وصلنا لأحد الفنادق الكبيرة بالقاهرة، كان يونس حريصا على عدم نسيان الظرف في أغلب الأوقات فأخذه معه هناك واتجهنا إلى أحد المطاعم الفخمة الشهيرة، حمدت الله على نعمة يونس.. ليس لثرائه المادي بل لغناه بنفسه وأخلاقه وطيبته، كنت أراقب كيف يعاملني ويقدمني لمن يصادفه، يُشعرني بأنني ملكة؛ لذلك أحبه عقلي أولا، ثم جاء قلبي على استحياء ينظر إليه في حذر فوجده عطوفا علي، كريما معي ومع الناس، لم أسمع منه إلا ما يروقني، لينا في غضبه بغير مبالغة، يهتم لجميع أمري ولا يجد فرصة لدعمي إلا واستغلها، أكشف كل ما بداخلي من ضعف وقلق وأخطاء ومخاوف فأجده يتقرب مني أكثر، يحترم أخطائي وخوفي ولا يستغلهما، لذلك تقبلت عصبيته القليلة التي طغت حسناته عليها، أحببته بعمق وأغلقت حسابات العقل معه، فقد وثقت به ولم يكن إلا خيرًا في حياتي.
والآن أكتشف شخصية أخرى ليونس مع الاحتكاك بالعالم خارج مجتمع الكلية، فهو شخص معروف ومشهور في أوساط بعينها، لكنه متواضع ويتقي الله، وهذه تركيبة نادرة.. نادرة جدا خاصة في هذا الزمان، كما قالت حنين في الماضي.. لا تعلم حنين حجم النعمة التي جعلها الله سببا في حدوثها لي.
دخلنا المطعم فوجدنا الدكتور صالح يجلس في ركن بعيد عن الضجيج، يدخن سيجارة في هدوء وينظر إلى قائمة الطعام استقبلنا في ود فصافحته في أدب وخجل وقد لاحظني يونس فتبسم، أخذ يونس يتبادل معه حديثاً عاما، كانت الجلسة لطيفة إلى حد بعيد، ثم طلبنا الغداء لثلاثتنا، تلقى النادل الطلبات ومضى.. حينها بدأ يونس بالحديث فقال ..- اليوم دعني أعتذر لك عن سوء ظن وفهم، أظن أني تعلمت الكثير منه .
ابتسم الدكتور صالح وقال:
- لا عليك يا يونس.. فأنا أراقبكم جميعا بالفعل منذ فترة لكن ليس بطريقة عم سيد.. فالرجل كلما أعطيته شيئًا لوجه الله تبرع بما عنده من أخبارا لم أسأله يوما عن أحد قط.
نظرنا إلى بعض وضحكنا اقترب الدكتور من يونس
ضاحكا وهو يربت على كتفه ويقول...- نحن متعادلان يا بني .. أنا أيضًا شككت بأمركم يوما ما، شيئا مريب يحدث مع هذه الدفعة، والأحداث الأشد غرابة تقع لكم كمجموعة أنتما وصديقتكما حنين ...
أردف يونس:
- بالفعل يا دكتور، شيء مريب يحدث خاصة مع عرف هذه النوتة بالتحديد.
اعدها يونس من الظرف وأعطاها له.. نظر إليها الدكتور صالح يتفحصها وقال :
- نوتة «النوم الأسود» القديمة التي لا يعلم أحد من هو مؤلفها .. لكن أطرافها محروقة.. وانظروا أيضا.. مكتوب على إحدى هوامشها .. «ليس كل ما نراه حق، قد يرتدي الباطل ثوب الحق، ابحثي عن الحقيقة!».
اتسعت عيناي في اندهاش وقلت..
- ماذا ؟ هل هذا مكتوب على النوتة ؟
أنت تقرأ
النوم الاسود
Horror{ ليلة ظهور شبح غرفة الموسيقى } تصعد فريدة إلي الدور الثالث بمبنى كلية التربية الموسيقية، وتحديدًا أمام باب غرفة الموسيقى المهجورة، حيث تبدأ في تذكر كل شيء، لكن ما تتذكره أو تراه أو تحلم به لا يخصها. إنما هو مجرد مفتاح لكشف كل ما حدث وكل ما قد يحدث...