بعد عدة أيام تجنبت فيها الحديث مع أي أحد قدر استطاعتي بما فيهم حنين خاصة بعد موقفنا الأخير وتعقد الأمور الغرائبية إلى هذا الحد، أردت أن أبتعد لأرتب أفكاري، لا لشيء إلا لغضبي من نفسي أولا، فكما قال يونس كنت أحسب نفسي أذكى مما فعلت، جاء يونس إلى زيارتي أخيرًا، كانت حنين تسأل عني أمي عندما أغلق هاتفي، أتراني أهول الأمور وأقسو على نفسي ؟ هل يستحق الأمر كل هذا ؟ هل كان على يونس أن ينفعل هكذا لمجرد أن رآني أنهكم في الحديث على الدكتور صالح؟ ربما .. نظرا لما بذله من جهد وراء البحث عن الحقيقة، لكن لا بدلي من التغلب على كل شيء فقط من أجل أمي، فهي لا تنام ولا تأكل جيدا منذ أن أغلقت غرفتي على نفسي وانعزلت ثانية، اعتقد أنها سألت حنين ويونس كثيرًا عن سبب خلافنا ولم تعلم، فقد كنت أسمع حديثها المتناثر عبر الهاتف أثناء ذهابي إلى المطبخ أو المرحاض.
زارنا يونس وجلس مع أمي قليلا ثم أتت وأبلغتني أنه ينتظرني كنت جاهزة بالطبع فأنا أعلم ميعاد مجيئه لأن أمي تتحدث بصوت عال تظنه همسا، خرجت إليه وقد ذبلت روحي لما بعدت عنه لأيام، وكأنه يسقيها ما تحيا به، عندما رأيته بدا لي مثلي تماما، القيت سلامي وجلسنا، فقامت أمي بحجة صنع القهوة فهي تريد أن نتصافى بمفردنا، رأيت يونس وقد صمت كثيرا .. نظر إلي وقال :- لماذا تغلقين هاتفك ؟
- لم أكن في حالة تسمح بالرد.
ظننت أن الأمر مختلف بيننا ؟
نظرت إليه وقلت...
ـ وأنا كذلك يا يونس.. انتظرتك لتحدثني بعد واقعة الدكتور صالح؛ إلا أنك لم تُجيبني أيضا ليوم كامل .
نظر يونس أمامه وقال...
- كنت مصدوما من تصرفك، وكان علي أن أهدأ وأرتب الأمور من جديد.
ساد الصمت لبرهة فقال وهو ينظر في عيني بجدية ...
ـ فريدة.. لا تنقضي المشاكل بين أي اثنين بالحب فقط، الحب وحده لا يتحمل الحياة، الحياة مليئة بالمشاكل والعراقيل والمشاحنات، هذه المرة الأولى التي نتصادم فيها لكنها لن تكون الأخيرة، والحياة تمر بسرعة من بين أيدينا دون أن نلحظها، لا أريد أن نقضيها في هذه الأجواء كلما حدث بيننا خلاف، نحن نتعلم من أخطائنا.. أعدك في المرة القادمة لن أمكث كل هذه الفترة بعيدا عنك.
وقلت في حزن شديد :
ـ وأنا لن أفعل شيئًا مرة أخرى إلا بعد مشاورتك.. لكن الأمور أصعب من أن أتحملها وحدي.. كل هذا كثير جدا علي يا يونس.. لا تتركني هكذا مرة أخرى من فضلك.
قال..
- لن أتركك أبدا تعلمين هذا يا فريدة.. لكن ليس هذا ما أقصده أبدا، أنت حرة فيهما تفعليه، المهم أن تفكري قبلها جيدا وتقدري عواقب الأمور.
أومات له بنعم وأنا أجاهد كي أبتسم، فابتسم هو بدوره، حينها دخلت أمي تنظر في وجوهنا مستبشرة فقالت...
- الحمد لله، النكد لا يأتي إلا بالنكد.. لا تسمحوا له
بالدخول، عالجوا أموركم أولا بأول.أخذ يونس منها القهوة وقال:
- كلامك مضبوط كقهوتك تماما ...
ضحكت أمي فقال يونس لي :
- والآن.. ما رأيك لنخرج قليلا؟
نظرت إلى أمي أستأذنها، فأومأت لي بالموافقة، فأردف يونس ...
- أتظنين أنها لا تعلم؟ سوف نخرج كلنا للعشاء.. هيا
استعدي سريعا.***
أنت تقرأ
النوم الاسود
Horror{ ليلة ظهور شبح غرفة الموسيقى } تصعد فريدة إلي الدور الثالث بمبنى كلية التربية الموسيقية، وتحديدًا أمام باب غرفة الموسيقى المهجورة، حيث تبدأ في تذكر كل شيء، لكن ما تتذكره أو تراه أو تحلم به لا يخصها. إنما هو مجرد مفتاح لكشف كل ما حدث وكل ما قد يحدث...