(6)

37 3 0
                                    

بغريزة الانثي التي وهبها الله لنا استطيع ان اميز نظرات الرجل ، صدقه من عدمه ، رأيت الخوف في عين يونس ليله امس ، خوف رجل محب ، امسك يدي المرتعشة محاولا تهدئتي ثم هبطنا الدرج معا ، في الواقع كان جسدي كله يرتجف ولم افهم شيئا ، خرجنا معا وعبرنا الطريق ، كانت الكليه خاليه تماما حتي من فرد الأمن عند البوابه ، لم اتحدث ولم يصر علي أن أفعل رأيته بفتح باب سيارته لي ، ويشير أن اركب ، ففعلت دون تفكير .
دائما اري ان الرجل إذا حمل صفات الرجوله كان رمز الحمايه الاول ، شعرت بأمان في صحبته لم أعده من قبل مع رجل آخر ،كان شئ غير منطقي آخر يحدث بداخلي تجاهه ، لم أشعر بالوقت وانا أنظر عبر زجاج السياره الي الماره التعساء ، السيارات القديمه والأبنية المترهلة ، الأشجار البائسه والحيوانات التي لم تعد اليفه ، هكذا رأيتهم كاني أراهم لاول مره ، كان مشهد صندوق الكهرباء وكل ما حدث يعيد نفسه مرات ومرات دون تفسير .
في الصباح ذهبت الي الكليه ، أمام المبني وقبل أن ادخله بعفويه كعادتي ، وقفت أنظر إليه بفضول ، لمحني «العم سيد»الذي كانت نظراته ذات معني كما خمنت ، هذا الرجل مملوء البنيه وطويل ذو شارب ضخم وعجيب ، نظراته كانت دائما تذكرني بالمخبرين في الافلام القديمه ، وقيل أن أتحدث إليه سمعت صوت «حنين » تناديني فذهبت إليها مباشره ، جلسنا في الكافاتريا بالطابق الأرضي ، جلست ومازالت نظرات «العم سيد » تسيطر علي تفكيري ، هذا المجتمع الذي لا يفهم ولا يرحم يتجسد في شخصيات كهذه ، ذهبت حنين لإحضار كوبين من القهوه ، نظرت إلي وتبسمت في خبث ثم جلست وبدأت حديث غير معهود بيننا :

_ اعلم أن عمر صداقتنا صغير ، لكني صريحه ولا احب أن اخفي عنك شيئاً اريد البوح به.

لفت حديثها انتباهي فقلت :

_ بالتأكيد يا حنين قولي ما شئت فلا قيود بيننا ، يكفي ما فعلته من اجلي طوال الشهور الفائته لاعوض ما فاتني من دراسه ، حقا الصداقه لا تقاس بأعمارها.

تشجعت حنين وازاحت مقعدها للامام قليلا ثم مالت نحوي بجسدها ، وقد باتت ابتسامتها عريضه ثم قالت :
_ فريده .. الجميع يلاحظ اهتمام يونس بك .. لعلك لم تلاحظيه فتره من الزمن ، لكن الان .. انت فتاه ذكيه وتعلمين ما أقصده بالطبع ، كل ما في الأمر أردت أن أؤكد أن الرجل لم يلتفت طوال السنوات الماضيه الا لك انت ، رغم عدم حضورك المنتظم بالكليه في الماضي ، إلا أن الجميع كان يلاحظ مدي إعجابه بك ، حتي «العم سيد » قال لي أنه راكما البارحه وهو يمسك بيدك لتعبري الطريق .. كل ما اريد قوله هو أنني اتمني لو تعطيه فرصته بحق فهو يستحق .

نظرت إليها في ذهول وقد ارعبني ما جاء علي لسان «العم سيد » ! ثم تنبهت أنني ناديت عليه ولم يكن بالاسفل ! ثم أنني لم أراه حين خرجنا أيضا ! ارتشفت القهوه في هدوء ولم اعلق فقالت حنين :

النوم الاسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن