(27)

6 2 0
                                    


في طريقنا إلى المشفى لزيارة سليم كان الأمل يملؤني؛ فعلى الأقل تحدث سليم في المرة الأخيرة ولو همسا، إن للنوتة الموسيقية هذه أثرا غريبا على ما يبدو، قالت حنين...

-  أتمنى أن يتكلم اليوم حقا.. أشعر أن سلیم عنده حل للغز، لقد تجاوزنا الكثير معًا، والغريب أننا ذاكرنا وتدربنا جيدا في هذه الأجواء الغريبة؛ حتى إن الامتحانات قد انقضت على خير ما يرام ولم يتبق على حفل التخرج سوى يوم ونصف فقط!

أردفت:

- الأيام تمر علينا سريعًا، البارحة قرأت في أثر الصالحين قولهم عن مرور الوقت «أنت أيام معدودات، فكلما مر بعضها مر بعضك ».

بدا على حنين أنها تفكر في الكلمات، فسألني يونس...

- هل أحضرت الظرف معكِ ؟

رددت :

-وهل لي أن أنساه، إنه ملاصق لي بكل ما بداخله.

لم يعلق يونس ووجدته واجما فسألته...

- أراك اليوم على غير عادتك، أبك شيء لا أعلمه ؟

نظر لي نظرة خاطفة ولم يبد بخير وقال....

- اليوم ماتت ابنه العم سيد الذي ذكرها لنا عندما زرناه ...

أردفت وقد فاجأني الخبر...

- إنا الله وإنا إليه راجعون.

قال يونس في تأثر ...

  - ما يؤلمني انني لم اصدقه حينها ، بل استهزأت به ليقيني بأنه يكذب دون دليل مؤكد ..

فهمت مقصده واردفت :

- هون عليك يا يونس، فما كان أحد في موقفنا إلا وظن ما ظننت .

قال يونس في حزم...

- إن بعض الظن إثم.. فليغفر لي الله سوء ظني.

أردفت في أسف...

- فليغفر الله لنا سوء ظننا جميعا.

وصلنا إلى المشفى وطلبنا زيارة سليم، أخبرتنا الممرضة أن نتظر قليلا فقال لي يونس ...

- هذه نفس الممرضة التي رمتنا شذرا المرة الفائتة عندما بکی سليم، أتمنى أن نستطيع مقابلته.

بعد قليل استقبلنا الدكتور وصافحنا؛ لكنه تحدث إلى يونس منفردًا لدقائق قلقت فيها، لكن يونس أشار لنا بأن تتقدم وسمعناه يقول للدكتور ...

-  أشكرك شكرا جزيلا وأعدك ألا يتأذى أبدا، فنحن نزوره فقط للاطمئنان.

بعد أن رحل الدكتور قال يونس هامسا...

-  كنا على وشك أن نرحل لولا أن توسلت إليه كي يمكننا رؤيته لأننا لن نتمكن من هذا لفترة طويلة، فقد قالت له الممرضة إننا أزعجناه في الزيارة الماضية، بعدها بيوم حاول إلقاء نفسه من البلكونة واضطروا إلى حقنه بالمهدئات ومراقبته.

النوم الاسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن