لم اتوقع أنني قد أصمد إلى الجزء الأربعين.. ولكن ها نحن ذا
.
.
الجزء الأربعون
الماضي
أخذ عشائه ووزع نظره على صالة الطعام.. كان بالفعل قد اختار طاولة العشاء برفقة صديقه.. ولكنه يحب الاطمئنان عليها بنظره كعادة يومية يكررها مع كل وجبة
كانت تجالس ذلك الأشقر الذي يمقته مرةً أخرى.. بعد أن هددها مرارًا وتكرارًا بألّا تفعل
وضع صينية الطعام على طاولة جاك.. وذهب إليها بغضب وصبيانية
خالد: أنا مب قايل ما تيلسين ويا هذا الزفت
عليا باحراج: خالد شو فيك معصب جي عيب الكل يطالعنا
خالد: مب مشكلتي.. انا قلت ماتيلسين وياه صح والا لا
مايكل بالانجليزية: وووو مالذي يغضبك منا يا صديق
خالد: لا شأن لك "كلم عليا" غيري مكانج
عليا: خالد شو فيك بتفضحنا
خالد: بتغيرين والا اقومه بروحي
عليا تكلم مايكل: اعذرني لقد شبعت.. إلى اللقاء
مايكل لحق بها: لحظة علياء.. لم تتركيني وترحلين؟ أبسببه؟ "باستغراب" أهو حبيبك؟ مالذي أعجبك برجل متجهم مثله.. غريبة أنتي!
علياء: اتركني مايكل رجاءً
تركته وذهبت غاضبة إلى مكان معزولٍ في المخيم.. يستمر بإحراجها.. يستمر بفعل ذلك بلا مبالاة.. ولا يريد إعلان أي علاقة بها تحفظ ماء وجهها على الاقل أمام الفريق
الجميع شبه متأكد من علاقتهم ولكنه لا زال ينكر الأمر
يطلب منها الانصياع له.. ويفرض رجولته عليها.. ويختار لها من تجالس ولكنه لا يعطيها أدنى حق من حقوقها.. كأن تكون زوجته أو حبيبته بشكل رسمي على الاقل
...
لم تهنئ له لقمة.. فلحق بها بعد دقائق.. بحث عنها في زوايا المخيم فوجدها تجلس على صندوق خشبي
خالد يلطف الجو: عن ينكسر البوكس
عصبت عليه: مب شغلك
خالد قهقه: حلاة المعصبين.. تبين تونة؟
عليا: تنكت؟ دمك مب خفيف وما تضحك
خالد ابتسم: ادري ان دمي مب خفيف
عليا: عيل اسكت عني وخلني في حالي
خالد يمتص غضبها: من عيوني
كانت مستمرة بالبكاء وهو واقفٌ أمامها.. متكتف بلا حيلة
بكاؤها نقطة ضعفه.. كان ينظر إليها بقلبٍ منفطر
يود من أعماق قلبه لو يحتضنها.. لعلّه يخفف ما بها.. ولكن الدين واضح.. هي اجنبية ولا يجوز عليه لمسها
مد لها عبوة ماء: شربي.. بس عاد شربت منها اسمحيلي
عليا فرتها بغضب: مابغي.. تقص علي؟ كل يوم تقردنني بكلمتين وتتحراني برضى وخلاص؟
"قالت تقلده" كلمي فلان ولا تكلمين علان والبسي جي ولا تلبسين جي.. اوامر اوامر كل يوم.. وانا حاضر وتم.. موظفة عندك خلال ساعات العمل وبرع ساعات العمل.. ولا اشوف منك شي.. لين متى؟ كم صبرت وكم بصبر؟
خالد: وتتحرينه هين علي؟ ليش انا مابغيج تكونين حلالي اليوم قبل باجر؟
عليا: اللي يبا شي من خاطره يسوي المستحيل عشانه
خالد: تبيني اسير اضارب اهلي عشان ترضين؟
عليا: لا خلني انا معلقة وعمري يمشي وانا اترياك وارفض اللي يخطبوني.. ولا بيرضون اهلك وعقب شو؟ بتاخذ وحدة على شورهم وبتخليني
خالد: والله حرام عليج يا عليا.. من صدقج تظنين بي هالظن بعد كل هالسنين؟
عليا بانهيار: تعبت.. تعبت.. كل يوم اقول يمكن باجر يمكن اللي بعده.. بس الواحد كم بيصبر؟ كل يوم اتخيل عمري وياك بس يوم افتح عيوني واستوعب الواقع يتدمر كل شي
خالد غمض عيونه: الله ييسرها يارب الله ييسرها
عليا بحزم: تزوجني خالد.. تزوجني او خلاص.. كل واحد في دربه
خالد بصدمة: وايد سهلة على لسانج كل واحد في دربه؟
عليا تمسح دموعها: ارفع ايدينك واحسب كم سنة انا وياك.. مابضيع زيادة من عمري اترياك تقنع اهلك
***
الحاضر
وقف أمام باب المنزل بحقيبة ظهره وبدأ بالضغط على الجرس
جاءته جولييت بعد مدة.. بوجه سمح وابتسامة فطرية
جولييت: من هناك؟
خالد: أهو منزل السيدة جولييت؟
جولييت: نعم من هناك؟
خالد: خالد زوج علياء
ابتسمت جولييت: لحظة إذا سمحت.. ساسأل علياء إن كانت تريد مقابلتك
خالد بسرعة: لحظة لو سمحتي
جولييت ردت: نعم
خالد بحيرة: آه.. امم.. إن علياء تعلمين.. اممم وأنا.. قد تكون علاقتنا مضطربة قليلًا.. ولا اعلم إن كانت تود محادثتي فعليًا.. ولكن علي الحديث معها لأمر ضروري.. ارجوكِ اسمحي لي بمقابلتها
جولييت: أخشى أن تغضب إن فعلتها
خالد: أرجوكِ.. اخبريها بأنني دخلت رغمًا عنك.. ولكن المسألة ضرورية ومهمة.. والا لم أكن لآتي بهذه الطريقة
جولييت بابتسامة: إذًا يمكنك الدخول.. غرفتها على اليسار مباشرة بعد المطبخ
اتبع خالد تعليماتها وهو يشعر بقلبه ينبض في بطنه
دائمًا ما كانت علياء مندفعة بأقصى مشاعرها.. فعندما تعرّف عليها في بداية علاقتهم.. كانت كالقطة.. كما كان يقول عنها دائمًا.. مشاكسة.. شديدة الدلال وشديدة العناد
تزوجا فأصبحت شديدة الحب والشغف به ولم تفارق عنادها.. إلى أن فارقها.. فتحوّلت إلى حمامة وديعة ومكسورة وصامتة معه معظم الوقت.. والعيش معها الايام السابقة في لندن أكد له ذلك
أما الآن.. فهو لا يعلم حالها.. ولا يعلم كيف ستكون وهي تحمل طفلًا لم يخططا له
تنهد وطرق الباب ثم دخل.. كانت ترطّب بروز بطنها الصغير وسرعان ما أسدلت قميصها
ما أن رأى ذلك المنظر حتى شعر بخمود النار المستعرة بجوفه
ابتسم خالد.. بينما انخطف لونها هي لرؤيته
علياء همست: خالد؟
ابتسم ودخل: السلام عليكم
كانت معلّقة نظرها بنظره.. كانت نظراتها قلقة ومرتعبة.. بينما كان هو هادئ
خالد: قلت السلام عليكم
عليا نزلت راسها: وعليكم السلام
خالد اقترب براحة ووضع كفه على بطنها: هني؟
لم ترفع رأسها إليه.. واكتفت بتحريك يده إلى المكان الصحيح
انحنى إلى المكان المشار إليه وقبله بهدوء: السلام عليكم بابا.. شحالك؟ القطوة تأكلك تونة؟
شعر بدمعة منها تسقط على يده.. هو فعليًّا لم يكن يعي مالذي عليه فعله.. أو مالذي عليه قوله
عليه استرجاعها لأجل الطفل.. هذا أمرٌ لا جدال فيه.. ولكنه لا يعلم كيف يتصرف في موقف كهذا
أيجب عليه تلطيف الجو بكوميديا مهترئة؟ أم البوح بحبه المدفون تجاهها، والذي لم يبرح قلبه يومًا؟ أو يجب عليه فتح الملفات القديمة وتسوية الحسابات؟
جلس على ركبه بالقرب منها: اسألج ليش تصيحين والا بتعصبين علي؟
كانت علياء صامتة
خالد: أنا آسف.. لأني حطيتج في موقف مثل هذا.. من الألف إلى الياء اتحمل مسؤوليته كاملة.. من اليوم اللي قررت فيه ما اطلقج وحرمتج تشوفين حياتج.. لليوم اللي خليتج فيه تتحملين مسؤولية هالولد بدون أي رغبة منج
سامحيني.. ليتني اقدر اساعدج بشي واخفف عنج.. بس للأسف ماقدر
رفعت رأسها لكلامه.. مالذي يقوله هذا المجنون؟ أيعتذر لعدم تطليقي؟ أيظن بأن الطلاق منه سيكون يوم سعدي وبهجتي؟ ألم يفكر لمَ لمْ أطلب الطلاق يومًا ولم أسعى إليه؟
الا رغبة بالبقاء معه.. وإن كان على عقد ورقي مضى عليه الدهر؟
وضع يديه على ركبها: واسمحيلي أكون أناني بعد أكثر.. واطلب انج ترديلي.. يمكن ما تبين هالشي وأنا اتفهمه.. بس أطلب منج فرصة عشان هالطفل بس.. خلينا نحاول عشانه بس
في ديننا عدة الحامل وضع الطفل.. وأنا أطلب منج مهلة لين تربين بالسلامة ان شاءالله.. وإذا ماقدرت ارضيج وماتحملتيني وبغيتي الطلاق ترا حقوقج وحقوق ولدنا محفوظة.. ما بجبرج على أي شي بعدها يا عليا
كانت تنظر إليه بتوهانٍ تام.. منذ علمت بحملها.. وهي تتخيل ردات فعله.. وتخيلت كل شيء.. الا ان يطلب منها وبلطف أن تعود إليه
كانت تحاول سحب أكبر قدر من الاكسجين لتستطيع التحدث
عليا بصوت مسحوب: بالسر بعد مرة؟
خالد: حشى والله.. مب بالسر.. بتردين وياي اليوم بشهر زواجنا اليوم.. بتردين باجر اللي بعده على راحتج بتردين مصيونة وكرامتج محفوظة.. وإذا غلطت وأنا صغير مابعيد غلطي على كبر "ابتسم" بس استعيلي قبل لا يكبر بطنج زيادة
لم تبتسم عليا.. تقدر محاولاته لكسر الحواجز مابينهما.. ولكن الأمر بالفعل أكبر عليها من أن تبادله المجاملة
خالد: شو رايج؟ تبين تفكرين في الموضوع هاليومين؟ ماعندي مانع أنا هني وبترياج لين توافقين
عليا أخيرًا قالت: والدوام؟
خالد: باخذ اجازة.. لكني مستحيل اخليج بروحج فهالغربة "كرر اعتذاره" وأنا آسف.. بس قلتلج آخر مرة اجبرج على شي.. بس تحمليني لمصلحة هالطفل
علياء تصحح: الطفلين
خالد بعدم فهم: شو؟
علياء مسكت بطنها: توأم
خالد اطالعها بصدمة: مستحيل
علياء ابتسمت ولأول مرة منذ أتى: والله
خالد مصدوم: ماشاءالله تبارك الله ماشاءالله.. يارب.. الله يتمم نموهم ويقر عيوننا بشوفتهم بخير وسلامة.. قولي آمين
علياء: آمين
***
كانت تشرب الشاي برفقة شقيقاتها ويشاهدن أحد المسلسلات على شاشة التلفاز
فطامي ابتسمت: حليله هالبطل جنه محمد.. على رجولته ومظهره الخشن الا إنه طيب وايد وبسرعة يتقردن
حمدة صدت على عنود، الثنتين يأسوا من آمال اختهم.. فطامي مقتنعة إن محمد مستحيل يعيش بدونها.. وكل يوم تبني خيالاتها معاه وكيف بترد له وكيف بتثبت له إنها تغيرت وماعادت فطامي الطايشة.. كل يوم تخبرهم كيف بيربون عيالهم وشو بيسمونهم.. وشو اللي يحبه محمد.. تمادت بالأحلام لدرجة إنهم بدوا يخافون عليها
حمدة: مارد عليج خبر؟
فطامي: لا.. من يومين رمسته وأحسه قام يلين شوي
عنود: صدق؟
فطامي بفرح: هي والله.. أول مرة مايبند في ويهي ولا يختم المكالمة بسب.. لأول مرة من يوم قضيتنا.. الحمدلله
عنود: بس ما وعدج بشي صح؟
فطامي بايجاب: الأيام ياية.. وأنا أملي كبير بإذن الله
حمدة: مب يمكن انه قرر يسامحج بس ماقرر يردج؟
فطامي: إذا سامحني يعني خلاص.. طاح الحطب وأكيد بيردني
عنود: ويمكن لا
فطامي تبتسم: لا تحاولين تخليني اعصب.. ما بعصب.. بنات انتوا ماتعرفون محمد.. والله محمد وايد وايد طيب.. يعني تشوفين الياهل كيف تحبينه وتعطينه حلاوة يرضى؟ محمد نفس الشي.. ومحمد يموت علي.. أدري إن اللي سويته فيه مب شوي وبهدلته بس صدقوني بنرد يوم من الايام.. وبذكركم!
***
شهد فتحت الباب وهي تيبب (تزغرط): كلولووووووولووووووش واخييييررررااا جهز مطبخي
أم بخيتة: مبروك حبيبتي
شهد تتطالع الأغراض: يا سلااام واخيرا بسوي كيكاتي على راحتي بدون لا انتحر من ريحة البصل
أم بخيتة: اسميج ماصخة انتي وابوج عاطنج ويه.. مادري كيف بتفتحين بيت وانتي مب متحملة البصل
شهد: ماعليج يوم بعرس بعقل وبتحمل ريحة البصل والشياط
أم بخيتة: آمييين ياربي الله يعجل بزواجج انتي واختج وافرح بكم
شهد: آميييييين الريال الصالح دينًا وخلقًا وخُلُقًا الشاب الوسيم المريّش قولي آمين أم بخوت
أم بخيتة ضحكت: آميين حبيبتي بس اثقلي شوي عاد ريلج ثجيل وأنتي جيه خفيفة مب زين
شهد بمزحة: اماية خليني خفيفة يمكن يحن علي ويخطفني منكم
أم بخيتة بحسرة: الله يهديه طول علينا العمر يمشي وهو مب حاس
شهد: انتوا لو توقفون أحلام وآمال وتصخون عن هالموضوع.. يمكن نصيبي واحد أحلى واصغر منه شمعنى هو انزين شو فيه زود
أم بخيتة: والله عاد من استويتي وانتي له.. والحمدلله ماعليه قاصر عشان تقولين ابا غيره
شهد بجدية: ماعليه قاصر الا انه للحين مافتكر فيني.. عمري 27 سنة خلاص لين متى بترياه؟
أم بخيتة: هالكلام انا مايعيبني.. انتي لولد عمج وبدال هالكلام الفاضي ادعي ربج يحنن قلبه وايي هو وأخوه يخطبونكم بأسرع وقت
***
ابتاعو عشائهم من مطعم قرب الفندق وعادوا بتعب شديد يجرّون أرجلهم جرًّا.. حين رؤوا بو سيف على مقعد في الفندق وهو شديد التعرّق.. كان ينظر للأعلى وقد فتحت أزرار ثوبه العربي
محمد يكلم شما: اتريي هني اظني هذا بو سيف
اقترب منه: السلام عليكم عمي بو سيف؟
التفت عليه بو سيف وهو يلهث: هلا ابويه وعليكم السلام
محمد: تعبان العم شكلك اوديك المستشفى
بو سيف: والله مادري اظني السكر شوي ارتفع عندي او نزل مادري
محمد يتلفت: حد وياك؟
بو سيف: لا والله وياي رياييل بس ساروا يتعشون وانا حسيت بتعب ويلست شوي اريح بس مول ماشوف فيني حيل اتحرك
محمد: عيل بسأل الاستقبال اظني شي عيادة في الفندق
بو سيف: يزاك الله خير ولدي
ذهب إلى شما وطلب منها وضع عشائه في صالة الجناح وعدم انتظاره.. وبالفعل احضر كرسي متحرك وساعده الموظفين في نقل بو سيف إلى العيادة
كان بالفعل بو سيف يعاني من هبوط في السكر.. فيبدو بأنه قد اجهد نفسه في العبادات ولم يعر صحته أي اهتمام
محمد: الله يهديك عمي جان اعتمرت على كرسي هني شكثرهم العمال موجودين لخدمة المعتمرين
بو سيف: يا ولدي نحن نشقى في الدنيا ماتبغينا نشقى في العبادة؟
محمد: بس لنفسك عليك حق.. واذا حسيت عمرك تعبت لازم ترتاح شوي.. لا يكلف الله نفسًا الا وسعها
بو سيف: ماعليه خير بإذن الله.. الا يا ولدي ماعرفتني عليك.. شكلك مب غريب بس للعمر حق والله ماعرفتك ولد منو
محمد: الغالي وياك ولد راشد الـ****
بو سيف بإعجاب: ونعم والله.. راشد الـ**** ما يخلف الا رجال
محمد: الله يطول بعمرك
***
أخذ آخر اخبار القبيلة، وما حدث في غيابه، وكيف تصرف أحمد.. الذي لم يخذله يومًا.. بالرغم من رغبته بالانشقاق عن القبيلة وتسخير كل حياته للدين.. إلا أنه وقف بجانبه.. ويعلم بأنه لم يتكبد كل هذا العناء الا لأجله هو فقط
كان يحادث كبار القبيلة عن اجتماعه بالحكومة وما اتفقوا عليه.. ويشاورهم في الأمر
العم القعقاع: ولكن لم العجلة يا حرب.. دعنا نأخذ الأمور بروية ونطبخ على نار هادئة
حرب: لكم أود ذلك.. ولكن الأمور تجري في البلاد أسرع من فرقعة الاصبع.. وما يأخذ يومين في عرفنا لا يأخذ عندهم أكثر من ساعة
ثمال بتفكير: إذًا علينا أن ننهي الأمر قبل أن يأتي الفريق الحكومي
حرب: لا أعلم لاصدقكم القول، متى سيأتي الفريق الحكومي للاستطلاع والتمليك.. ولكنني أعلم بأنه سيكون أسرع مما نظن
العم القعقاع بحماس: علينا أن نتجرأ ونفعلها.. كما فعلنا سابقاتها.. سنعقد اجتماعًا مع الكبار ونسوي الأمر
حرب يلتفت إلى قبيصة: ألديك أية فكرة يا أخي؟
قبيصة: فلنبدأ بالمغريات.. ولنترك المسؤوليات لاحقًا
هز ثمال رأسه: فكرة سديدة
حرب: إذًا سنجمعهم اليوم بعد العشاء، ونبدأ الحديث عن أمن القرية المهدد.. والذي يحال أن نأمنه إلا بدعم خارجي.. ونتبعها بالمشافي والادوية التي أتت بها الغريبة، والطرق الحديثة للعلاج
قبيصة: ولا ننسى المال والذهب
حرب: بالطبع.. سيتمكن كل منا من توسعة تجارته.. سنحصل على سيولة وتسهيلات بإذن الله تعالى.. ولا ننسى بأن من يرفض أي جزء من التغيير يستطيع البقاء كما يريد.. لقد وعدني الحاكم بإمهال شعبي 5 سنين بدون تطبيق أي غرامات على عدم الالتزام بالوثائق وغيرها
القعقاع نهض: إذًا الوعد بعد العشاء.. واسأل الله أن لا يأخذ روحي قبل أن اتمتع بالمدينة وما بها من خيرات
قهقه الجميع: آمين
***
كانوا يأكلون في الفندق بعد أن صلّوا في الحرم
شما: منو هذاك الريال اللي شفناه البارحة؟
محمد: اللي كان عند الاستقبال؟ بو سيف هذا ريال من معارفنا.. ماظني تعرفينهم أنتي
شما ابتسمت: شو كان بلاه؟
محمد: حليله نازل عنده السكر الشيبة شاد حيله شكله وماتغذى عدل
شما: هيييه حليله الله يعطيه الصحة والعافية
محمد: آمين
شما: تصدق الحمدلله رب العالمين أحس قلبي خفيييييف وروحي منشرحة الحمدلله.. الله يكتب لك أجر هالعمرة محمد
محمد: آمين يارب.. لعل الله يغفر لنا
شما: بإذن الله يغفر لك.. ظن خير بالله
محمد: بإذن الله سبحانه.. أنا بعد منشرح صدري.. أحس طاحت عنه جبال
شما ابتسمت: الحمدلله
محمد: أبغي ارد البلاد واسكر هالقضية خلاص.. ابغي راحة بالي
شما: وأنا أشوفه صح بعد
محمد: مصدقة عمرج انتي صغيرونة وتعطينا الشور
شما: برايك انته الخسران
محمد قهقه، ثم تنهد واكمل بفضفضة: تبغيني اردها.. بس مادري شو اللي المفروض اسويه
أنا حياتي وياها كانت حلوة.. صح انها وايد تتطلب وصعب ترضى.. بس كنت وايد مستانس وياها.. وعقب شفتي اللي استوا.. بس الحين ردت تكلمني تعتذر وتقول انها ندمانة.. والله مادري صادقة والا تمثل علي
شما: والله هذا الموضوع مب المفروض تسأل حد عنه لأن مافي حد يعرف عن حياتكم الخاصة بين بعض.. استخير واذا فيها خير ترا ربي بيسر لك
محمد: ان شاءالله
شما ابتسمت: الله يكتب كل مافيه خير
محمد بعد صمت: تصدقين
شما تتثاوب: هاااه قول شكله يوم الفضفضة
محمد قام: كلي تبن انا الغلطان اصلا عاطنج ويه للأسف بس ما حولي حد غيرج
شما ضحكت: والله اسووولف تعال قوللي والله اني اسولف حلفت ماتقوم
محمد يلس: سخيفة
شما: شو اللي كنت بتقوله؟ عن فطامي بعد
محمد: لا.. عن السم.. طول عمري يوم اسمع عن ناس تشرب.. أو يوم أشوف خمر في الافلام أقول العوض في الجنة.. الحين لا دنيا ولا جنة
شما: استغفر الله شو هالكلام؟
محمد: صدق.. اللي يشرب خمر في الدنيا مايذوق خمر الجنة
شما: أنت ناوي ترد للذنب؟
محمد كأنه انلسع: أعوذ بالله
شما: الله غفور رحيم.. التائب عن الذنب كمن لا ذنب له
محمد ضربها: شو هالأسلوب المعفن اللي لج
شما تعورت: آآآآآآه يالزفت هالاسلوب من خالد.. والله اخبر عليك
محمد يمسكها وبنظرة شيطانية: والله لو اكسر ضلوعج هني محد درى عنج
شما خافت: يالمجرررم هذا كلام واحد توه معتمر ومصلي.. انته شو
محمد: هههههههههههااااي يالخوافة
***
نهضت برغبة عارمة بالتقيؤ.. كعادتها مؤخرًا.. مستغنية عن المنبه.. فتوأمها كفيلان بإيقاظها لصلاة الفجر والعمل
بدأت طقوسها الدينية بهدوء تام.. وبفضل خالد كانت نفسها ثابتة اليوم، على عكس الايام الماضية
فقد كانت تحمل همًّا كبيرًا.. فوق التغيرات الهرمونية والجسدية التي تواجهها.. كانت تخشى على صغيريها اللذين في احشائها.. وليس لديهم بعد الله سواها.. كانت تخشى على ولادتهم وعلى نسبهم إلى أبيهم وعلى حياتهم.. فكيف ستحضرهم إلى بلادها؟
كانت تحمل الهم بنفسها وتفكر بالحلول.. إلى أن ساق الله إليها تدبيره.. بطريقة أخجلتها نفسها.. وجعلتها تتسائل.. "لم حملتُ هم التدبير والتخطيط بدل أن أوكل أمري كله إلى الله؟"
ارتدت لباسها المحتشم وخرجت من المنزل مستقلة المترو الأرضي كعادتها.. ولم تعلم بالذي كان ينتظرها من الفجر.. ويتبعها.. كمن ليس لديه شاغل في هذه الدنيا سواها
ألقى نظرة على مكان عملها.. كان مبنىً بسيط ومتواضع.. يعكس عملًا لا يكافئ سيرتها الذاتية العامرة بالانجازات
ذهب إلى المقهى بجانبه ليتناول إفطاره ويستسلم لأفكاره
لا يعلم لم، ولكنه أخذ قهوته فجأة ودخل إلى المبنى.. لم يكن مشدد الحراسة
سأله الحارس عن مقصده عرّف بنفسه وقال بأن لديه موعد مع قسم علياء البحثي
الحارس فتح الباب: تفضل
دخل خالد إلى مقر العمل بثقة تامة وكان يبحث عنها بعينيه
صادفته أحد الموظفات: أتبحث عن أحد؟
خالد: أين هي السيدة علياء؟
الموظفة اشرت: هناك
ذهب خالد إليها: السلام عليكم
رفعت عيونها إليه بصدمة وهمست: شو تسوي هني؟
خالد ماعرف شو يقول، مد كوبه: يايبلج قهوة عشان تصحصحين
كانت علياء مستمرة بالنظر إليه باستنكار، ما هذه التصرفات الصبيانية؟
علياء بهدوء: مب زينة لي القهوة
سحب الكوب على طول: زين خبرتيني
علياء رفعت حاجبها: وشارب منها بعد
خالد بلواتة: اجرب السكر بس
المدير: هيي من أنت؟ وأنتِ "يكلم علياء" لا اظن بأنني ادفع لك للثرثرة مع الرجال
خالد تدارك الوضع ومد يده للمصافحة: مرحبًا يا استاذ.. تشرفت بمعرفتك "مد بطاقة العمل/ البزنس كارد" أنا د. خالد الـ***** من ********* سمعت عنكم وجئت ابحث عن فرصة للتباحث معكم
تهلل وجه المدير: مرحبا بك حضرة الدكتور.. أنا الاستاذ باول ويسرني العمل معك بالطبع.. مكتبي من هنا "اشر وكلم علياء" احضري لنا القهوة
رفع خالد كوبه: شكرًا لقد شربت قهوتي بالفعل
***
بقدر فرحتها لابنتها الكبرى، إلا أنها تأثرت لعدم طلب يد ابنتها الصغرى.. ألم يكن عليهم طلبهن معًا؟ كما حدث وهنّ صغار بطلب من بو سيف بنفسه؟ أم كان حديث هزل كما تقول شهد؟
أم بخيتة تنظر إليها بحزن: ماعليه حبيبتي شهودة لا تزعلين أكيد إنه بيخطبج لكن يمكن مب جاهز للحين.. شوفي سيف ماشاءالله أكبر عنه وتوه يخطب
شهد: ها ها اماية شو بعد لا تزعلين؟ منو قالج اني سندريلا واتريا الأمير ايي ياخذني شرات هالخبلة؟
بخيتة: انزين ارمسي عن عمرج بدون لا تغلطين علي.. مايستوي؟
شهد تبوسها: لا مايستوي ماقدر
بخيتة: صدقها أمي.. اصبري أكيد بييج كم بيلعب يعني؟
شهد تخوصرت: ومنو قال اني بترياه؟ لا حبيبتي خلاص تسدني 27 سنة محيرة له بسني اصلا انا الي عفته
أم بخيتة: أنا كم مرة اقولج هالكلام لا تعيدينه
شهد: أمي خلاص.. انحسم الموضوع اليوم.. بو عبيد لو يبغيني صدق جان خطبني ويا أختي مثل ما تقولون من يوم فتحت عيوني على هالدنيا.. لكنه بايع.. وإذا هو بايع تراني أخس عنه
أم بخيتة: انتي تبين تسوين مشاكل في هالعايلة؟ مايسد مهروه استخفت وسوت مشاكل بين الاخوان تبين تمشين وراها
شهد: مهاري ماسوت شي غلط هم غلطوا عليها.. حلوة هذي بعد يا نقمعكم يا نطلعكم مستخفات
بخيتة تهديها: شهد حياتي بس عن طولة اللسان على أمي
شهد باست راس أمها: آسفة أمي حبيبتي.. ما اقصد اطول لساني عليج.. بس صدق خلاص.. اكتفيت.. أنا بروحي بكلم ابوي.. واذا مانفع بكلم عمي.. الموضوع طال أكثر عن اللازم
أم بخيتة: والله هالبنت استخفت صدق.. الله يعين ويستر بس على مصايبكم
نهاية الجزء الأربعون
أنت تقرأ
سلالة من لهب
Science Fictionلم تعلم شما أن مغامرتها هذه المرة ستوقعها بيد سلالة من لهب سلالة عربية أصيلة من نسل عمليق بن لاوذ.. آخر ما تبقى من العرب البائدة ستخطف قلب شيخهم وتعود.. لتكمل سلسلة الأحداث في بلادها شخصيات متعددة وقصص كثيرة ما بين كوميديا ساخرة، حب جامح، وحرب لا ت...