الخامس و الثلاثـون.

2.2K 94 19
                                    


---

أغلق زاك الباب خلفه بصمت، ممسكًا بالطفل كما لو كان أعزّ ما يملك. وقف روني في الرواق، يشاهد الباب يُغلق أمامه كما لو كان يغلق على أحلامه دفعة واحدة. قبضته تشتد حتى شعر بأظافره تنغرز في راحة يده، والغضب يتصاعد في صدره كبركان على وشك الانفجار.

منذ أن دخل زاك إلى حياته، وهو يسلبه كل شيء يهمه.
ليلي... المرأة التي ظن أنها ستكون له، كانت تثمنى زاك أكثر من أي رجل اخر، و هو تملأ به فراغًا عاطفيًا لم يستطع زاك سدّه.
والآن؟ طفله. الطفل الذي انتظره ليعيش معه أبوة حلم بها طويلًا.

صوت خطوات مايك خلفه أيقظته للحظة. مايك كان قد رأى نظرات روني المصدومة إلى زاك و ذلك الطفل، نظر إليه باستغراب، لم يفهم سبب هذا الغضب الذي يُلهب وجهه أو ما هذا الشيء شديد الأهمية الذي بسببه اوقف فجأة عن إكمال ليلتهما الحميمية؟

"ما الأمر؟" سأل مايك بهدوء، واضعًا يده على كتفه بلطف، لكن روني بالكاد شعر بلمسته، وكأن الغضب الذي يعصف بداخله حجب كل ما حوله.

سار روني نحو باب غرفة زاك وهيبر بخطوات سريعة، الدماء تتدفق في عروقه كأنه جندي على وشك الهجوم. ارتفعت يده لتطرق الباب، لتكسره و ليصرخ في وجه زاك و يخبره بكل شيء، ليأخذ طفله و تنتهي هذه المهزلة الان، لكنه توقف في اللحظة الأخيرة. لم يكن الأمر بهذه البساطة... لم يكن مجرد دخول. كان يعلم أن فتح هذا الباب يعني فتح كل الاشياء التي حاول إخفاءها.

أراد أن يصرخ، أن يقتحم الغرفة، أن يخطف طفله ويحتضنه بشدة كما يفعل الأب الحقيقي. أراد أن يواجه زاك بكل ما تراكم في قلبه طوال السنوات الماضية:
"لقد سئمت! سئمت من أن تكون دائمًا الأفضل، من أن تكون من يربح كل شيء، بينما أبقى أنا في الخلف اراقب!"

لكن بدلًا من أن يفعل أيًّا من ذلك، تجمد في مكانه. استرجع في مخيلته صورة زاك وهو يبتسم للطفل بين يديه، تلك الابتسامة التي جعلته يدرك أن كل شيء قد انتهى. لم يعد له شيء هنا. زاك قد أخذ كل ما كان يحلم به.

مايك اقترب منه بخطوات بطيئة، عيناه تملؤها الحيرة.
"روني... هل أنت بخير؟" سأل، صوته يحمل مزيجًا من القلق والاستغراب، لماذا اصبح روني يتصرف بغرابة فجأة، و ما الذي يهمه في زاك الان؟

استدار روني ببطء، وعيناه كانتا تحكيان قصة رجل محطم، ليس فقط بسبب اللحظة الراهنة، بل بسبب كل ما عاشه في ظلّ زاك. لم ينبس بكلمة، لكن نظرته وحدها كانت كافية لتُخبر مايك بكل شيء:

لقد خسر، مرة أخرى.

تراجع روني عن الباب قليلاً، مسح شعره بيديه وهو يتنهد، ليس عليه أن يتسرع. لا يستطيع أن يتصرف بدافع الغضب أو بدافع الحمية، عليه أن يفكر بهدوء.
"لا شيء.. لنعود.." قال روني وهو يرغم نفسه على الابتسام إلى مايك، الذي لم يصدق أي شيء مما قاله روني.

لُعبته.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن