من تكون؟

75 18 21
                                    

آدم

في أحد ليالي ديسمبر الباردة، الساعة السابعة مساءً.

رياح تهب من النافذة لتقلب صفحات كتاب على المنضدة المجاورة لها، وتلسع جسدي المستلقي على السرير بجوار المنضدة.

أثبت نظري على سقف الغرفة بلونه الباهت مفعم الخدوش كجندي متقاعد طريح الفراش.

أيام متشابهة أسابيع، وشهور متطابقة، جميعهم ولد من أبوين واحد.

لا أريد أن أعيش حياة مثل هذا الحياة.

أين يمكنني أن أتخلص من هذه المسؤولية...مسؤولية الحياة؟

حقًا حمل ثقيل تحمله على ظهرك منذ أن ترى النور.

رؤيتك أول شعاع نور بعينيك، أول همسة تسمعها، أول نفس تأخذه في هذه الحياة.

عندها تبدأ مسؤوليتك في تحمل حياتك.

أن تعيش في متر مكعب في مكانك، أن تأكل قطعة خبز في اليوم، أن تأخذ شهيق وزفير، جميع هذه الأشياء متعبة.

أريد فقط أن تنقطع أنفاسي، أن يتوقف قلبي اللعين عن العمل. 

لا أعلم ما الذي يجعله يعمل في حياة لا حياة فيها.

الجسد طماع حقًا يعشق هذه الحياة، مهما حدث ستظل رئتك تأخذ الهواء، سيظل قلبك ينبض. 

تُرى لماذا لم تتفق روحي الراحلة مع جسدي ليذهبوا معًا…؟

لماذا تركت من بدأت الحياة معه…؟ أأصبحت الخيانة واجبة…؟

هل أصبح الغدر من سنن الحياة؟

قاطعت قراءتي طرقات على الباب لانتصب إثر أن وضعت الكتاب المحبط جانبًا. ربما هذه المرة المئة التي ابتاع فيها كتاب لم يرق لي بتاتًا؛ جل ما كان فيه بطل عالة يتذمر من كل شيء، لن أعود لأُكمل قراءته.
ربما أستفيد من فراغات الكتاب لكتابة بعض الملاحظات فيه. من المحزن أن تعلم بأن شجرة خضراء ذو رونق فاتن، تمدنا بالظل، والثمار، والجمال قد اجتثت ليصنع من أخشابها أوراق فيُكتب بها تلك التوافه!

فتحت الباب ليلج وسام إثر أن اصطدم بالجدار فتلفظت قائلًا:
-ماذا ألم تعتد بعد على الرؤية بعين واحدة؟

وسام: ربما ذلك لكنّي أفضل أن لا أعتاد على فقدان عيني اليمنى، فهذا يُذ…

قلت مقاطعًا:
-لا تُكمل حديثك.

وسام: هل علمت ما كنت أبتغي قوله؟

-وهل تملك شيء غير تذكر الفضل بيننا، وحقدك على هجرس، وحكمه؟!

تقدم وسام إلى منتصف الغرفة، وقال إثر أن وضع أكياس الطعام على المنضدة التي تتوسط أريكتان: 
-هل أنت بخير؟

مملكة الجورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن