بعد عدة أيام استيقظت ذلك الصباح الباكر وباتت عندي رغبة قوية في الذهاب إلى الكلية، رغبة المعرفة ذلك الشيء المريب، شعور عميق يزداد بأن ما حدث معي يُجبرني على البحث، لكني راقبت نفسي وأنا أتهيأ للخروج، رأيتني أنتقي ملابسي على غير عادتي اللامبالية، أضع قليلا جدا من مساحيق التجميل .. أنسق خصلات شعري بشغف وحب له، ربما تماديت قليلا في زينتي دون أن أشعر، هل أفعل ذلك من أجل يونس أم من أجلي ؟ لا أريد تضليل نفسي، لكنني بعد أن عرفته علمت أنه في الحب
هناك من يظهر أجمل صفات حبيبه أو أسوأها .
شعور بالذنب متواز مع كل ذلك لإهمالي مذاكرتي مؤخرا، أؤمن أن النجاح لا يأتي صدفة، لابد من بذل الجهد والوقت لجعله ممكنا ، كان يونس يدعمني لاكتشاف الأمر كما قال ويذكرني بدراستي أيضًا، معادلة صعبة لكنها ممكنة مع إنسان مثله، يونس إنسان نادر الوجود كما قالت حنين عرفت ذلك بعد أن عرفته عن قرب، في إحدى مقابلاتنا أبدى رغبته في التقدم لخطبتي ونعلن الأمر، لكنني كنت أجبن وأضعف من خطوة كهذه، على الأقل في هذا التوقيت، طلبت منه تأجيلها لميعاد أنسب فوافق في تفهم وحلم. أتذكر أثناء إحدى لقاءاتنا في الكلية أخبرته بأمر الطالب السابق وما قاله، كنت حريصة على أن يعلم كل شيء أعلمه أو أمر به، لكنه قال في سلاسة:_ سمعت بشأن هذا الحريق بالطبع، يقولون إنه كان أمرا مفجعا، بعض الطلبة احترقوا بإحدى غرف العزف، والمحزن أنهم لم يستطيعوا إنقاذهم !
كلما تذكرت ما قاله أصابني التوتر، كانت الأحداث الصغيرة كنت أمر على وجود تفسير لما حدث معي في تتوالى في الطابق الثالث مع الطلاب كما تناثرت الأقوال، لعلهم يحلمون مثلي غرفة العزف، كنت على وشك الوصول إلى الكلية، لم أدر هل كان الطريق مزدحما أم لا؟
فأفكاري وتوقعاتي وتخوفاتي قد ازدحمت برأسي حتى إنني فقدت الإحساس بالزمن، وجدتني فجأة أعبر حديقة الكلية لأجد نفسي مباشرة أمام المبنى "العم سيد" ينظر إلي ويبتسم في وداعة هذا المبنى وهذه الوجوه تبدو طبيعية جدا في وضح النهار
تخيل إلي أن العم سيد هذا تتبدل ملامحه ليلا ليصبح نسخة محتملة لشيطان ماكر، تجاهلته ثم توجهت إلى حضور المحاضرات.
بدا لي نهارًا ثقيلا مملا بدون يونس، قررت أن أن أركز وأنغمس في الدراسة لكي لا أشعر ببطء الوقت، وقد كان، أسرعت ساعة الوقت في مرورها وقد اقترب ميعاد التدريب فيغرفة العزف، لاحظت أنني لم أتناول شيئًا من الصباح فذهبت إلى الكافيتيريا لأبتاع شيئا، كان الدكتور قابيل يشرب قهوته على منضدة قريبة مني، قابلني بابتسامته المعهودة وبشاشته التي تشعرني بالاطمئنان، وكان البائع يعطيني شطيرتي والقهوة، ذهبت لأسلم على الدكتور قابيل فهو شخص ودود مع جميع الطلاب ولم يرفض لأحد طلبا قط، عرض علي أن أشاركه المنضدة فرحبت، كان يونس لم يأت بعد، لم يكن ليأتي إلا في ميعاده الطبيعي لئلا نثير الشكوك حولنا، أخذ الدكتور قابيل يتحدث معي في ود:
أنت تقرأ
النوم الاسود
Horror{ ليلة ظهور شبح غرفة الموسيقى } تصعد فريدة إلي الدور الثالث بمبنى كلية التربية الموسيقية، وتحديدًا أمام باب غرفة الموسيقى المهجورة، حيث تبدأ في تذكر كل شيء، لكن ما تتذكره أو تراه أو تحلم به لا يخصها. إنما هو مجرد مفتاح لكشف كل ما حدث وكل ما قد يحدث...