سلالة من لهب

9

الجزء التاسع

كانوا يمشون بهدوء وصمت اعتاد عليه حرب.. ولم تعتد عليه شما أبدًا

شما بفضول: كل نسائكم عندهم خادمات بهالعدد؟

حرب: بنات المجهجه فقط

شما باستغراب: اليس الجميع من المجهجه؟

حرب: لا.. جميع أهل القرية من بني جلمود.. ولكن شيوخها هم من عشيرة المجهجه.. عشيرتي.. وجميع من فيها اقارب بالدم

شما بفضول: والبقية؟ اليسوا اقاربكم

حرب: الاغلب متصلون بنا دمًا ورحمًا.. ولكن البعض كان من قبائل أخرى هاجروا مع أسلافنا واتخذوا من القرية مسكنًا وشاركونا اللقب لهذا السبب

شما: اممم لحظة يعني المجهجه انت واقاربك بس؟ يعني جميعكم شيوخ؟

حرب ببساطة: بالطبع!

شما: والباقي لا يملكون خدم؟

حرب يفكر: الاغلب يخدم نفسه بنفسه.. باستثناء بعض البيوت النبيلة

شما: هممم واذا تزوج ابن المجهجه الشخص الثاني بعد يعتبر من الشيوخ؟

حرب: بنات المجهجه لا يتزوجن من خارج العشيرة.. عكس الرجال.. ونسائهم يسمين بنسوة المجهجه

شما بعد فترة صمت: اممم كل هالخادمات.. ماذا يفعلون؟

حرب يصحح: يفعلن

شما بضيق من تصحيحه المستمر: جاوب بدال لا تيلس تصحح لي كل شوي!

حرب: إن كنت عربية حقًا فيجب عليكِ شكري لأن مستواك باللغة مزري.. باستثناء اقتباساتك من القرآن

شما بابتسامة: هي اقتباسات مثلما قلت.. من آيات قرآنية.. هل تعرف بأن القرآن أساسًا نزل كإعجاز للعرب؟

حرب باستغراب: كيف!

شما: قبل كل شي لازم اشرح لك بأن القرآن نزل على رسول من الله اسمه محمد.. وهو من كان ينشر الاسلام.. وكان ذلك في ايام الجاهلية عند العرب اللذين يتباهون بلغتهم.. فكان القرآن تحديًا لهم.. بأن يأتوا بمثله

حرب: ولم يستطيعوا؟

شما: أبدًا.. حاول العديد من الشعراء أن يحاولوا ولم يستطع أحدٌ مجاراته

حرب: صحيح بأن بلاغته معجزة لم اسمع بمثلها قط.. ولكن هل يعقل هذا

شما بدت تقرا عليه سورة القمر

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ۝ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ۝ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ۝ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ۝ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ [سورة القمر:1-5].

حرب بانبهار: مذهل.. لم اسمع بمثله قط

شما بثقة: ولن تسمع.. سبحانه ربي ما أعظمه

***

ملاحظة: ترتيب الابناء مايد، فطامي، حمدة، عنود

منسدحة عدال أختها فطامي: بس والله انج قوية كيف حطيتي السناب ما خفتي؟؟

فطامي بحماس: شو فيج ترا الستوري خاص محد فيه الا انتن وربيعاتي القراب

حمدة: حتى ولو.. لو بدالج بزيغ.. والله لو يعرف ابوي والا مايد بيقصون راسج

فطامي: ماعليج من مايد ولا همه.. بس ابوي المصيبة.. وبعدين كيف بيعرف بالله عليج؟ الا جان فتنتي علي انتي

حمدة: هههههههه يمكن اذا غرت منج اسير افتن اخرب

فطامي: مالت عليج انتي اخت؟؟؟

حمدة تبوز: شسوي.. هاي عيشة بالله عليج.. لا طلعات لا كوفيات بس مجابلين بعض تقول عيال فقر.. ابوي من زود ما ان بيزاته فايضة كل يومين يعدل الميلس والا المزرعة

عنود: عيب عليج حمدوه شو هالكلام.. حليله ابوي مب مقصر علينا.. عشان مانسير كوفيات استوينا عيال فقر يعني؟

