Chapter 31

586 53 145
                                    

كان الوهج الخافت للمصباح الزيتي يومض بلطف، ملقياً ظلالاً طويلة على جدران المنزل الصغير المتواضع.. كان الهواء يعبق برائحة الشاي الطازج والقماش وانسدال الخيوط الخافتة.. كانت نيرا، بشعرها البني المسدول إلى الوراء في ضفيرة فضفاضة وعينيها البنيتين الفاتحتين المليئتين بالقلق والأمل في آن واحد، تزن بعناية صينية بها كوب من الشاي والبخار يتصاعد منه بينما كانت تقترب من زوجها..

كان نيكولو منحنياً فوق ماكينة الخياطة وأصابعه توجه القماش بمهارة تحت الإبرة بينما جبينه مجعدٌ في تركيز عميق.. كان إيقاع قعقعة الماكينة يشكل خلفية ثابتة لحياتهما، وهو صوت أصبح مريحًا وأساسيًا في آن واحد.. لقد كانت مهارته في استخدام الإبرة والخيط هي التي أبقتهم على قيد الحياة، حتى وإن كانت إمكانياتهم ضئيلة..

"تفضل، حبيبي" قالت نيرا بهدوء وهي تضع الكوب بجانبه "خذ قسطًا من الراحة وتناول بعض الشاي.."

نظر نيكولو إلى الأعلى وقد خفّت تعابير وجهه عندما رآها ثم قال وهو يقطب حاجبيه "شكراً لكِ، عزيزتي.. لكن لا يجب أن تقفي على قدميكِ كثيرًا. أنتِ بحاجة إلى الراحة.."

ارتسمت على وجه نيرا ابتسامة دافئة رقيقة بدت وكأنها تضيء الغرفة وقالت وهي تضع يدها بلطف على كتفه "أنا بخير، نيكو... سيأتي الطفل قريبًا، ولا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب علي القيام به.." قالت الجملة الأخيرة وهي تمرر يدها على بطنها البارزة بوضوح تحت فستانها الأبيض الحريري..

مد زوجها يده وأمسك خاصتها بلطف، وأصابعه الخشنة القاسية تلامس بشرتها الناعمة قائلا :"لقد فعلتِ ما يكفي يا حبيبتي.. دعيني أهتم بالأمور.."

ضغطت الأخرى على يده وأومأت برأسها وعيناها تلمعان وردّت :"أعلم ذلك.. لكن لا يمكنني الجلوس والانتظار.. يجب أن أفعل شيئاً.."

ارتشف نيكولو رشفة من الشاي، مستمتعاً بدفئه ثم قال وهو يبتسم، يهز رأسه بخفة "انتِ دائما مشغولة حتى في الأوقات التي من المفترض أن ترتاحي فيها"

ضحكت نيرا بهدوء، وهو الصوت الذي ملأ الجدران التي تحيط بزوجها، بشعور من الهدوء والسكينة "أعتقد أن العادات القديمة لا تموت بسهولة.."

ابتسم لها بالمقابل وربت على يدها قبل ان يعود إلى عمله، في حين بقيت نيرا للحظة تراقبه بمزيج من الإعجاب والحب قبل ان تشعر بوخزة حادة مفاجئة في بطنها لكنها سرعان ما أخفت انزعاجها، فهي لم تكن تريد أن تقلقه..

"سأذهب لأنهي عملي في المطبخ" قالت ثم استدارت لتغادر ليومئ لها زوجها وعاد تركيزه الى القماش :"نادِني إذا احتجتِ الى أي شيء"

شقت نيرا طريقها إلى المطبخ الصغير، وكانت خطواتها بطيئة ومتأنية بينما وضعت الصينية على المنضدة وأخذت نفساً عميقاً محاولةً تثبيت نفسها.. كان الطفل على وشك الولادة، وكانت تشعر بذلك.. كل حركة كانت أصعب من سابقتها، وكان وزن الطفل الذي لم يولد بعد يضغط عليها بشدة متزايدة..

Ride or Dieحيث تعيش القصص. اكتشف الآن