طُّعْم

27 15 11
                                    

وسام


-هل هذا أمر من نِبراس؟

عزام: نعم.

-من تسلم الأسلحة منكم؟

فرهود: القائد أريب.

-هذا جيد.

عاكف: لقد قال مياس بأنه قد اتفق معك بأنه لن يذهب مرة أُخرى إلى مملكة فيافي، إلا حين عودة سمو الأمير. هل هذا صحيح؟

-نعم، وأنت أيضًا.

فرهود: من سيأتي غيرهم؟

-عتبة، وطواف.

فرهود: لا بأس بهم.

-أيضًا أنت يا عزام قد لا تذهب غدًا.

عزام: لماذا؟

-احتاج إلى المعونة منك، ولكن قد لا احتاجك؛ لذا ابقى مستعدًا للأمران.

عزام: حسنًا. 

ثم توجهت بحديثي إلى أركان الذي كان يجلس في ركن الغرفة:
-لن تنام في الغد هُنا.

أركان: لماذا؟

-في البداية سأضع المسألة أمامك، وإن قبلت بها سيحدث، وإن لم تقبل فلن تلزم.

-أركان: هل تخدم المملكة؟

-نعم.

أركان: قبلت.

-ولكنك لم تسمع بعد.

أركان: غير مهم.

-حسنًا…منذ الغد ستقطن في منزل نِبراس.

أركان: عُلم.

-إنه أمر جليل الخطر…

أركان: لا بأس.

-هل تعرف من يكون جساس؟

أركان: لا.

فرهود: كيف لا تعرف البطل جساس؟

عزام: لقد سمعت بأنه دافع عن المملكة حتى تقطعت أوصاله.

-بهتان.

فرهود: أحقًا؟! 

-نعم، جساس لا يزال على قيد الحياة.

فرهود: ولماذا لا يقاتل من أجل استعادة المملكة من هجرس؟

-كيف يفعل ذلك، وهو من أعان هجرس في فعلته؟

عزام: كيف علمت هذا؟

-أعلمني نِبراس.

فرهود: ذاك الوضيع!

تحدثت مخاطبًا أركان:
-جساس هو من يُريد قتل نِبراس، وقد تُقتل من قبله إن بقيت في منزله.

أركان: لا بأس.

-هل ستفعل ذلك حقًا دون أسئلة؟

أركان: ألم تقل بأن ما سأقوم به يعود بالخير على المملكة؟

-بلى.

أركان: إذن سأقوم به.

-ولكنّي سأُعطيك بعض الأجوبة الذي لم تسأل عنها: سيكون هُناك رجال متوارون يحرسون المنزل طيلة النهار، وسيبقى واحد فقط في المساء؛ فقد استنتجت من ماجريات الأمور بأن جساس لا يخرج للبحث إلا نهارًا، ولكنّي سأضع ذاك الرجل مساءً للحيطة، فإن حدث ورأى جساس، سيهرول لإعلام بقيتنا، وإن حدث وقدم جساس إلى منزلك للبحث عنك سيسمح له رجالنا بالولوج للمنزل، ومن ثم ينقضون عليه داخله ليقتلوه دون إصدار أي ضجيج. وهكذا نكون قد تخلصنا من رأس الحربة، ولن يقدر هجرس على نشر خبر فقدانه فجساس كما يعلم الجميع ميت، وأيضًا لا أظن بأن هجرس سيهتم لخائن مثله.

أركان: لديّ سؤال أهم من ذلك.

-ما هو؟

أركان: هل يملك سمو الأمير أسطبل؟ 

-لا.

أركان: وأين يمُكنني وضع شُهبي؟

لقد كان ذلك اسم حصان أركان الذي هو متيم فيه. أجاب عاكف:
-يُمكنك تركه هُنا معي.

أركان: لن تستطيع الاعتناء به.

عاكف: ألا تأمن أخيك حقًا؟

أركان: كونك أخي لا يعني بأنك تستطيع الاعتناء بالأحصنة.

عاكف: لا تملك حل آخر.

أركان: حسنًا…ولكن إن أصابه مكروه لن تكون أخي بعدها.

عاكف: لا تقلق.

-حسنًا…فرهود يجب عليك النوم حتى تستيقظ باكرًا، وتذهب مع البقية، كذلك عاكف، وأنت يا أركان يجيب عليكم النوم.

انتصبت وأردفت:
-هيا يا عزام.

فرهود: إلى أين؟

-كلًّ إلى منزله.

فرهود: ولكن الجو ماطر، ولن تستطيع العودة بيسر.

-لا مشكلة.

فرهود: ناموا هُنا، كما سأفعل أنا.

عزام: ألا تستح حتى تستضيفنا في منزل ليس لك؟

فرهود: لا مشكلة بالنسبة لعاكف، وأركان، حتى بأني هُنا منذ أسابيع عدة.

عزام مُشيرًا بسبابته إلى فرهود مخاطبًا عاكف:
-منذ متى وهو يبات هنا؟

عاكف مشيرًا بيده بسخرية:
-منذ أكثر من شهر.

فرهود: ماذا؟ هل ذلك بمشكلة؟ أنا أعمل هُنا من صبيحة اليوم إلى المساء، فلا ضير إن بقيت هُنا حتى لا أُضايقكم بطرقي لباب كل صباح، هُنا أستيقظ قبل الجميع، وأبدأ العمل دون إزعاجكم.

عاكف: ليتك فعلت…دعوكم منه، لماذا لا تبقى هُنا يا سيد وسام؟ لا أظن بأن الأمطار الغزيرة هذه ستسمح لك بالعودة بيسر.

عزام: ماذا عني؟ 

فرهود: أنت ظل القائد وسام إن بقي فستبقى، وكذلك لا أظن بأنك تمانع النوم في أي مكان، وإن كان الروث سريرك.

عزام: أنت لا تنبس بشيء.

فرهود: وهل تدفع ثمن كلماتي؟

تركت الأطفال يتشاجرون لأُلقي نظرة من خلال النافذة فوجدت بأن الأمطار غزيرة حقًا، ولن يستطيع خطروف السير بسهولة. قال لي أركان الذي كان يجلس جوار النافذة نفسها:
-ابقى هُنا لا تدع حصانك يمر بالمتاعب من هذه الأجواء.

-أظن ذلك أيضًا.

وضع مفتاحًا على المنضدة، وأردف:
-اصعد إلى الغرفة الأولى بعد الدرج، لقد كانت غرفة والدي، ولا ينام أحد فيها حاليًا.

-هل أنت متأكد؟

أركان: نعم.

نبهت الأطفال على أنه يجب عليهم النوم لأصعد الدرج، وألج إلى الغرفة مرتميًا على السرير الخشبي، ولم تمضي بضع دقائق حتى غطت بالنوم.

مملكة الجورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن