منذ فجر الزمان، قبل أن تتشكل ممالك البشر، سكنت الأرض مخلوقات سحرية فريدة، عُرفت بالعشائر. هذه الكائنات، رغم تشابهها الظاهري بالبشر، تمتلك قدرات سحرية هائلة تجعلها تتفرد عن باقي المخلوقات. تعيش كل عشيرة في بيئة تتناسب مع طبيعتها، وتتقاسم تراثاً سحرياً فريداً يميزها عن غيرها.
تعددت العشائر وتنوعت قواها، فمنهم من سيطر على النار، ومنهم من تحكم في الأرض، ومنهم من استدعى الرياح والأمطار. ولكن بين هذه العشائر، برزت عشيرة فريدة، هي عشيرة ظلال الثلج، أو المعروفة بـ "سحرة الجليد والظلال"
عاشت عشيرة ظلال الثلج في أعالي الجبال الشاهقة، حيث الثلج الأبدي والرياح العاتية. كانوا أشبه بالظلال، سريعون وخفيون، يتحركون برشاقة بين الصخور والجليد. قوتهم كانت هائلة، وقدراتهم القتالية فاقت كل تصور.
لم يكن مجرد مقاتلين، بل كانوا صيادين ماهرون، يستخدمون سهامهم الجليدية وحيلهم السحرية لترويض أشد الوحوش شراسة.
سُميت العشيرة بـ "ظلال الثلج" لعدة أسباب. أولها سرعتهم الخارقة التي جعلتهم يختفون ويظهرون كالأشباح. ثانيها، قدرتهم على التحكم في الثلج وتشكيله بأشكال لا حصر لها، مما جعلهم يتماهون مع بيئتهم الجليدية. وأخيراً، قوتهم الظلامية التي مكنتهم من التسلل إلى قلوب أعدائهم وإخضاعهم.
منذ نعومة أظفارهم، كان أبناء عشيرة ظلال الثلج يتدربون على البقاء في بيئتهم القاسية. في سن الخامسة، كانوا يبدأون بتعلم أساسيات الصيد والقتال، مستخدمين حيوانات الغابة كأهدافهم. وعندما بلغوا الخامسة عشرة، بدأ تدريبهم على القتال ضد الظلام، حيث يتعلمون حماية عالمهم من القوى الشريرة التي تسعى إلى تدميره.
على عكس الكائنات السحرية الأخرى، كانت عشيرة ظلال الثلج تتمتع بقدرة فريدة على التكيف مع شكل البشر. كانوا يمتلكون مظهراً بشرياً، ولكن مع قدرات سحرية تفوق الخيال. سحرهم لم يقتصر على الثلج، بل امتد إلى التحكم في الظلال، والتنقل عبر الأبعاد، وحتى قراءة الأفكار.
كانت عشيرة ظلال الثلج حراساً شرساً لأراضيهم، مدافعين عن عالمهم بكل ما أوتوا من قوة. قصتهم هي قصة صراع بين النور والظلام، بين الخير والشر، قصة ستظل محفورة في ذاكرة الزمن.
في أعماق جبال الثلج الشاهقة، داخل قصر من الجليد المنحوت بدقة، اجتمعت عائلة هاريس، زعيم عشيرة ظلال الثلج. كانت الليلة باردة وقاسية كعادتها، لكن البرد لم يكن شيئاً مقارنة بما يعتمل في قلوبهم.
جلست أيلينا، سيدة عشيرة ظلال الثلج، بجانب زوجها هاريس، رئيس العشيرة، في غرفة دافئة مضاءة بشمع العسل. كانت عيناها الأرجوانيتان تتأملان زوجها بقلق وحزن، بينما خطوط التعب تظهر بوضوح على وجهها الأبيض كالثلج. بدا هاريس، بشعره الأسود وعينيه الكريستاليتين، هادئًا وقويًا كالعادة، لكن عينيه عكست عمق المشاعر التي يمر بها.
إلى جانبهما، جلست تاليا، أميرة العشيرة، بشعرها الأبيض وعينيها الأرجوانيتين اللامعتين. كانت تحمل نفسها بقوة وإصرار، عازمة على مواجهة المستقبل مهما كانت التحديات. وعلى الجانب الآخر، كان إيان، الوريث الشاب، يمسك بيد أبيه بقوة. عيناه، إحداهما كريستالية والأخرى أرجوانية، تعكس خليطًا من الخوف والفضول. رغم صغر سنه، بدا عليه الذكاء والوعي بأهمية اللحظة.
"سأعود قريباً يا حبيبتي، ويا تاليا، ويا أيان ." قال هاريس بصوت أجش، وهو يقبل جبين كل منهم. "الظلام يهدد عالمنا، ويجب علينا أن نواجهه."
أومأت أيلين برأسها، وهي تحاول أن تبدو قوية. "اذهب يا عزيزي، وحافظ على نفسك. نحن سنكون بخير."
تاليا، الفتاة الشابة ذات العيون الارجوانية المتوهجة، نظرت إلى أبيها بتحدٍ. "سأكون قوية مثل أمي وأنت يا أبي، وسأساعد في حماية عشيرتنا.!"
ابتسم هاريس بفخر. "أعرف ذلك يا ابنتي. أنت قوية وشجاعة."
إيان، كان يلعب بقطعة من الجليد، لكن عيناه كانتا تتبعان والده بحزن. "متى ستعود يا أبي؟"
"سأعود قريباً يا بني، أقسم." قال هاريس وهو يربت على رأس إيان
وبعد لحظات مؤثرة، انطلق هاريس مع مجموعة من أقوى محاربي العشيرة. كانوا يرتدون دروعاً من الجليد، وأيديهم مسلحة برماح جليدية لامعة.
قبل أن يغادروا القصر، ألقوا نظرة أخيرة على عائلاتهم، وعزموا على حماية عالمهم بكل ما أوتوا من قوة.
في غياب هاريس ومحاربيه، ساد هدوء غريب القرية. كانت النساء والأطفال يواصلون حياتهم اليومية، غير مدركين للخطر الداهم.
في منتصف الليل، هزت ضجة هائلة القرية. كان جيش الدوق هارت، بقيادته الشخصية، قد اقتحم الحاجز السحري الذي كان يحمي القرية. لقد تمكنوا، بطريقة ما، من اختراق جميع الفخاخ والألغاز التي وضعها هاريس لحماية القرية.
كان جيشًا ضخمًا، مجهزًا بأحدث الأسلحة السحرية. قادهم الدوق بنفسه، عيناه تلمعان بالشر والطمع. "لقد حان الوقت لكي تسقط عشيرة ظلال الثلج"، وهتف الدوق بصوت مدوي لجيشه لبدأ الغزو.
بدأت المعركة، وكانت شرسة وعنيفة. حاول سكان القرية الدفاع عن أنفسهم بكل ما أوتوا من قوة، لكن جيش الدوق كان أكبر وأقوى. لقد تمكنوا من اختراق دفاعات القرية بسهولة مدهشة، وكأنهم يعرفون كل زاوية وركن فيها.
أيلين، بصفتها زوجة الزعيم، كانت في الخطوط الأمامية للدفاع. قاتلت بشراسة، مستخدمة سحرها الجليدي لإبطال هجمات الأعداء. لكنها كانت تواجه جيشاً عدداً، وفي النهاية، سقطت قتيلة.
تاليا، التي كانت تشاهد بألم مقتل أمها، شعرت بغضب شديد. قاتلت بوحشية، ولكنها كانت صغيرة جدًا وضعيفة مقارنة بالجنود. تمكن أحد الجنود من إصابتها، وسقطت مغشيًا عليها.
بعد خمسة أيام من القتال الشرس، عاد هاريس ومحاربوه ليجدوا قرية مدمرة وسكانها إما قتلى أو أسرى. شعر بصدمة لا توصف عندما وجد زوجته الحبيبة ملقاة بلا حراك. صرخ بألم، وانهار على جثتها.
"لماذا؟" صرخ هاريس بصوت يقطع الصمت. "لماذا فعلتم بي هذا؟"
نظر إلى سماء الليل، وعيناه تلمعان بغضب لا يوصف. "سأنتقم منك أيها الدوق هارت، سأجعلك تدفع الثمن غاليًا!!"
كان هذا العهد الذي قطعه هاريس على نفسه، عهد بالدم والدموع، عهد بالانتقام.
أنت تقرأ
سيد السيف فاقد للذاكرة
Mystery / Thrillerيستيقظ فتى فاقد لذكرياته في إمبراطورية لا يعرفها، ويحاول التأقلم مع حياته الجديدة، ليصبح مرتزقة مشهور بقوته الهائلة، يتعرض لمواقف كثيرة وخطرة، لذلك يحاول معرفة الأسباب تلك المواقف، ولكنه يكتشف سرًا لم يكن يجدر به أكتشافه، فماذا سيحدث له؟