حمدة: عندوه انطبي.. شغالة محامية عن ابوي شكله يدفع لج راتب

عنود بانفعال: والله انج ماتستحين ولا تحشمين شكلي انا اللي بفتن عليج

حمدة تضحك على انفعالها: هههههههه اسولف ياخي بلاج.. والله فديت ابوي احبه بس صدق ياخي ليش جي يسوي فينا خلاص سوالف البنت المحبوسة انقرضت.. عنبوه الناس وصلت الفضاء ونحن بعدنا

عنود: شو نسوي يعني خلاص هذا نصيبنا.. الحمدلله اهم شي عندنا اهل زينين حاشمينا ويحترمونا ومايقصرون علينا بشي

فطامي بشماتة: انتن تذابحن.. انا الحمدلله وصل فارس احلامي.. يالله كل وحدة تجابل سيادتها وتدعي يمكن الله يخلصكن شراتي

حمدة: اااخ يا حظج فطامي.. يالله عقبالنا يارب.. بالله عليج الكوفي اللي سرتيه عيبج؟ شو رايج يسوى المدح والا؟

فطامي: لا مانزلت انا.. محمد نزل يصورلي وردينا كلنا في السيارة.. الصراحة كان واايد زحمة خفت حد يشوفنا

عنود بحماس: انزين شفتي السويت هذا اللي يصبون عليه كاكاو شو رايج فيه جربتيه

فطامي: هيييه جربته اااه عندوه والله لذييييذ يخبل.. بس محمد يقول عادي اونه نفس كل مكان

حمدة: لاازم بيقول عادي.. تلقينه مختّم الكوفيات مب نحن حدنا كاكاو وقشطة وبسكوت

فطامي تضحك: ههههههههههههه والله صدقج

حمدوه مبوزة: والمشكلة حتى لو قلنا بنطلب مافي حد يوصل بيتنا عايشين في جلعة ابليس ماشي الا كم مطعم يسوون كنافة قشطة

***

كانت سايرة المخيّم وهي تحس بتعب فضيع في جسمها.. تحس إنه مكسّر من الويع من كل صوب.. وفوق الألم الجسدي اللي فيها هي مجبورة تلحق حرب اللي عنده ريل طوييييلة ماشاءالله وخطواتها كبيرة.. كانت تلهث وتحس عمرها تركض في ماراثون وراه

حسّت بألم فضيع في بطنها.. تحس امعائها تتلوّى داخلها.. كانت مستمرة بإصدار الأصوات لين لف عليها حرب

حرب: الحرب في معدتك

شما باحراج: ويعة

حرب: ويعة؟

شما توهقت ماتبا تقوله معناها عن يعصب عليها

حرب: ماذا تعني هذه الكلمة؟

شما: من بين الكلمات العامية التي قلتها لم اخترت هذه؟

حرب يتجاهلها: معناها؟

شما ساكتة

حرب يقترب: هل صممتي؟

شما: تعني وجع.. انه كأن اتمنى لك أن تصاب بالوجع.. لكننا نقولها بالعامية بغير نية حقيقة للأذى

حرب بصدمة: تتمنين لي أن اتأذى؟ وأنا الذي حميتكِ من النيران؟

شما بوزت: قلت لك إنها ليست أمنية حقيقية

باغتت ويهه ابتسامة مفاجأة ولف ويهه عنها عشان ما تشوفها

***

في المرة الأولى كان يشعر بربكة من إيصالها، وكان يحاول التهرب منه قدر الامكان.. ولكن المرة هذه مختلفة.. يشعر برغبة عارمة بأن يقضي وقته معها.. كان يفكر بكلام عفريس وو يمازحه بأن الغريبة قد اختطفت قلبه.. كان يقول لنفسه بأن هذا مستحيل.. خصوصًا لشخص مثله.. يبغض النساء والزواج وكأنه قد وقع عقدًا أبديًا مع العزوبية.. كان قد قرر أن يكرس حياته كلها لأهله وقبيلته

كان يراها وهي متأخرة عنه بخطوات، ولكنه لم يبطء سرعته، وكأنه يشعر بلذة غريبة برؤيتها تعاني وهي تحاول اللحاق به بوجه ممتعض وملامح تتغير مع كل خطوة.. كان يستمع إلى أصوات معدتها الغريبة منذ البداية.. وأراد إزعاجها أكثر ولكن ردها صدمه

تتمنى لي الوجع؟ "ابتسم" لو قالها أحد سواها لأذاقه أضعاف الوجع.. بل لسلخه وقتله.. ولكن الكلمة تخرج من فاهها وكأنها حلوى دومٍ في فمه

يوم وصلوا قريب من المخيم قالت: امم حرب.. هذا يكفي.. لا تقترب أكثر اخاف يشوفونك

حرب دوّخ (داخ) يوم قالت اسمه: ألم اقل لكِ بأن الجلمودي لا يخشى أحدًا؟

شما بنرفزة: بس مانبغي مشاكل

حرب يتجاهلها ووقف فجأة: إلى لقاء قريب إذًا

***

توجهت لقاعة الأكل وكلت خفايف بسرعة تبا ترد تنسدح وماتروم تتريا العشا.. وفعلًا سارت وانسدحت في مكانها وعلى طول تذكرت الصلاة.. استغفرت ربها لأنها قامت متكاسلة وتعبانة.. وهي تصلي دخلت عليا تتأفف وانسدحت على الفراش بثيابها

عليا: آآآآآه بموت من التعب

شما: أنا أخس عنج والله.. بس يالله لازم اغصب عمري انش اصلي

عليا تصد عليها وهي منسدحة: ليش حبيبتي ليكون بانية بيت في الاحلام؟

شما: الا مولدة حرمة

عليا: لا والله

شما تضحك: والله اتخيلي!

عليا: مستحيل! كيف

شما: عند الغجر.. ياني ولدهم لين هني؟

عليا تشهق: جذاااااابة

شما: والله اتخيلي!

عليا: وانتي سرتي؟؟ ليكون غصبج؟؟ اويه مصخها هذا لازم نبلغ عليهم الشرطة الدفاع المدني اي شي نشوف لهم حل

شما: ههههههههههه حشى حشى ياعليا.. لاتحاتين بروحي سرت.. اتحرى فيها حمى.. يوم سرت انصدمت الا الحرمة في نص الطلق.. اونه ولادتها متعسرة

عليا: وانتي شو عرفج بهالسوالف؟؟

شما: والله ماعرف بس مادري كيف رب العالمين يسرها على ايدي.. أنا ماشهدت الا ولادة وحدة.. يوم ربت اختي ام راشد.. وبالصدفة بعد

عليا: ياويلي مقوى قلبج!! وماخفتي منهم

شما: لااا من عقب ما ساعدت شيخهم خلاص حبوني.. حتى النحيس استوا زين وياي.. بس بعده وغد وقليل ادب

عليا بعدم ارتياح: والله يا شما ماعرف شو اسوي وياج.. ان خبرت عليج بتزعلين مني وتقاطعيني.. وان سكتت اخاف يستويبج شي وضميري ياكلني

شما: ان شاءالله مابيستوي بي شي.. انتي ادعيلي وبس.. وانتي شو بلاج تعبانة جي

عليا: اخوج كدنا كد يا شما.. حشى.. أحس ظهري بيتكسر من الشغل

شما بفخر: اخوي يبا كفاءة وانتاجية عالية.. زين يسوي فيكم.. مبدي مصلحة البلاد على عمره

عليا تسويلها (مالت): بس بس بدت تدافع عن اخوها.. جان بتصلين يلا نشي بسرعة ابا اتسبح احس عمري زبااالة والله يبالي اسويلي حمام مغربي من اوصل البلاد

شما: اي وصخ وانتي تتسبحين في اليوم خمس مرات.. حشى محد مفلس هالادارة غيرج

عليا: والله استاهل صراحة يالسة اشتغل واكد ومعرضة نفسي وبشرتي لكل هالتعب

شما: تارسين جيوبج ترا

عليا: اعوووذ بالله منج يالحسود.. خليني اخلص بس ان مافرفرت في كل الجزر.. ما بخلي شي بمر على سيشلز والمالديف وبورا بورا.. باخذ اسبوع استجمام في كل وحدة

شما: الله يا حظج والله.. موضوع السفر وايد سهل شكله

عليا: شو يباله قصي تذكرتج وطيري!

شما: مسهلها من لسانج.. انا فحياتي ماشفت الا البلاد ودول الخليج

عليا: اوننه؟؟ والدكتور ليش مايسفرج ان شاءالله.. لا حرمة ولا عيال.. ومتبننج خليه يدلع!

شما: ههههههههه أمي ماتطيع اونه عيب تسيرين ويا اخوج بروحج

عليا: وكيف طاعت اتين هني عيل؟

شما: على اساس ان وياي بنات.. وبعدين ماطاعت اصلا مادري كيف عطتني موافقة لفظية بس واضح انها مب من قلبها.. وحليلها امي اكيد مسوية دراما فالبيت

عليا: ليش؟

شما: مادري أمي دوم جي.. ان غاب حد تبدا تصيحه جنه مات بسم الله

عليا بألم: ياحليلها.. قلب الام يختي.. احمدي ربج عندج ام حقيقية غيرج ماعنده "تدزها بريولها" يلا نششي

***

سمع دقات على بابه

قال بملل: تفضل

دخل بحماس وعفد عليه يحضنه: شكرًا لك يا صديقي العزيز

خالد ابتسم: العفو.. ولكن على ماذا؟

جاك: لقد تم الأمر! لقد بدأت اجراءات الطلاق

خالد بصدمة: حقًا؟ وكيف تم الأمر

جاك: هل تتذكر استلافي هاتفك الخاص بالصحاري؟

خالد يفكر: نعم

جاك: لقد اعطت محاميها موافقة لفظية للبدء باجراءات الطلاق.. وستعود مع أول دفعة للبلاد للتوقيع على الاجراءات

خالد بتعجب: بهذه السرعة

جاك: نعم فقد كانت تنتظر هذه اللحظة منذ زمن بعيد.. ولكن العائق كان عائلتها.. ويبدو بأنها تفاهمت معه واتفقا على الأمر

خالد: إذًا مبروك لك يا صديقي

جاك كشّر: لا أعلم إن كنا سنعود بعد! فلم تبدِ أي رغبة بالعودة لي

خالد باستهزاء: وأنت كنت ستخسر وظيفتك وتقضي بقية عمرك في السجن لأجلها

جاك يضحك: ههههههههه إنه الحب يا صديقي.. وأنت أعلم بما قد يفعله الحب بالمرء

خالد: وبفعل خبرتي أقول لك.. الحب لن يأتي بك بشيء سوى العذاب والندم.. انقذ نفسك من الآن

جاك: قد غرقنا وتم الأمر يا صديقي

خالد: إذا فليعينك الله!

جاك: أتمنى ذلك.. أما الآن الا تريد معرفة مكافئتك؟

خالد يلس: وماهي مكافأتي هل ستعفيني من العمل؟

جاك يقهقه: نكتة جيدة منك يا حضرة المدير.. ولكن مفاجأتي افضل من ذلك بكثير.. لقد طلبت من المطبخ إخراج اجهزة الشواء وإضرام النار.. سأشوي لك الستيك بصلصة المشروم التي تعشقها

خالد بغرام: آآآخ اشعر بلعابي يسيل.. علي ان اعجل بالمشي لألحق على افضل قطعة ستيك من الشيف جاك!

***

مشى باتجاه المنزل الذي ترعرع فيه، قبل أن يشتد عوده ويستقل في منزل خاص به.. أراد إلقاء التحية على سيدته التي ربته ولم تقصر بشيء.. عاملته مثل ابنها وأكثر
تلك السيدة المتواضعة، الهينة، اللينة، وصاحبة المنظر البسيط الذي يعاكس مكانتها المرموقة

فتح الباب بلا استئذان، ورأى خادم والده "عون" بواجهته

قال بهدوء: سفكنا الدماء

ابتسم عون ورد: سقيْتم الأرض

حرب: كيف حالك وحال أهلك؟ هل شُفِيَ جرح ابنك؟

عون برأس منخفض: نعم يا سيدي بفضل العشبة التي أتيت بها من الجبال.. ولكنه يحتاج إلى الراحة قليلًا حتى يُشفى جرحه

هز راسه وتحرك بصمت للداخل.. شافها كالعادة ترقّ العجين على الصخر

حرب: اعتقد بأنني لو دخلت المنزل بعد عشرين سنةٍ سألقاه على حاله.. وكأنني لم أفارقه يومًا

انشرح ويهها يوم سمعت صوته.. لفت عليه: المعدن الأصيل لا يتغير يا بني "بنبرة عتاب" لقد طال غيابك يا بني

تقرب منها حرب ويلس صوبها: تعلمين بالفوضى التي حلّت بالقرية.. دخول الغريبة ومرض أبي.. كانت الأمور شائكة

أم قبيصة بابتسامة: كالعادة ماهر باختلاق الأعذار وسد التهم!

حرب يغير الموضوع: لمَ تصرين على رق العجين بدلًا من الخادمة؟ الخادمات يملأن المنزل.. بل وخادمات القرية كلهن تحت أمرتك.. لا تتعبي نفسك بهذه الأمور

أم قبيصة: لا بأس يا بني.. فلن يرهقني رق العجين وثرده لإطعامكم.. بل يزيدني قوة

حرب ساكت ويراقبها

أم قبيصة: سمعتُ بأنك أتيت بها مرةً أخرى

حرب فاهم قصدها: لقد ساعدت خالتي سارة في الولادة

أم قبيصة: لقد سمعتُ بكل هذا.. قيل بأن حياة خالتك كانت في خطر وأنقذتها الغريبة "بابتسامة هادئة" قواها الخارقة ولمساتها السحرية أصبحت حديث القرية وكل الفضل يعود لدرّية خادمة خالتك سارة

حرب: لا رد

أم قبيصة بريبة: ولكن لا أعلم لم يراودني شعور غريب تجاه ما يحصل

حرب: غريبة بحجم قبيصة لن تستطيع إيذاء حرب المجهجه.. أريحي نفسك من القلق

***

طول الكلاس وهي تستجمع قواها وتفكر تكلمهم والا لا.. وكيف تسير.. وشو بتقول.. طول الوقت تخطط لدرجة انها ما ركزت في اي كلمة قالها الاستاذ.. اول ما طلع الاستاذ شافت سهيل يطلع في نفس الدقيقة.. بس زميله تاخر شوي لين فضى الكلاس.. اوكي الحمدلله الأمور تمشي في صالحها.. الكلام وياه بيكون اسهل يوم مافي حد حولهم

قامت وهي تحس ريولها ثقيلة.. وقفت جدامه تحاول تغصب الكلمة عشان تطلع

خولة: لو سمحت

حميد حط عينه بعينها بطريقة وترتها وخلتها تنزلها للطاولة: نعم

خولة بارتباك: اممم.. شسمه.. كنت بسأل.. اممم عن القروب.. ليش ما دخلتوا؟

شافته فر أغراضه على الطاولة ووقف لها بنرفزة: بسألج انتي فيج دم والا مافيج؟

انصدمت من رده: نعم؟

حميد: شو اللي نعم.. يايتني لين هني تقوليلي ليش مادخلت قروب الواتساب ماتستحين على ويهج شو؟ كفاية انج يالسة في نص الشباب لا حيا ولا مستحى.. اهلج اصلا كيف رضوا؟؟ انتي بنت منو ماعندكم رياييل فالبيت ييودونج ويأدبونج؟؟؟؟

خولة كانت تحاول تتمالك اعصابها بس الكلمة الأخيرة جرحتها بعمق.. قالت ببرود حاولت تتصنعه: لا ماعندنا رياييل.. القروب بغيت نخطط فيه للمشروع مابغيته سوالف.. ولو دخلته بتعرف اني مب مهتمة اساسًا اسولف ويا حد منكم.. انا مجبورة اتعامل وياكم ولو من البداية ماكان عايبنك هالشي كنت تقدر ترفض ببساطة.. عمومًا انا بكلم الاستاذ وبقوله اني مب مرتاحة وابغي اشتغل بروحي.. مشكور على وقتك

وطلعت وهي ترمش بسرعة عن تنزل دموعها جدامه وتنحرج أكثر.. كانت تحس بحرارة تمشي في جسمها.. قهر وإحراج وظلم.. حسبي الله ونعم الوكيل.. كانت تمشي بسرعة شبه تركض عشان تطلع بسرعة من المبنى وتصيح على راحتها

***

كان مقهور من الاستاذ اللي نقصه درجات على اشياء ما تسوى.. وهو صدق ناوي يشد حيله ويفتك من هالمادة.. ييمع "يجمع" أغراضه عشان يطلع من الكلاس يوم حس بطيف أسود جدامه.. رفع راسه شافها واقفة بتردد ورجفة واضحين عليها

عقد حواجبه باستغراب واستنكار.. شو هالجرأة اللي فيها؟

شافها تتكلم وأعصابه تشتد.. هو كان متنرفز من البداية وطلبها.. وجرأتها اللي ما تعود عليها رفعت ضغطه.. تعمّد يجرحها بالكلام.. هدفه الأساسي إنها تستحي على ويهها تستر على عمرها وتطلع من هالمكان.. لأنه يخالط الشباب ويسمع اللي ينقال عنها.. وأحلام الشباب وتخيلاتهم لها وللعلاقات المحتملة اللي ممكن تكونها

هي ما تهمه كإنسانة لكن يشوفها ظاهريًا حشيم.. ما تحط في ويهها ولا نقطة مكياج ولا تظهر شعرها ولا تكلم حد.. ما يتوقع إنها تكون إنسانة سيئة بس ليش حاطة نفسها في هالموقف ومعرضة نفسها لهالسمعة السيئة!
لو كانت الجامعة مختلطة بيكون الوضع أهون.. لكن جامعة حرفيًا مافيها حد غيرها.. صراحة شيء كبير بعينه

كان يحس بارتجاف صوتها وكلماتها المتقطعة ويعرف إنها طلعت بهالسرعة عشان تصيح.. عنده خوات وحافظ هالتصرفات عدل

في النهاية هو إنسان.. ومايدري ليش تخيل شما أخته تتعرض لكلام مثل هذا الكلام.. ما هان عليه يكون قاسي لهالدرجة.. كان بيعتذر منها بس كانت سريعة جنها طهف "هوا قوي"

لحقها لين وصل مكان خالي من الناس

كانت يالسة على الرصيف ورا المكتبة وتتكلم في التلفون بقهر: الله ياخذه يعل ما شي علي.. الله ياخذه جانه مسود عيشتنا ومعرضنا لهالذل كل مكان.. الله ياخذه ولا يرحمه هذا اخو والا عدو.. الله ياخذه اخذ عزيز مقتدر.. عبدالله حبيبي دخيلك ايلس في الحجرة ولا تطلع له لين ارد انا.. خلاص انا وايد سكتت وايد ماقدر اكثر

***

طلع من الغرفة بعد ما خلص جري وتسبح مثل ما وعد جاك.. واتجه له عشان يساعده

شاف أكثر شخص يبغضه في العالم واقف عدال جاك وتمازحه جنه "كأنه" أخوها وتضربه على زنده.. تقزز منها ومن تصرفاتها.. وكعادته إذا شافها مايبتعد.. بالعكس يتقرب زيادة عشان تبتعد هي

بابتسامة واسعة قال: اوووه الشيف جاك يبدو بأن الاستعدادات على قدمٍ وساق

جاك: ماذا تظن إذًا؟؟ لم حضرت مبكرًا لم تجهز النار بعد

خالد بتجاهل تام لعليا: جئت لأعاونك

جاك بمزح: اوووه هذه مناسبة عظيمة إذًا! أن يتنازل الدكتور لمعاونة المسكين جاك

خالد ابتسم

جاك: ولكن لا تقلق فإن الطباخون هنا أكثر من الفريق وقد أعدوا كل شيء مسبقًا.. لم يتبقى لي سوى الشوي

خالد يلس على الكرسي وحط ريل على ريل متجاهل عليا تجاهل تام

جاك: وصديقتي المفضلة هنا أيضًا

يوم قال هالكلام عليا انسحبت من المكان بدون أي كلمة

جاك: إلى متى ستعاملها بهذه الطريقة

خالد بعدم اهتمام: إذا كان هذا هو موضوعك لليوم لننهيه من الآن.. افضل

جاك يهز كتفه: مثلما تشاء