بعد ساعات قليلة في الجهة المقابلة استطاع أريب السيطرة على المنطقة الشمالية بالكامل. وعاد إلى مركز الشرطة الأساسي الذي كان أول شيء سيطر عليه، وقد حان وقت استعمال الهواتف ليتواصل مع بقية القادة.
قال أريب بعد أن انتصب من على الكرسي، وهو ينظر إلى ساعته:
-لقد حان وقت الاتصال يا مياس.مياس: أجل.
أخذ أريب سماعة الهاتف بعد أن قام بالاتصال على مركز شرطة الجنوب الأساسي. ليرد من الجهة المقابلة صوت مخنوق لا يقوى على الكلام:
-نعم، هل أنت القائد أريب؟أريب: أجل. فمن أنت؟ أين هو قائدك؟
استطاع مياس تميز الصوت فتلفظ:
- هذا أخي أدهم.سمع أدهم صوت مياس فهتف يسأل:
-هل هذا مياس؟أريب: نعم، ولكن هذا ليس المراد من الاتصال، أين القائد؟
أدهم: لقد قتل.
انقبض صدر أريب من هول ما سمع، وبعد بضع ثوان قال:
-ماذا تقول؟! هل مات وسام؟!أدهم: المعذرة، يبدو أنك لا تعرف ذلك، لم يقد وسام الجنوب لقد استبدل بعزام، ولا أعلم السبب.
ضرب أريب بيده على المنضدة بحنق، وإن كان قد سعد بأن القتيل ليس وسام، إلا أنه كان أحد معارف عزام فحزن لخبر قتله حزنًا شديدًا، ليكمل حديثه بشجن:
-ألا إن الحزن ليستوي عندي لكليهما، قتل عزام وذهب شيء من عزيمة مملكة طوبى. ماذا عن وسام هل تعرف شيء بشأنه؟أدهم: إثر أن سيطروا على القصر خرج هو والملك نِبراس للقتال مرة أُخرى، ولم أسمع عنه شيء بعدها.
أريب: أتمنى أن يكون بخير. ماذا عن الجنوب؟
أدهم: لم ينقضي وقت طويل حتى سيطرنا على الجنوب بالكامل بعد أن استطاع جيش فيافي الزحف إلى الداخل.
أريب: أخبار مفرحة ألا إن النصر حليفنا. سأُغلق الاتصال الآن كي أرى بقية المناطق.
أدهم: أعتذر سيدي قبل أن تُغلق الاتصال عليّ قول شيء لأخي.
أريب: قل أنه يستطيع سماعك.
اقترب مياس نحو الهاتف، وصب كل تركيزه نحو أخيه الذي قال بصوت مجروح:
-لقد قتل أبونا!سمع مياس ذاك الخبر الذي نزل عليه كالصاعقة، ليصيبه حزنًا طغى على حزنه من خبر مقتل عزام، فقال بعد برهة من الزمن:
-لا تتعس فقد نال والدنا شرفًا عظيمًا.أدهم: أعتذر عن تعطيلك يا سيد أريب، يمكنك إكمال عملك.
قال ذلك ثم أغلق الاتصال فورًا. لم يكن يبتغي أدهم في ذلك وقت سوى أن يجد مكانًا فارغًا حتى يعول فيه بالبكاء، إلا أن ذلك لم يكن بمتاح، فقد كان محيطه مزدحمًا من رجال تتعالى أصواتهم فرحًا إثر الانتصار الذي حققوه، فلم يستطع فعل شيء سوى الجلوس بينهم.
بينما في الطرف الآخر كان مياس قد منع أثار الحزن أن تظهر عليه، وأظهر ثبات انفعالي جدير بالثناء. فحين وجده أريب على ذلك الثبات؛ ظن بأنه لم يتأثر بموت والده، فأكمل عمله دون أن يتطرق لموت كُليب بأي شكل من الأشكال. ليتصل بالغرب فيُجيبه واكد فورًا:
نعم، هل تسمع؟أريب: مرحبًا واكد، نعم أسمعك.
واكد: هل صوتي في الهاتف بمثل صوتي في الحقيقة؟ لم أُجرب هذا من قبل…فهذه أول مرة أستعمل هذا الاختراع العظيم!
صدر صوت آخر من جهة واكد:
-سيد واكد سوف تقطع سلك الهاتف لا تبتعد منه.واكد مجيبًا على الصوت:
-لم يعد اختراع عظيم بما أني لا أستطيع التجول به.أريب: ماذا عني؟
واكد: المعذرة! قد سهوت عنك.
أريب: لا بأس…الآن لا تتحرك فلا أُريد أن ينقطع الاتصال قبل أن أعرف ماجريات الأمور في الغرب.
واكد: كل شيء تحت السيطرة، لم يبقى إلا فتات جيشهم في بعض المنازل، ولكن جنودنا يتعاملون معهم. كانت الأسلحة بعد سيطرتنا على مراكز الشرطة كافية.
أريب: هل قبضتم على القادة أحياء؟
واكد: لقد قبضنا على جلهم
أريب: هذا جيد.
واكد: ماذا عنك؟
أريب: أحكمت السيطرة على كل المنطقة.
واكد: أقل ما يتوقع من قائد ذو خبرة مثلك. لقد وصلتنا أخبار الجنوب بشأن السيطرة على القصر، وهروب هجرس، لقد كان الخبر حدث جلل، وهذا هو المعتاد في أي حرب، لقد فقدوا أعمدتهم. ولكن ماذا عن الغرب؟
أريب: سأتصل الآن وأرى.
واكد: حسنًا، سنلتقي بعد الظهيرة في القصر.
أريب:حسنًا…
بعد أن بدل أريب الاتصال إلى الغرب أجابه القائد صعتري بقوله:
-مرحبًا، القائد أريب؟أريب: أجل.
صعتري: هل الأمور جيدة عندك؟
أريب: بأفضل حال.
صعتري: أما أنا فلا، فقد هرب الكثير من جنود هجرس نحو منطقتي؛ لذا لم أستطع السيطرة على المنطقة كاملة، هل يُمكنك إرسال جنود، وأسلحة نحوي؟
أريب: بكل تأكيد، سيصلك المدد بأسرع ما يمكن فقط اصمد.
صعتري: حسنًا.
أغلق أريب الاتصال ليتوجه بعدد كبير من الجنود نحو الشرق. وبالفعل استطاع الوصول إلى الشرق هو وجنوده بوقت قصير، ولم تمضي ساعات وجيزة حتى تمكنوا من مساعدة صعتري، والسيطرة على الشرق. لتكون طوبى قد عادت.

أنت تقرأ
مملكة الجور
Fantasyلا أحد سيقبل أن يفقد إحدى حواسه وإن كان المقابل مبالغ طائلة، ولكن ماذا إن كانت حواسك ليست ملكك؟ بل ملك المملكة، ويجب عليك دفع ضرائبك كل عاقبة الشهر حتى لا تفقد إحداها؟ تدور أحداث الرواية في مملكة طوبى وهي إحدى ثمان ممالك مكتنفة بجدار قاري ضخم، ويتوس...