كانت عودتي الي الكليه والي الموسيقي أشبه بالعوده الي الحياه ، أشبه بالنجاه من غرفه ((العنايه المركزه )) تستمر الحياه رغم كل شئ ، وهكذا استمرت معي مره اخري ، أردت أن املأ حياتي بالإنجازات تماما كما أراد ابي وشجعني عليها ، مازلت اسمع صوته وهو يقول (( ستصبح ما تصدقه عن نفسك يوما ما )) لذلك تحولت إلي النقيض ، فطوال السنوات الفائتة لم أكون صداقات بالكليه ، لم احضر بالكليه كثيراً ، لم احضر محاضرات أو اتدرب علي العزف الدوري في غرفه الموسيقي الي قليلاً ، اكتفيت بصداقات الفرقه وتدريباتها ، وبالكاد اجتزت اختبارات الكليه السنويه رغم حبي الشديد للموسيقي ، الان تبدل كل هذا. لكنني لا اعلم لماذا اري الكليه الان كأنني اري تفاصيلها للمره الأولي ! مبني عتيق من ثلاثه طوابق ضخم المساحه ، يطوق كل طابق بلكون طويل ممتد بطول الدور يربط جميع الغرف ، فإذا فتحت باب بلكون لاي غرفه من غرف وصلك ببقيه الغرف .
كان علي يسار كل بلكون درج ثابت حديدي للطوارئ يصل كل طابق بالطابق الذي يليه عبر كل بلكون ، أما الفناء كان واسعا تملؤه أشجار وورود رائعه ، وبعض البرجولات الخشبيه المميزه بنيه اللون .
نظرت إلي الفناء وتسائلتُ ، لماذا لم اعره اهتماما من قبل ؟ أراه مبهجا لمن يدخل المكان لاول مره ، دائما يمتلئ بالطلبة بين عازف وراسم وناحت ، فالكليه تشعر بمن يدخلها كأنه معيدا للفن في التو واللحظة ، كأنها تحتضن من يجلس فيها ، لم ادخل المسرح القريب من البرجولات جهه اليمين الذي تنبعث منه اصوات الموسيقي التي اعشقها ، فقط اضطررت أن اعزف فيه حفلات قليله ، لكني أعرف الكافتيريا علي جهه اليسار عن ظهر قلب لأنني كلما احتجت قهوه ذهبت لاحضارها من هناك ، بجانبها مباشره مبني رعايه الطلبة الذي لا اذكر اني دخلته لا قليلا .
كما أنني لم اهتم بالتماثيل المنحوته المتسمره في مدخل المبني ،التي أطلق الطلبه عليها أسماء ونكات في النهار ولكني كنت أراهم يخشونها ليلا ، كما أنني لم ادقق يوما في اللوحات الزيتيه المعلقه ، خاصه وجه المراه ذات العيون المكحليه السوداء الواسعه والرموش الكثيفه .. اللوحات زيتيه هائله الحجم تتوسط كل اللوحات المعروضه ..بديعه الرسم لكنني لسبب ما كنت أجدها مخيفه ، إذا ما حدقت قليلا بعينيها ! يقسم الطلبه أن عينيها ترمش وتتحرك في الليل !
كان الطابقان الاول والثاني مخصصان لمحاضرات والسكان النحت والرسم ، وكنت أمر عليهما مرور الكرام لعدم اضطراري لحضور اي منهما ، ولأنني رأيت في جلسات الطلبه الكثير من الأحاديث الفارغه التي لا تناسبني المشاركه فيها ، حيث كان يتخلل معظمها إطلاق الشائعات حول الآخرين من الزملاء ، لم يكن يعنيني في المبني الا الطابق الثالث حيث توجد غرف عزف الموسيقي التي ادرسها .
حيث امكث ساعات طويله بين حضور المحاضرات صباحا ، وحضور محاضرات العزف ليلا مع ((يونس)) في الغرف المتخصصه لذلك بالطابق الثالث ، ولم اشعر بمرور الوقت فهي في الغالب تكون مده ساعه واحده ، مخصصه بين الدكتور والدارس فقط ، وكنت قد احببتها كثيرا ، ربما لان يونس كان عازفا ماهرا بالفطره ، جعلني اكتشف مناطق جديده في الكمنجه التي اشتريتها منذ فتره واعزف عليها بشكل دوري منذ سنوات ، أما البيانو فكان من الآلات الباهظ الثمن ، ولأنني لا استطيع اقتناءه بالمنزل ، كنت اتدرب عليه بشكل مكثف مع يونس ، وذات مره الححت عليه في طلبه قائله :
![](https://img.wattpad.com/cover/369674781-288-k686495.jpg)
أنت تقرأ
النوم الاسود
Horror{ ليلة ظهور شبح غرفة الموسيقى } تصعد فريدة إلي الدور الثالث بمبنى كلية التربية الموسيقية، وتحديدًا أمام باب غرفة الموسيقى المهجورة، حيث تبدأ في تذكر كل شيء، لكن ما تتذكره أو تراه أو تحلم به لا يخصها. إنما هو مجرد مفتاح لكشف كل ما حدث وكل ما قد يحدث...