استمر الصوت يناديني من جميع الزوايا في مكان مفتوح منير بضوء أبيض كثيف جوه بارد.
- فريداااااااا .
كلما اتجهت صوبه انتقل لمكان آخر .. توقفت في منتصف ضباب كثيف لا أرى منه شيئًا ؛ لكنها اخترقته آتية من بعيد تتمايل بردائها الأبيض وسمعت صدى صوتها يقول:
- تبحثين كثيرا وراء معنى الموت.. ماذا تعرفين أنت عن الحياة؟ الأحياء لا يعرفون شيئًا عن الموت، ولا عن الحياة أيضًا.
ثم سكتت قليلا بينما أحاول أن أتبين ملامحها وسط الضباب فقالت:
- «أتدرين ما العبرة التي يقدمها لنا الموت على طبق رائق شفاف؟ أن كل شيء في الدنيا تظهر قيمته فقط بعد فنائه .. الموت يُظهر الحقيقة».
ثم بدأت تسير في الاتجاه المقابل فقلت لها ...
- من أنت ؟
التفتت إلي وقالت...
- ليس كل ما نراه حق قد يرتدي الباطل ثوب الحق
ابحثي عن الحقيقة.نهضت من نومي متعبة، لم أكن فزعة مما رأيته هذه المرة، بالنسبة لي كانت رؤيا واضحة جلية وعلي أن أفهم مغزاها ... أخذت أتساءل.. هل يسيطر الموت على تفكيري لدرجة أن الفتاة تنطق بنفس ألفاظي في الحلم ؟ أم أنها أنا ولا أدري ؟ أم أنها تستطيع أن تنفذ إلى عقلي و تعلم ما بداخله ؟! نظرت إلى مكتبي فوجدت الظرف الذي بت أخاف منه بعد أن أعطاه لي يونس آخر مرة، قمت وأحضرته ثم أخذت أتفحص الصور بداخله، هل تكون فتاة الصور هي من تجول بأحلامي ؟ جلست مكاني أفكر في هذه الفتاة ومن تكون؟ وما قصة هذا المبنى الغريب ؟
فتحت هاتفي فوجدت حنين قد ضمتني أنا ويونس وكريم في محادثة جماعية على «واتس آب»، دهشت ثم دخلت أقرأ ما كتبوه عندما كنت نائمة، فوجدت حنين تبدأ المحادثة بأن تحث كريم على إخبارنا بما كانوا يتحدثون عنه فوجدته قد كتب ...- عندما كنت طالبًا، كُنت محط أنظار الجميع نظرا لحدوث أكثر الأحداث غرابة معي أنا بالذات، حقيقة كان الأمر محيرا إلى درجة كبيرة.. وكنت أتساءل لماذا أنا ؟ لدرجة أنني كما قلت لكم سابقا شككت في أمر نفسي وتركت البلد، لكن عندما تحدثنا أكثر أنا وحنين عن الأمر، استرعى انتباهي أمر غريب، علمت
أن فريدة تتدرب على النوتة الموسيقية« النوم الأسود»!.. هل أخبركم أمرًا جديدًا .. كذلك كنت أنا أيضًا! أعتقد أن الأمر لا يتعلق بي أو بفريدة إنما بهذه النوتة العجيبة، فلتأخذوا حذركم أو لتتركوها تماما .بعدها سرد یونس ملخصا للأحداث في رسالة أخرى وقال إنه قد اقترب من حل لغز المكان، فعرض كريم عليه المساعدة في أي وقت، ما بعثه كريم أكد شكوكنا حول هذه النوتة المريبة، قمت لأستعد فقد اقترب ميعادي مع حنين، كانت أمي هادئة في الفترة الأخيرة ومستكينة بشكل لم أعهده خاصة بعد إعلان قراءة فاتحتي على يونس، وكأن قلبها قد استراح، فهي تطمئن له كثيرا وتأتمنه علي، كما أنها أحبت حنين بشكل كبير، قبلت رأسها قبل أن أخرج مودعة إياها لأقابل حنين عند مدخل العمارة داخل تاكسي لنذهب سويا إلى الكلية، لم أسرد لحنين الحلم لأنها بدأت تخاف من كل شيء حولها.
عند مدخل الكلية وجدت عم سيد جالسا، عندما رآني
وقف مبتسما ورفع يده محييا من بعيد، لم أهتم له، أحتقر هذا الرجل فإنه كما قال يونس يعبد المال عبادة ... كان يوما من أيام الامتحانات الثقيل على النفس رغم أن مادة اليوم كانت سهلة ولا نكترث لها كثيرا، جلست حنين في إحدى البرجولات وذهبت لإحضار قهوتنا قبل المراجعة، وهناك رأيت الدكتور
صالح يجلس ويدخن سيجارة ويشرب قهوته وهو يراقبني في هدوء، ابتعت القهوة وأردت أن أسلم عليه حتى يفهم أنني لست غبية .. ما أن رأيته حتى فقدت أعصابي، وضعت أكواب القهوة عند منضدته وقلت في عصبية واضحة :

أنت تقرأ
النوم الاسود
Terror{ ليلة ظهور شبح غرفة الموسيقى } تصعد فريدة إلي الدور الثالث بمبنى كلية التربية الموسيقية، وتحديدًا أمام باب غرفة الموسيقى المهجورة، حيث تبدأ في تذكر كل شيء، لكن ما تتذكره أو تراه أو تحلم به لا يخصها. إنما هو مجرد مفتاح لكشف كل ما حدث وكل ما قد يحدث...