(35)

7 2 0
                                    


بعد أن تلقيت كثيرًا من المدح والثناء الذي أظنني لا أستحقه انقسم الحضور إلى مجموعات مكثت ويونس لدقائق بين أهلنا و تركناهم منهمكين في أحاديث متفرقة يضحكون في أجواء سعيدة، مكثنا مع حنين وأهلها نهنئهم على أداء حنين المميز، ثم ذهبت حنين مع بعض الزميلات إلى المرحاض ليجددن زينتهن ووقف يونس مع زملائه يتبادلون أطراف الحديث، أردت بشدة أن أعرف أين اختفت الفتاة؟ وتذكرت النوتة الموسيقية فذهبت إلى المسرح فوجدتها ما زالت على حامل النوتات، حينها تذكرت الظرف والصور التي بداخله وخفت أن أفقدها، فتسللت من بين الجموع لأصعد إلى الطابق الثالث، وكان الطلبة منتشرين في فترة الاستراحة في جميع أنحاء الكلية، أعطاني ذلك إحساسًا
مؤقتا بالأمان.
صعدت الطابق الأول وكان به بعض الطلبة، ثم الطابق الثاني فوجدت عدد طلبة أقل، وعند مشارف الطابق الثالث علمت أنني بمفردي تماما هناك، فلم يكن أي من الطلاب ليصعد إليه بمفرده ليلا قط، الغريب أنني لا أزال أسمع عزف النوتة لكنه كان عزفا رديئا !
حدثت نفسي أنه ربما أثر الحفل على ذهني، في كل الأحوال يجب أن أحضر الظرف سريعًا لما أستشعره من أهمية لتلك الصور القديمة، قبيل الغرفة الثالثة التي نسيت بها الظرف، تمنيت أن التقي فيها بشمس، أو روح شمس، تعجبت من أمنيتي لهذا الأمر ولم أعرف السبب وفجأة توقف اللحن ثم سمعت صوتا بالداخل ! صوت حفيف أوراق.. هل يفتح الظرف الآن؟ عندما دخلت الغرفة وجدته.. كان الدكتور قابيل ! بهت عندما رأيته جالسًا على كرسي البيانو بالفعل يقلب في الصور واحدة تلو الأخرى، أردفت في عفوية ....

- دكتور قابيل؟

لم ينظر إلي وأخذ يقلب في الصور دون أن يعبأ بوجودي، لم يلفت لكنه قال في صوت هادئ :

- أهلا فريدة... كنت متأكدا من مجيئك ... رداء أبيض رائع بالمناسبة، يُذكرني بهذه الفتاة في الصور القديمة .. هل تعرفين من هي ؟

اندهشت و قلت بصوت خافت خائف...

- لا أعلم شيئًا .. لم أكن لأصعد الطابق الثالث الآن بمفردي.لولا أن...

قاطعني صوته في حدة وقسوة وهو ينظر في شر:

- لولا أن نسيتي الظرف القديم .....

نظرت إليه وكنت مندهشة من شخصيته الحقيقية ولم أعلم ماذا أقول فأكمل هو :

- أتعجب من أين جئت بهذا الظرف يا فريدة؟

قلت وأنا أتلعثم وأرتجل :

- لقد وجدته بالصدفة في صندوق النوتات الموسيقية عندما اخترت النوتة الموسيقية من أجل مشروع حفل التخرج...

ضحك قابيل ضحكة عالية طويلة ولا يزال يمسك بالظرف وقام من مكانه قائلا في ثقة:

- أنا أعلم كل شيء هنا، أعلم أين تسكن الأشباح .. أعلم كل كبيرة وصغيرة حدثت وتحدث وستحدث، الظرف اللعين كان مع سليم الغبي لكنني لم أظن أنه تركه في الكلية !!

النوم الاسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن