موت

30 13 41
                                    


كان مياس في شمال المدينة يُسقط كل من اعترض طريقه بلحظات لينظر إليه رجلاً شيخًا، وقد اعترت محياه الدهشة كجميع سكان مملكة طوبى؛ فحينما رأوا الرجال المتمردين من جيش نِبراس، عرفوا فورًا أن هؤلاء منهم فلا تخفى ملامح طوبى على أحد، وليس هذا فقط، بل كان من ضمنهم أُناس قد تلقوا إحدى العقوبات العضوية فأيقنوا أن اليوم يومًا مفصليًا، سيبدل تاريخ طوبى إلى الأبد.

حينما أيقن ذاك الشيخ بأن المتمردين من أصلابهم، تداخلت مشاعر الشجن والفرح في قلبه، فها هي طوبى تنتفض، ولكن جسده المتهالك لم يعد قادر على مد العون، إلى أن انبجست في رأسه طريقة قد يعين بها مقاتلين طوبى، فولج إلى منزله مهرولًا، ليخرج إثر ذلك بطبل فيقعد جواره، ويبدأ بالقرع عليه بحماس شديد، وكأنه في عنفوان شبابه لا في عاقبة شيخوخته. قرع ما يُقرع دائمًا في حروب طوبى قرع دقات "النيطل"

لينظر إليه الناس بذهول، ولكن لم يستمر ذلك طويلًا فقد توجهت النساء، والأطفال ليأخذ كلًّ منهم ما يمكن أن يُقرع عليه، ليبدأوا أيضًا بقرع طبول الحرب. فتتعالى أصوات طوبى، ليشترك معهم كل من استطاع. وبعد بضع دقائق تعالت أصوات دقات "النيطل" في جميع مناطق طوبى.

لم يُعجب ذلك أحدًا من جنود هجرس، الذي رفع أحدهم بندقيته مصوبًا على من بدأ قرع تلك الدقات المفزعة، فلاحظ مياس ذاك الجندي الذي يبتغي قتل الشيخ الأميل، فأراد أن يُطلق النار عليه، ولكن قبل أن يفعل ذلك، كان الجندي قد سقطت صريعًا عقب أن ضُرب على عنقه من قبل امرأة. لتعود إثر ذلك إلى طبلها، وتستأنف قرعها. 

ساعد ذلك الصوت المتمردين، فنقضوا على جنود هجرس كالوحوش الضارية، محدثين تفوقًا بارز.

في ذلك الوقت كان القائد هُمام قد أحدث تقدم رائع عند بوابة المملكة، ولم يكتفي بالسيطرة عليها بل شرع يزحف بجيشه إلى داخل المملكة. 

وقبل هذه الأحداث كان نِبراس ووسام مستمرين في الهرولة إلى أن تساءل وسام إثر وصولهم إلى طريق مسدود:
-أين نحن؟

نِبراس: داخل سرداب.

وسام: للمرة الثانية أعلم هذا، ولكن كيف سنخرج من هُنا؟

نِبراس: إن نظرت إلى أعلاك ستعلم.

رفع وسام نظره فوجد مخرج كالذي ولجوا منه، فقال ممتعضًا:
-لقد واجهنا صعوبة لفتح المدخل سحبًا، وبوضعية جيدة، فكيف بنا أن نفتح هذا الباب دفعًا؟

وضع نِبراس قدمه داخل فجوة على الجدار، ثم أتبع بقدمه الأخرى داخل فجوة مماثلة لسابقتها ليتمكن من لمس الباب، ثم تلفظ:
-فتح هذا الباب أمر يسير خلاف الباب السابق.

وسام: وكيف ذلك؟

دفع نِبراس الباب ليُفتح فأكمل حديثه:
-أحكمت إغلاق الباب السابق، واخفيته بالأتربة لكون مكانه بارز خلاف هذا…

مملكة الجورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن