الفصل 63: بداية النهاية

56 3 0
                                    

كان الليل يلف المدينة بعباءة سوداء، والأزقة الضيقة تغرق في الظلام. رجل يرتدي ملابس رثة يركض بأقصى سرعة، عيناه تتفحصان الظلال خلفه برعب

يزداد نبض قلبه مع كل خطوة يخطوها، ويزداد تعرق جبينه. فجأة، يظهر شيء من الظلام، يتحرك بسرعة البرق

قبل أن يتمكن الرجل من الصراخ، يبرز سكين من الظلام ويغرس في صدره. يسقط الرجل أرضاً بلا حراك، وتختفي الشخصية التي قتلتّه في الظلام

تقترب شخصية من الظلام، يظهر وجه شاب في أواخر سن المراهقة. وجهه شاحب، وعيناه تفتقران إلى أي تعبير، وكأنهما عينان لدمية

إنه "آرون"، الذي تغير كثيراً منذ آخر مرة رأيناه. لقد أصبح أكثر وسامة وأكثر نضجاً، ولكن عينيه لا تزالان تحملان ذلك البريق الميت الذي اكتسبه من السحر الذي ألقاه عليه الدوق. يمسح "آرون" السكين بكم قميصه، ثم يختفي في الظلام

في الصباح الباكر حدث مفاجئ وغير متوقع، ففي قصر الإمبراطورية، يجتمع النبلاء ذوو الشأن. الإمبراطور، بوجهه العابس، يعلن عن دخول الإمبراطورية في حرب مع إمبراطورية مونلايت

يصف أفعال إمبراطور مونلايت بالعدوانية، ويدعو النبلاء إلى الوحدة والتضامن للدفاع عن الإمبراطورية

في ساحة المعركة، يظهر "آرون" في مقدمة جيش أكواريوس. يرتدي رداءً أسود كاحل، ويحمل معه سيفه الأسود ذو الخطوط الأرجوانية

عيناه تتلألآن ببريق قاتم، وهو يقتل الأعداء بوحشية. يهاجم أعداؤه بكل شراسة، ولكن "آرون" يتصدى لهم بسهولة، وكأنه مجرد لعبة

بينما كان "آرون" يقاتل، كان الجنود يتبادلون النظرات في دهشة ورعب. كان الجنود يتحدثون فيما بينهم وهم ينظرون إليه بدهشة وخوف قائلين:

- هل رأيتم كيف يقاتل؟ إنه كالشيطان! -قال جندي بصوت مرتجف-

- أنه أشبه بالشبح، لا يرحم ولا يشفق على أحد!

- هل رأيتم كيف قتل ذلك الطفل عشرة جنود في لحظة؟ -همس أحد الجنود لصاحبه-

- إنه لا يشبه أي إنسان، إنه وحش!

- أهو حقاً فتى في ١٢ من عمره؟

كان "آرون" يسمع كل كلمة يقولونها، لكنه لم يبدِ أي رد فعل. كان وجهه شاحبًا وعيناه ثابتتان، وكأنه لم يسمع شيئًا

بعد انتهاء المعركة، استدعى قائد الجيش "آرون" إلى خيمته. قال قائد الجيش: "آرون"، أنت مقاتل شجاع، ولكنك متهور في القتال. يجب عليك اتباع الأوامر وعدم التصرف بمفردك!

نظر "آرون" إلى قائد الجيش بعينين فارغتين. قال بصوت خافت: أوامرك يا قائد

شعر القائد بقشعريرة تسري في جسده عندما نظر إلى عيني "آرون". كان هناك شيء غريب ومخيف في نظراته، وكأنها عيون لا روح فيها

في تلك الليلة، جلس آرون وحيدًا في خيمته. كان يفكر في كل ما حدث له. كان يشعر بالوحدة والضياع

لم يعد يتذكر من هو، أو من أين جاء. كل ما يعرفه هو أنه أداة في يد الدوق، ويجب عليه أن ينفذ أوامره

مرت ثلاث سنوات أخرى. خلال هذه السنوات، تحول "آرون" إلى محارب لا يعرف الرحمة، ينفذ أوامر الدوق بوحشية ودون تردد

في قصر الإمبراطورية، كان هناك احتفال كبير بمناسبة عيد ميلاد الأميرة الثالثة، "آريانا". كانت "آريانا" تتألق بجمالها، وعيونها تبحث عن "آرون" بين الحشد. عندما رأتَه، ابتسمت ابتسامة عريضة واتجهت نحوه

- "آرون"، كم أنا سعيدة برؤيتك هنا! -قالت "آريانا" بصوت ناعم-

ابتسم آرون ابتسامة باهتة، ولكن عيناه كانتا فارغتين. أجاب بصوت ميكانيكي: الشرف لي يا أميرة

بدأت "آريانا" تحكي له عن رحلاتها الأخيرة وأخبار الإمبراطورية، ولكن "آرون" لم يكن يستمع إليها حقًا. كان عقله مشغولًا بأفكار أخرى

- "آرون"، هل هناك شيء يضايقك؟ -سألته "آريانا" بقلق-

هز "آرون" رأسه بالنفي، ولكن عيناه كانتا تعكس ذلك

- أنت تبدو حزينًا دائمًا. هل هناك شيء أستطيع فعله لمساعدتك؟

ابتسم "آرون" قسريًا وقال: لا داعي للقلق، أنا بخير

بعد فترة قصيرة، وجد "آرون" نفسه وحيدًا مع "آريانا" في الحديقة. كانت القمرية تضيء المكان بوهج خافت، وكان النسيم العليل يحمل معه رائحة الزهور

- "آرون"، هل يمكنك أن تخبرني عن نفسك؟ -سألته "آريانا" كانت تريد منه التحدث-

نظر "آرون" إلى "آريانا"، ثم إلى القمر. ثم قال بصوت هادئ، وعيناه تتأملان وجهها الناعم: "آريانا"، أنتِ أجمل امرأة رأيتها في حياتي

أحمرت وجنتي "آريانا"، وخفضت عينيها خجلاً. ردت بصوت خافت: أنتَ مجامل جدًا يا "آرون"

مد "آرون" يده برفق، ومرر أصابعه على خصلة من شعرها الثلجي الناعم

- شعرك جميل جدًا، مثل الثلج المتساقط -قال وهو يقبل خصلة من شعرها بلطف-

فزعت "آريانا"، ورفعت يدها لتبعد يده، لكنها صفعته دون قصد. نظرت إليه بخجل شديد، وهرعت بعيدًا

رأى الدوق هارت المشهد من بعيد، وغضب في قلبه. ظن أن "آرون" قد تجرأ على مضايقة الأميرة. تقدم نحوه بخطوات سريعة، وعيناه تتلألآن بالغضب

- "آرون!" -صرخ الدوق بصوت جهوري- كيف تجرؤ على مضايقة الأميرة؟

نظر "آرون" إلى الدوق بدهشة، ثم إلى "آريانا" التي كانت تختبئ خلف الشجيرات. لم يفهم ما حدث

- أنا لم أقصد إيذائها -قال "آرون" بصوت خافت-

لم يستمع الدوق إلى تبريره. أخرج سيفه وطعنه في صدر "آرون". سقط "آرون" على الأرض، وبدأ الدم يتدفق من جرحه

ثم عاد الدوق هارت إلى الحفلة، تركاً "آرون" ملقى على الأرض. ولكن بعد لحظات، بدأ جرح "آرون" بالتعافي بسرعة مذهلة. اختفى الجرح تمامًا، وكأن شيئًا لم يحدث

نهض "آرون" من على الأرض، قال بصوت خافت: هذا صحيح.. أنا ليستُ بشريًا..

سيد السيف فاقد للذاكرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن