23

660 23 5
                                    

الجزء الثالث والعشرون


كانت خارجةً للعمل، حين وجدت مالكة المنزل العجوز ترتدي خوذة الحماية وتستعد للصعود على دراجتها الهوائية

علياء بالانجليزية: واو هل تستخدمين الدراجة الهوائية للتنقل؟

السيدة جولييت: نعم.. ولم الاستغراب؟ "بقهقهه" ألأنني عجوز؟

علياء ابتسمت: لأكون صادقة.. نعم

السيدة جولييت بابتسامة: آه نعم لقد تعودت على استخدام الدراجة الهوائية منذ كنت صغيرة.. فهي الوسيلة الأمثل للتنقل في باريس

علياء باستغراب: حقا؟

السيدة جولييت: بالطبع، فهي عادة أهل باريس

علياء: معكِ حق.. لنجرب الدراجات الهوائية في رحلتها المستقبلية الي باريس.. ستكون تجربة فريدة من نوعها

السيدة جولييت: من دواعي سروري.. سأعرفك على ابنتي فقد انتقلت إلى باريس منذ فترة بسيطة

علياء: اممم غريب.. لماذا؟

السيدة جولييت: هي فنانة تشكيلية، وعلى حد قولها الفرص للفنانين أكبر في باريس

علياء: هذا رائع.. أتمنى لها التوفيق

السيدة جولييت: ولك أيضًا.. وأنا جادةٌ في دعوتي هذه.. سآخذك إلى باريس وأريكِ اياها بعيني أنا

علياء: لم لا؟ في المستقبل باذن الله

***

اصطحب الاثنتين بإكراه، الأولى لم ترد الذهاب لكونها لا تحبذ الخروج من منزلها بلا داعٍ، خصوصًا وأن الرحلة طويلة، ولا شيء أصعب عليها من ترك منزلها لمدة طويلة

أما الأخرى، فقد كانت تعاني من مخلّفات الفراق.. كانت تحاول النهوض بنفسها، وتنجح أحيانًا.. وتفشل أحيانًا كثيرة.. ولم ترِدْ أن تضغط على نفسها وتجبرها على النسيان.. لذلك تركت لها حرية الحزن بعض الأيام، وكان اليوم أحدها، وأما الرحلة التي خطط لها حميد.. جاءت لتفسد جميع خططها بدفن نفسها في قوقعة الحزن، والحسرة على حبها الذي قتل في مهده

حميد يطوّل على المسجل ويغني بحماس

أم خالد صدت عنه واستغفرت

أما شما، فقالت: زود على الذوق التعبان الاغنية مطلعنها من كهف

حميد: شو عرفج انتي.. سكتي سكتي بس خليني مستاااانس اليوم

أم خالد: ان شاءالله دوم بس استانس بعيد عني.. مطلعني غصب من بيتي اونه عندك شغلة

حميد: وشغلتي ماتستوي بدونج

شما: وأنا شو تبابي؟؟ مطلعني غصب

حميد: عنبوه مطلعنكن اونسكن جي معصبات علي

أم خالد: ليش منو قالك اني زعلانة في بيتي

حميد: حشى يا أم خالد.. تراني مودنج عند بنتج مب عند حد غريب

أم خالد: بنتي والا غيره، انا بيتي ماحب افارقه

حميد: من غير شر كلها كم ساعة وبنرد ان شاءالله

بعد مدة زمنية وصلوا بيت أم لطيفة
كانت تترياهم عند الباب الداخلي، ومشرعة الباب الخارجي

أم لطيفة: هلا والله ومرحبا.. حي الله أم خالد.. أسفرت وانورت.. تبارك البيت يوم ييتيه

أم خالد: الله يحييج.. وينه بو لطوف مب موجود؟

أم لطيفة: لا دوام وحليله، عقب كم يوم بينزل ان شاءالله

أم خالد: هييه ربي يعينه

أم لطيفة همست لحميد: ماشاءالله سايق ساعة ونص عشان هالمصاخة، ويوم نباك بحاية ربع ساعة ماتطيع

حميد ضحك بخفة: ههههههههه بغيناج عون يا ام لطوف

أم لطيفة: ربنا يجيب العواقب سليمة

حميد بصوت عادي: الا صدق أم لطوف وين بناتج؟ بسير المول شو رايج اطلعهن وياي

شما بتعجب لفت عليه: من متى الحب ماشاءالله

حميد دز راسها: مايخصج انتي.. يلا ام لطوف كشخيهن بوديهن الالعاب.. وانتي ام كشة تعالي ويانا

شما: مابا مب متفيجة

أم لطيفة: ليش فديتج شي يعورج؟

شما: لا بس مالي خاطر

أم لطيفة: يلا عن الدلع سيري استانسي "لفت على حميد" عاد انته دلعها ودها مطعم غاوي والا خذلها شي حليلها رادة من الصحرا تبا شي يونسها

شما بعبرة خنقتها: لا عادي مب لازم

حميد يحضن راسها بدفاشة: لااا لا مايستوي اليوم عازمنج انا

شما تدزه بضيق: اوووف قوووم.. اماااايه شوفييه

أم خالد بغضب: ولد!!

حميد: ريال شكبري باجر بتشلين ولدي تقوليلي ولد

أم خالد بابتسامة من الطاري: الله يبلغني يارب اشل عيالكم كلكم كبيركم وصغيركم

حميد من قلبه: آمين يارب

وشل شما وطلعوا

***

كانت الدنيا مكتظة، مب قادر يحصل لحظة سكون، لا في البيت ولا في الدوام.. توجّه للمكان الثالث اللي يخصه، وهو عزبته.. وما خبّر حد

أول ما وصل انفتح له الباب من قبل أحد العمال، سلم عليه ونزل يتمشى بشكل عشوائي.. يتطمن على الحلال

مامرت دقايق، الا وسمع أصوات هرن عند الباب.. حس برغبة انه يذبح صاحب السيارة، والشخص اللي فتح له الباب بدون استئذان

صاحب السيارة دخل بأريحية تامة وكأن البيت بيته، وبركن "صفّ" سيارته جريب منه

نزل من السيارة: اوووووووب حي الله بو عبيد.. وين هالغيبة يا ريال

بو عبيد: الله يحييك خشمك "تخاشموا وخذوا الأحوال والعلوم"

عمران: اشتقنا والله للعزبة والميلس.. ممرررة اليلسة في مكان ثاني مالها مزة

بو عبيد: لازم هني خدمة فايف ستارز

عمران ضربه على ظهره بخفة: الله يبارك في راعي الحلال والحلال

بو عبيد: آمين

عمران: عاد انا ماترييتك كنت في عزبتنا ومن شفت سيارتك دقيت سلف وييتك وخبرت الشباب.. يبالنا لعب ورقة على السريع

بو عبيد يحس انه يبا يذبحه: على خير

وابتعد عنه رغبة بالهروب.. يريد الهروب من ضجيج الحياة.. يشعر بأن الدنيا متجمعة في حلقه، وتخنقه.. يريد سكينة الصحراء

حاول الهروب مسبقًا، رحل إلى لندن، مدينته المفضلة، ولكنها كانت بالنسبة له كمن يمشي في بلاده.. مع كل خطوة يلقى وجهًا مألوفًا، يبدأ بالسلام ولا ينتهي الا بأغلظ القسم على العشاء

يريد إشعال سيجارته بدون أن تُمدّ حوله خمس سيجارات أخرى تنتظر الاشعال..
يريد المشي بدون أن يحادثه أحد، أو يستمتع بوجبة بدون أن يمطروا عليه وابلًا من الاخبار والاسئلة

ولكن كل ذلك مستحيل.. الا في عرض الصحراء

قطع عليه تفكيره توافد سيارات اصدقائه ومعارفه

قال بسخرية: ها الرغود تيمعتوا؟؟

أحد الرجال: هلا هلااا حي الله بو عبيد.. والله لك وحشة انته وميلسك والشباب الطيبين

بو عبيد: الله يحييك.. اقرب الفالة جاهزة.. من زمان ماخسرتوني

الريال ضحك: ههههههههه عيل والله ان العشا علي.. هذي حلفة وغير قابلة للكسر أو الحنث

بو عبيد: خلاص العشا عليك بس عندي شرط.. نبغيك تضبطنا هنيه تطبخ، طباخ المطاعم عفناه وملينا منه

الريال: تم على هالخشم.. جهزلنا الجدور وخبر مجيب "العامل" يقطع لنا الخضرة ويالله بسم الله

بو عبيد بقهقهه: عين من الله خير وتعال تفاول.. لاحقين على العشا يوم بيبرد الجو بنطبخ برع

ريال ثاني سمعه: ويييين تطبخ برع يالطيب تشوف الشمس كيف ضاربة

بو عبيد: ما عليك في الليل يتعدل الجو برودة خفيفة لطيفة

الريال: يا ريااااال

بو عبيد: هي والله اني صادق.. هنيه فالبر الجو زوين

***

جدمت لأمها الفواكه وقطعتها بطريقة تقليدية أمامها

أم خالد: أحسنتي بنتي.. والله يهالحريم هالايام نسير بيوتهن يخلن بشاكيرهن يقطعن الخضرة "الفواكه" ويطرشونها مقطعة وموزعة في صحون.. باقي يحطولنا الدلة ويقولون تقهووا وتوكلوا

أم لطيفة: افا عليج يا أم خالد تربيتج

أم خالد تتذكر الماضي: وين ايام اول يطحنون القهوة جدام ضيفهم ويطبخونها ويتعنوله من غلاه.. الحينه ميلّسين كل واحد مستريح.. والضيف ماله قدر

أم لطيفة: الناس الحين ما تهتم لهالأمور ولا تعرف لها.. اهم شي التقديمات تكون مرتبة وتشبع عيون الضيف

أم خالد: العوق مب فيهم.. في أهاليتهم اللي ماعلموهم وحرصوا عليهم يوجبون ضيوفهم

أم لطيفة: هيه صدقج

أم خالد: لو انا ماعلم وانتي ماتعلمين منو من عيالنا بيعرف؟ سنعنا بيختفي وبنستوي شرات هالشقر مانجدم للضيف الا كوب ماي

أم لطيفة بمزح: وانتي شو دراج ليكون حايطة في امريكا وايطاليا

أم خالد: منو غيره خالد يخبرني سوالفهم.. يقول ان سرت عند حد ما يجدم لك الا كوب ماي لا ويسأله بعد اذا يباه او لا.. لا سنع ولا مذهب

أم لطيفة: هههههههه اماية الله يهديج هذيل شو عرفهم.. مب شراتنا هم ولا عندهم هالترابط الاجتماعي

أم خالد: الله المستعان يا بنتي شو بنقول

أم لطيفة: انزين يا أم خالد.. أنا الصراحة عندي رمسة.. ويبتج لهنيه لأني مابغي حد يسمعها غيرج

أم خالد: مبين من ويهج في بطنج رمسة.. بس قلت بخليج على راحتج بروحج بترمسين

أم لطيفة: ولدج يبا يعرس

أم خالد بويه متهلل: صدق؟؟؟ الله يبشرج بالخير يام لطوف.. وأخيرا ياربي لك الحمد.. والله اخطبله اللي يباها.. بدون شروط وبدون خرابيط.. بسني.. عيزت وانا اتريا اشوف ضناه

أم لطيفة بتوتر: أماية حميد اللي يبا يعرس مب خالد

أم خالد بتعجب: حميد! بعده فرخ شو يبا العرس!

أم لطيفة: والله عاد هذي رمسته.. قاللي يبا يعرس وفي باله وحدة يباها.. وتدريبه هو عسكري فأمور البيزات طيبة ان شاءالله

أم خالد: يبا بنت منو؟

أم لطيفة: يبا بنت ***** ال******

أم خالد باستغراب: منو تطرين.. عيال موزوه؟

أم لطيفة: عليج نور.. يبا بنت ولدهم

أم خالد: وهو شو عرفه بهم.. اذا نحن ما ندري عنهم ولا سمعنا عنهم من سنين

أم لطيفة: على كلامه يقول شافها في الكلية وانعجب بأدبها واخلاقها ودخلت خاطره

أم خالد: الكلية؟؟؟ اي كلية بعد

أم لطيفة: كليتهم يقول فاتحين كورس صيفي حق البنات

أم خالد: كيف بعد صيفي انتي شو تخربطين

أم لطيفة: اماية ماعليج من هالخرابيط.. المهم ان الريال شافها وعيبته ويبغيها

أم خالد: مب مشكلة بنرمس العرب وبنشوف الموضوع

أم لطيفة: بس في مشكلة.. وانا ابغيج تسمعيني ولا تحكمين

أم خالد: يووووه عويش طفرتيبي تراج.. ارمسي وخلاص

أم لطيفة: تحيدين عمر ولد موزة كان ماخذ بنت حسينوه راعي الخباز؟ اللي عرض عليه بنته بدال لا يسد دينه؟

أم خالد: هيه احيدها بس يقولون طلقها من زمان

أم لطيفة: هيه طلقها بس يقولون ياب منها ولد وشله عنها.. عشان سوالف اهلها الله يستر عليهم

أم خالد: الله يستر عليهم والله مادري كيف قصوا على هالريال فقير وزوجوه بنتهم

أم لطيفة: المهم ان الولد هذا طلع على خواله.. واهل ابوه تبروا منه.. والبنت اللي يباها حميد هي اخته

أم خالد بنرفزة: لا والله؟ ليش ماتوا بنات العرب اسير ايوزه بنت حسينوه

أم لطيفة: لا امي هي مب بنتها.. هذي بنت حرمته الثانية اللي خذاها عقب ماطلقها.. بس المشكلة ان سمعته لحقتهم لانهم اخوانه.. مساكين الله يعينهم.. عاد امهم توفت وهم صغار ورباهم ابوهم والحين حالته حاله

أم خالد: الله يرحمها ويستر على بنتها مالها نصيب عندنا

أم لطيفة: اماية حميد مصر.. حاولت افهمه واقنعه بس مب طايع يقول البنت وايد زينة ومالها خص باخوها

أم خالد: حميد ياهل ومايعرف مصلحته.. حتى لو البنت زينة تراه اخوها وخال عيالها.. باجر بيعايرونهم العرب وبياكلون ويوهنا

أم لطيفة: ماعليه شو رايج تشوفين البنت قبل لا تحكمين واذا ماعيبتج ارفضي

أم خالد: انا ماداني سوالف اليهال هذي، قلت ماشي نصيب وخلاص ووصلي هالرمسة حق اخوج.. بعده ياهل لين يتخرج ويتثبت بندورله احسن حرمة

أم لطيفة: ان شاءالله بخبره ولو اني اعرف رده وانه بيزعل

أم خالد: وليش ان شاءالله حميد من متى يعارض الكبار؟ أحيده يسمع الرمسة ولدي بقوله هالبنت ماتيوز لك وبيطيعني

أم لطيفة: على راحتج

***

دخل عليه عفريس مسرعًا.. وجده على حاله.. واضعًا يمينه تحت رأسه.. وينظر لسقف الغرفة وكأنه يسبح في عالم آخر

عفريس: حرب.. انهض.. الشيخ مريض

فزّ حرب: الحمى مرة أخرى؟

عفريس: لا علم لدي

حرب نهض بصمت تام

مشى برفقة عفريس، بعود قوي صلب.. وضعف داخلي خفي.. اتجهوا إلى منزل الشيخ، فوجودا جمعًا من الناس كالعادة

بدأ التهامس وعلت الأصوات مذ رأوه مقبلًا "الشيخ حرب.. لقد أتى.. يبدو بحالة مزرية"

تجاوز الجميع بلا أي تحية، وتوجه إلى أبيه.. في غرفته الخالية من كل أحد سوى خادمه

حرب: لقد أتيت يا أبتي

الشيخ كليب بوهن: يبدو بأنها القاضية هذه المرة

حرب: ستُشفى وتنهض كالحصان الشامخ يا أبتي لا تقلق "صد على الخادم" هل وضعتهم لهم الكمادات كما علمتكم المداوية سابقًا؟

الخادم عون: نعم سيدي

حرب: ألم تنخفض الحرارة؟

الخادم عون: كما هي سيدي

الشيخ كليب: من يراك يظنك المصاب بالحمى ولست أنا

حرب بتبرير: لقد كنت مريضًا

الشيخ كليب: أنت ربيب قلبي منذ كنت بحجم الكف.. وعهدت جميع المرات التي مرضت بها ولم تبدو بهذا الحال الا بعد أن رحلت

حرب يحاول تجاهل نغزات قلبه: لا تعر الأمر اهتمامًا!

الشيخ كليب بتحسر: لم تُخطئ أبدًا.. طيلة عمرك كنت مصدر الراحة بالنسبة لي.. لم تطِش صغير السن.. طِشت على كبر يا بني

حرب بهمس: ليست طيشًا

الشيخ كليب: ولكنها خطأ.. وليست كأي خطأ.. خطأ شيخ بني جلمود يعادل أضعاف خطأ أي شخص آخر

حرب: إنها قدري

الشيخ كليب: سمعنا بين العرب عن مجانين هاموا بالنساء، قيس وعنترة.. ولم أعلم بأن ابني سيصبح منهم

حرب: لقد شغفت ابنك حبًا

الشيخ كليب: الا الجوى لا طب له.. أعانك الله على مصابك
رجائي الوحيد أن لا تلتهي بعذابك عن أهلك.. فليس لهم أحد دونك.. وأخيك.. علمه كما كنت دائمًا.. وهيئه للمشيخة من بعدك.. أما أنا فراحل.. بلا متاع.. ليس لدي ما أخلفه سواكم.. فاسألك أن تحفظ الأمانة وتصونها

حرب بتأثر: لا تقلها يا أبي

الشيخ كليب: وإن بدر مني نقيص عليك.. أو شعرت بالتفرقة ما بينك وبين قبيصة اسألك أن تحللني وتبرأني من ذنبي

حرب: حاشاك لم أرى منك إلا خيرًا.. وعلى النقيض كنت تفضلني عليه دائمًا

الشيخ كليب: أهلك يا حرب.. اوصيك بأهلك.. أوصيك ببني جلمود يا بني فليس لهم أحد سواك

حرب: وصيتك سيف على رقبتي

***

كانت متوجهة لحميد تخبره إنها بتودي لطوف الحمام، عشان ينتبه لأختها مهاري.. وسمعته يرمس فالتلفون

حميد: ههههههههههههه لو كنتي اخسف انسانة في العالم بعدني بحبج لا تحاتين.. هههههههههههه عااادي والله انج حلوة بكل حالاتج.. انتي بروحج خبلة ليش تحطين هالخرابيط على ويهج قلتلج ماله داعي ماتسمعين الرمسة

شما انزعجت من المكالمة، حاولت تنبهه بوجودها بدون لا تحرجه وتحرج نفسها بس هو مندمج

حميد بضحك: لا تحاتين باخذج حتى لو احترق ويهج بس بنقص المهر.. البضاعة خربانة

شما تحس بكتمة من اللي تسمعه، حاولت تمثّل إنها ياية من بعيد وتزقره: حمييد.. حمييد

يوم انتبه عليها، مثّل انه يكلم ربيعه: خلاص شوي وبرمسك "صد عليها" هاه شو تبين

شما: بودي لطوف الحمام يود مهاري لين ارد

حميد: وديها وياج ليش ايودها انا

شما: انته اللي مطلعنهم شو يخصني انا

حميد: ام لسان.. اصطلبي ووديها وياج

شما: مابا "شلت لطوف وسارت"

حميد: سارت والله الخايسة ولا عبرتني

خولة: ههههههههههههه تستاهل.. ماتنعطون ويه انتوا الرياييل

حميد: هذا وانا مطلعنها تحمد ربها بعد

خولة: مطلعنها تيود بنات اختك وانته تغازل

حميد: يزاي اغازلج بعد واونسج.. صدق ان الحريم ناكرات للجميل

خولة: وليش مطلع بنات اختك غريبة ماحيدك

حميد: عندي شغلة مهمة بس دعواتج تتيسر

خولة: الله ييسر لك كل خير حبيبي

***

كانت تنظر إلى المشاهد التي التقطنها أخواتها في البحر بحزن شديد.. كانت ترى أمها وأبيها على بساط عربي بسيط، أمامهم وجبات خفيفة ومشروبات، وأخواتها يكشفن ربع أقدامهن في بقعة معزولة من البحر.. يلعبن ويمرحن بالماء المالح

محمد الخارج من الحمام: شو فيج حبيبي؟

فطامي مبوزة: اطالع سنابات خواتي.. كلهم سايرين البحر مستانسيييين

محمد: وشو اللي يزعل؟

فطامي: إني مب وياهم

محمد بتعجب: الحين انا حاجزلج فجزيرة فيلا على البحر الفيروزي الهااادي والجو الرومانسي آخر شي مبوزة لأن خواتج سايرات بحر كله حصى وطحالب؟

فطامي ضحكت: هههههههه ماقصد شي بس يعني تعرف وضعنا كيف نموت على هالطلعات اللي ماتستوي الا في السنة مرة

محمد: الله يعينهن مالنا خص.. انتي وياي انا اللي تبينه بتحصلينه والمكان اللي فخاطرج، ان الله قدرني بتسيرينه

فطامي بحب: فديت روحك ادريبك ماتقصر.. بس خواتي يعني تعودت عليهن وجي.. تحز في الخاطر اني اشوفهن مستانسات بدوني

محمد يحاول يطرد شعوره بالضيج: أكيد هن بعد متولهات عليج

فطامي مبوزة: ان شاءالله صدق مايكونن نسننّي!

***

تأخر عن شما وأمه اللتين سبقنه إلى السيارة، ليسرق محادثةً مختصرة وقصيرة مع أخته أم لطيفة

حميد: بشري شو قالت؟

أم لطيفة تهز رأسها برفض: ماشي أمل.. ماطاعت تسمعني حتى

حميد: وضحتي لها كل شي؟

أم لطيفة: مب طايعة أبدًا

حميد: أنا برمسها

أم لطيفة: والله يا حميد مابغي أكسر مياديفك بس بصراحة ماشي أمل حاول تنساها!

حميد: ماعليه.. مشكورة أم لطوف، نردلج اياها بالأفراح يارب

أم لطيفة: الله يكتبلك اللي فخاطرك حبيبي

بحركة سريعة، عاد إلى سيارته.. ما تقوله شقيقته الكبرى غير مقبول.. هو لم يبلغها لأخذ رأيها.. أو رأي أي شخص آخر.. هو قرر وكفى.. لا يريد سواها.. وليحدث ما يحدث

ركب السيارة بصمت وصك الباب بغضب واضح

أم خالد: شوي شوي علينا بتكسرنا

حميد ما رد

أم خالد: بلاك يتك العلوم؟

حميد: هي

أم خالد: وشو ليكون مب عايبنك شوري

حميد بكل وضوح، وعدم اهتمام لوجود شما: البنت أبغيها

أم خالد: وأنا قلت لأختك وبقولك اياها.. البنت الله يستر عليها مالها نصيب عندنا

حميد: أماية انتي شوفيها قبل وعقبها احكمي.. والله إنها أدب وذوق وأخلاق

أم خالد: وانته شو دراك بكل هذا ليكون ترمسها

حميد بتهور: هيه ارمسها واحبها

شما انصعقت من الجرأة والاعتراف.. لكنها فضلت الصمت.. كعادتها في كل المناقشات العائلية الحادة

أم خالد صفقت ايدينها ببعض: يا ويلييي ياللي ماتستحي على ويهك،، وتقولها في ويهي بعد احبها واباها.. ليكون حامل منك

حميد بصدمة: أماية شو هالرمسة استغفر الله العظيم ترا هذا قذف لها ولي

أم خالد باستنكار: مسود الويه ادري عنك؟؟؟ اباها واباها شو ورا هالاصرار أكيد وراكم مصيبة.. بنات هالايام مامنهن أمان توها حصيص من يومين تخبرني عن وحدة استغفر الله

حميد يحس بألم في راسه: وانا شو يخصني بحصيص والبنات.. البنت اللي ابغيها اسمها خولة.. جمال وحشمة واخلاق والله اني ماشفت حتى شعرها

أم خالد: الله يستر عليها حميد لا تعورلي راسي انا وحدة راعية سكر.. قلتلك هالبنت مابتاخذها.. اقصر الشر

حميد بعناد: انا غير هالبنت مابغي

أم خالد: يالغبي مثل مارمستك بترمس غيرك.. شو اللي فيك زود عشان ماتكتفي بك

حميد يحاول يتجاهل اتهاماتها: مثل الزود اللي فيها ويخليني اكتفي بها

أم خالد: مب على كيفك وسكر الموضوع خلاص

حميد بتمرد غير معتاد: العرس عرسي.. والعروس انا اختارها يا امي.. تسد بيبان غيري اللي سكرتوها لا تسكرون بابي انا بعد

أم خالد بغضب جامح: نعععععم يا مسود الويه شو تقصد

حميد: ماقصد شي.. بس لا تقطعون نصيبي

أم خالد: لا والله انك مب صاحي ولا طبيعي.. هذي رمسة تقولها مسود الويه.. لو انك مب ولدي جان دعيت عليك

شعر بأن سكوته افضل من الرد، تبقى هي أمه، والاستمرار بإغضابها لن ينفع أحدًا بشيء.. سوى أنه سيتسبب لها بارتفاع الضغط والسكر

أما هي، فكانت تبكي بصمت يحاكي هدوء السيارة بعد العاصفة.. كانت دموعها تهطل بأريحية تامة على خدها.. وتشكر الليل والظلام على إخفائها عن أعين الجميع

كانت تصرخ بداخلها: لا يارب.. حميد.. يارب مايذوق الم الفراق والانكسار اللي احس به.. حبيبي حميد.. الطيب المشاكس.. يارب يتزوج اللي يحبها.. مبين انه يحبها من قلبه.. توه يضحك وياها ويوعدها والحين ينصدم بالواقع.. حرام.. الله يجمعهم بالحلال يارب ولا يجعل بينهم فراق ولا انقطاع

كانت تبكي الحرقة التي شعرت بها في أخيها، ولو لا كون المتحدثة "أمهم" لكان خنقها وربما رماها من السيارة.. كيف فكّرت برميِ حبيبته في عرضها بكل حرية، وكأنها تتحدث عن غريبة

لقد كرّست هذا اليوم من البداية للبكاء على نفسها، وعلى محبوبها الغائب، الحاضر في قلبها.. ويبدو بأنها ستضم حميد ومحبوبته لقائمة المبكي عليهم هذه الليلة

ستعود إلى غرفتها، تبكي وتبتهل إلى الله على سجادتها، وتشكي له حرقة القلب، وتستغفره على تجاوزاتها التي أدت لكل هذا الحب!


نهاية الجزء الثالث والعشرون

قطعنا شوط كبير في الرواية.. اتمنى اقرا توقعاتكم.. واكتبولي عن شخصيتكم المفضلة للحين!

سلالة من لهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن