رفرفت عيون ايفالين بإنفتاح كاشفة عن عالم غارق في هاوية الظلام حيث أرسلت الأرض الباردة تحتها قشعريرة في جسدها لتجد نفسها مستلقية في مساحة واسعة وغامضة أين كان الهواء مثقلًا بسكون غريب، و بدا أن الظلام يمتد إلى ما لا نهاية..
خيّم الإرتباك على حواسها و هي تدفع نفسها للأعلى من الأرض المتجمدة..
"أين أنا؟" همست في ذلك الصمت المميت ليتردد صدى صوتها و قد ابتلعه الفراغ الهائل المحيط بها بينما ظل الظلام ملتصقا بها و ضمّها إلى حضن خانق..
عندما نظرت ايفالين حولها، و أجهدت عينيها لتمييز أي تفاصيل في الفراغ، سمعت فجأة همسات تنبعث من زاوية غامضة.. وصلت الكلمات الغامضة إلى أذنيها مرسلة رعشاتٍ أسفل عمودها الفقري.. كانت الهمسات مبهمة، نفخة غير مفهومة بدت و كأنها تحمل أسرارًا قديمة..
"ثلاثة.. أربعة... ثلاثة.. اربعة.. اربعة غير صحيحة .. اربعة كارثية.. ثلاثة.. الهرم ثلاثة.." حبست أنفاسها و هي تحاول أن تفهم، و لكن كلما استمعت أكثر، كلما بدت الكلمات بعيدة عن فهمها..
"اهدم الهرم... اهدم حياتك.. أربعة.. موت.. هي ثلاثة.. اهرب.. اهرب.. موت.. موت محتم.."
"من هناك؟!" صاحت و صوتها يرتجف بمزيج من الخوف و الفضول لتتوقف الهمسات فجأة و استُبدلت بأنفاسها المتثاقلة بينما العرق تصبب فجأة من جبينها رغم برودة الجو و هذا ما زاد من ارتعاشها قبل ان تعود الهمسات مجددا لكن بصوت ثقيل و غليض و بهدوء مخيف..
"ثلاثة... اربعة لا تنتمي... اقتل، تنجو.. اقتل، تنجو.. موت.. موت.. اهرب.. اهرب..." استمرت الهمسات و هي تنسج في الظلام مثل محلاق شبحي و كلما حاولت ايفالين فهم الكلمات، بدا و كأنها تنزلق بعيدًا، تاركة وراءها شعورًا مقلقًا بالهلع..
مدفوعة بإلحاح مفاجئ، نهضت ايفالين على قدميها سريعًا و بدأت في الركض أين تردد صدى خطواتها في الفضاء الكهفي.. كانت الظلال تتطاير خلفها مثل الأشباح المراوغة، و كان وجودها بمثابة تذكير دائم بوجود تهديد غير مرئي.. أحكم الذعر قبضته عليها و هي تسرع عبر الظلام يائسةً للهروب من الهمسات المشؤومة التي استمرت في التذمر بأسرار غير مفهومة..
و فجأة، أفسح الظلام المجال لمشهد مختلف.. حيث وجدت إيفالين نفسها واقفة في فناء خلفي غامض، يحجبها ضباب كثيف يحوم و يلتصق بكل شيء..
التفتت خلفها سريعا لتجد مساحة واسعة بدل الباب الذي خرجت منه و كأنه تلاشى فجأة.. كان الهواء رطبًا، و كان هناك سكون غريب يخيم على الجو.. كانت المناطق المحيطة غير مألوفة و خالية من أي معالم يمكن التعرف عليها..
توترت ايفالين حواسها، في محاولة لفهم محيطها حيث جعل الضباب الرؤية محدودة، و كان الصمت عميقًا لدرجة أن صوت تنفسها أصبح يصم الآذان تقريبًا.. كانت وحيدة في ذلك المشهد السريالي، و لم يكن معها سوى الضباب الدوامي كرفيق لها..
أنت تقرأ
Ride or Die
Actionالكتاب الثاني من سلسلة "جولة" "كنت أظن انني تخلصت من تلك المنظمة للأبد... لكنني لم أتوقع أبدا أنها ستكون ككابوس يلاحقني حتى النهاية" تم تصنيف الرواية للبالغين نظرا لإحتوائها على العنف و أحداث دموية قد لا تناسب البعض هذه الرواية بقلمي و جهدي الشخصي م...