البارت الاول

2.6K 36 0
                                    

#الراوي

" اغربي.. لقد اردتي دائما الاستقلال و الذهاب من هنا فلماذا لا تذهبين.."

لم تشعر يولوف من قبل بمثل هذه..
أن تعود من السفر لرؤية عائلتها و في كل يوم تتمني و مع الالم.. و مع تصرفاتها القاسية ان تفرح لرؤيتها ليوم و ان تعبرها حقا كابنتها..
لقد اعتبرت دائما زوجة والدها كأم لها و كانت دائما ما تجد منها تصرفات مهينة و لكنها كانت تهتم بدروسها و طعامها..
و لكنها اليوم  تفاجئت عند عودتها بمنع دخولها للمنزل و  بالقاء حقائب  ملابسها من الشرفة..

انتهي جواز سفرها..
انتهت تأشيرتها و ليس لديها مكان لتذهب اليه و لا نقود لتسافر..
لتتذكر صراخ مريام و الذي لا يظل عالقاََ في ذهنها بمرارة لم تتخيلها مهما مرت السنين و الايام

**" لقد تزوجت الان.. لن اظل طوال حياتي كراهبة للاعتناء بك و بوالدك الخائن..
بسببك اضطريت للبقاء مع رجل لا احبه..
بسببك تدمرت حياتي..
انت غلطة لوالدك.. مجرد غلطة..
و لن اظل  متحملة لك طوال حياتي "**

ظلت الكلمات تتردد في ذهناء و هي تجر حقائبها خلفها و البؤس يلاحقها  كظلها..
الدموع في عيناها لم تكن لها طعم فقد كان الشعور بالغضب يتحول بين رغبه في الانتقام و بين الاسي عن النفس.

" لماذا .. ؟"
تذكرت السنة الاخيرة قبل ان يموت والدها كانت تساعدها في مخبزها  الصغير و حتي كانت تبيت احيانا في المخبز من الإرهاق...
لم تكن ترفض لها طلباََ و كانت خدومة جدا معها..

لم تدخل الي المنزل و لكنها رأت من وراء كتف مريام كم انها غيرت كثيرا في الشقة و تلك الابتسامة السمجة علي وجه زوجها و الذي بدا انه قد اتفق معها علي طردها بهذا المنظر المهين كشحاذة.

حاولت ايقاف اي من المارة
للسؤال فقط عن حمام قريب او عن اي مكان رخيص تستطيع ابتياع بعض الطعام منه لما تبقي لديها..
و لكن لم يفهمها اي منهم..
و عندما تحدثت بما تغرفه بالانجليزية تجاهلوها...

نظرت حولها الجميع مشغولون في الشوارع بالذهاب لمقاصدهم او بالنظر الي هواتفهم..
فتاه في التاسعة عشرة من عمرها تم طردها من المنزل..
و لا احد مهتم بدموعها.
و لكن مهما نظرت فلا يبدوا ان احد  ما سيلاحظها.
قررت الاتصال بعمها..
كان هو الشخص الوحيد الذي كان لطيفاََ معها منذ وفاه والدها لتهبط دموعها عند تذكر كيف كان والدها معها..
و كم كان دائما يقف بجوارها و لكنه أغلق  عليها لتبتلع الأسي بقلبها اكثر.

" _لم يكن ليحدث هذا لي لو كان ابي هنا_.."

تعبت من المشي، الشمس قد جعلت رأسها مطبوخة و التعب قد اودي بها لتجلس علي احدي الارصفة المتربة..
لتري ان شحن  هاتفها قارب علي النفاذ..

رأت ان حلقها قد اصبح جافا و عيونها اوجعتها من الدموع لتضم قبضتها الصغيرة و تنظر الي السماء المشابهه للون عيونها.

" هيا يا يلولوف.. ماذا سيحصل مثلا.. لن اموت.. ساجد عملاََ و ساصرف علي نفسي.. لن اكون بحاجة لزوجة ابي و لا لأي احد...
سأعمل و ساحدد مكاناََ لنفسي.."

استقامت  من مكانها علي الرصيف لتجد بالفعل ان نظرات العديد من الفضولوين قد جابت عليها..
فعيونها الزرقاء الزاهية ليست مشهورة هنا و بشرتها الشاحبة للغاية المائلة للبياض يظهر تماما انها ليست من هنا..
و حتي ازقة ازمير ليست معتادة عليها.
فكان والدها العزيز يؤيد ان تدرس في روسيا لانها البلد الذي ولدت بها و التي كانت تعيش بها مع امها الي ان اصبحت في العاشرة من عمرها..
و عندما تزوج والدها ميرام في تركيا كان يزورها من هناك و ياتي لها..
انتباها الالم و هي تتذكر امها..
كانت امها امرأه مثابرة و كانت تخبرها دائما ان المرأه ليست بحاجة الي شئ في الحياة سوي ثقتها بنفسها..
لقد كانت اماََ و اباََ لها الي ان ماتت و انتقلت للعيش مع والده و زوجة ابيه و بالنظرة الوردية التي كانت لديها لم تعرف ابداََ..
ان تصرفات زوجة والدها ليست الا قناعاََ..

رفعت ذقنها امام كل المتفرجين..
الان قد مشت نفس الطريق التي ركبت باخر نقودها المتبقية سيارة اجرة من المطار..

الان هي مرة اخري امام المطار.

لن يشغلها احد لديه  هنا فلغتها التركية ضعيفة للغاية و بالكاد تتحدث الانجليزية..

نظرت لاعلي بجاكتها الاحمر الشبابي و ضفيراتها الشقرواتان الطويلتان الي خصرها..

" ربما سيسمحوا لي بالعمل هنا.. ساعمل اي شئ سانظف الارض و سامسح المكان..
لقد كان زملائي في السكن يبيتون في ملاجئ و لكن لم يمت اي منهم..
لتخرج صوره والدها و تنظر لها فيما تسقط اخر دمعة علي وجنتة الصورة

" بأي حال سأعيش.."

َ

بين غريبين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن