ثاني

سكن المكان فجأة وكأنه الهدوء ما بعد الإعصار

حركت راسها شافت شما تشاركها النظر للفوضى اللي سووها الشباب

شما تقربت وهي تشوف لبس عليا مستغربة: أنتي بخير؟

عليا: عقب هالمنظر كيف تتوقعين بكون بخير؟

شما: أعوذ بالله اليلسة وياكم رعب في رعب

عليا تأيدها: صدقج والله خفت خوف ماجربته في حياتي

شما تلطف الجو: أخس عن خوفج من الجني

عليا تبتسم بظرافة: تقريبًا

شما تمشي وياها صوب كرفانة عليا: اممم سوري إذا تحسينها لقافة بس ليش جي طالعة جدام الشباب؟

عليا شافت نفسها واستحت: كنت راقدة.. وقمت على صوت تكفيخ

شما: خيبة شكلهم نقزوج.. أنا كنت رادة في أمان الله الا واشوف البكس ناقع.. بس تبين الصدق الثاني هو اللي بدا أنا شفت كل شي

عليا تدخل الكرفانة: حياج.. صدق سونيل اللي بدا؟ أصلًا هو شرّي عكس جاك.. بس المنظر اللي شفناه فضيع.. أحسه وحش مب جاك

شما: هي والله هو اللي بدا.. كان يحاول يضربه وهو يحرك راسه نفس الافلام عشان ماتيه الضربة لين طفر منه وتدافنوا

عليا: بس شو اللي خلاهم يتضاربون؟ "بتفكير" أنا أحيدهم ما يتدانون "يطيقون بعض" وايد.. لكن ماحس توصل لمرحلة الضرابة بهالطريقة

شما ترفع كتفها بإهمال: مادري.. كانوا في كرفان حرمة.. وبدت الضرابة من هناك

عليا: أي كرفان؟

شما: امممم ثالث واحد على اليمين

عليا بشهقة: كرفان حرمته يعني!! وجاك شو مودنه هناك

شما: مادري والله.. منو منهم حرمته؟ ماكنت ادري انه معرس

عليا: ايفي

شما: هممممم.. ذكريني بها

عليا: هذيج الجميلة ماعرفتيها؟ بريطانية من اصل هندي.. اسمها الصدقي ايفانتيكا بس تختصره بايفي.. تحسينها طالعة من فلم هندي تاريخي

شما: هيييه عرفتها ماشاءالله عليها وايد جميلة وملامحها مميزة

عليا: جميلة وبس! مادري اتكلم عن العيون والا الرموش والا الخشم والا عظمة الخد

شما تضحك عليها: هههههههه اول مرة تتغزلين بحد جي!

عليا تشاركها الضحك: والله جميلة ياخي! اتخيليها تلبس ساري وترقص نفس الافلام.. أيقونة جمال.. تحسينها مب حقيقية من كثر ما إن ملامحها بيرفكت

شما: ماشاءالله عليها

بعد فترة صمت

عليا تناست تهديدات خالد: ما تفكرين تردين؟

شما تغيرت ملامحها: مادري

عليا: انتي تعرفين إني ماقصد اللي قلته صح؟

شما: أي جزء بالضبط

عليا: أكيد مب جزء الجني.. أنا للحين أشوف إن اللي تسوينه غلط بس بخليج على راحتج وما بتدخل.. لكن اقصد إني ابغيج وياي في الحجرة

شما ترفع حاجبها: لا والله

عليا تذكرت ويه خالد بهالحركة وكشرت: بسم الله لا تسوين بويهج جي

شما باستغراب: شو؟؟

عليا: ترفعين حاجبج بهالطريقة.. تذكريني بحد!

شما ماتت ضحك يوم فهمت عليها: ههههههههههههه صدق؟؟؟ أول مرة حد يشبهني به!

عليا تتأملها: لا ما تشبهينه بس لمحات بسيطة.. أنتي ملامحج بدوية أصيلة.. هو شوي غير.. يعني أبيضاني وملامحه هادية مب حادة مثلج.. بس يوم تستوغدين تستوين طبق الأصل منه

شما: ههههههههه "صغرت عيونها بتهديد" قصدج اخوي وغد؟

عليا ترفع ايدها باستسلام: انا ماقلت انتي اللي قلتي!

شما: أموت وأعرف اللي بينكم!

عليا: إن متتي مابتقدرين تعرفين

شما بطرف عينها: سخيفة.. لا صدق متى بتخبريني؟؟؟ ماحس هالعداوة يت ببلاش

عليا تنش من مكانها: مافيها لا عداوة ولا غيره.. في ناس تحبينهم من الله وفي ناس تكرهينهم من الله.. هو يكرهني من الله وانا ماقدر اقنعه بالعكس... المهم يلا ييبي اغراضج وتعالي

شما: من عيوني بس تعالي ساعديني.. تعبت وانا افتح واسكر في هالشنط

عليا: أكيد انتي تخبلتي! تبيني اسير حجرة خالد؟؟؟ في حياتج شفتي غزال يسير بيت الاسد

شما: هالمرة مثالج حلو.. انتي غزال واخوي اسد

عليا بمزح: انا شو خلاني ارابع اخت عدوي الوحيد!!

شما تسحبها: يلا يلاا تعالي بلا عدوي بلا بطيخ.. بس بدلي ثيابج مصختيها ترا

عليا تدز راسها: تراني انا العودة مب انتي!!

سلالة من لهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن