عاد وسام في وقت متأخر خلاف عزام الذي قد عاد مبكرًا، ليتخذ الأريكة سريرًا ينام عليها، تاركًا سريره لنِبراس.
قعد وسام على الكرسي، وتلفظ يبتغي إخراج نِبراس من صمته الذي يبغضه:
-هل تظن أننا سنفلح؟أجاب نِبراس بينما لا يزال يحدق في الكتاب:
-لا أعلم…كان حديثي مع القادة كمن هو مؤمن بالنصر، ولكن الحقيقة خلاف ذلك فأنا لا أُفكر بهذه الطريقة، ولا أعني عن الغد فقط.وسام: ماذا تعني؟
نِبراس: أنا لا آخذ نهاية الأمور بمثالية تامة، الفشل متوقع في كل شيء تخوض فيه، إيهام نفسك بأنك ستفلح لا محالة سيسبب لك صدمة لا تخرج منها بسلاسة في عاقبة الأمر.
وسام: كل شيء مهدد بالفشل.
وضع نِبراس الكتاب جانبًا بهدوء ثم قال:
-بالتحديد هذا ما يخيم في فكري دائمًا، وأنا الآن قد قمت بكل ما يجب عليّ، ولا أبتغي إلا النصر فهذه المرة يختلف كل شيء ففشلي يعني مصرعي ومن كان معي.وسام: أتمنى أن لا يحدث ذلك.
نِبراس: هل أحضرت المسدس الخاص بي؟
أخرج وسام مسدسًا من معطفه ليضعه أمام نِبراس ويقول:
-ها هو، لماذا طلبت هذا النوع بالتحديد؟ لقد أُرهقت بالبحث عنه.أجاب نِبراس بينما يتفحص السلاح:
-به مخزون أكبر للرصاص.قال ذلك ثم وضع المسدس جانبًا، وأردف:
-ماذا عن مسدسك؟وسام: خاصتي جاهز منذ البارحة، مع عدة رصاصة للحيطة.
نِبراس: ماذا عن الحكم بشأن المدراء هل صدر؟
انتصب وسام قائلًا:
-سأذهب لأرى.قال ذلك وخرج فورًا ليبقى نِبراس ينظر إلى كوب القهوة الذي تركه عزام حينما عاد، ولم يلحظ ذلك، ولم يكن ليلحظ إن كان قد تبدل الكوب إلا أن القهوة قد تبدلت بالكامل، وأُضيف لها الحليب. هذه المرة لم يترك نِبراس النظر إلى الكوب بتاتًا، حتى بأنه قلل رمش عينه، وكادت عنقه أن تتيبس من أثر تثبيتها حتى لا يتزحزح نظره، الذي لم يبدله حتى بعد ولوج وسام عائدًا، فلم يشأ أن يقرأ خبر الجريدة من عينه، بل يريد سماعه ليتلفظ وسام قائلًا:
-صدر الحكم.نِبراس: وهو؟
وسام: حكم على جميع المدراء بأقصى حد للعقوبات العضوية، عدا أريام ومِعوان، فحكم عليهم بالإعدام الفوري لمصلحة الطاقة.
لم يبدي نِبراس أي ردة فعل بل استمر بالنظر إلى الكوب صامتًا، ليقول وسام وهو يكتم غيضه:
-المعذرة، ولكن ماذا الآن؟نِبراس: ماذا الآن؟
لاحظ وسام نظرة نِبراس المتصلبة، فهم بأخذ الكوب من أمامه ليصبه من النافذة، ويردف:
-أنت لا تشرب هذه القهوة فلا فائدة من تركها هُنا…الآن ماذا ستفعل بهذا الشأن؟رفع نِبراس نظره بعد أن كان ينظر إلى موقع الكوب السابق ليتحدث:
-لا شيء سيتغير، سنقوم بمهمتنا المتفق عليها، وأرجو أن لا يتم تنفيذ الحكم على أحد قبل خطتنا، إن حدث ذلك سيتم الإفراج عنهم حينما نقوم بالهجوم على السجون كما هو في الخطة.علم وسام أن لا شيء قد يبدل من رأي نِبراس؛ فأردف:
-حسنًا هذا هو قرارك. بالنسبة للخطة فكل شيء على ما يُرام، الجميع بكامل الحماسة للغد، أما الآن فيجب علينا النوم كما فعل عزام، من الضروري بأن نكون بكامل تركيزنا، وقوتنا في الصباح الباكر.نِبراس: شيء آخر.
وسام: ما هو؟
نِبراس: أنا وأنت فقط سنتحرك من هُنا قبل أن نسمع دوي المدفع.
وسام: إلى أين؟
نِبراس: إلى القصر.
وسام: وهل هذا شيء جديد؟ هذا ما اتفقنا عليه، ولكن مع عدد من الرجال.
نِبراس: الرجال سيبقون على الخطة لن يتبدل شيء بالنسبة لهم.
وسام: إذن ماذا؟ وكيف سنذهب بمفردنا مع أنهم سيهجمون كما هو مخطط له؟
نِبراس: أنا وأنت سنسلك السرداب.
وسام متعجبًا: سرداب؟!
نِبراس: نعم، هُناك سرداب لا يعلم بشأنه إلا قلة كانوا من العائلة، وقد لقوا مصرعهم جميعا؛ لذا سيكون آمنًا. سيهجم بقية الجنود على البوابة كما هو مخطط له مما يربك جنود القصر، ويجعلهم يصبون كل طاقتهم وتركيزهم نحوه، في ذلك الوقت سنكون أنا وأنت في غرفة العرش، منفردين بهجرس وجساس، عندها يمكننا القبض عليهم، لنقوم بإعدامهم.
وسام: لك ذلك، ولكن ماذا عن قائد الجنوب؟
نِبراس: سيتولى عزام ذلك مؤقتًا.
انتصب وسام متوجهًا إلى الأريكة في ركن الغرفة المقابلة لأريكة أُخرى كان قد نام عليها عزام، ليضع رأسه على الوسادة، ويقول بعد أن تلحف باللحاف:
-لا أملك أي اعتراض، تُصبح على خير.نِبراس: وأنت كذلك.

أنت تقرأ
مملكة الجور
Fantasyلا أحد سيقبل أن يفقد إحدى حواسه وإن كان المقابل مبالغ طائلة، ولكن ماذا إن كانت حواسك ليست ملكك؟ بل ملك المملكة، ويجب عليك دفع ضرائبك كل عاقبة الشهر حتى لا تفقد إحداها؟ تدور أحداث الرواية في مملكة طوبى وهي إحدى ثمان ممالك مكتنفة بجدار قاري ضخم، ويتوس...