مدنف

26 13 9
                                    

آدم

استيقظت في منتصف الليل من رعشة سرت في جسدي، كان البرد قارصًا يصك العظام، وصوت طقطقة المطر على النافذة لا يزال مستمر، وكذلك دوي الرعد لم يتوقف. انتصبت من على السرير بتثاقل، وجسد متهالك لأرتدي أولى الملابس التي استقبلتني إثر فتحي للخزانة، وعدت إلى تحت غطائي الذي كان لونه أسود كسواد هذه الليلة التي أخفت الغيوم بدرها.
التحفت باللحاف أبتغي العودة إلى النوم إلا أنّي لم أقدر على ذلك؛ فقد كنت أشعر ببرد شديد يغزو عظامي، وعندما فكرت في النهوض لقراءة أي شيء لم أقوى على الخروج من أسفل لحافي، فظللت على تلك الاضطجاعة على جانبي الأيسر موجهًا نظري إلى النافذة. كان المطر قد خبأ الخارج إثر أن قرر الهبوط على نافذتي؛ لذا لم أتمكن من الرؤية إلا حينما تبرق السماء فيظهر لي ضوءها بعضًا من ما يحدث في الخارج من رياح عاتية تتصارع مع الشجرة المقابلة لمنزلي، ويبدو أن الرياح كانت تنتصر بذلك الصراع؛ فقد كانت تهوي بالشجرة يُمنة، ويسرة، بعد مدة ليست بهينة من مُراقبة ذلك الشجار غطت بالنوم.

ومع أني أستيقظ على الدوام حين تقتحم منزلي الأصوات الغير مهذبة الناتجة عن مطرقة كُليب التي لا تطرق الباب حتى، وتغزو أُذني في كل صباح، إلا أنني لم أسمع أيًا منها هذه المرة، لأستيقظ على طرقات وسام، ولكنّي لم أقوى على النهوض للإجابة عليه، وقد علمت منه إثر ولوجه بنفسه بأني قد نمت ساعة، ونيف أكثر من المعتاد. 

وإثر أن عاد وسام أدراجه انتصبت من على السرير متوجهًا نحو الأريكة  جوار مكتبتي لأرتمي عليها متهاويًا التقطت أنفاسي، لم يكن الوثوب من على السرير بالأمر اليسير كما توقعت.

بعد أن شعرت بتحسن طفيف مدت يدي لأخذ كتابًا كان على المنضدة التي تتوسط الأرائك، وهممت في إكمال قراءته.

صفحة تتلوها صفحة أُخرى رواية شيقة إلا أن هُناك بعض الأشياء التي لم ترق لي، كان منها وعظ إحدى الشخصيات للأُخرى بتقديم الخير حتى يعود له الخير، فأفعالك تعود لك بالمثل، من الجيد نُصحه له بفعل الخير، ولم تكن مشكلتي مع هذا، بل مع ما تذيل من حديثه، قد لا أتفق مع فحوى قوله بأن ما تقوم به هو ما سيعود عليك، بل يجب التوضيح أنه من الطبيعي جدًا أن تجد في هذه الحياة شخص يقوم بعمل جيد، ولكنه يتلقى في المقابل الجحد، والنُكران، وتجد شخص يفعل الشر، ويجد في المقابل التقريظ والثناء. عند سماع أحد لمثل حديث تلك الشخصية، وقام بفعل الخير بغية أن يعود عليه المثل في المقابل، ولكنه لم يجده قد يتوقف عن فعل الخير، وهذا شيء غير محبذ بتاتًا، فربما قد يكون سبب عدم  تلقيه للمقابل هو عدم فهم الشخص المستقبل للخير بأن هذا خيرًا، أو ربما لم يُقدمه بطريقة جيدة، أو حتى كان يظن بأنه خيرًا، ولكنه لم يكن كذلك، وأخيرًا قد يكون كل شيء قام به خيرًا، وعمل جيد، ولكن المستقبل كان شخص غير جدير بذلك الخير، فلم يكن رده هو الرد المنتظر.

مملكة الجورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن